تناول (باراك اوباما) بعد فوزه في الانتخابات، وقبيل تنصيبه رئيسا، الغذاء مع مجموعة الرؤساء الأمريكيين السابقين الأحياء. فحضر الغذاء (جيمي كارتر)، (جورج بوش) الأب، (بيل كلينتون) ومعهم في ذات الغرفة المغلقة الرئيس جورج بوش الابن. كانت رئاسة الرئيس بوش الابن تلفظ أنفاسها وتقضي أخريات أيامها واللعنات تلاحقها من كل جنب. لقد غادر الرئيس الأمريكي البيت الأبيض ونسبة استطلاعات الرأي تظهر مدى تدني شعبيته لأقل رقم حصل عليه رئيس أمريكي بعد نيكسون، بعدما كان الشعب يسانده أيضا بنسبة وصلت لحوالي 92% عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. كان البيت الأبيض يحاول أن يخفف ويهون من أثر الاستطلاعات المتدنية بقولهم أن (معجزات) الرئيس وإنجازاته لا يمكن أن تدرك في خلال عصرنا هذا وأن التاريخ سيحتاج لوقت طويل حتى يعطي الرئيس الأمريكي حقه في الإنجازات. كنت أستمع لمثل هذه التفسيرات وأنا أقول في نفسي أن الرئيس سيحتاج إلى (معجزة) هو نفسه لكي تجعل التاريخ يحن عليه وينصفه.. فمن ذا الذي لم يشعر بألم الأزمة الاقتصادية في كل أنحاء العالم وبقاعه.. ومن ذا الذي لا يدرك مدى ظلم الحرب الدائرة في العراق والتي تسبب في الكثير من الفضائح للإدارة الأمريكية مثل سجن أبو غريب وجوانتنامو وسجون ال(سي آي أيه) السريه والتعذيب الذي تمت ممارسته على أجساد وأنفس المسلمين المتهمين حتى بدون بينة واضحة. أثارت هذه الأفكار الدائرة شهيتي للبحث حول الكيفية التي عامل بها التاريخ الرؤساء السابقين.. فنظرت إلى أقدم الأحياء (جيمي كارتر). حكم كارتر الولايات المتحد من (1977-1981) وكانت نسبة دعمه الشعبي في البداية 75% ثم تدنت إلى 34% حينما فارق مكتبه.. واليوم نجد أن استطلاعات الرأي تظهر أن الموافقة على أدائه وصلت نسبتها إلى حوالي 65%. ونجد أن جورج بوش الأب الذي حكم من (1989-1991) قد أكرمته استطلاعات الرأي بنسبة وصلت أولا إلى 90% ثم تدنت إلى 56% في نهاية حكمه.. واليوم نجد أنها قد وصل إلى ال67%. أما بيل كلينتون فقد حكم الولاياتالمتحدة منذ (1993-20001) ووصلت نسبة الموافقة على أداءه في البداية 73% بينما فارق مكتبه وقد وصلت النسبة إلى 67%.. واليوم في استطلاعات الرأي نجد أن شعبيته تقارب ال70% وهي أعلى نسبة حاليا لأي رئيس أمريكي سابق. وذكرتني (حنية) التاريخ الأمريكي ب(حنية) تاريخنا السوداني.. فحينما كان الرئيس عبود متربعا على مقعد الرئاسة السودانية كانت نسبة الموافقة الشعبية على أداءه متدنية جدا.. ولم أجد أرقاما دقيقة لكي أدونها هنا لكن الضغط الشعبي عليه كان قويا حتى أنه ترك المقعد بلا عودة.. وبعدما فارق دفئه كانت تلك القصة المشهورة بأنه حينما يذهب إلى الأسواق يرمي له الباعة البضاعة في عربته وهم يهتفون به (ضيعناك وضعنا معاك).. وأيضا خرج الشعب السوداني إلى الطرقات فرحا بذهاب الرئيس السابق (جعفر نميري) وبعودة الديمقراطية ولكنه بعد عدة سنوات خرج نفر منه إلى الطرقات فرحا ولكن بعودته إلى الوطن ودائرته السياسية مرة أخرى. ويا التاريخ.. طلع قلبك (حنين)!!