التصريح الذى ادلى به العقيد معمر القذافى قبل عدة أيام والذى جاء فيه انه سوف يدعم جنوب السودان اذا اختار شعبه الأنفصال، انزعجت له قيادات وقواعد المؤتمر الوطنى وحملته أكثر مما يحتمل. لا أدرى هل يعود ذلك الأنزعاج للموقع الذى يشغله العقيد معمر القذافى الآن وهو رئاسة الأتحاد الأفريقى، أم للدور الذى يمكن ان تلعبه ليبيا مستقبلا فى قضية أخرى مشابهة لقضية جنوب السودان وهى أزمة دارفور وما هو معلوم من علاقات خاصة لليبيا ببعض قيادات الحركات الدارفوريه ؟ علما بأن السيد الصادق المهدى زعيم حزب الأمه وآخر رئيس حكومه منتخبه ديمقراطيا فى السودان، سبق وأن صرح بتصريح مشابه لما أدلى به العقيد القذافى حينما قال (اذا لم تتحقق الوحده فأنه يدعو على الأقل لعلاقات أخويه بين الشمال والجنوب أذا وقع الأنفصال). والممارسات الواقعيه لكثير من الدول العربيه تسير فى نفس اتجاه ما صرح به العقيد القذافى وفى مقدمتها مصر بكل ثقلها وأهميتها وما تبذله من محاولات لتقريب وجهات النظر بين المؤتمر الوطنى والقاده الدارفوريين من جهه، وبين المؤتمر الوطنى والحركه الشعبيه من جهة أخرى حتى تصبح الوحده خيارا اولا وجاذبا لمواطنى جنوب السودان، وفى ذات الوقت مصر تهيأ نفسها لكل الظروف والأحتمالات ولا ترغب فى عزل نفسها اذا اختار انسان الجنوب الأنفصال، واذا لم يعمل المؤتمر بصدق لتحقيق الوحدة، لذلك قدمت دعما كبيرا للأقليم الجنوبى تمثل فى مولدات كهربائيه ومساعدات طبيه وتمثل فى منح دراسيه لطلاب جنوبيين وتمثل فى تدريب العديد من الكوادر الجنوبيه فى مختلف القطاعات. فمصر تدرك بأنه لها مصالح مع السودان اذا ظل موحدا ولها مصالح مع الشمال والجنوب على قدم المساواة اذا وقع الأنفصال. ولا أدرى لماذا كل هذا الأنزعاج (المسرحى) الذى يظهره المؤتمر الوطنى تجاه تصريحات العقيد (القذافى) وكما هو واضح فأن الوحده ليست أمر مهما عند المؤتمر الوطنى قيادة وقواعد ويظهر ذلك بصورة أكبر فى كتابات واحاديث (الطيب مصطفى) التى تدعو للكراهي وللقبليه وللأنفصال بصورة علنيه، دون أن تدخل السلطات وتمنعه مثلما تمنع كتابات أخرى تخالف خط النظام، وان كانت وحدويه. وعلى كل فأن مواقف الحكام والأنظمه العربيه من نظام المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان مفهومه ومقدره ومبرره، فالأنظمه تربطها ببعضها البعض مصالح وتحالفات مشتركه واسرار واوليات حتى لو لم تكن العلاقات بينهم جيده. لكن كسودانيين علينا أن نتساءل كيف يختار انسان الجنوب الوحده والمؤتمر الوطنى يصر على المضى قدما فى مشروع (الدوله الدينيه) المظهريه، بدلا عن دولة (المواطنه) الحقيقيه التى تساوى بين الناس جميعا ويحكمهم فيها دستور واحد يطبق فى جميع اقاليم السودان شمالا وجنوبا ويقوم على مبدأ (لكم دينكم ولى دين). وكيف يختار انسان جنوب السودان الوحده، والمؤتمر الوطنى يسعى لتشويه اسم وسمعة قادة الحركه الشعبيه مثل (باقان أموم) و(ياسر عرمان) لأنهما يقفان حجر عثره فى وجه اطروحات المؤتمر الوطنى الأقصائيه الأحاديه؟ وكيف يختار انسان الجنوب الوحده والمؤتمر داعم ومشجع لكل انفصالى يخرج على اجماع حزبه وحركته كما فعل (لام أكول) الذى كان ينفذ اجندة المؤتمر الوطنى وهو عضو عامل فى الحركة الشعبيه بصورة أكبر مما يريد منه المؤتمر الوطنى؟ وكيف يختار انسان جنوب السودان الوحده وهو يلحظ للظلم وللتفرقة والأقصاء الذى يمارس فى جميع جوانب الحياة بواسطة المؤتمر الوطنى تجاه المواطن الشمالى غير المنتمى للمؤتمر الوطنى فى كآفة المجالات. وكيف يختار انسان الجنوب الوحده وهو يسمع عن التهديد والأرهاب الذى يمارس نهارا جهارا بواسطة قوى الظلام والتخلف ضد حزب شرعى تشارك بعض كوادره فى البرلمان؟ علينا الا ان ندفن روؤسنا تحت الرمال وأن نقول كلمة الحق بكل وضوح، وهى أن أكبر معوق لوحدة السودان هو المؤتمر الوطنى وافكاره الغريبه الدخيلة على ارث وثقافة الشعب السودانى التى ورثناها من الأجداد. لكن من اعجب وأغرب ما نلاحظه هو موقف النخب المثقفه العربيه التى تتبوأ مناصب هامه فى بلدانها، حيث نجد انها ترفض فى بلدانها وصول الحركات الأسلاميه لسدة الحكم لكنها تؤيد نفس تلك الحركات فى السودان وتساندها وتدافع عنها وتعمل على بقائها فى السلطه حتى لو كان ذلك ضد رغبة الشعب السودانى وضد طموحاته فى أن يعيش حياة حرة ديمقراطيه. آخر كلام :- قصيدة شاعر الشعب محجوب شريف (حنبنيهو). حنبنيهو .. البنحلم بيهو يوماتى وطن شامخ وطن عاتى وطن خيّر ديمقراطى وطن مالك زمام أمرو ومتوهج لهب جمرو وطن غالى نجومو تلالى فى العالى إراده سياده حريّه مكان الفرد تتقدم.. قيادتنا الجماعيّه مكان السجنِ مستشفى مكان المنفى كليّه مكان الأسري.. ورديّه مكان الحسره أغنيّه مكان الطلقه عصفوره تحلق حول نافوره تمازج شُفّع الروضه حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتى وطن للسلم أجنحتو ضدّ الحرب أسلحتو عدد مافوق ما تحتو مدد للأرض محتله سند للإيدو ملويّه حنبنيهو.. البنحلم بيهو يوماتى وطن حدّادى مدّادى ما بنبنيهو فرّادى ولا بالضجه فى الرادى ولا الخطب الحماسيّه وطن بالفيهو نتساوى نحلم.. نقرا نتداوى مساكن كهربا ومويه.. تحتنا الظلمه تتهاوى نختّ الفجرِ طاقيّه وتطلع شمس مقهوره بخط الشعب ممهوره تخلي الدنيا مبهوره إراده وحده شعبيّه تاج السر حسين – منبر الوحدة والسلام بالقاهرة