يبدو أنني كنت متفائلاً أكثر من اللازم حين كتبت مناشداً إدارة أهلي شندي بوقف الاحتفالات لحين بلوغ المراحل المتقدمة من بطولة الكونفدرالية. فما سمعناه وتابعناه مؤخراً من تعيين لمستشار فني لفريق الكرة لمجرد أن مدرب الفريق الجزائري قد أُوقف من الاتحاد الأفريقي لعدد من المباريات يعد سابقة فريدة من نوعها، تؤكد على الفشل الإداري الذريع والمستمر لمجالس إدارات أندية الكرة في بلدنا. فقد سبق أن أوقفت مختلف الاتحادات القارية مدربين كثر لعدد من المباريات، لكن لم نسمع طوال حياتنا بتعيينات على النموذج الأهلاوي. مدرب أجنبي تتعاقد معه إدارة النادي بدولارات عزيزة لتقوم نفس الإدارة بتعيين مستشار فني محلي لأن الأول موقوف لعدد من المباريات.. يا للعجب والغرابة! هل قال لكم بن ذكرى انه لن يتمكن من تدريب لاعبيه، ثم توجيههم خلال المباريات عبر مساعده أو أي وسيلة أخرى؟! و طالما أنكم على قناعة بإمكانيات النقر لدرجة تعيينه مستشاراً فنياً، فلماذا جلبتم الجزائري بن ذكري من الأساس؟! ألم يكن النقر وقتذاك حاضراً بينكم وعاطلاً عن العمل، فلماذا لم تسندوا له المهمة وتوفروا على ناديكم الكثير من المال؟! والغريب في الأمر موافقة النقر على تولي المهمة. النقر عودنا دائماً على القبول بمثل هذه المهام بدون أدنى تفكير في مآلاتها. فالمدرب المحترف الذي يحترم عمله لا يفترض أن يقحم نفسه في هكذا مواقف. ولا يجدر به أن يقبل باللون الرمادي. فالمدرب الحالي الذي تعاقد معه أهلي شندي هو الجزائري بن ذكرى. وكان على النقر حينما طلبوا منه تولي منصب المستشار الفني أن يقول لهم إما هو أو أنا. لو أن النقر قال ما ردده بن ذكري لاحترمناه واعتبرناه رجلاً مهنياً يحترم عمله. بن ذكري عبر عن عدم سروره من خطوة مجلس الإدارة وقال ما معناه أن الكرة في ملعبهم فإما أن يكون هو المسئول عن مباراة الغد وما يليها أو أن يتم تحويل الشأن الفني للمستشار الجديد ويعفونه من منصبه. هذا حديث من يحترمون أنفسهم ومهنتهم. صحيح أن الجزائري أخطأ باعتراضاته العنيفة التي أدت لإيقافه لأربع مباريات من قبل الاتحاد الأفريقي. لكن الخطأ لا يعالج بخطأ أكثر فداحة منه. فما فعلته إدارة النادي خطأ شنيع لابد أنه أدى لحالة من عدم الاستقرار لفريق كرة مواجه مساء الغد بمباراة بالغة الصعوبة. والأكثر غرابة ما قاله بن ذكري حول المعسكرات والمباريات التجريبية. أوضح الرجل أنه رفض فكرة المعسكرات في وقت سابق وقال لإدارة النادي أنه يتحمل مسئولية اختياراته. لكن لأن إدارة النادي الأهلي – التي تشكل جزءاً أصيلاً من منظومة الفشل الإداري في بلدنا العزيز وتعكس بجلاء سطوة رجال المال الذين لا يفهمون الكثير في الكرة- طلبت منه القبول بفكرة المعسكرات مؤكدين له أنهم سوف يتحملون مسئولية ذلك. وهذا لعمري فشل وتسلط غير مسبوقين. المعلوم أن المدرب هو المسئول عن النواحي الفنية في أي فريق كرة قدم. ما الذي يدعو إدارة أهلي شندي لمثل هذا التدخل السافر في عمل المدرب، والزعم بأنهم سوف يتحملون المسئولية. ما دمتم تتحملون مسئولية القرار الفني وكيفية إعداد الفريق فنياً ونفسياً وذهنياً، فلما لم تقوموا بتدريب الفريق بأنفسكم، بدلاً من التعاقد مع الجزائري بن ذكرى؟! قبل بروز هذه المشكلة لم أكن أضع كثير أمل في قدرة الأهلي شندي على تخطي الإسماعيلي بعد التعادل معه في شندي. والآن لا يوجد لدي ولو بصيص أمل في إمكانية تأهله. فكرة القدم لم تعد تعتمد على الصدفة، وكل شيء فيها محسوب بدقة متناهية. حتى برشلونة بكل سحره وفنيات لاعبيه فشل في مجرد رد الاعتبار أمام مقاتلي بايرن ميونخ، لأن إدارته لم تحسب لبعض الأمور بالصورة المثلى. فما بالكم بأنديتنا السودانية التي لا تملك لاعبين بموهبة أولئك أو قدرتهم على قبل الطاولة على خصومهم. كان الله في عون جماهير الكرة السودانية التي قبل أن تفيق من صدمة تقع على رؤوسها الأخرى.