عاشت مدينة وادي حلفا لمدة يومين واستعادت عبق حضارتها النوبية التي تمتد لسبعة الاف من السنيين ضاربة في جذور التاريخ القا وبهاءً وذلك لقيام المهرجان النوبي والسياحي الاول وقد انعقدت العديد من الندوات في الخرطوم ووادي حلفا وأمها ادباء من النوبة المصرية مثل الاديب والناشط النوبي حجاج ادول والعديد من الفنانيين والتشكيليين من النوبيين وغيرهم . من نافلة القول أن قيام المهرجان بوادي حلفا كان لربط أجيال الشتات النوبي بالمدينة الام ومثلهم ممن هاجر عند بناء السد العالي ولم يعد اليها الا لحضور المهرجان وكذلك القاء الضوء على مدينة مازالت تعيش في الظل وابراز امكانياتها السياحية وهي المدينة التي تجاور مدينة اسوان والتي تمثل السياحة بها المصدر الاول . وقد كتب العديد من الادباء والفنانين عن المهرجان ، ومنهم من انتقد ومنهم من قاطع المهرجان لأسباب موضوعية ، ومعظم نقدهم كان بناءً الا ان اكثر ما آلمني هو ما كتبه الاستاذ طارق شريف بجريدة الصحافة عدد يوم 17 ديسمبر 2012 العدد6959 الذي وصف فيه المهرجان بالعنصرية واضاف اليها العنصرية الرجعية . وكما ذكرت سابقا ان الهدف من المهرجان هو احياء التراث النوبي وايصاله الى الاجيال الحالية وربطهم بمدينتهم الام من خلال المهرجان ، لكن ان يأتي كاتب ويصف كل هذا المجهود ويحاول نسفه بالصاق تهم لا تمت الى الواقع بصلة فيه تجني وظلم ، دعونا نناقش ما سطره الاستاذ طارق . كتب الاستاذ طارق ( أنا من انصار القومية والسودانية وافتخر بأنني سوداني ) وبحديثه هذا كأن النوبيين لا يفتخرون بسودانيتهم ، وأضاف بأنه الف كتاب عن ام درمان بعنوان (ام درمان متحف الاصالة ) وعليه يجب على كل نوبي أن يؤلف كتابا عن ام درمان كي ينفي العنصرية عن نفسه، وما اعرفه عن الذين ألفوا كتبا عن ام درمان الاستاذ محمد الواثق بعنوان ( ام درمان تحتضر ) ولست متأكدا هل هو نوبي ام لا واذا كان نوبيا ستتنتفي عنه تهمة العنصرية بمنطق الاستاذ طارق ومعياره الذي يستخدمه . وكتب الاستاذ طارق ( كنت سأقف مع المهرجان النوبي لو أنه قدم الثقافة النوبية في اطار سوداني ) ولم يوضح معني اطار سوداني وداخل اي اطار تم تقديم الثقافة النوبية؟ وكتب الاستاذ طارق ( انه ليس ضد الثقافة النوبية لانه جزء من هذه الثقافة وأصوله تنحدر من جزيرة لبب وجده المباشر ولد بجزيرة لبب وتوفي في المدينةالمنورة ودفن بالبقيع) . من المتعارف عليه عندما يريد شخص ما اثبات انتماءه لمنطقة معينة يوضح مولد اجداده بها وموتهم فيها لتأكيد ذلك وتدعيم حجته لكن الاستاذ طارق يقول إن جده ولد بجزيرة لبب وتوفي بالمدينةالمنورة ودفن بالبقيع ، ما معنى ان يقوم الاستاذ بالزج بالمدينةالمنورة في هذا النقاش وعند الاطلاع وورود المدينةالمنورة في هذا السياق ينتاب القاريء شك ويظن ان المدينةالمنورة مدينة نوبية ترقد على ضفاف النيل مع تقديرنا وتقديسنا للمدينة المنورة . وفي معرض رد الاستاذ طارق على الاستاذ جعفر عباس طالب الاخير بأن يرجع لحديث الدكتور راشد دياب الذي أكد عنصرية المهرجان وقال ان الدعوات وجهت للنوبيين فقط . ولقد قمت بالرجوع لحديث الدكتور راشد دياب بجريدة الصحافة 10 ديسمبر 2012 العدد رقم 6952 وكل ما قاله الدكتور راشد دياب ( أنه لم يتلق دعوة لحضور المهرجان النوبي وان الدعوة لم تشمل العديد من المبدعين والمثقفين والاعلاميين ) ، لم يصف الدكتور راشد دياب المهرجان بالعنصرية ولم يؤكد عنصرية المهرجان ولا اعرف من اين اتى الاستاذ طارق بهذا الاتهام الذي نسبه للدكتور راشد دياب . ان عدم دعوة الدكتور راشد دياب ربما تكون فاتت على أعضاء اللجنة المنظمة وهذا خطأ فادح أولا لأنه فنان تشكيلي عالمي وثانيا مهتم بالشأن الثقافي وله مركز ثقافي يقوم بدور بارز في كل النواحي الثقافية والابداعية واتمني ألا يكون قد اغلق في الهجمة الاخيرة على المراكز الثقافية . وكتب الاستاذ طارق (عن نبذ العنصرية التي ضيعت السودان) وهذا هو الحديث الوحيد الذي صدق فيه وبما ان الاستاذ طارق ألف كتابا عن ام درمان كنا نتمنى أن يؤلف كتابا اخر وهو من صميم عمله عن العنصرية في السودان ويوضح لنا لماذا أطلت العنصرية برأسها ومن الذي تسبب في ذلك وقام بتأجيجها ، لكن يبدو أن الاستاذ طارق لا يريد أن يدخل يده في عش الدبابير وان كل ما يستطيع أن يفعله هو اطلاق التهم جزافا من غير ترو أو بحث عن الحقائق ولنا عودة . abdu jabra [[email protected]]