وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل سموات سودانية آمنه: تحديد المسئولية في حوادث الطائرات .. بقلم: بروفسير د. محمد الرشيد قريش
نشر في سودانيل يوم 09 - 10 - 2012


تحديد المسئولية في حوادث الطائرات
السؤال المحوري:
ليس “هل ستسقط الطائرات في ظل استراتيجية الطيران المدني الجديدة ؟"، بل :
“كم من عناصر السلامة تضمنتها الإستراتيجية الجديدة لتحقيق السماوات الآمنة"
"قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين" (الملك 26)
بروفسير د. د .محمد الرشيد قريش*
استراتيجية الطيران المدني الجديدة
 وفي شهر يونيو من عام 2009، قدمت هيئة الطيران المدني إستراتيجيتها الجديدة للعامين القادمين، والتي تعتمد –وفق ما جاء على لسان مديرها الجديد وقتها– على ثلاث مرتكزات وهي:
1) السلامة الجوية
2) تحرير الأجواء
3) تطوير المطارات وإدارتها على أسس اقتصادية
سنركز هنا على المحور الأول لإستراتيجية ( أي السلامة الجوية ) ، وذلك لتوضيح الأطراف المسئولة عنها وقد كنا تناولنا المحور الثاني للإستراتيجية في دراسة سابقة عن السيادة (Sovereignty ) وتناولنا المحور الثالث في دراسة أخرى عن خصخصة سودا نير وخصخصة الإمداد الكهربائي
نظم ادارة السلامة الجوية:
منظمة الطيران المدني الدولي تعرف "نظام إدارة السلامة" – بأنه : نهج منتظم لأدارة السلامة ، بما في ذلك الهياكل التنظيمية اللازمة و السياسات والمساءلة والإجراءات بجانب موظفي السلامة المختصة والقواعد والعمليات والتي قد لا يتبعها الناس دائما في غياب "ثقافة السلامة"
الهدف من “نظام إدارة السلامة" هو توفير نهج منظم لإدارة وتطبيق “إدارة الجودة" للسيطرة على مخاطر السلامة في العمليات ، وكل ذلك لا يمكن أن يتحقق الا بوجود استراتيجية واضحة لتحقيق ذلك
التخطيط الإستراتيجي لأدارة السلامة الجوية وحاكمية القيم المرجعية فيها:
هرم التخطيط الإستراتيجي ( Planning Pyramid ) لأدارة السلامة الجوية ينطوي على عملية منهجيه ومنظمة، فهو:
1. ينطلق من جملة “القيم المجتمعة" (Value System ) في قمة الهرم، والتي تعكس الأسبقيات الإجتماعيه لما هو مرغوب فيه.ومنها اشاعة "ثقافة السلامة"، والتي تعرفها منظمة " الطيران المدني الدولية " "بأنها الطريقة التي ينظربها للسلامة، وقيمتها الأولوية في المؤسسة. (وهي) تعكس التزاما حقيقيا على السلامة على جميع المستويات في المنظمة"
2. باصطحاب هذه القيم، يتم تعريف دور المؤسسة في تحقيق السلامة الجوية من خلال تحديد غاياتها Goals, Mission, Vision))، ومن ثم:
3. يتم تصميم "برامج السلامة" (Safety Programs) التي ستقوم بتحقيق تلك الغايات، بما في ذلك وضع الأهداف ( Objectives ) لكل من تلك البرامج، والتي – في مجملها – تعّرف فلسفة المؤسسة وفرضياتها والنهايات المبتغاة لتلك البرامج،
4. بعدها، يقوم المختصون باختيار وتخطيط "مشاريع تحقيق السلامة"(Safety Projects ) والتي سيتحقق من خلال إنجاز أهداف "البرامج" التي تم وضعها.
5. بعدها، يتم دمج وصياغة الغايات السابقة في شكل سياسات للسلامة ( Safety Policies ).
6. هذه السياسات، تحتاج لأدوات ( Policy Instruments ) لإنفاذها، تتمثل عادة في:
 معايير وقوانين ونظم تفتيش لضمان الامتثال لتلك القوانين، هذا بجانب نظم لمنح التراخيص، وسحبها عن من يخل بشروط تلك التراخيص.
 وخطط ( Safety Plans ).
 وإستراتيجيات صغرى ( Safety Micro Strategies ).
 وتكتيكات ( Safety Tactics )، تفصح عن نفسها في القرارات اليومية المتصلة باستخدام الموارد.
 وبعد ذلك،تطبيق تقنيات "إدارة وضبط الجودة" (Quality Assurance & Control)
تقيم أداء هيئة الطيران المدني من قبل منظمة الطيران المدني الدولي و إدارة الطيران الاتحادية :
 في 7 ديسمبر 1944، أقرت 52 دولة اتفاقية شيكاغو، (Chicago Convention)وأقرت معها الاتفاق على تشكيل وتطبيق القواعد الفنية الوطنية والعالمية بناء على توجيهات "منظمة الطيران المدني الدولي"ICAO)) ، وقد بدأ انفاذ اتفاقية شيكاغو منذ 4 أبريل 1947.
 بعد تقييم إدارة الطيران الاتحادية (FAA) لهيئة الطيران المدني ،في الفتر ة 21-30 نوفمبر 2006 والتي تم التصديق عليها من قبل منظمة الطيران المدني الدولي(ICAO) في 11-15 ديسمبر 2011 ، قررت تلك الأدارة أن"مراقبة السلامة" (Safety Oversight) من قبل الهيئة للمشغلين في النقل الجوي لا توفر الحد الأدنى لمعايير السلامة الرقابية التي وضعتها المنظمة الدولية للطيران المدني (الايكاو ICAO)
 وفي ذلك التقببم ، نالت هيئة الطيران المدني أفضل نتائجها (90%) في مجال "التشريعات الأساسية للطيران"
(Primary Aviation Legislation) و(80% ) في كل من مجالات "لوائح التشغيل الخاصة"(Specific Operating Regulations) ،"و دور الدولة الرقابي في نظام الطيران المدني و السلامة"(State Civil Aviation System & Safety Oversight Function)، "و التوجيه التقني وتوفير معلومات السلامة الحرجة (Technical Guidance, Tools & Provision of Safety-Critical Information)
 قصور الهيئة الباين جاء في مجالات "الترخيص وإصدار الشهادات والتزامات التفويض والموافقة"(60%) (Licensing, Certification, Authorization & Approval Obligation)،ونالت الهيئة (50%) في كل من "مؤهلات وتدريب الموظفين التقنيين"(Technical Personnel Qualification/ Training و" التزامات المراقبة والأشراف"( Surveillance Obligations)، ونالت أدني نتائجها (40%) في “ حل هموم السلامة"(أو ما عبر عنه في بعض ما نشر في الأعلام ب "انتفاء شواغل السلامة")
 اذا نستطيع أن نقرأ في هذا التقيم—استنادا علي المعايير التي استندت عليها تلك الأدارة في التقيم-- بأن منظمة الطيران المدني الدولي(ICAO) وإدارة الطيران الاتحادية (FAA) تريان أن الهيئة رغم انها تحصلت علي نمر عالية في بعض المجالات ، الا أنها :
◊ لا تستخدم ما لديها من "أفضلية نسبية"—مثلا- في" التشريعات الأساسية للطيران " ," لوائح التشغيل الخاصة"، "لدعم إصدار الشهادات والإشراف على شركات النقل الجوي وفقا للمعايير الدولية الدنيا"
 و لا تستخدم ما لديها من "أفضلية نسبية" في "لوائح التشغيل الخاصة" وفي " دور الدولة الرقابي في نظام الطيران المدني و السلامة"، وفي " التوجيه التقني، وتوفير معلومات السلامة الحرجة" ، هيئة الطيران المدني لا تسخدم تلك المزايا النسبية الثلاث في منح " الترخيص وإصدار الشهادات والتزامات التفويض والموافقة وفي التزامات المراقبة والأشراف ، أو في " توفر التوجيه الكافي للمفتشين لضمان إنفاذ والامتثال الي الحد الأدني من المعايير الدولية"
◊ وكما أن الهيئة" تفتقر (لحد ما) إلى "الخبرة التقنية، والموارد، والتنظيم ، للترخيص أو الإشراف على عمليات النقل الجوي"و الي "الموظفين التقنيين المؤهلين والمدربين تدريبا كافي"
◊ وتفتقر أيضا بصورة كافية لوثائق وسجلات التراخيص ولا تقوم بصورة وافية بالأشراف والرقابة المستمرة علي عمليات النقل الجوي
◊ كل ما تقدم يقودالي النتيجة المنطقية في أن الهيئة لا تستخدم ما لديها من ميزات نسبية في" حل هموم السلامة" أو "انتفاء شواغل السلامة"، ذلك البند الذي يجمل كل ما سبق ، "فكل الصيد في جوف الفرا" ، كما جاء في الحديث الشريف ، كما أوضح ذلك التقييم ، حيث لم تتعدي العلامات التي نالتها الهيئة في هذه المادة --والتي تجمل كل غايات واهداف جهود منظمة الايكاو في هذا الصدد—لم يتعدي ما نالته هيئة الطيران المدني هنا % 40 !
وكانت النتيجة الحتمية لذلك أن فرضت المفوضية الأوروبية وهيئة الطيران الاتحادية في عام2010 حظرا يمنع دخول المجال الجوي لأية دولة عضوا في هاتين المنظمتين ، علي اربعة عشر شركة طيران سودانية وشمل ذلك الحظر الخطوط الجوية السودانية و شركة "ألفا" و"المجال لخدمات الطيران" و"طيران المجرة" و"شركة طيران أتيكو"و"شركة عزة للنقل" و"شركة طيران بدر"و شركة "الثماني والأربعين للطيران" و"العلم الأخضر للطيران"و"شركة طيران ولايات السودان") وشركة "صن إير" وشركة "طيران تاركو" وشركة مارسلاند" و شركة "طيران نوفا"
إفادات المسئولين في هيئة الطيران المدني: سقوط الطائرات الروسية والتشيكية نموذجا
لقد أشار عدد من الخبراء والمهتمين بشأن الطيران – في الندوات التي عقدت – إلى "ضعف الرقابة الفنية على الطائرات" ، كسبب أساسي لسقوط الطائرات الروسية والتشيكية : ففي ثلاث ندوات استضافتها كلٌ من جريدة "الرأي العام" و"المنظمة السودانية لتنمية صناعة الطيران"، و"كلية علوم الطيران"، وردت إفادات هامة من المسئولين في هيئة الطيران المدني، وهي:
أولاً: "المدير العام السابق لهيئة الطيران المدني" أشار إلى عدد من الأسباب التي يري أنها مسئولة عن سقوط هذه الطائرات أجملها في الآتي:
1) "الطريقة التي يتم بها (اختيار و) شراء الطائرات" (الروسية والتشيكية ، رغم أن قرار اختيار الطائرة هو أخطر وأحرج قرار تتخذه أي شركة طيران، لتأثيره على مجمل عمليات الشركة وأدائها الاقتصادي. مما يترتب عن مضاعفاته لاحقاً سقوط هذه الطائرات ، ورغم أن أسباب السقوط قد لا تنحصر في موضوع الشراء وتتمدد فوق عناصر دورة الحياة للطائرة، والتي يمثل الشراء فقط أحد أضلاعها الثلاث، بجانب التشغيل والصيانة، وقد أجمل آخرون الخلل في طريقة الشراء في اعتماده على "السعر الأولي" للطائرة، كمعيار أساسي للشراء)
2) ، "الطيران المدني لا يقوم بفحص الطائرات المشتراة فحصاً مباشراً إنما يراجع شهادات الطائرة بجانب فحص الجوانب الظاهرة في الطائرة" (الرأي العام 1-7-2008)
3) وأن "الطيران المدني يقوم بالتدقيق في الحمولة، لكن صعب عملياً القيام بذلك لكل رحلة " (السوداني 2-7-2008 )، وعلل المدير السابق ضعف الرقابة الفنية بأن "الطيران المدني كان منشغلاً... بالجانب الخدمي هنا،علي حساب الجانب الرقابي " (الرأي العام 6-7-2008 )،
4) "عدم توافق بعض هذه الطائرات مع المهابط كما أن بعض هذه المهابط غير معبدة"
5) "تقادم هذه الطائرات مما دفع الطيران المدني لرفض تسجيل أي طائرة تجاوز عمرها 20 عاماً"
ثانياً: "مدير الإدارة العامة للسلامة والعمليات" السابق أجمل أسباب سقوط الطائرات في الآتي:
1) "عدم وجود منظومة طيران مدني فاعلة"
2) "قصور قانون الطيران المدني لعام 1999 "
3) "التشغيل الخاطئ لهذه الطائرات، متمثلاً في:
a. التحميل الزائد للأوزان
b. عدم سلامة الطريقة التي يتم بها حساب الأوزان
c. عدم الألتزام بمتطلبات الصيانة "!.
تعدد الأسباب يشيء بضعف حجيتها– "إن الظن لا يغني من الحق شيئاً"(النجم 28 )
اختلاف هذه الرؤى بين المسئولين أنفسهم وبين المسئولين من جانب والمهتمين بشؤون الطيران في الجانب الأخر، يشير بأن هذه الرؤى هي نتاج تقدير شخصي وليست مما خرجت به لجان تحقيق في هذا الشأن، فواحدة من مزالق التقدير الشخصي غير المؤسس على الدراسة العلمية هي الخلط بين الأعراض (Symptoms ) والأسباب (Cause ) وهذا الفرز هام للغاية، فإن معالجة الأعراض لا تفضي إلي إجتثاث المرض، كما أن كثرة "الأسباب" الواردة هنا تشي بعدم الفرز بين "الأسباب الثانوية" و"السبب الجذري"، فهنا أيضاً، معالجة الأسباب الثانوية لن تحل المشكلة: المشكلة تحل فقط بتحديد السبب (أو الأسباب الجذرية Root Causes ) ومن ثم معالجتها – سنعود لهذا الأمر بتفصيل أكثر لاحقاً إن شاء الله.
مسؤولية هيئة الطيران المدني والشركة المشغلة والشركة المصنعة في الحوادث:
إن أحد أهداف التحقيق في سقوط الطائرات هو تحديد المسئول عن ذلك. ولعل المقاربة القانونية لهذه القضية تلقي ضوءاً مفيداً ليس فقط على مدى نطاق التقصي في البحث عن الأطراف المسؤولية عن حوادث الطائرات بل وبالتأكيد على الدور الرقابي المفقود لهيئة الطيران في هذا الشأن.
 نظرية القانون المسماة "المسؤولية المشددة في قانون الأضرار" (Strict Liability Tort) ، والتي تأمن للمدعي التعويض دون الحاجة لإثبات "المسؤولية التقصيرية" للمدعى عليه توضح بأن "مسلسل المسؤولية" (Chain of Responsibility ) في حوادث الطيران يمكن أن يطال كلاً من:
 منتج المواد الأولية المستخدمة في الطائرة والمهندس الذي قام بوضع مواصفاتها
 الشركة المصممة للطائرة، لمسؤوليتها عن السلامة الأيروديناميكية
 السلطة الرقابية في بلد المنشأ حيث صنعت الطائرة، لمسؤوليتها عن إصدار المعايير الهندسية والمطالبة بالإذعان لها، ولمسؤوليتها عن منح شهادات "كفاءة التحطيم" (Crash Worthiness )
 الهيئة الوطنية المسئولة عن تطبيق قانون الطيران في الدولة المشغلة للطائرة، ومسؤولة عن ضمان امتثال مشغلي النقل الجوي لمعايير السلامة الرقابة الدنيا التي تضعها منظمة الطيران المدني الدولي ، وذلك بسبب مسؤوليتها عن:
 منح التصاديق للمشغل الجوي (AOC )
 إصدار شهادات التسجيل للطائرات (C of R )
 مراجعة صلاحية الطائرات وإصدار شهادة "تواصل الكفاءة الجوية" (Continuing Airworthiness )
 التفتيش الملاحي للطائرات ومراقبة الشركات والطائرات
 إصدار الرخص الخاصة بالطواقم للطائرة وتجديد تلك الأجازات
 الشركة المشغلة لمسؤوليتها عن :
a) الجوانب المتصلة بصلاحية الملاحة (Airworthiness ) ، كما هي موضحة في ملحق الإيكاو(ICAO Annexes 6 & 8 )
b) العمل وفق دليل المصنع
c) العمل ضمن جدول صيانة متفق عليه
d) استخدام مواد وقطع غيار وفق ماهو موضح في معلومات شهادة النوع (Type Certificate
e) استخدام مهندسين مرخصين في إجازة الصلاحية الملاحية للطائرات
 اذا فالمسئولية عن حوادث الطائرات ليست بالضرورة مقصورة حصريا علي هييئة الطيران المدني او الشركة المشغلة للطائرة المنكوبة ، وبالمقابل فان مسئولية هيئة الطيران المدني أو الشركة المشغلة قد تكون لغير الأسباب التي تتبادر للذهن ويصدع بها الكثيرون ، كما سنري بعد قليل
الإستراتيجية الجديدة و عناصر السلامة المطلوب تضمينها لتحقيق السماوات الآمنة:
والآن وقد حسمت الإستراتيجية الجديدة قضية فصل السلطة الرقابية للسيادة عن الخدمات وإنشاء المطارات ، لن يكون هناك مبرراً إلى استمرار ضعف الرقابة الضبطية على الطائرات ومشغليها.والسؤال الملح هنا، هو " كيف يمكن تعزيز هذه الرقابة في إطار محور الإستراتيجية الجديدة الخاص بالسلامة الجوية ؟" ، بمعنى آخر، "ماهي عناصر هذا الدور الرقابي الذي تفرغت له الآن هيئة الطيران المدني؟ في سبيل الإجابة علي هذا السؤال، دعنا نبدأ بتحديد عناصر الرقابة الضبطية المطلوبة، وهي:
1) قانون الطيران وسياساته
2) معايير الطيران (Flight Standards )
3) تواصل الصلاحية للطيران (Continued Air Worthiness )
4) المراقبة والفحص لشركات الطيران والطائرات ومهندسي الصيانة
5) مراجعة الإجراءات(Procedures )والسجلات(Records)
6) العمل على دفع تطور صناعة الطيران وإقامة السمنارات وورش العمل
7) التحقيق في حوادث الطيران
في رأيينا أن الخطوة الأولى في تعزيز الرقابة الضبطية تتمثل في فصل "التحقيق في حوادث الطيران" عن بقية عناصر الرقابة الضبطية الست الأخرى وإسناد هذه المهمة لجهة مستقلة ربما على شكل مجلس للسلامة (Safety Board )، فلا يعقل أن يسند هذا الدور للطيران المدني، وهو عادة واحد من اللذين تتجه إليهم أصابع الاتهام بالتقصير في كل حادث طيران.
وبعد إعفاء الطيران المدني من هذا الدور، يمكن تنزيل عناصر السلطة الرقابية الأخرى لأرض الواقع من خلال إعادة هيكلة هيئة الطيران المدني بإنشاء ثلاث إدارات:
1) إدارة السياسات، وتعنى ب:
a) مراجعة قانون الطيران للتأكد من مواكبته للمتغيرات المتجددة
b) مراجعة ونشر معايير الطيران (Flight Standards ) ونشر ثقافة الطيران
c) العمل على دفع تطور الطيران المدني من خلال التدريب والتفاوض لتأمين الحصول على حقوق الهبوط في المطارات الأجنبية
d) إقامة السمنارات وورش العمل، والاستعانة بالأكاديميين والاستشاريين لإثراء تلك اللقاءات، "فمذاكرة الرجال تلقيح لألبابها"، كما يقول المثل العربي "ولا ينبئك مثل خبير" (فاطر-14)
2) إدارة إجازات أطقم الطيران، وتعنى ب:
a) اجتياز أطقم الطيران لاختبارات التأهيل (مثلاً45 ساعة للطيران الخاص، 200 ساعة للطيران التجاري و 500 ساعة لطيران الخط الجوي )
b) إصدار الرخص الخاصة بالطيران ومهندسي الصيانة وأطقم الصيانة
c) مراقبة ساعات الأطقم للطائرة (Pilot Duty Hours ) مثلاً 9 ساعات يومياً أو 1000 ساعة كل شهر، لضمان عدم تجاوز الساعات المحددة
3) إدارة عمليات الشركات ومعايير السلامة، وتعنى ب:
a) منح التصاديق (شهادة الترخيص ) للمشغل الجوي (ِAOC )
b) إصدار شهادة التسجيل (C of R ) وهو ما يمنح الهيئة الحق في فحص الطائرات المشتراة (من قبل القطاع الخاص) وفحص وثائقها
c) مراجعة صلاحية الطائرات وإصدار شهادة "تواصل الكفاءة الجوية" (Continuing Airworthiness ) سنوياً بعد التأكد من احتفاظ الطائرة بمعايير صلاحية الطيران التي سجلت أصلاً على أساسها (Type Certificate )، من دون تدهور أدائها أو مباشرتها أو تردي بنيتها الهيكلية، و إلغاء شهادة الكفاءة هذه في حالة الإخلال بالمعايير المفروضة
d) مراقبة الشركات لمنع الخروقات وتجاوز معايير السلامة وضمان امتثال الشركات لتنفيذ القواعد الدولية والمحلية لضمان سلامة الطيران، مثلاً:
I. زيادة حمولة الأوزان
II. وضع معايير السلامة في مقصورة الطائرة وضع التنفيذ
III. ضمان إصدار الشركات المشغلة لجدول الصيانة (Maintenance Schedule) الذي يحدد الزمن والكيفية للصيانة وفق دليل الصيانة الصادر من الشركة المصنعة للطائرة
4) إدارة التفتيش الملاحي لتجهيزات المطارات وتعنى ب:
a) التأكد من مطابقة المطارات للمواصفات المطلوبة
b) مراجعة عمليات الطيران وإجراءات السلامة إلخ....
وعلى الله قصد السبيل، و"لله الحجة البالغة " ،
"وأنا وإياكم لعلي هدى أو في ضلال مبين"
* بروفسير قريش مهندس مستشار وزميل في "الجمعية الهندسية " و خبير في المياه والنقل والطاقة والتصنيع، عمل مديرا للمركز القومي للتكنولوجيا ومحاضرا غير متفرغ بجامعة الخرطوم وبروفيسورا مشاركا في جامعتي ولاية مينيسوتا الأمريكية وجامعة الملك عبد العزيز ومستشارا لليونسكو بباريس و مستشارا للأمم المتحدة (الأسكوا) ، وهو حائزعلي الدكتوراه الأولي له في هندسة النظم الصناعية والنقل والتي أتم أبحاثها بمعهد M.I.T.)) . كزميل "مركز الدراسات الهندسية المتقدمة" ، و حيث قام بوضع مواصفات تصميمية أولية لطائرتين تفيان بمتطلبات الدول النامية وأثبت --بالمحاكاة الرياضية علي شبكات الدول النامية-- تفوقهما علي الطائرات المعروضة ، وهو أيضا حائز علي (M.Phil) و علي دكتوراة ثانية من جامعة مينيسوتا الأمريكية في موارد المياه بتخصص هيدرولوجيا و هيدروليكا، وعلي ماجستير اقتصاد وبحوث العمليات ، و هومجاز كعضو بارز" من قبل "معهد المهندسين الصناعيين" وكعضو من قبل "معهد الطيران والملاحة الفضائية " الأمريكي و"أكاديمية نيويورك للعلوم" والجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين" و الجمعية الأمريكية لضبط الجودة والمعهد البريطاني للنقل ".
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.