سفير السودان في واشنطن، دكتور اكيج كوج، القيادى في الحركة الشعبية الذى تم تعينه للعمل في بعثة السودان الدائمة في الاممالمتحدة فى عام 2005م حيث شغل منصب نائب مدير البعثة في نيويورك ثم تم نقله اواخر العام الماضي للعمل سفيراً للسودان في العاصمة الامريكيةواشنطن خلفاً للسفير المثير للجدل جون اوكيج. السفير اكيج كوج، شخصية هادئة تتسم بالهدوء و التواضع الجم. التقته (اجراس الحرية) في مكتبه بالسفارة السودانية بواشنطن وكان لنا معه هذا الحوار: أجرى الحوار من واشنطن: عبد الفتاح عرمان * حدثنا عن العلاقات السودانية-الامريكية اين تقف الان؟ قطعت شوطاً كبيراً في التحسن الذى يصب في مسالة التطبيع ما بين البلدين. بعد المحادثات الاخيرة التي تمت في واشنطن، جوبا و الخرطوم ثم شهادة المبعوث الشخصي للرئيس الامريكي الجنرال غرايشون امام مجلس الشيوخ، الان الخارجية الامريكية تجرى مراجعة شاملة لسياستها تجاه السودان، كل هذا يجعلنا متفائلين بان بعض من العقوبات سوف ترفع عن السودان في المستقبل القريب تمهيداً لتطبيع العلاقات. - ماهي تلك العقوبات التي من الممكن رفعها في القريب القادم؟ حسب ما علمنا، العقوبات المتوقع رفعها قريباً تتمثل في العقوبات الإقتصادية خصوصاً الحظر المفروض من قبل الولاياتالمتحدة علي معدات الطيران و قطع غيار القطارات و السكة الحديدية، فمثل هذا الحظر من المتوقع رفعه قريباً حتي يسهل عملية التنقل و المواصلات داخل المناطق المختلفة من السودان. وبالتاكيد سوف يكون هذا رفع جزئى للعقوبات الإقتصادية التي نتوقع رفعها تدريجياً. - ماهي العقوبات التي لن يتم رفعها في الفترة المقبلة؟ حسب تقديرى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب و الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية سوف ياخذ بعض الوقت. * كيف ترى موقف مبعوث اوباما للسودان الجنرال سكوت غرايشون الذى طالب مجلس الشيوخ برفع كافة العقوبات عن السودان ثم تراجع عن حديثه هذا وبل طالب بعقوبات (ذكية) ضد السودان؟ ما قاله الجنرال غرايشون امام مجلس الشيوخ يمثل موقفه الحقيقى تجاه العقوبات المفروضة علي السودان اما ما قاله اخيراً اعتقد بانه تم بسبب الضغوط التي تعرض له غرايشون من دوائر عديدة لها مواقف متشددة ضد السودان حتي غير من موقفه الاساسي من العقوبات تجاه السودان. حالياً، غرايشون طالب بعقوبات زكية و رفع جزئي للعقوبات المفروضة علي السودان حتي تتم تنمية الجنوب. - لكن الجنوب ليست عليه عقوبات و ربما يفسر البعض تلك الخطوة بانها خطوة لاعطاء المزيد من (الجزر) للجنوب و مزيداً من (العصي) للشمال؟ هذا صحيح، الجنوب ليست عليه عقوبات ولذلك يعمل الجنرال غرايشون و بعض اعضاء الكونغرس لرفع العقوبات عن كل السودان. ونحن مع رفعها عن كل السودان و دفعة واحدة و ليس تدريجياً. * الا تتفق معي بان مطلبكم برفع العقوبات عن السودان و دفعة واحدة لن يتحقق خصوصاً بان اتفاقية السلام الشامل متعثرة و ما زالت الحرب مشتعلة في دارفور؟ اتقف معك، لانه منذ فبراير عام 2008م الماضي الحكومتين السودانية و الامريكية رسموا خارطة طريق لتطبيع العلاقات و كانت احدى مطالب الجانب الامريكى هى وصول حكومتنا الي حل سلمي لقضية دارفور، و الشرط الاخر هو تطبيق اتفاقية السلام الشامل. اذا كان هنالك بعض المسؤولين الامريكين يرون بان هذان المطلبان لم يتم الإيفاء بهما فهذا لن يساعد في تطبيع العلاقات. علي العموم لا اعتقد بان يتم تطبيع العلاقات من غير التقدم في مسارى تنفيذ الاتفاقية و حل الازمة في دارفور. * المفاوضات الثلاثية ما بين المؤتمر الوطني، الحركة الشعبية و الجانب الامريكي الا تعتقد بان ما تم الاتفاق عليه حتي الان هى قضايا هامشية و تبديداً للوقت في قضايا جانبية؟ لا اعتقد ذلك، اعتقد بان ما تم الاتفاق عليه في هذه الاجتماعات قضايا مهمة و الاتفاق عليها بهذا التفصيل يسهل من مهمة تنفيذها. و انا متفائل بان اجتماعات سبتمبر القادم سوف تقود الي اتفاق علي كل البنود التي لم يتفق حولها، و تمثل نهاية المحادثات الثلاثية. * الحركة الشعبية غير راضية عن اداء المبعوث الامريكي و امينها العام في شهادته امام مجلس الشيوخ الامريكي طالب المجلس بان يتم رفع العقوبات بناء علي تقدم المؤتمر الوطني في اتفاقية السلام الشامل و حل الازمة في دارفور، الا ترى بان هذه شروط قاسية؟ من الممكن ان تكون قاسية، لكن منذ البداية تم وضع بند اساسي في صلب الاتفاقية وهو التنفيذ الكامل لها حتي ترفع العقوبات. الامين العام للحركة الشعبية يمثل راى الحركة و جماهيرها، فهم يشعرون بانه اذا تم رفع العقوبات عن السودان فلن تكون هنالك وسيلة ضغط علي المؤتمر الوطني و لذلك ربطوا رفع العقوبات بالتقدم في مسارى الاتفاقية و ملف دارفور. فهذا راى حزب الحركة الشعبية فهو راى جدير بالاحترام. وبل احترم راى كل حزب لديه موقف مع او ضد رفع العقوبات لاني امثل كل السودان و لا امثل حزباً واحداً. - لكن انت كسفير للسودان الا ترى بانه من الممكن رفع العقوبات عن السودان و العمل في الوقت ذاته علي حل الازمة في دارفور و تنفيذ الاتفاقية؟ نعم، هذا ما اتمناه ان يتم رفع العقوبات عن كل السودان. و اشعر بانه اذا تم رفع العقوبات سوف يكون هناك تقدم في تنفيذ الاتفاقية و علي مسار حل الازمة في دارفور. وكما استطعنا حل النزاع ما بين الحركة الشعبية و حكومة السودان فمن الممكن حل النزاع في دارفور مع رفع العقوبات. و علي المستوى الشخصي اتمنى ان نصل الي حل في دارفور و تنفيذ اتفاقية السلام الشامل مع رفع العقوبات عن السودان. * الا ترى بان تصريحات الجنرال غرايشون الاخيرة حول عدم وجود ابادة في دارفور قد وضعت حاجزاً بينه و بين الفصائل الدارفورية مما قد يُصعب من مهمة امريكا لانهاء النزاع في دارفور؟ الجنرال غرايشون اختار التعامل مع بعض الافراد و التنظيمات في دارفور و الكثير منهم غير مؤثرين في حل الازمة في دارفور و بالتالي طريقته هذه سوف تقود الي إنشقاقات اكثر في الفصائل الدارفورية. و إجتماعات اديس ابابا شارك فيها عدد من الناس و بعضهم لم يكن يمثل قيادة تلك الحركات ونحن ننوى جمع كل القيادات حتي و إن لم يتوحدوا لابد ان يكون موقفهم التفاوضي موحد. لسوء الحظ، ربما الطريقة التي يتعامل بها الجنرال غرايشون مع ملف دارفور لن تساعد علي الحل و اطلب منه ان يتحدث الي قيادات تلك الفصائل و ليس المنشقين عنها. * بعض القيادات الحكومية كانت غاضبة من تراجع غرايشون عن موقفه الذى اعلنه امام مجلس الشيوخ القاضي برفع العقوبات عن السودان وهددت بوقف الحوار مع الولاياتالمتحدة، هل تنون وقف الحوار مع الجانب الامريكي ام هي مناورة قصد منها الضغط علي غرايشون؟ ليس لدينا نية لقطع الحوار مع الجانب الامريكي لان السودان لديه مصلحة في التعاون مع المجتمع الدولي. ولا يمكننا وقف المحادثات مع الجانب الامريكي حتي نجد حلولاً لمشاكل السودان، ربما تكون هذه التصريحات وسيلة للضغط فقط لكن لا اكثر من ذلك. * الرئيس الليبي في اكثر من مناسبة اعلن صراحة عن دعمه لفكرة انفصال الجنوب ولكنه قال بانها سوف تكون دولة ضعيفة، ما هو قولكم؟ الجنوبيون لديهم الحق عند الإستفتاء بالتصويت للوحدة او للانفصال وإن اختاروا الانفصال فهذا حقهم لكن القول بانها سوف تكون دولة ضعيفة فهذا شىء اخر. الحركة الشعبية ضمنت حق تقرير المصير في الاتفاقية و تركت الفرصة للمواطن الجنوبي للاختيار ما بين الوحدة او الانفصال و لكني لا اعتقد بان دولة الجنوب سوف تكون ضعيفة لان لديها جيش قوى و تم تجريبه علي ايام الحرب و البني التحتية اقيمت و كذلك الاقتصاد تم تقدم فيه. * في تقديرك الشخصي، هل الجنوب الان يتجه صوب الإنفصال ام الوحدة؟ في تقديرى الشخصي، وفي احتكاكي بالكثير من المواطنين في جنوب السودان اثناء زيارتي الاخيرة اقول بان الجنوبيون سوف يصوتون لصالح الانفصال لانهم يشعرون بان الاتفاقية لم تُنفذ بالطريقة التي اتت بها وليس هنالك اى مشاريع قامت بها حكومة الوحدة الوطنية لجعل الوحدة جاذبة فعليه ارجح خيار الإنفصال ولكني شخصياً كنت اتمني ان يكون السودان موحداً. ولو كان هنالك شىء في يدى لجعل الوحدة جاذبة لقمت به لان العالم كله ذاهب في اتجاه التوحد ولكن ما تم في السودان من قبل جميع الاحزاب الحاكمة و المعارضة عزز من فرصة الإنفصال لانهم غير مهتمين ببقاء السودان من عدمه، فعليه من وجهة نظرى الشخصية الجنوب سوف يصوت للانفصال. * المؤتمر الوطني كثيراً ما عاب علي بعثات حكومة الجنوب خصوصاً في اوربا و هنا في واشنطون بالقيام بعمل السفارات السودانية، هل تواجهون هذه المشكلة هنا في واشنطون؟ بعثة حكومة الجنوب لا تقوم بواجب سفارة السودان هنا في واشنطون إنما يقومون بواجبهم في ما يتعلق بحكومة الجنوب في المجال السياسي و الإقتصادى. و هنالك تفاهم تام ما بين سفارتنا هنا في واشنطون و بعثة حكومة الجنوب اما اذا كان هنالك سوء تفاهم في مناطق اخرى من العالم فهذه قضية اخرى لكن بالنسبة لنا هنالك تنسيق و تفاهم تام مابين بعثة حكومة الجنوب و سفارتنا.