بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: «هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ» ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: * منذ قرابة أكثر من عام كتبت عدة مقالات انتقد فيها أداء وزارة الموارد البشرية ، بل واعتبرتها وزارة أُنشأت لترضية من يراد توزيرهم حتى لا يفلقوا دماغنا بمعارضتهم الكيدية التكايدية ، أو ربما لترضية البعض من خاصة أهل الحكم والحزب الحاكم ، والعجيب أن لدينا وزارة للعمل والتنمية إدارية ومعهد إدارة عامة وميراث جيد للخدمة المدنية وبحمد لله قضينا على هذا الارث قضاءً مبرماً ، ثم بدأننا نتفنن لنفتح باب تربح للكثير من مراكز التدريب التي تزعم تنمية وتطوير الموارد البشرية وبحكم التخصص الدقيق أدليت بدلوي وكان رأيي أوضح من الشمس في رابعة النهار وقلت بصريح العبارة إن بلد تقارب نسبة العمالة الزراعية فيه أكثر من 76% من إجمالي القوى العاملة في بلادنا - ونحن بلد يفترض أنه بلد زراعي وأنه سلة غذاء العالم العربي- عليه أن يقوم بالتركيز بتنمية وتدريب هذه العمالة لتكون قيمو مضافة لاقتصاد الأطراف وليس عالة على الحواضر والولايات الأخرى لهجرتها بحثاً عن الرزق ، بالمناسبة الذي تمّ الناقصة هو أن لنا أيضاً جهاز مغتربين يفترض أن يهتم بكل شاردة و ورادة خاصة إن كانت تمس كرامة حواء السودانية التي هي أمي وأمك ، أختي وأختك ، زوجتي وزوجتك وبنتي وابنتك، وشعبنا تربي وشب وترعرع على إنزال حواء منزلتها ، فهن عرضنا وشرفنا ، وهن الحرائر الكريمات ، وعلينا أن نخاف ونحافظ ونغير ونحارب من أجل العرض التي ارتبط بصبانتنا لشرف وكرامة حواء ، وما يحط من كرامة حواء السودانية فإنما تلقائياً يهدر ويحط كرامة آدم السوداني، ولا أدري هل ماتت قلوبنا حتى بدأنا لا نبالي بعرضنا وشرفنا وكرامتنا!! المتن: * قبل أن يخلع الرئيس المخلوع حسني مبارك بعدة أشهر ظهر أعلنت وزارة القوى العاملة في مصر في بعض الصحف المصرية حاجة مؤسسة كويتية تعمل في مجال استقدام الخادمات إلى حاجتها لمربيات مصريات وبمواصفات معينة وهنا هاجت الصحافة المصرية ومجلس الشعب والنخب السياسية بقيادة الصحفي والنائبين بمجلس الشعب مصطفي بكري والمحامي علاء عبد المنعم خاصة أن مسمى الوظيفة يحمل في طياته ما يحمل من توصيفٍ وظيفي خفي أغراضه معلومة وتم استجواب الوزيرة السابقة عائشة عبد الهادي على أساس أنها تتاجر بكرامة حرائر مصر خاصة أن من تقدمن للوظيفة جامعيات ، وتراجعت الوزيرة وألغي الاعلان والتعاقد حفاظاً على كرامة وشرف أمة!! * يبدو أن بعض هذه مكاتب الاستقدام أو مؤسسات التوظيف الكويتية استمرأت أن تتعامل مع السودان على أن كل شيء فيه مستباح وعلى إعتبار أنه بلد فيه بعض لا يتورع من أن يبيع كل شيء من أجل المال ولا توجد "قشة مرّة في حلقه"!!، ظنّت الشركة الكويتية صاحبة الاعلان أن الذي قاد بعض ضعاف النفوس عبر "الشريك الاستراتيجي" – حلوة الشريك الاستراتيجي دي وهي في هذه الحالة شركة عارف الكويتية أن تتجرأ وتبيع أصلاً معنوياً واقتصادياً وهو خط هيثرو المملوك للناقل الوطني " سودان أير" والذي هو رمز للسيادة الوطنية ، فما المانع الذي يجعلهم يتورعون عن تصدير حرائرهن وهن العرض ليعملن بمهن قد تخفي وراءها ما تخفي، خاصة بعد أن منعت بعض الدول الأسيوية التعامل مع بعض الدول الخليجية لأسباب ربما يدركها الجميع، إضافة إلى أن المرتبات وتكلفة الاستقدام من دول آسيا قد ارتفعت بدرجة مهولة كالهند وسيريلانكا والفلبين واندونيسيا كما أنها وضعت أيضاً شروطا خدمة تتناسب وحقوق البشرية الحرة لا المستعبدة ، حيث جأرت المتعاقدات كخادمات بحسب ما تناقلته وسائل الاعلام هنا وهناك وكانت قابلة للأخذ والرد وذلك من سوء المعاملة التي يتخللها الضرب والتعذيب كما أن ساعات العمل غير محددة وتمتد لأكثر من (18) ساعة ، كذلك تخصيص يوم عطلة اسبوعية حسب أنظمة العمل الدولية ، لا جدال فإن مثل هذا الاعلان قد أثار حفيظة كل مواطن ومواطنة بل ويحتوي أيضاً على شروط مذلة ومهينة للوطن وأهله وكأن أهله قد عرضوا كرامة حرائره برسم البيع لمن يدفع!! الحاشية: * أنا لا أبريء صحيفة الانتباهة تماماً وفي ذات الوقت أحملها جزء ضئيل من المسئولية لأنها لم تراجع فحوى الاعلان لأنها في حقيقة الأمر تؤجر مساحة وهي قانوناً ليست مسئولة عن المحتوى، وليس دفاعاً عن صحيفة الانتباهة لأنها برأيي أشد حرصاً على سلامة الوطن وسمعة مواطنيه وإن أردنا الموضوعية فإن الهجوم عليها من بعض الجهات هو من باب المكايدة الحزبية ، ولأن الانتباهة تتناول كل القضايا الوطنية وتنحاز لها، وكان يجب أن تتأكد من أن هناك تصديق من وزارة العمل بنشر الإعلان وهو ما كان معمول به في السابق، أما وبعد أن آل الأمر لما يسمى بوزارة الموارد البشرية ، ففي الأمر قولان لأن هذه الوزارة المستحدثة تغولت على اختصاصات وزارة العمل " فالطاسة " أصبحت ضائعة ، ومن هنا تزداد قناعتي رسوخاً بأن هذه الوزارة باعتقادي الشخصي وزارة ترضية وموازنات وهي مجرد إضافة أعباء مالية تُحَمّل لموازنة الدولة لثقل بها يعني " عايرة وأدوها سوط"، وفي النهاية المواطن الغلبان هو من يتحمل هذا العبء ، والمواطن أصلاً مثخن وعاجز عن مواجهة أعباء عيشته فما بالنا نزيد لبلاويه بلوة مركبة أخرى؟!. * الأمر الثاني مكاتب تصدير العمالة للخارج بعضها برأيي يقوم بنوع من أنواع المتاجرة بالبشر والذي حرمته المواثيق الدولية ، وهذا البعض برأيي لا يتورع في فعل أي شيء لا أخلاقي في الحصول على المال ؛ لأننا هذه الأيام بدأنا نسمع عن بالمتاجرة في بيع الدم وسمعنا عن استيراد فلاتر بنوك الدم المنتهية الصلاحية أي الفاسد ، وكذلك الاتجار بالأعضاء البشرية والتقاوي الفاسدة والأسمدة المنتهية الصلاحية والأطعمة الفاسدة، هذا بعد أن كنا نسمع عنها ونستنكرها من بعض جنسيات الدول الأفريقية و الأسيوية الفقيرة التي تمارسها. * كنا وما زلنا نحمد الله أننا لم نُصب بهذه العدوى وكنا نستنكر مثل هذه الحوادث وكنا نعتبرها فردية على محدوديتها في الزمان الماضي ، أما وأن تأخذ شكل الظاهرة في هذا الزمن الأغبر، فهذا يدل على أن المنظومة القيمية بدأت تظهر عليها عوامل اهتراء دخيلة تقدم الثراء المادي الحرام على القيم والاخلاقيات. أما وأننا قد بدأنا نقبل شروط خدمة عمل مهينة بالخارج تحط من كرامة حرائرنا فهذا ما لا يمكن السكوت عليه خاصة إن كانت هناك جهات ووزارات رسمية لم تعد حتى تدقق وتجود مسئولياتها الأخلاقية ، وأصبحت تغض النظر عن مافيات بدأت تنمو وتزدهر في غفلة عن عين السلطات الشرطية ،، كما أن هذا لا يعفي جهاز المغتربين من مسئولياته التنسيقية مع الجهات ذات الاختصاص في النشر إلحاق السودانيات والسودانيين للعمل بالخارج !! الهامش: * لقد سبق وأن كتبت في هذه الصحيفة وبحكم التخصص وفي هذه المساحة عن مفهوم الموارد البشرية و ما يجب أن تقوم به وعليه وزارة تنمية الموارد البشرية ، وقد كتبت أيضاً عن تضارب المهام والاختصاصات اللتان ستحدثان مع مهام وزارة العمل ولكني كنت كمن يؤذن في مالطا !! . وقد كتبت أيضاً عن من يتآمرون على الوطن من أجل حفنة دولارات وأن هؤلاء لا يتورعون حتى عن بيع إنسان الوطن إذا ما وجدوا من يشتريه وها هو هذا الاعلان يدل على صدق حدسي !! * بالأمس القريب كتبت عن " عبد المحمود" الذي انتقد أداء نواب البرلمان أي " المجلس الوطني" وهو الجهة التشريعية والرقابية على أداء السلطة التنفيذية، فأين هذا المجلس من هذا الإعلان المستفز الذي أعتقد أن وزارة الموارد البشرية هي التي صادقت على نشره ، وبذلك تكون هذه الوزارة مسئولة مسئولية تامة عن إهدار كرامة السودانيات اللاتي هن الأمهات والأخوات والزوجات والبنات ، لقد كتبت أيضاً وقلت من هانت عليه أرضه هان عليه عرضه هل وجد ما كتبت آذاناً صاغية ؟! .. الإجابة: بالطبع لا، بل سدر البعض في غيه فأصبح يسهم في بعض الرذائل مثل تجارة أعضاء البشر وتجارة المواد الغذائية الفاسدة، والتقاوي والأسمدة المنتهية الصلاحية وأخيراً التجارة بإهدار كرامة حواء السودانية؟! فألي أي دركٍ وثلنا من الانهيار الأخلاقي والقيمي؟! وهل مسئولية الحكومة ووزاراتها حماية سمعة المواطن والوطن أم المساهمة الفاعلة في إهدارها دون مراعاة للقيم المجتمعية والأخلاقية ، فماذا أصاب هذه المنظومة القيمية ؟! قصاصة: * يقال: "تجوع الحرة ولا تأكل من ثديها" : ومعناه أنّ الحرة تُؤْثِر ُأنْ تجوع و لا تكون مُرْضعا لغير أولادها لِقاء أجرٍ تأخذه فيلحقها عيب!! هل ترضون لبناتنا العيب؟! * عندما ينخر الفساد في مفاصل الدولة فلا عجب إن نُحل كل تجارة محرمة، ولا حرمة في أن نرتكب الرذيلة في الخفاء طالما لم نجهر بها، ولكن لأن للفساد رائحة لا تخفيها عطور باريس الثمينة فلا بد من أن تفوح الروائح المزكمة للأنوف ، وينكشف المستور ولو بهفوة من مرتكبها كما فعلت وزارة الموارد البشرية بالتصديق بنشر هذا الاعلان!! يا أخوانا لو ما خائفين الله على الوطن ورجال هذا الوطن، فخافوا الله في حوائه أمي وأمك ، أختي وأختك ، زوجتي وزوجتك ، ابنتي وبنتك .. خافوا الله فيهن يرحمكم الله !! .. وعيب وألف عيب الحصل ده!! تخنتوها!! والليلة وما فيش عوافي