بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: سيدنا الإمام الحبيب الصادق المهدي رأى والرأي السديد له، أن يقوم بوساطة كريمة بين حزب رئيس جمهورية مصر الدكتور محمد مرسي في محاولة لرأب الصدع الذي نتج عن إعلانه الدستوري الأخير وهذا مسعى حميد ، والإمام الحبيب سباق في مثل هذه الظروف التي تستدعي وحدة اللحمة بين قادة الأحزاب الليبرالية والعلمانية والشيوعية والقومية المعارضة وحزب الحرية والعدالة الحاكم وهو الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر ، وربما قد يفلح الإمام إن صدق في مسعاه رغم التناقضات الحادة في توجهات الأحزاب المعارضة والحزب الحاكم. تناقضات معقدة ومتداخلة لا تجد فيها أي تقاطعات تنذر بأمل في التوصل لحلول وسط تلقي فيها الأطراف ولا أعتقد أن هذه التعقيدات تخفي على سياسي حزبي محنك في قامة الإمام الحبيب!!، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينجح الإمام والإجابة برأيي قد ينجح ولا ينجح إذا ما استصحبت سابقة حدثت وليست ببعيدة عن الاذهان مع بعض الاختلافات التي سنأتي على ذكرها!! المتن: قبل أن أدخل في تحليل وساطة الإمام الحبيب والسابقة التي سآتي على ذكرها لا بد أن أشير لعمود الدكتور دكتور عبد الماجد عبدالقادر كما جاء في فحوى عموده بشأن وساطة الإمام الحبيب والتي دفعت الكاتب من اتخاذ مقولة البرادعي عنواناً لعموده الراتب " البرادعي قال" عيب علينا"، إذا حاولت أن ألخص من منطلق المثل الدارج بتصرف من "عندياتي" والذي يقول: الزاد لو ما كفّى البيت حرم على الجار"!!، وفي حال الإمام الحبيب علينا أن نعكس نظرية حساب المثلثات فنبدأ من القمة حال تطبيق المثل، ولنبدأ من القمة كون الامامة منصب روحي رفيع ورئاسة الحزب العتيق العريق أيضاً عبء إضافي على كاهل الإمام الحبيب، وكما قال: أن هذه إرادة قواعد وجماهير حزبه فما عساه أن يفعل غير الرضوخ لرغبتهم، الجدير بالذكر أن الامام الحبيب هو أول من نادى بفصل الامامة عن السياسة حينما قام بالصدع برأيه وهو في شرخ الشباب ، فأحدث - ما يؤمن به وطالب به وتحقق له يوم - في شق بيت المهدي وحزب الأمة!!، فمن العجائب والغرائب إن من سعى وشق بيت المهدي وحزبه العريق حتى أصبح طوائف وشيع متفرقة وطرائق عددا هو نفسه من يبحث عن جمع الكلمة ورأب الصدع!! لنعود إلى تطبيق المثل الذي أوردته وهو (الزاد لو ما كفّى البيت حرم على الجيران) على النحو التالي بناء على فقه الأفضلية: الزاد لو ما كفي صاحبه الإمام الحبيب حرم على الأبناء والبنات البالغين. الزاد لو ما كفى الإمام والعائلة حرم على أبناء وبنات العمومة. الزاد لو ما كفي أبناء وبنات العمومة حرم على أعضاء المكتب السياسي. الزاد لو ما كفى أعضاء الأمانة العام حرم على قواعد حزبه. الزاد لو ما كفى قواعد حزبه حرم على الأحزاب الأخرى. الزاد لو ما كفى بلاده وانتمائها العربي حرم على الدول العربية. الزاد لو ما كفى بلاده وانتمائها الأفريقي حرم على الدول الإفريقية. الزاد لو ما كفى بلاده المنتمية إلى العالم الاسلامي حرم على بقية الدول الإسلامية. الزاد لو ما كفي بلاده حرم على الجمعية العامة و مجلس الأمن وما يسمى المجتمع الدولي!! الزاد لو ما كفى بلاده المنتمية لما ذكرنا جميعا حرم على بقية دول العالم.!! والأمر الواضح جلياً يعتمد مولانا الإمام الحبيب ومدى التزامه بتطبيق القاعدة الفقهية التي تقول: "أولى لك فأولى"، فمن باب أولى أن يقوم الإمام وهو في مقام الإمامة الروحية والدينية بمصالحة أبناء العمومة أولاً - ومن باب صلة الرحم- من الأعضاء البارزين في الحزب وعودتهم لصفوفه مثل السيد نصرالدين الهادي والسيد مبارك الفاضل ثم بعد أن يلتئم شمل العائلة الحزبي، عليه يبدأ برتق الفتق التاريخي الذي أحدثه بجمعه ما بين الإمامة الروحية والقيادة الحزبية والاعتراف إن كان ذلك مطلب خاطئ قد ارتكبه في ميعة الشباب مما أدى إلى شق صف كيان الأنصار فتشظى إلى شيع وجماعات وطرائق عددا!! الحاشية: نعود لاستصحاب وذكر السابقة التي ربما اقتدى بها الإمام الحبيب في مسعاه الحميد للتوسط بين الكيانات المتضادة في شمال وادي النيل، وهي تلك الوساطة المشهودة التي قامت بها الاستاذة هالة عبدالحليم لرأب الصدع بينه كرئيس لحزب الأمة القومي وصهرة الشيخ الدكتور حسن الترابي كرئيس للمؤتمر الشعبي، وربما أن نجاح مسعى الأستاذة هالة رغم تضاد توجهاتها الفكرية مع توجهات الشيخ والإمام 180ْ وربما وراء نجاحها سببان، أولهما أن توجهات الرجلين متقاربة ما بين الاسلامي والطائفي والسبب الآخر تكتيكي وهو حرص ثلاثتهم على الظهور بمظهر المعارضة المتماسكة نكاية بخصومهم السياسيين!! يومها كتبت في هذه المساحة متسائلاً في شكل مثل متداول يقصد به غرابة تلاقي الأضداد،:" شِنْ لمّ الشامي على المغربي؟!" الفارق بين مسعى الأستاذة هالة عبدالحليم ومسعى الامام الحبيب بونٌ شاسع إذ أن الإمام والشيخ يلتقيان في تقارب منهج حزبيهما إضافة إلى عامل المصاهرة بينهما ، أما في شمال الوادي فإني أزعم أن أسس الالتقاء والتوافق بين قادة الأحزاب العلمانية والليبرالية والقومية والشيوعيين وبين حزب الحرية والعدالة تكاد تكون منعدمة لاختلاف التوجهات الايدلوجية لقيادة هذه الأحزاب مقابل حزب عقدي ذا مرجعية دينية، اللهم إلا إن كان لدى الإمام وصفة سحرية كتلك التي درِّستْ لنا في كتاب التحف العجيبة أيام المدارس الأولية يقدمها لهم فيتحولون إلى أحزاب ذات مرجعية إسلامية فيتم التقارب والتصالح بالمسعى الحميد لسيدنا الإمام الحبيب وإلا يعتبر مجرد مسعى إعلامي غير عملي بل ومستحيل ينطوي على حسن نوايا صاحبه الذي كان من باب أولى أن يبدأ برأب الصدع داخل البيت المهدوي!! الهامش: أوردت بوابة الأهرام في نسخة 27/11 الخبر التالي ولا أدري أن كانت صياغة الخبر جاءت في شكل استهجان أم استنكار؟! ولكني سأترك لفطنة القراء الأعزاء حق توصيفه:[في تطور لافت.. وسابقة ربما هي الأولي من نوعها، يجري الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة السوداني، عدد من اللقاءات فى مصر مع ممثلي القوى السياسية وجماعة الإخوان المسلمون والكنيسة للتقريب بين وجهات النظر وبحث الأزمة التي تعبت قرارات الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، وما تضمنه الإعلان الدستوري.] إنتهى الحمد لله الذي به تتم الصالحات وتتمة الصالحات يمكن أن تتم حضورية للتناصح فلا أدرى كيف استطاع سيدنا الإمام الحبيب التنقل شخوصاً بين الأنبأ تضاروس والدكتور البرادعي وحمدين صباحي ومقر حزب العدالة وغاب عن مؤتمر الحركة الاسلامية حيث كان يمكنه الشخوص والتحدث والتناصح وذلك من باب فقه " أولى لك فأولى" ورأى أن يتوسط بين الأشقاء في شمال الوادي وترك الوطن يموج بالتحديات فأما كان الأولى أن يصلح بين صهره الشيخ حسن والرئيس البشير خاصة أن ما يجمعهما أكثر مما يختلفان عليه والأمر سيكون بالنسبة له أيسر أو أنه فضل من باب الإيثار على النفس أن يقدم الكنانة على المشكلات التي عددها له د. عبد الماجد في عموده ويمكنه أن يسهم في حلها إن صدقت النوايا بعيداً عن المزايدات الحزبية مثل تلك التي تشهدها مصر حالياً ويسعى هو للتوسط لحلها؟! على كل حال أتحفكم بالمقطع الأخير الذي أرسله للمؤتمرين في مؤتمر الحركة الاسلامية الثامن إذ جاء فيه:[ ختاما: إذا اخترتم التبرير الزائف والعناد والانفراد فاعلموا أن واجبنا الإسلامي والوطني يوجب علينا التصدي لكم بكل الوسائل ما عدا العنف والاستنصار بالخارج، لأن العنف إذا نجح في الاستيلاء فإنه حتما يفرض وصاية جديدة. أما إذا اخترتم محاسبة النفس والتخلي عن الأخطاء، ما يفتح الباب لفجر سوداني جديد، فسوف نكون أحرص الناس على هندسة الوضع الجديد، وأحرص الناس أن تكون تلك الهندسة هندسة لا تخضع لأحد ولا تعزل أحداً. والله ولي التوفيق،، أخوكم الصادق المهدي] إنتهى المقطع!! .. قصاصة: لقد التبس عليّ الأمر كعيون البقر في فهم مصطلح "السودان الجديد" الذي ورد في رسالة سيدنا الإمام الحبيب. فهل يعني السودان الجديد الذي يدعو له الثالوث (عرمان ، الحلو وعقار)؟! أم أن هناك سودان جديد آخر يبشر به ودون أن نعلم توصيفه؟!.. نرجو من الإمام الحبيب توضيح ما التبس عليّ وربما على الكثيرين، ولا أعتقد أن هذا المطلب فيه من العسر ما يوازي جهد ومسعى الوساطة التي يقوم بها، وعلى الأقل لتكتب له حسنة في ميزان حسناته من باب أنه تعلم العلم وعلمه وأرجو أن يستفيض في شرح مصطلح " هندسة الوضع الجديد" وهل نفس ما يعنية بمصطلح " السودان الجديد" ؟!! بالمنسبة ملانا الإمام الحبيب تعددت مواهبه فهو مفكر مُنَظِّر، ومفتي، وباحث، وأخيراً وسيطاً!!.. فعلاً صدق المثل " سبع صنائع والبخت ضائع"!!.. عوافي!! Abubakr Yousif Ibrahim [[email protected]]