المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسس القانونية لمصادرة أملاك المستثمر الأجنبي .. بقلم: حمد عبدالله البشرى
نشر في سودانيل يوم 12 - 05 - 2013

مستشار قانوني- الدوحة
المصادرة أو التأميم هي أقسى أنواع التدخل وأشد أنواع العقوبات المالية من الدولة التي تمس أملاك الأفراد أو الشركات أو المستثمرين سواءً كانوا أجانب أو مستثمرين وطنيين. ومصادرة ممتلكات أو أموال الأجنبي هو الهاجس الأكبر الذي يغض مضجع كل مستثمر لأمواله في بلاد الغير، حيث أن المستثمر الأجنبي جازف ووضع أمواله في إستثمارات في دولة أخرى.
تعريف المصادرة او التأميم
عرف بعض الفقهاء المصادرة بأنها عقوبة مالية أو عينية وهي نزع المال أو العقار أو الإستثمار جبراً عن ودون رضاء مالكه و تمليكه للدولة بدون مقابل أو عوض مالي، والمصادرة قد تكون قانونية أو غير قانونية وهذا التعريف ينطبق أيضاً على التأميم أو الإستيلاء. الملاحظ أن تعريف المصادرة أو التأميم أو الإستلاء المباشر من الدولة على المشروع الإستثماري أو المال أو العقار لا يثير الكثير من المشاكل من ناحية التعريف القانوني ، لكن تثور المشكلة وتزداد تعقيداً وتتداخل التعريفات حينما تتدخل الدولة المضيفة بطريقة غير مباشرة، أوتتعرض الدولة لحقوق المالك أو المستثمر الأجنبي دون تحويل ملكية المال أو العقار أو الإستثمار من إسم المستثمر الى إسم الدولة صراحة. وقد جابهت محاكم التحكيم الكثير من مثل هذا النوع من القضايا، حيث أن الدولة لم تصادر المشروع صراحة ولكن غيرت القوانين، بحيث لم يعد المستثمر قادراً على الوصول لمشروعه أو الإستفادة منه ، أو حرمت المستثمر الوصول بطريقة سلسة للمشروع أو حالت دون تمكينه من إدارته وجني ثماره، مثلما حدث للمستثمرين الأمريكان في إيران بعد ثورة الخميني. كما قد يكون ذلك بأن يتعرض المستثمر لمضايقات من المواطنين. وهنا يثور الخلاف هل هذا العمل من الدولة يعتبر مصادرة مباشرة ام لا؟. فمثلاً قد تصدر الدولة قوانين أو لوائح جديدة تتعلق بمسائل الصحة العامة أو البيئة أو النظام العام، أو تقوم بتعديل في القوانين مما قد يجعل الدولة مضطرة للتدخل ومنع المستثمر الأجنبي من التمتع بملكية إستثماره أو أمواله ، كمثال لذلك أن تعطي الدولة ترخيصاً لمستثمر أن يقيم مصنعاً لتصنيع الخمور مثلاً، ثم ترى تلك الدولة أن توجهها يجب أن يكون إسلامياً وأصدرت قانوناً جديداً يمنع تصنيع الخمور ويجعل وجود هذا المصنع مخالفاً للنظام العام. وهنا تعتبر الدولة صادرت بطريقة غير مباشرة إستثمار ذلك الأجنبي والذي كان يمارس نشاطه الأول وفقاً لقوانين الدولة، مما قد يقود الى إدعاء المستثمر الأجنبي أن الأخذ القانوني أو المصادرة غير المباشرة قد تمت بالفعل. كذلك قد يكون الوضع أن الدولة خصصت أرض للمستثمر بإعتبار أن لا "نزاع عليها" أو أنها خالية من "الموانع" الطبيعية والقانونية وبعد ذلك يتضح أن الأرض عليها نزاع أو يدعي بعض المواطنين ملكيتها، فيفقد المستثمر إستثماره أو بعض أمواله، هذا التصرف من المواطنين يعتبر أساس قانوني للإدعاء من قبل المستثمر بأن الدولة قامت "بالتدليس" عليه أو على الأقل فشلت في سن "القوانين" التي تجعله يديرإستثماره بحرية وأمان وهو أيضاً قد يكون نوع من المصادرة غير المباشرة من الدولة وهنا يمكنه أن يطالب بإسترداد ما صرفه إضافة للمطالبة بتعويضات أخرى.
فذلكة تاريخية للمصادرة أو التأميم
في البدء يجب التسليم أن كل دولة لها مطلق الحرية في سن ما تراه من قوانين بموجب نظرية "حق السيادة" على أراضيها ومواطنيها وثرواتها الطبيعية فوق وتحت الأرض بما فيها جرفها القاري، وفي الثلاثة عقود الأخيرة تنازلت الدول كثيراً عن التشدد في إستعمال حق السيادة وبالتالي تساهلت في سن القوانين الجاذبة للمستثمر الأجنبي. ففي التاريخ البعيد والقريب نرى نماذجاً لمصادرة أموال وأملاك الأجانب بموجب إستعمال الدولة لحق السيادة المطلقة على أراضيها وثرواتها القومية. فقد كان كارلوس كالفو الأرجنتيني (1868م) متشدداً في الدعوة لإستعمال الدول الصغرى لحقها السيادي تجاه الدول الكبرى لحماية ثرواتها القومية، وطالب بمنع الدول الكبرى من إستعمال الحماية العسكرية أو الدبلوماسية لإستثمارات مواطنيها في الدول الصغرى. وقد إتضح تشدد كالفو في إستعمال حق السيادة بدعوته أن تقع "الولاية القضائية" في مجال نزاعات الإستثمار الدولي على عاتق قضاء الدولة المقام فيها المشروع الإستثماري لا على كاهل دولة المستثمر الأجنبي، وأن يتم الفصل فيها حسب قوانين الدولة المضيفة، ولكن التطور التاريخي لقوانين الإستثمار تجاوز تلك النظرة القومية الضيقة وأصبحت الدول ترضى بالتحكيم تنازلاً عن الولاية القضائية وذلك رضوخاً لمتطلبات جذب رؤوس الأموال والمستثمرين.
تلك المشاعر القومية "المتطرفة" ومصادرة الأملاك الخاصة بالمواطنين والأجانب وجدت رواجاً في أمريكا اللاتينية وفي روسيا بعد قيام الثورة البلشفية في 1917م، وكذلك تأججت المشاعر القومية في المكسيك في 1926م وقامت بمصادرة إستثمارات الأجانب في نطاق ثورة الإصلاح الزراعي. وقد إرتبط التأميم ومصادرة الإستثمار الأجنبي بمعاداة المستعمر والإحساس بالغبن من قبل الدول الصغرى، وقد إنتقلت تلك المشاعر القومية إلى إيران حيث قام الدكتور مصدق بتأميم النفط في إيران في 1951 مما إضطر الدولتين العظميين آنذاك (بريطانيا وأميركا) إلى تدبير إنقلاب مخابراتي أزاح مُصدَق عن السلطة في 1954م وأتى بالشاه رضا بهلوي حاكماً لطهران. ليس بعيداً عن إيران كانت المشاعر القومية أيضاً متُأَجِجة في مصر حيث قام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في 1956م وتبعاً لهذا القرار فقد قامت بريطانيا بتجميد كل الممتلكات المصرية في إنجلترا، كما رفض البنك الدولي تمويل خزان السد العالي، كما كان هذا القرار سبباً للعدوان الثلاثي على مصر (بريطانيا، فرنسا واسرائيل).
من وجهة نظر كاتب هذا المقال فإن العدوان الثلاثي على مصر وتصاعد الروح القومية المعادية للإستعمار والتي أدت لقيام منظمة دول عدم الإنحياز في 1955م كانت هي السبب الرئيسي لإستصدار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1803 المؤرخ في 14 ديسمبر 1962 والمعنون السيادة الدائمة للدول على مواردها الطبيعية. وبعد أن أقر القرار بحق الشعوب في السيادة على ثرواتها ومواردها لتنمية ورفاه الشعوب نصت في المادة :
" (2) ينغي أن يتماشى التنقيب عن تلك الموارد وإنماؤها والتصرف فيها، وكذلك إستيراد رأس المال الأجنبي اللازم لهذه الأغراض، مع القواعد والشروط التي ترى الشعوب والأمم بمطلق حريتها أنها ضرورية أو مستحسنة على صعيد الترخيص بتلك الأنشطة أو تقييدها أو حظرها".
ونص القرار في المادة " (4) يتوجب إستناد التأميم أو نزع الملكية أو المصادرة الى أسس وأسباب من المنفعة العامة أو الأمن أو المصلحة القومية، مُسَلمٌ بأرجحيتها على المصالح الفردية أو الخاصة البحتة ، المحلية والأجنبية علي السواء. ويدفع للمالك في مثل هذه الحالات التعويض الملائم، وفقاً للقواعد السارية في الدولة التي تتخذ تلك التدابير ممارسة منها لسيادتها وفقاً للقانون الدولي. ويُراعىَ، حال نشوء أي نزاع حول مسألة التعويض، إستنفاد الطرق القضائية القومية للدولة التي تتخذ تلك التدابير. ويُراعىَ مع ذلك، إذا إتُفِق على ذلك بين الدول ذات السيادة والأطراف المعنيين الآخرين، تسوية النزاع بطريق التحكيم أو القضاء الدولي".
الحق في المصادرة:
هكذا ووفقاً للفذلكة التاريخية السابقة نرى أن الحق في المصادرة تطور تطورات مهمة من حق ممنوع على الضعيف أن يمارسه في مواجهة القوي، وقد يكون العكس صحيحاً، بل أن القوي قد يستعمل كل والوسائل بما فيها القوة العسكرية أو الدبلوماسية لمنع الدول من مجرد الحصول على عقود منصفة والتوقيع على عقود مجحفة، أشبه بعقود الإذعان، وأمثلة العقود المجحفة نراها في إتفاقيات التنقيب عن النفط المبرمة في إيران والعراق وبعض دول الخليج في بداية القرن العشرين، حيث أن العقود النفطية كانت تعطي الشركات النفطية عقد تنقيب يعتبِر الدولة كلها حقل واحد ولمدد قد تصل ل 99 سنة، وذلك في مقابل "أتاوات" زهيده ومبلغ يدفع مقابل إيجار الأرض، مع عدم إعطاء الدولة أي "سيادة" على ثروتها أو أي صلاحية للتدخل في طريقة التنقيب أو ماهيته أو وقته.
ويرى كاتب هذه السطور أن حركة دول عدم الإنحياز قد لعبت دوراً مهماً في توعية الدول المُستَعمرة بحقوقها، بل ساهمت في إنشاء دول "الأوبك" لحماية مصالح الدول المصدرة للنفط. وحركة دول الإنحياز قد تأسست بمبادرة من نهرو "الهند" وجمال عبدالناصر" مصر" وتيتو "يوغسلافيا السابقة" في 1955م في مؤتمر باندونق بأندونيسيا وقد كانت الغاية هي إنشاء كيان سياسي دولي مناهض للإستعمار ويقف في وجه سطوة الدول الغربية الإستعمارية ولذا وجد الدعم من المعسكر الشرقي آنذاك، وبموجب ذلك نالت بعض الدول إستقلالها وحصلت على حقوق أخرى كحق السيادة على الموارد الطبيعية.
مما سبق نرى أن حق الدول في مصادرة الإستثمار الأجنبي حق كفلته مبادئ قانون العرف الدولي ونصت عليه كثير من الاتفاقيات الثنائية بين الدول في مجال الإستثمار والتي أعطت الدول المضيفة وحسب قواعد القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الحق في مصادرة أموال وأملاك المستثمر الأجنبي. بل إن الفقه الحديث الذي يجري العمل به يقول إذا كان هنالك شرط أو بند في عقد الإستثمار يمنع أو يجمد القانون القابل للتطبيق فيما يعرف ب
(Stabilization Clauses)
فان هذا البند أو الشرط لا يمكن أن يقف حاجزاً في طريق مصادرة إستثمارات الأجنبي بطريقة قانونية وكمثال لهذا البند أن يُشترَط في عقد الإستثمار أن أي تعديلات في المستقبل على قوانين الدولة المضيفة قد يكون فيها ضرر وإجحاف بالمستثمر فإنه سوف لن يتم استثناءها وعدم تطبيقها. فإن مثل هذا البند في الغالب يتم وضعه في العقد بناءً على طلب المستثمر ولكنه لا يمنع الدولة من المصادرة مثلاً ولا ينتج الأثر القانوني المرجو منه والذي وضع من أجله.
المصادرة بشروط:
يستنتج مما سبق أن المصادرة حق أصيل من حقوق أي دولة ذات سيادة ، لها الحق أن تمارسه، متى شاءت، ولكن في حدود حماية المصلحة العامة وبدون شطط أو إجحاف في حق المستثمر، وهكذا نصل الى أنه قد إستقر في الفقه القانوني أن المصادرة مسموح بها ولكن في إطار شروط معينة:
1- المصادرة يجب ان تكون بغرض حماية مصلحة عامة. وبما أن تعبير المصلحة العامة تعبير مطاط ويمكن ان يدخل فيه من وجهة نظر الدولة الكثير من الأعمال السيادية فان المصادرة لمصلحة عامة هي دائما محل إحترام من جانب المستثمر الأجنبي، فالمصلحة العامة كما ذكرنا سابقاً قد تكون لحماية الأمن القومي او النظام العام أو الصحة العامة.
2- إجراءات المصادرة يجب ألا تكون مُجحِفة أو إنتقائية أو فيها نوع من التربُص بمستثمر معين، وهذه الجزئية تتعرض للفحص والتمحيص من قبل المحكمين إذا وصل الأمر للتقاضي أو التحكيم بين الطرفين.
3- في كثير من الأحيان نجد أن المعاهدات الإستثمارية تنص على أن تتبع الدولة الإجراءات السليمة DUE PROCESS مما يعني مراعاة الحد الأدني من قواعد قانون العرف الدولي أثناء إجراءات المصادرة.
4- كذلك يجب أن تراعى في المصادرة القواعد الدولية للمعاملة النزيهة والمتساوية بين المستثمرين FAIR AND EQUITABLE TREATMENT وهذه القاعدة تجد جذورها في المعاهدات الأولي بين الولايات المتحدة والدول الاخرى، ففي سنة 1954م تم عقد معاهدة ثنائية بين أميركا وألمانيا وكان نص المادة الأولى الفقرة (1) يقول:
((Each party shall at all times accord fair and equitable treatment to the national and companies of the other party and to their property, enterprises and other interests))
وترجمتها: " كل طرف في المعاهدة وفي كل الأوقات يوافق على المعاملة النزيهة والمتساوية لمواطني وشركات الطرف الأخر ولممتلكاتهم ومشاريعهم ..."
5- إجراءات المصادرة يجب أن تُراعي "مبادئ نظرية هِل" والتي تقول بأن المصادرة نفسها يجب ان تُراعي وتقترِن ببعض الشروط المهمة، حيث يجب أن تقترن المصادرة بتعويض "حال وكاف وعادل ومتناسب"
مع الأموال المصادرة او ما يعرف ب((Prompt, Adequate and effective compensation))
هذه القاعدة التي إبتكرها وزير الخارجية الأميركي كوردل هل ، إثر التأميمات المكسيكية للإستثمارات الامريكية في نهاية العشرينات، وقد أصبحت من أهم مبادئ قانون الإستثمار الدولي. حيث إستقر في الفقه القانوني أنه بمجرد أن يقع فعل المصادرة المباشرة أو غير المباشرة فإن المستثمر يستحق التعويض بغض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية فعل المصادرة نفسه. هكذا نرى أن "النية" لا تلعب دوراً أساسياً في التعويض أو عدم التعويض، لأن الدولة بمجرد قيامها بمصادرة أو الإستلاء علي أملاك المستثمر فإن الأخير يستحق التعويض. والجدل القانوني والأكاديمي أصبح لايتجه لإستحقاق التعويض من عدمه بل الجدل الآن هو عن الطرق التي بموجبها يتم إحتساب قيمة التعويض وعلى أي أساس تنبني الأسس التي بموجبها يتم تقدير تعويض المستثمر. فالفقيه القانوني روود دولزر قال إن قيمة التعويض يجب ان تحسب على (Fair Market Value) (( أي القيمة السوقية العادلة للعقار المصادر وليس التعويض المناسب أو الكامل للأنه تعبير مبهم : ((Full & Adequate Value))
وفي كل الأحوال فإن إحتساب القيمة الفعلية للمال المصادر ليس بهذه السهولة فلذا يجب الأخذ في الحسبان عدة عوامل مثل متى تمت المصادرة في بدايات المشروع أم بعد بدء الإنتاج الفعلي وجني الأرباح. كما أن هناك مدرستان تناديان بإحتساب التعويض على أساس مشروعية أو عدم مشروعية المصادرة:
المدرسة الأولي : تقول إذا كانت المصادرة غير قانونية فإن التعويض يقع تحت المسئولية العامة للدولة وهنا يجب أن يحسب التعويض بمقياس " المسئولية التقصيرية" أو قاعدة "الإثراء بلا سبب" وهو جبر الضرر بإعادة الأوضاع لوضعها الطبيعي قبل حدوث فعل المصادرة الغير قانوني.
المدرسة الثانية: وهي تقول بأن المصادرة القانونية يجب أن يحسب تعويضها بما يعادل القيمة السوقية للأملاك أثناء المصادرة، وهي المدرسة التي أخذ بها المشرع القطرى في قانون الإستثمار في المادة:
(8) فقرة (2) " يكون التعويض معادلاً للقيمة الإقتصادية الحقيقية للإستثمار المنزوع ملكيته وقت نزع الملكية أو الإعلان عنه، ويقدر وفقاً لوضع إقتصادي عادي وسابق على أي تهديد بنزع الملكية، ويدفع التعويض المستحق دون تأخير، ويكون متمتعاً بحرية التحويل. وينتج عن هذا التعويض حتى تاريخ السداد فوائد تحسب تبعاً لسعر الفائدة السائد في الدولة"
هكذا نرى أن المصادرة لأملاك الأجنبي هو فعل عادي من أفعال الدولة، وفعل المصادرة او الإستيلاء أو التأميم مسموح للدولة ممارسته من ضمن حقوقها السيادية وبموجب قواعد القانون العرفي الدولي، مع الأخذ في الإعتبار مراعاة حقوق المستثمر، فليس للدولة ممارسة هذا الحق بحرية مطلقة، فهو مشروط بعدم الشطط في إستعمال هذا الحق ومربوط بتعويض المستثمر عما صودر منه من أموال وأملاك.
المصادر :
1- R. Dolzer & Schreuer “ Principles of International Investment Law"
2- Y. Forier & Drymer “Indirect Expropriation in the Law of International Investment" ICSID review.
3- D. Bowett “State Contracts with Alien: Contemporary Developments on Compensation for Termination or Breach".
4- المركز المصرى لحقوق الانسان (www.echre.or)
5- www.albayan.co.uk
M A Elboshra [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.