الأخوات العزيزات والاخوة الأعزاء فى الجبهة السودانية للتغيير تحية طيبة فى العام القادم يكون التحالف بين البيروقراطية العسكرية والإسلام السياسى المتجسد فى الإنقاذ قد أكمل ربع قرن فى سدة الحكم منذ الإنقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة فى السودان. إنه عمر طويل كما تعلمون قياسا الى الجرائم البشعة المتمثلة فى حروب راح ضحيتها مئات الآلاف من الجرحى والقتلى فى الجنوب سابقا، ودارفور ثم جنوب النيل الازرق وجنوب كردفان. وهى حروب دمرت شروط الحياة، وإقتلعت قوميات وزرعت احقاد تصعب إزالتها على المدى القريب، وقسمت البلاد ووضعتها على أعتاب التفتت الكامل والزوال. وهى جرائم تتبدى كذلك فى إنتشار الفساد وفى الغلاء الفاحش وإنعدام الامن، وإنحطاط الاخلاق والقيم وتدهور الخدمات خاصة الصحية والتعليمية، إضافة إلى إهدار الحقوق والكرامة الإنسانية. أما على المستوى الثقافى والاجتماعى فقد تمخض مشروع الإنقاذ الحضارى عن تحلل المجتمع إلى عناصره الأولية بشكل كامل تقريبا من حيث بروز النزعات القبلية والعشائرية ورفض الآخر وإنتشار الكراهية والبغضاء والعنصرية بين ابناء الوطن الواحد. على المستوى النفسى والتربوى لم تأت هذه السلطة من فراغ بل أتت كخلاصة مركزة لكل النقائص والتشوهات التى صاحبت مسيرتنا الوطنية منذ الإستقلال. جاءت تجسيدا لنزعات الإستعلاء الدينى والعرقى، التى تصور لها أنها فوق البشر، وتتويجا لغرائز الأنانية والطمع التى تبرر لها الإستيلاء على الثروات، وصيغة متطرفة لأهواء الإنفراد بالسلطة وإخضاع الجميع لسلطانها، متخذة من الإدعاءات الاخلاقية ايدلوجيتها فى التبرير لمصادرة الحريات العامة، وحصر آلية إتخاذ القرارات الخاصة بمصير الوطن فى مجموعة محدودة صارت تضيق كل يوم، مما جعل تلك القرارات تستهدف المصالح الخاصة بدلا عن خدمة المصالح العليا للبلاد، فصار المناخ السياسى والاجتماعى أكبر حاضنة للفساد فى عالمنا المعاصر، الأمر الذى بات يتهدد نسيجنا الإجتماعى فى الصميم. على خلفية هذه الظروف الإستثنائية نهنئكم بنجاح مؤتمركم ، وذلك بحكم الاهداف العزيزة والمشتركة التى تجمعنا، ونتمنى ان تأتى توصيات مؤتمركم أكثر حرصا وواقعية فى تفعيل النضال من أجل تغيير أوضاعنا السياسية المزرية، وفى سبيل معالجات إسعافية عاجلة لبؤر التوتر والانهيار المتعددة التى خلفتها الإنقاذ، تمهيدا لترسيخ مناخ سياسى خاص بتأسيس نظام تعددى فيدرالى قادرعلى إعادة توازن القوى بين المركز والأقاليم، حتى لا تأتى أى قسمة عادلة للسلطة والثروة كمنحة من أحد، بل إستحقاق بعد ضمان إستدامتها، من خلال عملية تمكين المجتمعات المحلية من إمتلاك مصيرها، حتى تختفى من ذاكرتنا الشعبية وإلى الأبد خرافة المستبد العادل. نأمل كذلك أن تأتى توصيات مؤتمركم فى إتجاه تعزيز وحدة القوى الوطنية والديمقراطية خاصة التنسيق بين الفصائل الديمقراطية وسط القوى الحديثة والجديدة بمختلف مسمياتها وتكويناتها، ليس عن طريق رص الصفوف فحسب كما كان يحدث فى السابق، بل عن طريق التخلص من ثقافة السودان القديم السياسية وإستبدال عنيف اللفظ بعبارات الود التى تجسد الإحترام فى إطار الإختلاف، وإستبدال اللؤم والضيق بالتسامح، واليقين بالتواضع، والصبر والتجويد بدلا عن الإستعجال، حتى يأتى خطابنا حديثا وحريصا على التوافق حرصه على الصراع الفكرى والمحاججة المخلصة فى كلما يتعلق بالمصلحة العامة. وفق الله الجميع لما فيه الخير لوطننا الجريح حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) المجلس القيادى الخرطوم 9 ابريل 2013