احيانا تحاصرنا الاخبار والتصريحات المحبطة التي تطغى عند كل بارقة أمل في سلام يخرج ببلادنا ومواطنينا من دائرة النزاعات اللعينة وتدفعنا دفعا الى خانة اليأس والقنوط، لكننا سرعنا ما نسترد الأمل في إمكانية الخروج من هذه الدائرة الجهنمية. نقول هذا وأعيننا وقلوبنا تتجه صوب أديس أبابا حيث تتواصل أعمال اللجنة المشتركة للتدابيرالسياسية والأمنية بين الخرطوموجوبا لتنفيذ اتفاق الرئيسين البشير وسلفاكير وما رشح من تصريحاتهما الإيجابية التي صدرت منهما عقب لقائهما الأخير بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا. في ذات الوقت تتجدد الآمال في لقاء من المقرر أن يعقد اليوم بأديس اببا أيضا لإطفاء نيران النزاعات في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وسط أجواء اكثر توترا بسبب تصاعد النزاعات المسلحة والتصريحات العدائية التي دخل في حلبتها الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن الذي ربط الوصول الى السلام في جنوب كردفان بما أسماه "تأديب المتمردين" بواسطة القوات المسلحة. إن القوات المسلحة لم تقصر في اداء واجبها في التصدي لكل الاعتداءات والتفلتات التي تتزايد للاسف نتيجة لاستمرار الخلافات السياسية، والمعالجات الخاطئة التي أثمرت المزيد من النزاعات مثلما يجري حاليا في دارفور، لذلك فإننا نعول اكثر على الحل الشامل بعد فشلت الاتفاقيات الثنائية والجزئية. واضح أن هناك اتجاها غالبا وسط الفعاليات المعارضة بشقيها المدني والعسكري على ضرورة دفع الحوار السلمي نحو غاياته المرجوة لاستكمال سلام دارفور وتحقيقه في كل ربوع السودان، وتأمين السلام الذي تم مع جنوب السودان ، وبدء صفحة جديدة في الحكم للانتقال إلى رحاب السلام الشامل والتحول الديمقراطي الحقيقي الأهم لتأمين عملية التداول السلمي للسلطة ديمقراطيا. إن رئيس وفد التفاوض لتحقيق السلام في جنوب كردفان والنيل الأزرق البروفيسور ابراهيم غندور انما يتحرك مدعوما بالتيار الواقعي الذي انتصر بانقشاع الخلافات مع دولة جنوب السودان، بدعم مقدر من الاتحاد الافريقي والأسرة الدولية، لذلك فإننا نرقب حراك البروفيسور غندور الإيجابي الذي نأمل أن يتوج اليوم باللقاء المرتقب مع الحركة الشعبية الشمالية في اطار رؤية لا تستصحب فقط رؤية الحزب الحاكم ولا حتى رؤية أهل المنطقة رغم أهمية ذلك، وانما لابد أن تستصحب رؤية أهل السودان كافة نحو الحل السياسي الشامل. إن أهل السودان يتطلعون الى خطوات إيجابية يخرج بها الحزب الحاكم من دوامة الخلافات والنزاعات القائمة التي لم يسلم منها، وأن ينتقل بجدية وصدق تجاه الآخر السوداني الذي مد يده مسبقا لإجاز الحل السياسي الشامل الذي يطفئ نيران النزاعات المسلحة في البلاد ، ويهيئ الأجواء للتداول السلمي للسلطة بعيدا عن الحلول الجزئية القائمة على اقتسام السلطة والثروة التي قسمت البلاد وما زالت تهدد بتقسيمها اكثر. نورالدين مدنى [[email protected]]