يبدو أن السيد والي الخرطوم لم يتوقف أمام الكلمات المتسمة بعدم التوفيق.. إما لعدم الإلمام الكامل أو الكبير بزخم اللغة أو لإخفاء ضعف الإنجاز وقلته.. وكل هذا يشير إلى رؤية متضخمة وتوهم كبير لإنجازات لا تسندها حقائق الواقع.. فهاكم قوله: (نريد من المسئولين في المحليات [دق الطار] لأي مشروع حتى لو كان بسط أمن شامل حتى يعلم الجميع بأننا إفتتحناه لأننا نريد إخراج الناس من حالة الإحباط والنقة) إنتهى. هكذا يريد سيادته أن يجعل الشعب [صفاقه] ويعطيهم مما أعطاه الله من حقوقهم التي أصبح والياً عليها.. وليس من الضروري أن تكفي هذه الأعطيات جميع المستلزمات والإحتياجات.. فإذا سددت رسوم التعليم ووفرت للتلاميذ وجبة الفطور فمن الممكن الإستغناء عن باقي الوجبات وكافة الضروريات والكماليات ففي أدبنا الشعبي لا يوجد طار يدق إلا ومعه [صفاقه] لأجل هذه العطايا وشعبنا لا يريد العطايا إنما يريد الحقوق أما الذين إختاروا جانب الصفاقة ربع قرن.. فهم ليسوا حجة على أهل السودان لأن حقائق الإنجاز تعلن عن نفسها بدون دق طار وبدون صفاقة.. والأمر الغريب وغير الطبيعي قول السيد الوالي: (بأن لديهم رؤية لحكم البلاد ليحكموها إلى الأبد) قد نوافق سيادته على هذا الفهم.. لأن الحرب ونتائجها ستقضي على إقتصايات البلاد.. ونسيجها الإجتماعي.. وستبيد أهل الهامش والمرضى والمستضعفين والفقراء والمعوزين عندما يذهبون إلى المستشفيات يجدونها بيعت أو فككت أو رحلت أو أغلقت.. ونمضي لنيران الغلاء فنجد أننا لا نملك مناعة لمقاومة الأمراض فتذهب أرواحنا راضية مرضية إلى ربها تاركة من يريد أن يحكم إلى الأبد يحكم.. فلن تكون له مسئولية علينا إلا تلكم القبور التي تضمنا فإن كانت مقابرنا ستؤثر على مشروعاتكم فلن تعدموا فتوى تبيح حرقنا.. أو تتركونا في الفلوات لكواسر الجو أو خشاش الأرض.. وبعدها قد تأتي دولة الأبد.. أما قوله: (بأن سعي حزبه لحكم البلاد يرضي الله قبل العباد) فإنه لا تفوتنا مقدرتكم الفائقة على عقد التحالفات وإقامة العهود ولكن فإننا ومن قصر نظرنا وضيق أفقنا.. لم نعرف إنكم قد إتخذتم عند الله عهداً وهذا ما لا يقول به عارف فإن معرفة ما يرضي الله هي ديدن العارفين. سيدي الوالي نضمن لك (تسخين الصفقة لطار لن يقيف عن الدق) فقط نلتمس إحترام عقولنا التي تميزت بين غيرها من الشعوب.. حتى في مفردتها الغنائية وتميز صفقتها.. وإننا إذ ننتظر إحتفالاً فإننا ننتظر إنجازاً حقيقياً ليس لمجرد الإعلام.. فكل ما ذكرته يجد عندنا الإحترام لكن قطعاً لن يجد التسليم الأعمى مهما (دق الطار أو حكمتم إلى الأبد).. وأهديك قول الشاعر: من هاب الرجال تهيبوه ومن حقّر الرجال فلن يُهابا