كلام الناس *ودعت امدرمان ليل الخميس امس الاول ابنا من ابنائها الذين أثروا وجدان الانسان السوداني بروائع الشعرالذي حرص فيه على انتقاء مفرداته دون اخلال بالمعاني والقيم الجمالية ، انه الشاعر الكبير المرهف الحس مهدي محمد سعيد الذي رحل عن دنيانا بهدوء كما كان في حياته الى ان اقعده المرض وهو يسعى لغرس فسيلته الابداعية . *الى جانب دواوين الشعر التي غذى بها المكتبة السودانية - الطين والجوهر ، مرافئ الرؤى ، قلبي ينادي - ظل عزيزنا الراحل المقيم يسهم بفعالية في المناشط الادبية بعد ان أدى دوره التربوي في مجال التعليم الذي توجهه مديرا لمدرسة وادي سيدنا ، حيث اسهم في تاسيس الندوة الادبية بامدرمان وعمل في لجنة الشعر بالمجلس القومي للفنون والاداب وفي لجنة التصويب بالاذاعة والتلفزيون كما تولى سكرتارية تحرير مجلة الثقافة السودانية. *ظلت قصائده تزين الصفحات الادبية في الصحف اليومية ، وتغنى بها الفنانون العطبراوي وزيدان ابراهبم وصفوت الجيلي ومن اجمل اشعاره الغنائية ( جميل ما سألناه ..لكنا هويناه ). *كان يحمل السودان في حدقات عيونه ، انه ابن امدرمان التي ولد وترعرع في احضانها وبادل اهلها حبا بحب ، لذلك لم يكن غريبا ان يعبر عن هذا الحب الخالص للسودان والسودانيين وهويقول : ان السماحة في السودان نجوانا من كل شبر يضوع البشر ملتحفا ثوب البشاشة في الانحاء نشوانا. *اثناء زياراتنا له في ايامه الاخيرة في هذه الفانية كنا نحس بقوة ارادته وهو يقاوم المرض في يقين وصبر ، كنا نحس بذلك من خلال نظراته التي كانت اكثر تعبيرا عن مشاعره متحدية الصمت الاجباري. *عبر عزيزنا الراحل المقيم عن حالته مسبقا عندما اقعده المرض وهو ينشد : تعب الفؤاد وظل يسعى ماضاق بالايام ذرعا ومضى يقلب في الحياة يجوبها ربعا فربعا متهلل القسمات يجرع من هموم الناس جرعا متوقد الخطوات متخذا حبال الصمت مسعى متوشحا ثوب الوداد