قد يتساءل المرء : هل هناك أي فوائد من قيام حزب الله بالتدخل العسكري في سوريا ومساعدته الحاسمة لقوات الاسد في استعادة مدينة القصير من قوات الجيش الحر واشتراكه في معارك حلب وغيرها من معارك الريف الدمشقي من أجل هزيمة قوات الجيش الحر والقضاء على الثورة السورية التي تُعتبر في نظر نظام الأسد، حزب الله، إيرانوروسيا مجرد حركات أصولية إرهابية مدعومة من الخارج؟ من المرجح أن يعجل التدخل العسكري لحزب الله في سوريا بانتصار الثورة السورية فنتائج تدخله في سوريا تشير إلى ذلك بشكل أو بآخر ويُمكن إيرادها على النحو الآتي: أولاً : إن تدخل حزب الله العسكري المباشر في معركة القصير ونجاحه في حسمها لصالح قوات نظام الأسد قد أدى إلى تغيير الموقف الأمريكي والموقف الغربي بشكل سريع فالخوف من تغيير ميزان القوى بشكل حاسم لصالح إيران وحليفها حزب الله في المنطقة وتعريض المصالح الغربية للخطر قد دفع الأمريكيين والغربيين إلى إصدار تأكيدات بثبوت استخدام قوات نظام الاسد للسلاح الكيماوي وتجاوز الخطوط الحمراء وإصدار قرارات حاسمة بتقديم مساعدات عسكرية فتاكة للجيش الحر مع التلويح بفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا. ثانياً: إن التدخل العسكري لحزب الله الشيعي في سوريا لمساندة طائفة الأسد الشيعية الحاكمة قد أدى بشكل مباشر إلى استصدار فتاوي سنية جهادية محلية وعالمية تدعو للجهاد في سوريا من أجل حماية الأغلبية السنية مما سيزيد من حجم القوات المقاتلة للنظام السوري على الأرض. ثالثاً: إن تدخل حزب الله في سوريا قد أحدث انشقاقاً في صفوف الشيعة اللبنانيين فقد عارضت جهات شيعية لبنانية تدخل حزب الله في سوريا والتضحية بلبنانيين من أجل بقاء الأسد في السلطة وتعريض الأراضي اللبنانية لعمليات قصف انتقامية كرد على ذلك التدخل. رابعاً: إن تدخل حزب الله في سوريا مرفوض من حيث المبدأ من جميع الدول الاقليمية ودول العالم الأخرى لأن تحويل الصراع من صراع سياسي بين أغلبية شعبية ثائرة تطالب بالخبز والحرية والديمقراطية ضد نظام شمولي استبدادي إلى صراع ديني طائفي بين شيعة وسنة سيهدد أمن كل الدول التي تتواجد فيها طوائف شيعية وسنية! خامساً: إن هذا التدخل قد كشف تناقض روسياوإيران اللتين تلعبان دور ولي أمر النظام السوري لأنهما تدعوان للحل السلمي للأزمة السورية بينما تزودان نظام الأسد بالسلاح الفتاك وتعترضان بشدة في ذات الوقت على تسليح الجيش السوري الحر بأسلحة نوعية. سادساً وأخيراً: إن حزب الله قد تسبب بتدخله في سوريا وإعلانه لجهاد ديني من أجل حماية نظام علماني شمولي في تخريب السمعة السياسية الكبيرة التي اكتسبها في العالم الاسلامي ، بسنته وشيعته، عندما قاوم وهزم العدوان الاسرائيلي على لبنان! إن المكسب التكتيكي الصغير الذي حققه حزب الله عبر تدخله في سوريا وتمكينه قوات الاسد من حسم معركة القصير سيتحول إلى فوائد استراتيجية كبيرة لصالح الثورة السورية ، فلماذا لا يُفكر حزب الله في تخفيف آثار هزيمته الاستراتيجية المرتقبة ويسحب قواته من سوريا الآن ويترك نظام الأسد يواجه لوحده مصيره المحتوم؟! لماذا لا يتنحى الأسد الآن بعد أن بلغ قتلى الثورة السورية مئة ألف أو يزيدون وتم تشريد ملايين المدنيين في دول الجوار وتدمير آلاف المدن والقرى ؟! أي كرسي حكم في العالم يستحق أن تُراق من أجله كل هذه الدماء ويُشرد بسببه كل هؤلاء البشر وتُدمر من أجله كل هذه المدن؟! Faisal Addabi [[email protected]]