شهد العالم أجمع كيف ذبحت العدالة على يد المدعو أوكامبو عندما أراد ودوله أن يكون السودان هو أول دولة تقدم قربانا في هذا السبيل !. عرف الناس عن ميثاق روما الذي أنشئت بموجبه المحكمة الجنائية في العام 1998 م ، ولكنهم لم يتصوروا أن من سيقومون على تنفيذ وترتيب البيت الداخلي لهذه المؤسسة العدلية الدولية ، أنهم من سواقط البشر في السلوك والأخلاق ومن باب أولى القانون !. علم الجميع أن ما يسمى بالمحكمة الجنائية ومنذ انطلاقتها الأولى بدأت سياسية لم تحتفظ بأي قسط من مطلوبات القانون الدولي والقضاء غير الشكليات !. ولأول مرة في تاريخ القضاء الدولي ينبري قاضى لملاحقة رئيس دولة يخاطب في سبيله قادة الدول والحكومات ، ويتصدر الإعلام بمناسبة وبغيرها ، ويتحرك باتجاه الصحف والفضائيات للتباري والمساجلة بأمر الاعتقال الذي أصدره حتى يحقق مراده في اعتقال البشير الذي حسبه ومن يقف وراءه أنه مثله مثل أي فرد عادى لا يمتلك حصانة الرؤساء كما ينص القانون والعرف الدولي !، ولم يقدر وضع الدولة التي يرئسها وعزة شعبها وتاريخه في الجهاد والنضال ، وظن بخياله المريض أنه لا يقف على سند شعبي جماهيري في دولته ، وليس له من الانجازات ما يجعله مرفوع الرأس ، ولا يملك سمعة إقليمية ودولية بحجم السودان وقادته والحزب الذي يحكمه بكل مدلولاته ومغازيه ، والبشير يقف شامخا كالجبل الأشم منذ ما يربو عن العشرين عاما رغم الرياح العواتى ، والمؤامرات الكثر ، والمطبات التي وضعت لخنق نظامه وهزيمته، والابتلاءات التي تعرضت لها دولة السودان وشعبها خلال هذين العقدين !!. ظل هذا العميل أوكامبو عبر دوله الثلاثة ( أمريكا – بريطانيا – فرنسا ) يسعى لإنفاذ أوامرهم وربط كل المسارات المتعلقة مع السودان وهذه الدول على المستوى الثنائي والجماعي ترتهن إلى قبول السودان بالتعاون مع الجنائية والركون إلى الثورة الجوفاء الذي أطلقها هذا الصعلوك ، فيما ظل رأى السودان الذي لن يحيد عنه أنه لا صلة له بهذه المؤسسة ولن يتعاون معها رسميا أو عبر أية أطر أخرى لمبدأ يتعلق بسيادة البلدان ورمزية الدولة في شخص الرئيس الذي تستهدفه المحكمة !. والغاية كانت مكشوفة أن المستهدف هو السودان وإنسانه وثرواته في ظل المعجزات والخوارق التي يحرزها وسط هذا الحصار والحروب والحرائق التي تشعلها هذه الدول عبر أكثر من واجهة ومحور بأغراض مرسومة ، ومواقيت متدرجة تدرك أهدافها التي ترمى لتمزيق البلاد وصوملتها !.هكذا صور لمدعى لاهاي أنه فى طريقه للنجاح وتحقيق النصر باعتقال البشير ، والعقال بدأ ينفلت منه ، وعباراته المرتعشة وتصريحاته الخجلى تجعله يناقض نفسه أهو مدعى جنائي عالمي ، أم مجرم محترف وممثل غير جدير بالاحترام في حلبة لا يجيد فنونها ولم يمتلك كل أدواتها ، رغم البريق الاعلامى الذي منحه له البشير خلال حملته الجائرة !. ما ظل يروج عن السودان حتى وقت قريب فى سياق الحملة الدولية المعادية ، أنه بلد محاصر ومعزول دوليا وليس له قبول أو تعاملات مع الأسرة الدولية ، وعليه من العقوبات الدولية ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة ، وبه من المصائب والتحديات ما به ، وعليه فانه بالإمكان أن يستسلم ويركن إذا ما كثفت عليه الضغوط وتمت مضاعفة هذه الابتلاءات بفتن متجددة على نحو ما رمى أوكامبو ودول قراره !. السودان كان يقف من هذه القضية موقفا مبدئيا هو أن لجنة الخبراء تجاوزت التفويض الممنوح لها وأخطأت الاجتهاد ، وليس بالإمكان قبول مقرراتها حتى لو قاد ذلك إلى انهيار السلام برمته ، فيما ظلت الحركة تنادى بتطبيق تقرير هذه الجنة وهى تدرك ما وقعت فيه من خطأ !. ولم يكن هنالك من مناص غير اللجوء الى (العدالة الدولية ) ، والدولة لم تغب عنها تبعات ذلك في ظل الهجمة الشرسة التي تصوب عليها من قبل المحور الأوربي الشرير مدعمة بالأطماع الامبريالية والصهيونية وفتن النزاعات الداخلية وحرائق التمرد تأكل دارفور !. السودان كان يدرك أنه مسلح فيما ذهب إليه بالأدلة والبراهين التى لا يرقى إليها الشك ، والسودان يستند إلى وثائق تاريخية موجودة فى كبريات الجامعات الغربية مدعمة بالخرائط ومحفوظة في أرشيف لا تطاله يد التزوير والضياع !. ويمتلك من الشهود الأحياء ممن عاصروا ميلاد هذه المشيخات الخاصة بالدينكا ومرابط ومسارات المسيرية وحدود ديارهم !. كل ذلك كان الملاذ الذي ارتكز إليه القضاة وممثلو الدفاع عن كل طرف ، فكان من الصعوبة بمكان أن تضيع العدالة هذه المرة ومن داخل لاهاي !. كان لزاما ممارسة القانون الحق ومطلوبات العدالة حتى وان جاءت على غير ما يرضى أرباب الغرب في بلادنا ( الحركة الشعبية ) . ليس هنالك من مجال لإعمال السياسة أو الالتفاف لصالح الطرف الآخر لأنه لا يملك غير التسويف والمراهنة على وعود الأجنبي وفى غالب الأحيان لا تصدق ، وجداول الانتخابات قطعت الطريق أمام أي جدلية غير صوت الشعب ومن يرغب فى تفويضه للمرحلة القادمة ؟ !. لاهاي بقرارها الصادر بتاريخ 22 يوليو 2009 م جاءت لتؤكد ما ذهب إليه المؤتمر الوطني في موقفه الأول منذ صدور تقرير الخبراء بأن هذا التقرير مسيس ومكتنز بالغرض ولم يتعامل مع قضية أبيى بمهنية ، ولم يراعى انعكاسات نتائج ما انتهى إليه تقريرهم على مستقبل المنطقة والتعايش الذي سادها لأكثر من قرن!.. الحكومة كانت تريد أن تمضى فى تنفيذ الاتفاق بحسن نية وسلامة إرادة والطرف الآخر كان يزايد ويعمل لأجل إضاعة الوقت لذلك كانت الخسارة في صفه هذه الصدمة الكبيرة ، والربكة في المواقف والتصريحات المتضاربة من مشار ولوكا وباقان بتبعية هجليج لولاية الوحدة ، ومحاولة اللجوء إلى دولتي الحكم الثنائي فى التفاف واضح على قرار محكمة التحكيم الدولية !. أو ألور الذي صرح بأن هجليج ستشكل نزاعا بين الشمال والجنوب وغيره من أبناء قرنق الذين تجدد يتمهم بهذا القرار !. فالحركة ما تزال تعيش حالة من الارتباك وفقدان البوصلة للأوهام الكبيرة والآمال العريضة التي وضعتها على قرار لاهاي أسوة بما كان في شأن المحكمة الجنائية !. والمتابع للأحداث له أن يقارن بين موقف الحركة الأول وقبولها للقرار وما أعقب ذلك من هذيان لا يقوم على قانون ولا اتفاق !. ولم تكن الصدمة بالقرار قاصرة على الحركة وحدها حتى الدول الكبرى والأطراف الدولية كافة ظلت تلوذ بالبيانات الجماعية عوضا عن المواقف الثنائية حتى لا تحرج مع حليفها الخاسر . السودان ذهب إلى التحكيم الدولي بخطى واثقة وأكد قبيل صدور القرار أن سيلتزم نتيجة التحكيم كيفما جاءت ولكن من يقنع الحركة بأن تلتزم ما قالت وفجيعتها تضاف إلى العثرات الكبيرة التي تواجهها في مدن الجنوب ، من فساد وحرب العصابات والقتال الفوضوي ، والاعتقالات العشوائية للمعارضين والتضييق على الأحزاب الأخرى بالجنوب ، وعرمانها يتحدث عن التحول الديمقراطي !. عندما تعمل مبادئ القانون الدولي والعدالة المطلقة كما نصت عليها القوانين والأعراف لا مجال للمزايدة أو الاعتراض ، وعندما يسند القانون إلى أهله من أهل الخبرة والاختصاص لا الهواة والمطففين تكون النتيجة على نحو ما قضت محكمة التحكيم بلاهاي لا النتائج المفبركة قضائيا وشهود الزور الذين حشدهم مدعى الجنائية بإغراء ضعاف النفوس للافتئات على دولتهم وقيادتهم !. شهدنا كيف كان يبشر مدعى الجنائية بقراره الذي سيصدره وانه وأنه ، والوعيد والثبور الذي ظل يتوعد به السودان وقيادته ، هل هذا من القانون والعدل ومطلوبات العدالة في شيء !؟ . هذه المسرحية التي أراد أن يكون بطلها أوكامبو كان يمنى نفسه أن تتكرر على مشهد تحكيم أبيى حتى يجد ما يسوق به بضاعته التي كسدت وردتها كافة الدول الحرة عبر القمم التي انعقدت منددة بنهجه وقراره ، أراد محاصرة السودان ورئيسه فوجد نفسه فى هذا الجحر ليس معه سوى هذه الدول الثلاثة الماكرة التي سعت لخنق السودان وتطويقه عبر أكثر من طريق !. قبل السودان بنتيجة التحكيم لأن من قاموا على أمر المحكمة كانوا قد أعملوا القانون والتزموا مهنتهم بضمائر نقية ومهنية خالصة ونأوا عن السياسة وأحابيلها ومطامح الدول وأجندتها من وراء هذه المحاكم الخاصة . هذه واحدة من العلامات الفارقة في تاريخ المؤسسة الدولية عبر هيئة التحكيم الدولية بلاهاي أن أنصف السودان لأول مرة في تاريخه ،عل مرد ذلك سيكون المزيد من التصويب لتبعات خطل ما ذهبت إليه الجنائية ومدعيها !. هذه آية نرسلها للذين يلونون الحقائق ويزايدون سياسيا في كل موقف يأتي من قبل الحكومة ويصدقون كل أكاذيب وإرجاف تأتى به الحركة ومناصريها بالخارج . عندما يكون الحكم من لاهاي ، ترى هل يحترم مدعى الجنائية هذا الحكم أم يصمت أم يطلب استئنافا آخرا ويزايد عليه للمزيد من تقزيم السودان والنيل منه كما ظل يفعل على الدوام !!؟.