في غياب المنافسة والقانون يحيى شذاذ الآفاق ..!! لم تنشط حركة تجارية بين مركز السودان وولاية من ولاياتة مثل ما كان يحدث بين العاصمة الخرطوم وولايات الجنوب ، فقد كانت فترة ماقبل توقيع اتفاقية السلام تتميز بحركة تجارية نشطة للغاية بين الشمال والجنوب ، حركة لم تترك وسيلة من وسائل النقل التى كانت متاحة الا واستغلتها .. الطيران .. الجرارات .. والبر عبر السيارات ..!! ، وكان التجار الشمال والجنوب يشكلون الأساس في تلك الحركة التجارية ، كانوا هم دون غيرهم يقومون بتوفير كل احتياجات الجنوب من السلع والخدمات من داخل السودان ، أما بعد اتفاقية نيفاشا حدث تحول كبير .. غادر عدد كبير من التجار الشماليين مدن الجنوب وحل محلهم تجار الدول المجاورة ، حتى وصل الجنوب لدرجة الاعتماد بصورة كاملة على دول الجوار في توفير السلع الضرورية والخدمات وبالاخص دولتي كينيا ويوغندا ..السكر – الدقيق – الزيت – العدس – الخضروات – الفواكه – المشروبات الغازية – مواد البناء – الملابس الجاهزة – الاقمشة – المتحركات والمحروقات .. وحتى الخمور توقفت صناعتها المحلية ..!! ، وتجد أن غالبية التجار من دول الجوار .. والشركات الاجنبية أحكمت سيطرتها على الانشطة الخدمية بالكامل .. الفنادق – الخدمات الأمنية – توزيع البترول ، وليس سرا القول أن حالة الاحلال تلك التى تمت بين التجار والآخرين من دول الجوار كان بسبب المضايقات وعدم منافسة بعض السلع القادمة من الشمال .. يضاف اليها جهود البنك الدولى (لافتة الغرب للاستعمار الاقتصادى) لربط الجنوب مع دول جيوانة ، فضلا عن ارتفاع كلفة الترحيل بالمقارنة مع تلك الدول ، وشئ آخر رفع من سعر البضائع التى ترد من شمالى السودان وأخرجها من المنافسة بالسوق ، وهو انعدام التعرفة الجمركية لكل ما يرد من دولتى كينيا ويوغندة ..!! ، وهى سياسة لا ينكر أحد بحكومة الجنوب فى اعتمادها رسميا من السلطات هناك لتفريغ مدن الجنوب من العنصر الشمالى ، فاستلم أهل الصومال ويوغندة وكينيا و لبنان والهنود واثيوبيا واريتيريا والصين هم الذين يمسكون بعصب الجنوب الاقتصادى والتجارى ، وهذه الصورة لها اسقاطاتها السالبة بطبيعة الحال ، أولها التأثير على سيادة البلاد وتهريب العملة الأجنبية للخارج وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية نسبة لارتفاع الطلب عليها ، ونشر بعض الظاهر السالبة مثل الدعارة وتزوير العملات والجرائم المنظمة التى لم يألفها أهل الجنوب من قبل ، وهذه جميعا بدأت تطل برأسها بصورة لافتة ، فضلا على أن اعتماد اهل الجنوب على الأجانب فى توفير كافة احتياجاتهم سيؤدى الى لتقليل فرص الانتاج لدى المواطن الجنوبى .. وشئ أخير توريد المنتجات منتهية الصلاحية لغياب المؤسسات الرقابية بالحدود مثل الجمارك والجودة والمقاييس .. التى تم طرد أفرادها من الجنوب تحت دعاواى أنهم عيون لحكومة الخرطوم ..!! ، وكثيرين من أبناء الجنوب يجأرون بالشكوى ومرها لأن مثل ذلك الوضع سيكون قاتلا فى المستقبل القريب على الجنوب واهله ، ولكن هناك بالجنوب لا أحد يسمع أو يقرأ ..!! ، بل أن مثل تلك الصورة الموجودة ربما كانت مطلوبة لتحقيق مصالح بعض القوى ومراكزها هناك ، فبالجنوب غياب تام للتشريعات والقوانين التي تنظم التجارة " الضرائب وقانون للاستثمار ونقاط تجارة الحدود وقانون الشركات ، فضلا عن أن بالجنوب الكل يود أن يحصل أموالا لصالحة الخاص .. فتجد جباية عشوائية تفرض من بعض المجالس أو حكومات الولايات دون تشريع قانونى يسندها ، اما التخطيط الاستراتيجى الخاص بدراسة السكان واحتباجاتهم اليومية والشهرية والسنوية ليكون هناك احتياطى يقى المواطن من فترات الأزمات فانه ضرب من الخيال والترف ، فأى فجوة ستترك تأثيراً كبيراً ، بل وتحدث (مجاعة) ، وهذا ما حدث فعلاً إبان أزمة كينيا التى حدثت ابان آخر انتخابات ، غير أن انعدام أى شئ بالجنوب هذه المرة لم يقف عند حدود المسببات التى تسمح للسياسيين بالاعتذار بها فالجنوب هذه المرة تضربة مجاعه فعلية بسبب سياسات حكومته ، والمجاعة التى أحكمت حلقاتها بالناس هناك ، للدرجة التى لم تترك لأهل الجنوب غير أكل لحى الشجر والتنقيب عن بيوت النمل وأخذ ما اكتنزتة لعامها الجديد ..!! نصرالدين غطاس naseraldeen altaher [[email protected]]