Noreldaem [[email protected]] ما حدث فى مصر قبل عامين او ما يزيد وما حدث اليوم ان لم يكن معجزة فى تاريخ الشرق الاوسط فهو فى الحقيقة امر يفوق حد الدهشة والاعجاب وكل الفضل بعد الله يعود الى الشعب المصرى العظيم الذى اثبت بكل جدارة انه شعب لا ينتمى الى هذه الرقعة الجغرافية الغارقة فى مجرى آسن من الدكتاتورية والتخلف وعدم الاعتراف بالاخر واذا كانت للقوى المحبة للديمقراطية فى السودان ارادت ان تأخذ شيئا من التجارب الانسانية اضافة لتجاربها لتحقيق الاهداف فيجب ألأ تفوت هذه التجربة العظيمة التى جاءت الينا هدية من الشعب المصرى بالرغم من ان الشعب السودانى قد عانى من ويلات الدكتاتورية الاسلاموية اكثر من الشعب المصرى أئ على مدى ربع قرن من التقتيل والتشريد والاغتصاب بأسم الاسلام. الدرس الذى قدمه الشعب المصرى للمنطقة كلها وللشعب السودانى بصفة خاصة بدون اى مقابل هو ان ارادة الشعوب لا تقهر ولا تزيّف بشرط ان تبرهن هذه الارادة قولا وفعلا وعزيمة مها كانت التكاليف على حسب قول الشاعر : لا تحسب المجد تمرا انت آكله ---- لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر وللسودان تجربة ثرة فى تاريخه ضد الطغاة كما حدث فى اكتوبر 1964 وفى ابريل 1985 وفى انتفاضة الفاشر الشهيرة ولكن كما قال الشاعر: ولكن اذا ما حم القضاء على أمرئ فليس له بر يقيه ولا بحر, فأنّ المصيبة التى ابتليت بها الدولة السودانية بمجئ ما سميت بالجبهة الاسلامية فى السلطة عام 1989 كانت هى ام المصائب فى تاريخ الشعب السودانى فلا مفر منها فلذا ظل الشعب منذ ذلك التاريخ حتى اليوم يقدم تضحيات كبيرة فى سبيل استرداد الديمقراطية فى البلاد الا ان الواقع يقول هذة التجربة تنقصها الرؤية والمنهجية اذا ما قورنت بالتجربة التى خاضتها مصر فى خلال السنوات الثلاث الماضية فمصر التى دخل من عبرها الاسلام السياسى الى السودان كانت احرص دولة فى المنطقة بألا يتمكن الاسلام السياسى فى الوصول الى السلطة بناءاً على رؤية الشعب المصرى القائمة على اساس مصر هى للجميع بغض النظر عن الطوائف والمعتقدات والاثنيات وهذا يتعارض تماما مع رؤية التيار الاسلامى الذى يريد ان يقسم الشعب على اسس العقيدة مع الرفض التمام فى مشاركة بعض الملل فى السلطة بحجة انهم كفار وهى ذات الرؤية التى اتت بالتيار الاسلامى الى السلطة فى السودان ولكن للاسف ظلت الاحزاب السياسية السودانية مترددة فى القضايا المصيرية الواضحة كعلاقة الدين بالسياسة وهى تتعامل معها كقضية ثانوية فى الوقت الذى يتمزق البلاد الى دويلات اساسا بحجة عدم قبول الاخر لدينه او لمعتقده الامر الذى انتبه له الشعب المصرى طيلة سنوات الحكم بعد الاستقلال وعانى بسببه اضطرابات داخلية الناجمة من التيار الاسلامى المتعطش للسلطة فى مصر وفى هذا الصراع كان الشعب فى مصر يتقبل الانظمة الدكتاتورية على مضض مفضلا على الحكم الدينى الذى يسعى له التيار الاسلامى هناك الى ان جاءت الفرصة ليقول الشعب المصرى قولته النهائية لا ( لأخونة مصر) وبهذا قد ودعت المنطقة الاسلام السياسى الى الابد . اما من ناحية المنهجية فان التجربة السودانية لا زالت بعيدة جدا من المنهج المصرى الذى اعتمد اساسا على آلية توحيد كل القوى المحبة للديمقراطية مع توصيل رسائل واضحة للجيش وكان لهذا المنهج مفعوله السحرى فى الجولتين. إذاً القوى السياسية السودانية اذا ما ارادت الوصول الى الهدف يجب عليها الاستفادة من تجربة الشعب المصرى كاحدى التجارب التى تناسب والبيئة السودانية. والشعب المصرى برهن بالعمل وبالصبر انه ليس منقسم على نفسه لنيل غنائم ومكتسبات ذاتية يأخذها كل فريق وهو فرح بما لديه من المناصب السيادية والتنفذية بل كان المطلب الاساسى هو رسم خارطة واضحة لمستقبل مصر بعيدا عن خط الاخونة الذى ارادت له جماعة مرسى وفى سبيل تحقيق ذلك لم يلتفت الشعب ابدا الى مناورات رئيس الجمهورية المعزول الذى حاول ان يخدعه بتقديم تنازلات شكلية تحت دعاوى حكومة جامعة لتقسيم بعض غائم السلطة فى شكل مناصب سيادية دون التطرق الى قضايا دستورية التى بسببها نشأت الازمة فى البلاد ولمداركة هذا الموقف كان لا بد للشعب المصرى ان يكون حازما بهذا القدر لان ائ موقف غير ذلك يضع مصر فى مستنقع ايدولوجى شبيه بما حصل فى السودان باسم الاسلام فى حين غفلة من الشعب السودانى والان السودان دفع ثمنا غاليا الى درجة الانشطار والابادات الجماعية وجرائم اخرى شوهت التجربة البشرية بمقدار ما شوهتها المانيا النازية او اكثر والواضح كان مرسى يسير فى خطى الجماعة الاسلامية فى السودان واول ما بدأ به هو سياسة التمكين وخاصة فى صفوف القوات المسلحة وهو ذات النهج الذى الذى سار به د. حسن الترابى بعد الانقلاب فى 30 يونيو 1989 ولو اعطيت الفرصة لمرسى لثلاث سنوات القادمة لغرقت مصر فى مستنقع شبيه بالمستنقع السودانى. وربما يقول قائل ليست هناك ادنى علاقة بين نظام الانقاذ الذى اتى عبر الانقلاب وحكومة مرسى التى جاءت عبر صناديق الاقتراع وهذا صحيح ليس بالافتراض انما صحيح بمعطيات ظاهرة لا تسمح للجدل ولكن ايا كانت نتائج الانتخابات فإن العبرة فى الديمقراطية ليست ما افرزتها صناديق الاقتراع انما العبرة فى الممارسة ولا يخفى على احد إن الديقراطية مع تطور البشرية حدث تطورا كبيرا فى مفاهيم الديمقراطية فالزمن الذى يقاد الشعوب بطريقة عمياء باسم الديمقراطية قد ولى وبلا رجعة وأئ تفكير فى منح الفرصة للجماعة الاسلامية لاختبار حسن النية هو ضرب من ضروب المجازفة لأن تيار الاسلام السياسى فى الشرق الاوسط باستثناء تركيا اثبت انه لا يؤمن بالديمقراطية فى الاصل بل يستخدم الديقراطية من اجل الوصول الى السلطة ومن ثم ينقلب على كل القيم الديقراطية المتمثلة فى التسامح وقبول رأئ الاخر واحترام الحريات العامة والخاصة وما تبعها من القائمة الطويلة التى توفر ضمانات استمرارية التداول السلمى للسلطة ومن حسن الطالع قدم تيار الاسلام السياسى فى السودان نموذجا واضحا للاستهبال السياسى وهو فى ظنى ساهم كثيرا فى فهم طبيعة الاسلام السياسى لدى شعوب المنطقة وشعب مصر هو اصدق من شاهد وتابع ما يجرى فى السودان عن قرب فلذا وقف بكل صلابة حائلا دون تكرار تجربة السودان فى مصر التاريخ وليس امام من يطوق الى الحرية والكرامة الا ان يقول شكرا شكرا لمصر المؤمنة. بقلم / حسين اركو مناوى 4 يوليو 2013 م