انا لست من المترددين كثيرا وبسبب أو غير سبب على السفارات السودانيه فى دول المهجر المختلفه التى عشت فيها منذ فترة طويلة من الزمن بغرض العمل أو الدراسة رغم انى كنت من العاشقين والمحبين للحياة داخل وطنى وما كنت أطيق البقاء خارجه لثلاثة ليال، وقد يستغرب البعض لو علم بأنى زرت بلدا جميلا مثل اليونان لكنى لم ابق فيه لأكثر من 5 أيام وزرت السويد والدنمارك ولم ابق فيهما لأكثر من أسبوعين وزرت لندن بكل زخمها ولم ابق فيها أكثر من اسبوع وزرت امريكا بعد أن حصلت على تاشيره متعددة لمدة عام ولم استخدمها الا لمرة واحده،ولم ابق فيها أكثر من 10 أيام !! وقلت لأصدقائى المقربين منى بأنى اضطر للتواجد فى اى سفارة سودانيه لفترة من الزمن لا تزيد عن الساعتين كل عامين وهى اثقل ساعتين تمران على، وذلك لكى أجدد جواز سفرى وحتى لا أقيم فى بلد أجنبى بصورة غير مشروعه وكما هو معلوم بأن جميع مستندات الشخص الأجنبى تعتبر غير قانونيه حينما يكون جوازه بلا تجديد. مع علمى وأدراكى التام بأن السفاره السودانيه يفترض ان تكون بيت كل سودانى خارج بلده، وفى السابق كان السودانى حينما يصل الى أى مطار أجنبى ويطلب منه أن يملأ بطاقة الجوزات وفى خانة عنوانه بذلك البلد الذى قدم اليه يذكر دون تردد بل بكل افتخار (السفاره السودانيه). وصديقى الفنان طيب القلب "مجذوب اونسه" حدثت له مشكله لهذا السبب حينما قدم لمطار القاهرة حينما كانت العلاقات فى أسوا لحظتها بعد محاولة اغتيال الرئيس المصرى فى أديس ابابا وكان الناس وقتها يتهربون من ذكر اى علاقه تربطهم بالسفاره السودانيه أو النظام السودانى لكن مجذوب بعفويته كتب عنوانه فى مصر (السفاره السودانيه) مما جعله ينتظر لثلاثة ايام فى المطار دون ذنب جناه !! والسبب فى عدم ترددى على السفاره السودانيه منذ فترة طويلة خاصة خلال حكم الأنقاذ، هو أن أكثر مكان يتعرض فيه المواطن السودانى للمهانه وللأذلال هو داخل السفاره السودانيه على خلاف ما يحدث للمواطن الأوربى أو الأمريكى داخل سفارته. وحينما تدخل للسفارة السودانيه يأتيك شعور بأنك اقتحمت مكانا لا يرغب اهله فى تواجدك فيه، وليتك تذهب لترى المكان الذى يقدم فيه المواطن السودانى اوراقه ومستنداته ويجدد فيه جوازه، وهو المكان الذى يوفر لموظفى السفارة رواتبهم وحوافزهم، هل هو مكان لائق لمثل هذا العمل من جميع جوانبه؟ وفى اى سفارة سودانيه لونك السياسى والفكرى و(مظهرك) له علاقه بطريقة استقبالك ومعاملتك، فلو كان النظام راضيا عنك وجدت تقديرا وأحتراما حتى لو كنت صاحب سمعة سئيه وحتى لو كنت تراس جمعية تم اغلاقها بسبب تجاوازت وفساد مالى وحتى لو كانت قضيتها محوله للنيابة العامه فى بلد من البلدان! وفى غالب الأحوال يعفى الأغنياء ورجال الأعمال والأعلاميين (الموالين) للنظام من الرسوم و(الأتاوات) التى تفرضها السفارات على البسطاء والفقراء من نازحين ومشردين وخلافهم من قطاعات المجتمع السودانى. القضيه سعادة السفير ليست .. فى تخفيض رسوم تجديد الجواز أو أستخراجه، وليست فى مطالب هلاميه وفرديه وشخصيه من يتطرق لها يبحث عن مجد مفقود بين ابناء الجاليه. المشكله أكبر من ذلك وقد لاحظت لك تردد فى أكثر من مرة بأنك سفير لكل السودانيين وان كنت فى شك من ذلك، لكنى على اى حال اخذ كلامك بشئ من حسن النيه. المشكله هى فى ان تنظر حولك للمكاتب التى يشغلها من يعملون تحت قيادتك من مستشارين وأن تحصى عدد المتبطلين والعطاله الذين يداومون على التواجد فى السفاره داخل تلك المكاتب دون ضرورة ودون عمل رسمى وانما هدفهم الأساسى قضاء مصالح شخصيه، ولقد طالبنا فى أكثر من مرة اما بتوظيف اؤلئك المتسكعين بصورة رسميه واعلان ذلك على الملأ ، أو ان يعاملوا مثل باقى السودانيين وأن يكون دخولهم للسفاره مسببا ومقنعا، فهل يجوز مثلا ان يكون لأحد المتطفلين شركة تعمل فى المجال الأعلامى فى القاهرة وأن يكون صاحب تلك الشركه ساكن على الدوام فى مكتب الملحق الثقافى متكسبا من تواجده ذاك بصورة معلنه أو غيلا معلنه؟ هل يجوز هذا الكلام وانتماء ذلك الشخص معروف واسلوبه فى الحياة مرصود؟ هذا مثال من عدة أمثله، لكن ما هو أهم من ذلك كله. وانت سفير للسودان وللسودانيين كلهم كما ذكرت. هل سالت نفسك يا سعادة السفير .. ما هو سبب وجود مكتب فى القاهرة للحزب الحاكم فى السودان (المؤتمر الوطنى) ؟؟ واذا وجدنا الأعذار للأحزاب المعارضه حاليا أو سابقا على زمن (التجمع الديمقراطى) فى تأسيس مكاتب خارج السودان، لأنهم مطاردين ومضيق عليهم بواسطة أجهزة الأمن والصحف تمنع نشر اخبارهم واراءهم التى لا يراد لها أن تظهر، فهل الحزب الحاكم مطارد ومضيق عليه داخل السودان ولا يستطيع أن يوصل ما يريده عبر اجهزة الأعلام؟ واذا كان نظام الأنقاذ فى السابق يسخر من تلك الأحزاب ومن معارضتها ويطلق عليها معارضة (الفنادق ذات الخمسه نجوم) فهل نسمى الحزب الحاكم فى السودان هو الحزب الحاكم الذى يقيم فى (فلل) سوبر لوكس فى الخارج وفى ارقى احياء مصر؟ الا تشعر بانتقاص لدورك كسفير والحزب الحاكم له مكاتب مستقله ومنفصله عن السفاره؟ وما هو الدور الرسمى أو الدبلوماسى الذى يمكن ان يقوم به مكتب الحزب الحاكم وتعجز عنه السفاره؟ وهل للحزب الحاكم فى مصر مكاتب فى السودان منفصله عن السفاره المصريه مشابهة لمكتب المؤتمر الوطنى؟ وهل يمكن ان تقبل الأحزاب المصريه المعارضه أو النخب المثقفه فى مصر معارضه أو منتمية للحزب الحاكم، أو وزارة الخارجيه المصريه بمثل هذه المكاتب للحزب الحاكم المنفصله والمستقله عن السفاره؟ هذه البدعه غير الحسنه التى ابتدعها المؤتمر الوطنى (عار) ونقطه سوداء فى جبين السودان وفى جبين الدبلوماسيه السودانيه ولا يوجد لها مثيل فى جميع بقاع العالم. ما اعرفه ان الدور الذى يؤديه مكتب (المؤتمر الوطنى) يخالف تماما توجهاتك التى اعلنتها، فهو يقوم بتقريب السودانيين الموالين اليه والمنتفعين منه والصامتين على اخطائه وعلى سبب وجوده، ويعمل فى الخفاء على زرع الفتن وفى التضييق على الشرفاء واستبعادهم من منظمات المجتمع السودانى فى مصر، بل يقوم بما هو اسوا من ذلك كله، حيث يخدع القيادات ويضللها ويصور الأمور على غير حقيقتها وكمثال لذلك ما حدث فى لقاء الرئيس بعدد محدود من افراد الجاليه وفى ذلك اللقاء تحدث منتمون للمؤتمر الوطنى انكروا انتمائهم ذاك وصوروا الجاليه وكانها كلها مؤيدة للمؤتمر الوطنى ولرئيسه فى الأنتخابات القادمه، مع ان هذا الكلام غير منطقى وغير سليم فالجاليه غالبيتها من نازحى ومشردى دارفور والجنوب يضاف اليهم عدد كبير من اللاجئين والمعارضين الذين ملوا الحياة داخل السودان بسبب هيمنة المؤتمر الوطنى أو الأنقاذ على جميع مجالات الحياة من وظائف وتجاره ورياضة وفنون. سعادة السفير اذا اردت فعلا ان تكون سفيرا لكل السودانيين كما ذكرت فاول واجباتك هى المطالبه باغلاق مكتب المؤتمر الوطنى وأن تؤدى دوره السفاره دون حجه بمكاتب الحركة الشعبيه، التى تنتظر استفتاء ربما يفصل الجنوب ويحول السودان الى دولتين ولذلك من حقهم ان يستعدوا لكل الأحتمالات، وفى الأول والآخر فأن العذر موجود للحركة الشعبيه لأنها لا تتمتع بحرية كامله داخل السودان مثلها مثل باقى الأحزاب الأخرى وأن كانت تفضلهم قليلا بما وفرته لها اتفاقية نيفاشا. مرة أخرى الذاكره لن تنسى والتاريخ لن يرحم ووجود مكتب للحزب الحاكم فى السودان، خارج السودان (عار) كبير ونقطه سوداء فى تاريخ الدبلوماسيه السودانيه وفى تاريخ الدولة السودانيه التى تاسست قبل الميلاد وكانت تقود العالم بصورة حضاريه أكثر مما نلاحظه الآن. تاج السر حسين – منبر الوحدة والسلام بالقاهرة