كل الناس، أصابتها الدهشة، مما أعلنته الحكومة الاسبوع الماضي، بأن محاولة تخريبية ( إنقلابية )، أُجهضت، كان يقودها الجنرال قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق. وكل الناس، تعلم، أن قوش بعد أن جعل جهاز الأمن والمخابرات بإمكانات كبيرة، وعلاقات إمتدت الى ما وراء البحار، تجزل العطاء المعلوماتي بلا مقابل! غير وعود وأحلام أقل ما توصف بها أنها ( أحلام ظلوط!). ولكن، ذلك التطور في إمكانيات الجهاز وتنظيمه، ونجاحاته على الأقل على المستوى الداخلي، في قمع أحلام المواطن والسياسيين والطلاب وبراعته في زراعة الجواسيس، لتفتيت التحالفات وجهجهة الاحزاب، جعل من شخصية قوش في الوسط الحكومي والمنظومة الحزبية الحاكمة، شخصية مُهابة، أوهمته بأنه يمكن أن يكون يوماً بديلاً يستطيع أن يحكم السودان، وزاد من ذلك الوهم إدراكه وقناعته، بأن الانقاذ، لولا البطش، والكبت، والسياسات الأمنية، لما صمدت، حتى اليوم في حكم هذه البلاد. هذه البلاد، التي يعلم قوش وبوش وغيرهم كًثر، أن إنسانها وُلد متمرداً، وسيد نفسه على الدوام، ولكم في التاريخ شواهد لا تُحصى ولا تُعد، فضلاً عن الاختلاف في الثقافات والمزاج المتغير باستمرار، وكل تلك محفزات على التمرد بمختلف ألوانه. والدهشة التي نعنيها، لم تكن لمحاولة قوش وحلمه بأن يكون رئيساً، فله الحق بأن يحلم كما يشاء، ولكن أن يحاول ذلك بالفعل، وهو لا تنظيم سياسي يسنده، ولا قاعدة شعبية يمكن أن تقف من خلفه، ولا تاريخ مشرف يمكن أن يجعله مقبولاً، ولا ولا ولا..، وحتى الاصلاحيون في المؤتمر الوطني، فهو لا يلتقي معهم في شي غير أنه غُدر به وأُخرج من اللعبة، لعبة لم يعترض لا على قانونها ولا على بيادقها حينما كان يلعبها معهم فكيف يتسنى له التفكير في مثل هكذا محاولة وهو بلا ( كرعين! ). إن صَح، بيان الحكومة، فهنالك إحتمالان، إما أن يكون قوش أصابه شي في عقله، فقد على إثره التمييز بين الواقع والخيال، وإما أن يكون مسنوداً بأكثر من نصف التنظيم ( المؤتمر الوطني )، وعزز ذلك من أحلامه، فلما إنكشف المخطط، بلع كل من خلفه موقفه وتبرأ وأدان، فيما وجد قوش نفسه، كمن شدَ سرجه فوق الريح! wasila mustafa [[email protected]]