Yusri Manofali [[email protected]] صبح السودان وطنا مأزوما.. تحاصره الازمات من كل هوب وصوب .. الأزمة تلد أزمات انشطاريا.. من اين وكيف تنتج هذه الازمات وتتسلسل ؟ امريثير الدهشة .. لم تجد كل ايديولوجيات وتجارب الحكم حول العالم التي طبقت في حكم السودان .. الديمقراطية .. العسكرية .. العسكرمدنية .. شبه الشيوعية .. الاسلامية .. لم تجد فتيلا ولم تقفز بالبلاد قيد انملة من ازماتها .. حيث بدأنا ننتهي وبالعكس .. منظومة للفشل جاثمة وباقية . الجيل الذي عاصر الاستعمار واوائل اعوام الاستقلال المجيد شكل مثالا يحتذى به في الخدمة المدنية من حيث الانضباط والعطاء .. ذلك لانهم اخذوا من المستعمر الانجليزي التجربة الانجليزية في الضبط والانضباط .. وما تلى هذا الجيل من اجيال جسدوا التجربة السودانية الخالصة.. حيث بدأ التردي والفساد والفشل وسؤ الادارة تتشكل وتتبلور شيئا فشيئا.. وبدأنا الرحلة الى قاع السحيق من الفشل والانحطاط ولم يستفد السودانيين من تجاربهم المتراكمة شيئا يذكر .. نفس الخطأ يتكرر ويعاد انتاجه الى ان تم تدمير البنية التحتية التي تركها لنا المستعمر من المستشفيات والسكة حديد وحتى مشروع الجزيرة لغياب الوطنية والمنهج. فشل السودانيين في كتابة دستور دائم لدولتهم يهتدون اليه في حكم دولتهم فتمزقت شرممزق وانفصل جنوبه عن شماله نتيجة الفشل في ادارة التنوع العرقي والثقافي اللذان يمثلان مصدرا للقوة والمنعه في بلاد العالم الاخرى ذات التركيبة العرقية والثقافية المماثلة لتركيبة السودان .... اما نحن في السودان لم نحسن التعامل مع واقعنا لضيق الافق فانتجنا ازمة الهوية .. ولم نزاوج بين الاثنيات التي شكلت امة السودان .. البعض تشبث بالعروبة ولم يعترف العرب بهم عربا .. فانتج صراع الهوية حربا اهلية امتدت من 1955م حتى 2005م خمسون عاما حسوما حتى حسم استفتاء تقرير المصير الصراع لصالح انفصال جنوب السودان دولة مستقلة بنسبة تفوق 99% .. ومازالت معركة الهوية دائرة مستعرة في شمال السودان كما في الجنوب بعد الانفصال ولا تزال المعارك تدور تجسيدا للقبلية البغيضة . السودانيين يتعاركون في كل شئ واي شئ حتى في كرة القدم .. اذا لعب المريخ ضد فريق اجنبي فان انصار الهلال يشجعون الفريق الاجنبي .. والعكس اذا لعب الهلال ضد فريق اجنبي انصار المريخ يشجعون الفريق الاجنبي .. لاوجود لوازع وطني .. حتى الفريق القومي لكره القدم لا تجد فيه الانسجام والتآلف ولاءا للوطن ..الهلال قبيلة والمريخ قبيلة .. فيخرج الفريق القومي نتيجة ذلك مهزوما مدحورا .. في الشارع .. تجد سائقي السيارات لا يتقيدون بقانون ولا احقية في المرور.. الكل يريد الطريق له قبل الاخر ظنا منه ان حقه في الطريق يفوق حقوق الاخرين .. عند اشارات المرور من البديهي ان من ياتي اولا يقف ثم يقف خلفه من ياتي ثانيا وخلفه من ياتي ثالثا وهكذا.. الا في السودان ..من ياتي اخيرا يتخطى من جاء اولا ولو ادى فعله هذا لقفل الطريق في وجه الاتجاهات الاخرى فيحرمها حقها في المرورعندما تعطي الاشارة الضوء الاخضر .. كل هذا يحدث على مرأى ومسمع رجل المرور الذي لا يحرك ساكنا وكأن الامر لايعنيه في شئ .. هذه التصرفات الهمجية جعلت المرور في الشوارع عبارة عن حالة من الهيجان مثل جنون البقر .. حالة هستيرية تنتاب السودانيين في الشارع لا احد يريد ان يرى الآخر امامه .. القوي ياخذ عنوة حق الضعيف .. وعلى هذا النهج قس كل شئون الحياة الاخرى .. اما اذا رأيت سيارة واقفة ويضغط سائقها على دواسة البنزين بصورة جنونية ومزعجة بدون داع تأكد ان تلك السيارة حكومية .. ويفعل ذلك سائقها لا لامر عاجل او طارئ انما تحذيرا لمن تسول له نفسه الانطلاق قبله في الطريق .. كانما الحكومة قد رصدت لهذا السائق جائزة نظير تدميره تلك السيارة في اقصر وقت ممكن. غياب الوازع الديني والتربية الوطنيه هما السبب في ما نحن فيه من تردي .. الحكومة لاتأبه بالمواطن ولا تقيم له وزنا تجبي منه الاموال الطائلة ولاتقدم له مقابل ذلك شيئا.. المواطن بدوره لايثق في الحكومة بنفس القدر لذلك تجده لا يأبه بقانون ولا نظام ويحاول جاهدا الالتفاف حول ما تسنه الحكومة من قوانين محلية خارج الدستور .. معادلة مختلة تماما ..الحكومة والمواطن كلاهما يلهث ان تحمل عليه يلهث وان تتركه يلهث .. الحكومة تحرم المواطن من مستحقات المواطنه وتسن القوانين لتفرض جبايات على المواطن اتصرفها على نفسها .. وتستخدم كافة الاساليب لجباية اموال المواطن .. العلاقة علاقة كر وفر وتسلط حتى يخال اليك ان الحكومة ماهي الا امتداد ..كانما السودانيين قد استبدولوا السيد (الابيض) المستعمر بالسيد (الاخضر) السوداني .. فتجد كل من يرتدي البزة الحكومية الرمادية يختال في مشيته مقلدا مشية الطاؤوس فلا يجيدها ولم يستطع العودة لمشيته الطبيعية .. تماما كما فعل الغراب بتقليده مشية الحمامة. الخطاب الحكومي هو ذات الخطاب منذ استقلال السودان .. فقط تختلف نبرات الصوت .. عندما تتفجر الثورة سواء كانت عسكرية او ديمقراطية .. البيان الاول الهام بعد المارشات العسكرية .. هو ذات الخطاب الثائر على التخلف والانحطاط الذي يملأ النفوس وعدا وقمحا وتمني .. يخرج كل وزير ومسئول ذخيرته من المفردات بالوعود الطموحة نحو التنمية .. وبعد تفريغ ذلك الهواء الساخن من الصدور تهدأ النفوس وتصطدم بالحقيقة والواقع .. ينحسر ذلك الطموح وينكمش الى النتيجة الحتمية ..الفشل الذريع .. وتصب لعنة الفشل على كاهل المواطن الغلبان .. تطلب منه حكومة الثورة ربط الحزام وشده على بطنه باحكام مرات ومرات.. وعندما يأن المواطن من الالم من شدة وثاق تلك الاحزمة .. الانين هذا تحسبه الحكومة تحديا فتغضب فتطلق الوعيد والتهديد والويل والثبورللخونة المندسين بين الصفوف والمارقين الطابور الخامس العملاء وهلمجرا .. ثم يتبين الامر للحكومة ان الامر لايعدو الانين من قسوة الحياة والمكابدة من اجل الحد الادنى لمتطلبات الحياة .. يتم اعادة انتاج الثورة مرة اخرى بدعوى المراجعه و التصحيح وافساح قدرمعين من الديمقراطية وحرية التعبير .. لكن مع الابقاء على نفس السياسات .. محاولة التفاف حول الحقائق بغرض التهدئة والطبطبة .. وتدور الساقية .. يخرج المواطن على الحكومة فيسقطها كما حدث في اكتوبر وابريل املا في الاصلاح والحرية.. لكنه كالمستجير من الرمضاء بالنار .. فتأتي الديمقراطية .. وماادراك مالديمقراطية السودانية ... التجارب تحدث عن نفسها .. قال نابليون (الثورات يسرقها الانتهازيون) .. بمنتهى الديمقراطية.