لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الإنقلابى البشير أم الترابى .. بقلم: عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
نشر في سودانيل يوم 28 - 11 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
[ ربى زدنى علما ]
{ربى أشرح لى صدرى ويسر لى أمرى وأحلل عقدة من لسانى
يفقه قولى } .
نواصل نشر فصول كتاب :
[ من الإنقلابى البشير أم الترابى ]
{ السيرة الذاتية للجبهة الإسلامية القومية }
بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى
عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
كما أسلفت سابقا وجودى فى لندن وحرصى لطبع الكتاب الذى إحتفظت بمخطوطته الأصلية منذ عام 2000م ويشهد على ذلك الأنصارى وكيل وزارة الخارجية الأسبق الأستاذ/ فاروق عبد الرحمن الذى سلمته المخطوطة بينما كنا جلوسا فى معهد العالم العربى بباريس لمراجعتها وتصحيحها قبل الطبع خاصة أننى واجهت مساومات ومزايدات فى طباعتها فأثرت الفقر والإحتفاظ بها نسبة لأن معظم الناشرين فى باريس من اللبنانيين كانوا شيعة ومتعاطفين مع دكتور الترابى ونصحونى بعدم طباعة الكتاب وقالوا لى بالحرف الواحد لو كنت تعتقد أن الترابى إنقلابى إسلامى نحن نعتقد أن الترابى مفكر إسلامى فقلت لهم أنا أدرى منكم بالترابى وأنا سودانى وأنتم شيعة مالكم ومال الترابى !
ذقت الأمرين فى طباعة هذا الكتاب حزب الأمة وقف منى موقف المتفرج ولضيق ذات اليد لم أتمكن من طباعته حتى اليوم وكذلك أخوتنا فى أحزاب المعارضة طالما أنا حزب أمة مستحيل أن يطبعوا لى الكتاب لأنه لا يخدم مصالحهم الحزبية الضيقة مهما تكن أهميته الوثائقية والتاريخية مصلحة الأحزاب مقدمة على مصلحة السودان ولهذا دام نظام الإنقاذ أكثر من 23 عاما !
وللأسف عندما كنت فى لندن كانت إستضافتى متنقلة ومتعددة ولهذا فقدت الأصل وأنا أعتمد على صورة من الأصل الآن غير مرتبة حسب التبويب الذى أردته وهى صورة أحتفظ بها فى دارى بباريس ولكنى أجتهد وأبذل قصارى جهدى لمضاهتها مع الأصل سعيا وراء تمليك الجيل النابت التوثيق الذى هو فى أمس الحاجة إليه كما نسعى أيضا لتمليك الحقائق للقارئ العربى والإسلامى الذى يجهل الكثير عن السودان والله ولى التوفيق .
إنطلقت دعوة الأخوان المسلمين فى السودان عقب إنتشار الدعوة فى مصر على يد مؤسسها الإمام حسن البنا فى الأربعينات وقد تأثر بها السودانيون الذين ذهبوا إلى أرض الكنانة لتلقى العلم وقد عاد الأبكار فى الخمسينات إلى السودان يحملون معهم هذه الدعوة
هذا الجيل جيل على طالب الله وكرار والشيخ صادق عبد الله عبد الماجد الذى كان قريبا من الإمام حسن البنا وتتلمذ على يديه فصار من أقرب المقربين إليه وعرف الكثير من المحن التى عاشها الأخوان فى مصر وإشترك فى مأساة الأخوان إبان عهد جمال عبد الناصر وعرف الكثير من أسرار الأخوان وقد أخفى بعض قياداتهم الهاربة والمطاردة فى داره بل عمل على مساعدة هذه القيادات للهروب إلى الكويت والسعودية والسودان وعند عودة جيل صادق عبد الله عبد الماجد إلى السودان أسسوا جماعة الأخوان المسلمين
وهذه الجماعة استقطبت شباب كثر من جامعة الخرطوم وعلى رأسهم الأستاذ الرشيد الطاهر بكر الذى شغل منصب رئيس إتحاد طلاب جامعة الخرطوم ومن ثم بعد تخرجه فى كلية القانون من جامعة الخرطوم عمل فى مكتب الأستاذ محمد أحمد محجوب القطب القيادى فى حزب الأمة ورئيس وزراء السودان الأسبق الذى تخرج أيضا من جامعة الخرطوم {كلية غردون التذكارية سابقا } فى كلية الهندسة ثم صار إلى كلية الحقوق فتخرج فيها من جامعة الخرطوم ثم صار قاضيا ثم إستقال فصار محاميا ذائع الصيت لهذا عمل معه الرشيد الطاهر بكر الذى صار زعيما للأخوان المسلمين وعقب إنقلاب الفريق إبراهيم عبود أودع السجن بتهمة المشاركة فى الإنقلاب الذى قام به شنان وفى أوائل الستينات عاد الدكتور حسن عبد الله الترابى من فرنسا بعد حصوله على دكتوراة الدولة فى { فقه القانون الدستورى } وصار عميدا لكلية القانون وقبل مجيئه إلى السودان سافر إلى هولندا حيث كان هناك الأستاذ أحمد عبد الرحمن يعد للدراسات العليا وفرغ من الماجستير ويستعد للدكتوراة فطلب منه الترابى العودة إلى السودان لإزالة حكم العسكر بقيادة الفريق إبراهيم عبود فأمتثل الأستاذ/ أحمد عبد الرحمن لدعوة الترابى وعاد إلى السودان .
وبعد عودة الترابى إجتمع الأخوان المسلمون فى إجتماع شهير وإتهموا زعيم الأخوان المسلمين الرشيد الطاهر بكر بأنه دكتاتورى وعسكرى فى قرارته الإنفرادية ولم يعرف الشورى فعزلوه من منصب زعيم الأخوان المسلمين وهو مسجون ولم ينتظروا خروجه من السجن ولم يشاوروه ونصبوا الدكتور حسن عبد الله الترابى فى محله وصار الترابى زعيما للأخوان المسلمين وتلألأ نجمه فى ثورة إكتوبر التى أطاحت بالفريق إبراهيم عبود وبدأ نجم الدكتور الترابى فى الصعود وبزغ فى سماء السياسة خاصة أنه نجح فى مصاهرة آل المهدى وقد خطط الأخوان لزواج الترابى من السيدة وصال الصديق المهدى وإنتهز الترابى صداقته بالسيد الصادق المهدى وطلب مساعدته فى الزواج من شقيقته وصال الصديق المهدى خاصة أن أسرة المهدى كانت ضد زواج السيدة وصال المهدى من الترابى لكن الوحيد الذى أيد الزواج هو السيد الصادق المهدى وبعد زواج الدكتور الترابى من السيدة وصال المهدى ومصاهرته لآل المهدى لمع إسم الترابى وصار زعيما سياسيا مثيرا للجدل وبعد وقوع إنقلاب العقيد جعفر محمد نميرى فى 25 مايو 1969م وكان الإنقلاب إنقلابا يساريا أحمرا حتى النخاع جمع فى قيادته الرائد هاشم العطا الشيوعى المشهور والعميد بابكر النور الشيوعى المشهور والرائد فاروق عثمان حمد الله والأستاذ بابكر عوض الله وضم كذلك القوميين العرب الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم والرائد مامون عوض أبو زيد واللواء خالد حسن عباس والرائد أبو القاسم هاشم والعميد محمود حسيب وقد إعتقل الإنقلابيون زعماء الأحزاب والقادة السياسيين أمثال السيد / الصادق المهدى والدكتور الترابى وغيرهم كثير وتم ضرب الجزيرة أبا وهاجر الإمام الهادى المهدى بعد أن إستشهد فى الجزيرة أبا أنشط قادة الأخوان المسلمين ألدكتور / محمد صالح عمر ومن قبل تم ضرب الأنصار فى ود نوباوى الأمر الذى دفع الأحزاب للتخندق فى الجزيرة أبا وبعد ضرب الجزيرة أبا تمكن بعض القادة السياسيون من الهروب إلى خارج السودان وفى لندن تم إنشاء الجبهة الوطنية بقيادة السيد / الصادق المهدى ونائبه الشريف حسين الهندى وتضم الجبهة الوطنية حزب الأمة والإتحاد الديمقراطى والأخوان المسلمين ونفذت الجبهة الوطنية ماعرف بغزو المرتزقة بقيادة العميد محمد نور سعد الذى نجح فى الإستيلاء على السلطة فى الخرطوم فى حركة مباغتة فى يوليو1976م أذهلت المايويين ولكن اللواء الباقر محمد تصدى لهم ونجح فى إستعادة سلطة مايو لجعفر نميرى ويومها عرف النميرى قوة الجبهة الوطنية وأنها خصم خطير وعنيد بل معارضة قوية لهذا سعى لعقد مصالحة وطنية مع زعيمها السيد / الصادق المهدى وتمت المصالحة الوطنية بين الصادق المهدى والنميرى وعاد الجميع إلى السودان والغريب أن الصادق المهدى قدم إستقالته لنميرى من الإتحاد الإشتراكى فى 1977م بعد أدائه القسم عقب إتفاقية كامب ديفيد التى رفضها السيد / الصادق المهدى بينما إستمر حليف الصادق الدكتور حسن عبد الله الترابى مع النميرى مستفيدا من المصالحة الوطنية التى بفضلها دخل التأريخ من أوسع أبوابه بعض الأنصار يرى أن السيد/ الصادق المهدى لم يستفد أبدا من هذه المصالحة الوطنية بينما جنى ثمارها الدكتور الترابى برغم أن المصالحة هزت كيان الأخوان المسلمين هزا عنيفا وبسببها إنشق تنظيم الأخوان المسلمين فخرج على الترابى الأستاذ/صادق عبدالله عبد الماجد ومعه الدكتور الحبر يوسف نور الدائم والدكتور / محمود براد وغيرهم كثير وأخذ الأستاذ / صادق عبد الله عبد الماجد يشن هجوما على المصالحة والترابى فى صحيفة المدينة السعودية التى عمل بها مديرا للتحرير وإحتفظت جماعة صادق عبد الله عبد الماجد بأسم الأخوان المسلمين وإحتفظ الترابى لجماعته بإسم الإتجاه الإسلامى وظل معه صديقه الوفى أحمد عبد الرحمن وثلة من قدامى الأخوان أمثال الدكتور / أبو بكر يوسف الخليفة حيث صار الترابى النائب العام ووزير العدل فى حكومة النميرى وصار أحمد عبد الرحمن محمد وزيرا للشؤون الداخلية وصار الدكتور أبوبكر يوسف الخليفة وزيرا للشؤون الدينية وصار الدكتور / دفع الله الحاج يوسف وزيرا للتربية والتعليم العالى والدكتور/دفع الله الحاج يوسف مشهورا بقامته الفارعة وتمكن الترابى من إستغلال المصالحة الوطنية فى الإستمتاع بأجواء الحرية حيث كان يعقد الندوات فى جامعات السودان لكسب الطلاب وبالفعل وظف إمكاناته الخطابية كل التوظيف كما وظف مقدراته البيانية حيث حباه الله فصاحة اللسان والبيان فإستقطب جماهير طلاب جامعة أم درمان الإسلامية وجامعة الخرطوم وجامعة القاهرة فرع الخرطوم ومعهد المعلمين العالى سابقا كلية التربية حديثا ومعهد الكليات التكنلوجية سابقا جامعة السودان حديثا وكذلك طلاب الثانويات ولأول مرة يتمكن الإسلاميون من إكتساح إتحادات الطلاب فى الجامعات الثلاث جميعا ولأول مرة يتمكن الإسلاميون من هزيمة الشيوعيين والإستيلاء على الإتحادات من قبضة الشيوعيين القوية والتأريخية ولمع فى جامعة الخرطوم رؤوساء الإتحادات أحمد عثمان مكى والتيجانى عبد القادر وأمين بنانى نيو كما تمكن الإتجاه الإسلامى الذى إزدهر بفضل قيادة الترابى من جذب رؤوس أموال الخليج إلى السودان حيث نجح صديق الترابى الأستاذ / على عبد الله يعقوب فى إقناع الأمير عبد الله الفيصل لإنشاء بنك فيصل الإسلامى فى الخرطوم وبالفعل تم إنشاء عمارة الفيحاء الفخمة الضخمة فى غرب الخرطوم لتكون مقرا لرئاسة بنك فيصل الإسلامى الذى إنتشرت فروعه فى السودان وفى ذات الوقت نجح الصديق الحميم للترابى الأستاذ / عبدالرحيم حمدى فى إقناع الشيخ صالح كامل الملياردير السعودى الشهير صاحب برج البركة فى جدة بالمملكة العربية السعودية وصاحب القناة التلفازية العالمية {m.b.c } لينشئ بنك البركة فى الخرطوم وبالفعل تم إنشاء بنك البركة فى الخرطوم وإنتشرت أفرعه فى أنحاء السودان وكذلك تم إنشاء بنك التضامن كقلعة إقتصادية هامة فى السودان وتوزعت فروعه فى كل أنحاء السودان كما تم إنشاء الشركة الإسلامية فى الخرطوم وكان أول مديرا لها دكتور تاج الدين فضل وبفضل هذه الدعامات الإقتصادية تمكنت الجماعة الترابية من تأهيل وجودها إقتصاديا وبنى الدكتور الترابى قصره المنيف فى المنشية من دعم رجال الأعمال الخليجيين فصار للإتجاه الإسلامى بقيادة الترابى قوة إقتصادية ضاربة بجذورها فى السودان وفى ذات الوقت تمكن صديق الترابى الأستاذ / ياسين عمر الإمام شقيق الشيخ المقرئ عوض عمر الإمام والشيوعى السابق من أن يصير ريئسا لمجلس إدارة جريدة الإيام التى تعتبر من أقوى وأعتى معاقل الشيوعيين الإعلامية وصار كذلك رئيسا لتحريرها وإنطلق معه فى تدبيج المقالات الأستاذ والصحفى الخطير المعروف بولائه الأعمى للترابى موسى يعقوب وعندما أفاق النميرى وجد أن اللوبى الترابى صار أخطر لوبى يهدد حكمه فقد تمكن سياسيا وإقتصاديا وإعلاميا وإسلاميا حيث دعم هذا اللوبى توجه النميرى الإسلامى إبان تطبيقه لقوانين الشريعة الإسلامية والتى سماها خصومه {قوانين سبتمبر } حيث قال عنها السيد الصادق المهدى إنها لا تساوى الحبر الذى كتبت به على العموم دعم اللوبى الترابى النميرى بالمسيرة المليونية حيث خرج مليون شخص من شيب وشباب وشابات الإتجاه الإسلامى تاييدا لتوجهات النميرى الإسلامية ومضى شهر العسل وإنقضى بين النميرى والإتجاه الإسلامى بمجئ السيد جورج بوش الأب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق ويومها كان نائبا للرئيس ريجان جاء إلى الخرطوم فى مارس 1985م وقابل النميرى وطلب منه وقف العمل بالشريعة الإسلامية ومحاكمة الإسلاميين وعلى رأسهم الترابى وبالفعل تم إعتقال كل الإسلاميين بما فيهم الأخوان المسلمين الذين إختلفوا مع الترابى الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد والدكتور الحبر يوسف نور الدائم والدكتور محمود براد وحاج نور من الإتجاهيين وآخرين أرسلوا إلى سجن الأبيض ثم منه إلى شالا ثم إلى سجن كوبر بأم درمان مرة أخرى قبيل قيام الإنتفاضة سافر نميرى إلى أمريكا بعد أن أذاع على الهواء مباشرة خطابا جماهيرا بثه تلفزيون أمدرمان هاجم فيه الترابى وجماعته وسماهم أخوان الشياطين وأكد أنه سوف يقدمهم إلى المحاكمة عقب عودته من أمريكا التى سافر إليها للعلاج والواقع أنه لم يعد من أمريكا لأن ثورة أبريل الشعبية أطاحت به وبحكومته الديكتاتورية التى إستمرت ستة عشر عاما إرتكب فيها أخطر المجازر وأشهرها مجزرة زملائه أعضاء مجلس قيادة الثورة بابكر النور وفاروق عثمان حمدالله والرائد هاشم العطا والأستاذ / عبد الخالق محجوب رئيس الحزب الشيوعى والمناضل الشفيع محمد الشيخ ومجزرة عبد الرحمن شامبى وحماد الإحيمر وحسن حسين وهم الضباط الذين أعادوه إلى الحكم بعد حركة هاشم العطا ثم مجزرة محمد نور سعد وقبلها مجزرة الجزيرة أبا التى راح ضحيتها الأمام الهادى المهدى الذى سقط قتيلا فى الكرمك .
على العموم سقط نميرى بلا عودة رقم هتاف المايويون عائد عائد يا نميرى .
وجاءت ثورة أبريل وشكلت حكومة إنتقالية برئاسة الدكتور الجزولى دفع الله والمشير عبد الرحمن سوار الذهب فى رئاسة المجلس العسكرى الإنتقالى وإنتهت فترة الحكومة الإنتقالية بالإنتخابات الحرة والنزيهة والتى أفرزت قيام حكومة الديمقراطية الثالثة برئاسة السيد/ الصادق المهدى حيث فاز حزب الأمة بأكثرية كبيرة فى المقاعد يليه الحزب الإتحادى الديمقراطى ثم الجبهة الإسلامية القومية التى شكلها الترابى عقب الإنتفاضة وصار هو أمينها العام إكتسحت دوائر الخريجين وفازت تقريبا ب{58 } دائرة جمعتهم من دوائر الخريجين والدوائر الجغرافية فصارت الحزب الثالث ثم تلاها الجنوبيين ثم الحزب القومى السودانى الذى فاز بثمانية دوائر ثم الحزب الشيوعى وهكذا صارت الجبهة الإسلامية التى حلت محل الإتجاه الإسلامى القوى الثالثة فى الديمقراطية الثالثة وهى التى ولدت حديثا حيث شكلت بعد نجاح ثورة أبريل مباشرة وبعدخروج الترابى من سجن كوبر فسارع إلى تأسيسها وصار هو أمينها العام وتولت زعامة المعارضة فى البرلمان بزعامة الأستاذ / على عثمان محمد طه وكان أصغر زعيم معارضة وشكلت معارضة خطيرة وكبيرة ضد حكومة السيد الصادق المهدى حيث إمتلكت دوائر المال عبر البنوك الإسلامية الكثيرة تؤازرها الشركات الإسلامية التى أثمرت قوة أقتصادية خيالية بالمقارنة مع كل الأحزاب مجتمعة تسندها مؤسسات إعلامية كثيفة جريدة الراية جريدة ألوان جريدة السودانى جريدة الإسبوع بينما حزب الأمة صاحب السلطة لا يملك إلا جريدة واحدة هى جريدة الأمة التى يسخر منها البعض ويسميها جريدة الكيلو لأنها تعود راجعة فتباع أوراقها بالكيلو .
ومرت الأيام وأثبتت أن الصادق المهدى سياسى مناور يتميز بالدهاء والذكاء بالرغم من مطالبة الشيوعيين بمحاكمة سدنة مايو وعلى رأسهم مستشار الرئيس نميرى دكتور حسن عبد الله الترابى التى خرجت الجماهير فى الشوارع تهتف ضده العار العار يامستشار طالبوا بمحاكمته أسوة بمحاكمة المايويين الذين مزقوا الدستور بإنقلابهم المشؤوم وهم الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم والرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر والرائد مامون عوض أبوزيد والرائد أبوالقاسم هاشم والرائد خالد حسن عباس كما حوكم مستشار الرئيس مستر {10% } تين بيرسنت الدكتور بهاء الدين إدريس بتهمة الرشوة والفساد برغم كل المطالبات التى تطالب بمحاكمة الترابى خرج منها { كالشعرة من العجين } ولكن برغم معارضة الجبهة الإسلامية العنيفة فى البرلمان إستطاع الصادق المهدى أن يستدرجهم إلى الفخ فقد لمح لهم بالمشاركة فى السلطة شريطة تأخير تطبيق الشريعة الإسلامية إلى الخريف فوافقت الجبهة الإسلامية وبلعت الطعم عندما وافقت على المشاركة فى السلطة وظهرت هنا بمظهر الحريص على السلطة ولو على حساب الشريعة الإسلامية ومن هنا سماهم الناس بتجار الدين .
بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى
عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
osman osman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.