[email protected] أناديكم.. أشد على أياديكم.. أقبل رؤوسكم وأحذيتكم.. أناجيكم وأستصرخكم وأستغيثكم, وأخاطب فيكم مروءتكم: تعالوا جميعاً.. نصطف صفاً واحداً.. نصلى صلاة واحدة.. لله الواحد الأحد. قبل أن تذبحوا الذبائح اذبحوا الحقد والحسد والاستقواء فى نفوسكم, ووزعوا المحبة ومشاعر الرفق والإخاء والود الصادق, قبل أن توزعوا لحوم الأضاحى. الله خلقنا إخوة سواسية.. إخواناً وسلفين.. يميناً ويساراً.. بيضاً وسوداً.. أغنياء وفقراء.. مسلمين ومسيحيين.. نستظل بسماء واحدة, ونأكل من نفس النبات, وندفن فى نفس الثرى. تعالوا ننحى الخلاف جانباً, ونفوض أمورنا لرب العباد, ونؤمن أنه ليس منا من أمسى شبعاناً وأخوه جائع, وليس منا من تدثر بالحرير والديباج وشقيقه عريان, ليس منا من بات مظلوماً أو مقهوراً أو خائفاً وجاره آمن مطمئن، فلماذا تفرقنا السياسة, والله قدرها لتجمع شملنا, وتحقق أهدافنا, وتصون حقوقنا. ما بين كبوات وانتكاسات تبحر سفينة الوطن, تمخر العباب, تشحط أحياناً, وتجنح أحياناً, وتكاد تغرق بنا جميعاً ونحن فى غفلة من أمرنا, نتباغض ونتنابذ ونتشاحن ونتناحر, ثم نبكى على اللبن المسكوب بعد فوات الأوان, فى وقت لا ينفع فيه ندم ولا لوم, إلا من أتى الوطن بعمل نافع ينفع به العباد ويرضى عنه رب العباد. أيها المتكالبون على الوطن.. المتنافسون على المناصب, المتصارعون على الغنائم, الناصبون المشانق, كلكم خاسرون عندما تربحون متاعاً زائلاً وتخسرون وطناً, وقبل ذلك تخسرون أنفسكم. فتعالوا.. نتوب توبة نصوحاً عن خطايانا ومعاصينا وتضخم الذات وتورم الأنا. الحق الحق أقول لكم: كلنا آثمون, كلنا خطاءون, فلنكن جميعاً توابون, لأن خير الخطائين التوابون, فلنعترف جميعاً بأن كلاً منا جزء يحتاج لباقى الأجزاء, وكلاً منا ناقص طالما كان فى شقاق مع الآخريين, لأن مصر لكل وبكل المصريين. الحق أبلج والباطل لجلج.. فلماذا قلبتم نواميس الحق, ورفعتم صوت الباطل صداحاً مزمجراً.. ولماذا صار الحق خفيضاً متوارياً مستضعفاً, لا ينصره إلا من رحم ربى, فبات الوطن يتسرب من صدورنا, ويكاد يهجرنا, ويضيع فى زحمة تكالب المصالح والأهواء. مصر خلقت لتبقى, خارطتها جسد مقدس لا يدنس, نيلها شريان دم طاهر لا يراق, هرمها حضارة البشر, وإنسانها مُعلم العالم وصانع التاريخ: أفلا تستحون وقد دنستم الجسد وأرقتم الدم وشوهتم الحضارة ومسختم التاريخ, وصنعتم أهراماتكم الجديدة من تلال القمامة!!! مصر زهرة نيلية, وزهرة برية, وأذان لا ينتهى, وترنيمة سماوية, ونور لا ينطفئ, ورجاء لا ينقطع, وملحمة حب سرمدى, فلا تحولوا الزهرة شوكة, والأذان مرثية, والترنيمة بكائية, والنور ظلمة, والرجاء يأساً وقنوطاً, والحب لوعة وفراقاً. جميعنا.. أشقاء هاجر, أخوال المصطفى خير البرية, آمنا واحتضنا السيد المسيح, واستضفنا موسى, ووزّرنا يوسف الصديق, وحفظنا الأزهر لأكثر من ألف عام, فلماذا تفرقنا الصغائر, ونحن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا. أفيقوا وتوافقوا.. قبل أن يجرفنا جميعاً الطوفان. *رئيس تحرير صحيفة الجيل