للذين تابعوا اندلاع شرارة الحريق فى دارفور فى العام 2003 م والحركات المتمردة التى أشعلته ممثلة فى " تحرير دارفور" و" العدل والمساواة " ، ومجاميع الحركات الوليدة التى انشطرت عنها فى سياق صراع المصالح والارادات وفاقت فى اعدادها ال ( 38 ) يدرك أن الذى جرى من تقتيل وسحل وهدر للأرواح وشلال الدماء الذى سال والفظائع التى صاحبته ، فضلا عن حملات الخراب والدمار التى طالت البنى الاساسية والممتلكات العامة هناك أكبر من قدرات هذه الحركات وأفكارها التى عبرت عنها والمنفستو الذى قامت عليه ومواردها الذاتية مهما جرى تعظيمها !. وقد سبق أن قلنا فيما كتبناه من مقالات مطولة وتحليل موضوعى عن أبعاد هذه الحرب المصنوعة فى دارفور ، وهى تندلع والبلاد تكتب سلاما عزيزا فى جنوبها بعد معاناة فاقت العقدين من الزمان، أن ما جرى ويجرى فى دارفور أكبر من امكانات هؤلاء القادة بتاريخم الذى يعرفه أهل السودان ودارفور ، وهم الذين جالوا فى وجهتهم بين قوى المعارضة فى الداخل وطموحاتها " الحركة الشعبية و المؤتمر الشعبى " ، وبين الاستراتيجيات الكبرى فى المنطقة سواءا تلك الاقليمية لبعض دول الجوار تحديدا " تشاد وليبيا " كما شهدنا فى انخراطها فى العديد من أنشطة هذه الحركات ورعايتها وايوائها وشقها وما اتاحته لها من ترويج واستثمار ، أو مخططات القوى الكبرى " أمريكا – فرنسا وبريطانيا والمشروع الصهيونى فى اثارة النزاعات والفتن التى ترمى لخلق حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة واستنزاف طاقة وموارد دول بعينها لغايات بعيدة المدى والأهداف ؟!. وكنا قد اشرنا فى سياق ما كتبنا كيف جرى التخطيط الدقيق لاستشراء رقعة الحريق من مسببات طبيعية كونية ، وشح فى الموارد والكلى والمياه ، ونزاعات جهوية وحميات عصبية قبلية قادتها السياسة والمصالح ووسعتها الأبعاد الخارجية ، استغل فيها العرق والقبيلة وضعفت فيها روح الدين والوطنية فكانت النتائج على نحو ما آل اليه الحال الآن فى دارفور !. وأوضحنا كيف تم تأسيس هذه الحركات ومسمياتها والمظلات التى انطلقت منها كانت خارجية فى المقام الأول حيث " مؤتمر المهمشين فى المانيا ثم بريطانيا ، ورعاية الحركة الشعبية لقادة تحرير دارفور فى اريتريا فدخول فرنسا الى الملعب ، فسيطرة أمريكا على المشهد والتحرك بين الحركات الرئيسة وتياراتها المتشظية " ، وكيف حيدت تشاد فى بداية الصراع ثم أدرارت ظهرها من بعد للسودان وقادته الذين كانوا وراء مجىء ادريس دبى لسدة الحكم !. و شهدنا كيف كانت مواقع انطلاق هذه الحركات فى الجبال والتخوم فى حرب عصابات محدودة دون هدف واضح ولا وجهة أو عقيدة ، ورأينا كيف تمددت بسرعة و انهال عليها المال والسلاح والعتاد من بعد وفتحت لها ابواب الاعلام الخارجى الموجه ، ومنحت مشروعية أرادتها دول بعينها فحددت ألبستها وزيها العسكرى برمزيات محددة وأرغمت دول فى المنطقة لاحتضانها ، وجرى الضغط على الحكومة بدعاوى العمل الانسانى وحاجات المواطن الى الدعم الخارجى ، ففتحت الأبواب على مصراعيها للمنظمات الأجنبية بأجندتها المختلفة ، وكان ما كان من انتقاص للسيادة الوطنية ومساس بهيبة الدولة ، وتعاظمت الضغوط وكادت أن تفضى الى غاياتها لولا تماسك الدولة وقدرتها على اعمال أقصى مطلوبات الحكمة ولعبة السياسة وسط الحصار والتضييق الذى واجهته على ما أحدثته من شروخ وتصدعات فى الجسد الوطنى وتداعيات ستظل تلازمه لحين !!. مشروع تمزيق دارفور عبر هذه الحرب اللعين يهدف فى كلياته الى تمزيق السودان الكبير بعد ان عجزت هذه القوى الماكرة فى تفتيت السودان عبر الجنوب ، وانفضحت اهدافها من وراء اتفاق السلام الشامل الذى وضعت بداخله من عوامل التفخيخ وبؤر التوتر لنسفه على نحو ما تثيره الحركة الشعبية بمواقفها المستحدثة وهرولتها خارج أطر السلام وآلياته !. رأينا كيف هرع قادة هذه الحركات الى اسرائيل والمنظمات الكنسية ومراكز صناعة القرار فى الدول الغربية وما وجدوه من دعم وتاييد شواهده وافرة باعتراف هؤلاء القادة أنفسهم !؟. ازمة دارفور المصنوعة بادواتها المختلفة استخدمت فيها الأممالمتحدة على أعلى مستوياتها كقوة دفع رئيسية تصدر القرارات الأممية التى وصلت " 18 " قرارا فى أول بادرة دولية لا تقارن بما عليه وضع الصراع العربى - الاسرائيلى على قدمه وحق شعب فلسطين المشروع فى أرضه المغتصبة !. واستخدمت كذلك توابع الأممالمتحدة فى معسكرات اللجوء بتشاد لفبركة الأفلام والمسرحيات والشهادات وتقام الأدلة التى تروج لمشروعية الحرب وقداسة الثورة المزعومة فى ( ابادة العنصر العربى للأكثرية الافريقية ) ، وكيف استخدمت مفوضية النازحين دوليا ووكالات المنظمة الدولية المتخصصة جميعها عبر صناعة الأزمات واعادة انتاجها فى تصوير الوضع بمأساوية لأجل التدخل وتسريع القرارات ، وجيرت المنظمات الدولية غير الحكومية ( اسما ) لصالح هذا الجند بعناية ، وتم تصدير أطفال دارفور عبر تشاد فى متاجرة بشرية عصرية بواسطة فرنسا ، وتداعت اللوبيات الصهيونية ومجموعات الضغط فى اوربا و امريكا بخطى منظمة ومتسقة " حملة انقاذ دارفور " ، واعتمدت فرية ( التطهير العرقى والابادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ) الذى توج بمعركة " المحكمة الجنائية الدولية" التى ارادت ان تعلى من سيادة العرق والسياسات الأوربية العنصرية واستعمارها الحديث على رقاب القادة الافارقة ودولهم حصريا وقادة هذه الدول هم صناع الحرب وتجار السلاح ومصنعوه ومروجوه وضحاياهم فى الصومال والعراق وأفغانستان وفلسطين بالملايين ولا مساءلة لأنهم يحاربون الارهاب !. وتدفقت القوات الاقليمية والدولية بحجة حماية السلام وحفظه ( اتفاقية سلام دارفور ) التى ارادوها ان تكون منقوصة بمقاصد هم من يملكون مفاتحها ، فحجب عبد الواحد كلية فى التقدم باتجاه السلام أو المضى فى الحرب الا لماما ، وجعل خليل يضع يدا فى الزناد والقتل وأخرى ممدودة للسلام دون رغبة حقيقية لتزداد المعانة ويصار الى ما تريده دول قرار الجنائية من تسوية ترفع من قدر وشأن تجار الحروب وسماسرتها الذين صنعتهم فى بلادنا والاقليم ويكتب النجاح لمشروعهم الذى يؤسس لحكم يقوم على سلفاكير وخليل وعبد الواحد على انقاض الانقاذ وما ترمى الى من مدلولات !؟. هؤلاء القادة هم الذين قبلوا أن تستغلهم هذه الدول فى مشاريعها يوم أن اصبحوا مطية فى أياديها ، وانحرفوا بمسار استحقاقات دارفور العادلة ومطالب مواطنيها المشروعة يوم أن عجزوا فى اقامة أى مشروع نهضوى أو اسهام فى التنمية وهم على سدة الحكم !!. ظل اللوم والعتاب مصوب على الحكومة وحزبها ووصفها بالتقصير فى القيام بواجباتها ، وبقى قادة الحركات دون عتاب ولا مسئولية وهم يدشنون الحرب و يغضون مضاجع شعبهم بالترويع والغارات والنهب والسطو والخطف ، ويراد ليد الدولة أن تكون مغلولة الى عنقها فينفلت عقد الأمن وينفرط فتسقط أم درمان قبل الفاشر التى استعصت عليهم !. أرادوا من حربهم أن تشوه سمعة البلاد ورئيسها بفعال التمرد ، وفى ذات الوقت يطلب من الدولة المبادرة وابداء المرونة والتنازل ويظل الاخر على تعنته ومواقفه التى لا تريد السلام ولا تقبل بمنهاجه وأدواته !. يدخل الحريق عامه السابع دون رغبة صادقة من خليل وعبد الواحد ومن يقفون خلفهم فى السلام ، وعندما تعود ضمائر بعض من غرر بهم فى هذا الصراع الى رشدها و العودة الى جادة الحق والصحوة لتصحيح المسار تتهم الدولة بانها من تقف وراءهم لأن الأصل لديهم أن تظل مظلة التمرد فى تمدد وبيد طليقة ، ويمضى التلفيق والكذب والدعاية الرخيصة وطمس الحقائق ، حتى ينجح مخطط أوكامبو ومن يقفون وراءه ويؤتى بهم على صهوات مسرجة للحكم والريادة التى يعشقونها !. هؤلاء القادة هم من استغلوا حاجة البسطاء والأبرياء من اطفال وقصر لتبقى شرارة الحرب متقدة ويطول ليل الوطن الذى أقعدته الحروب والنزاعات ، وذات القادة الذين يهرولون باتجاه الأجنبى فى الغرب وامريكا ويثقون بوعودهم ، هم من يضعفون ارادة الاقليم وقوته عبر امكاناته وتوظيفها للاسهام فى معالجة اشكالاته دون حاجة لمكر ومؤامرات هذه القوى ومؤسساتها المشبوهة التى يزعجها أن يتداعى أبناء الوطن ويلتفوا حول السلام وكشف ما تضمره نواياهم من شرور محدقة !. رغبة التمرد هى من رغبة الدول التى تدعمه وتسانده فى أن تتعدد المبادرات والمنابروتتكاثف التدخلات وتتقاطع المصالح فيحال بين وحدة أبناء الوطن ووالتقائهم وقدرتهم على مخاطبة قضاياهم وحلها أوالتراضى بشأنها بمعزل عن هؤلاء ، وبالمقابل يكثر الحديث عن الحل دون أن يلامس هذا القول فعال على الأرض سوى المزيد من التعقيد واضاعة الوقت بابقاء الوضع على ما هو عليه نزوحا وهجرة واضطراب فى الأمن واستنزاف للطاقات واهدار للموارد !. أما أن تعود جماعة منهم الى حرز الوطن وسلامه الذى طال انتظاره ، او تضع فئة منهم السلاح وتسالم ، أو تقبل مجموعة بالتوحد فيما بينها بتوحيد موقفها التفاوضى سلما والتوجه صوب السلام وارادته الغالبة فهذا يصادم هوى التمرد ودوله ويقابل بالتسفيه والاحتقار ، لذا لزم أن نعلى من قيمة عودة هؤلاء و هذا الذى حدث فى اديس ابابا داخل مقر الاتحاد الافريقى من قبل هذه المجموعة من أسبوع على تاخر هذا الخطوة وما لحق بدارفور من مخاطر وتفكك فى نسيجها المجتمعى يصعب رتقه !. هذا الكشف فى آليات الصراع التى استخدمت عبر زمرة من أبناء دارفور أنفسهم فى مراحله المختلفة أصاب التمرد فى مقتل ، لكنه لم يكن جديدا فى وقائعه وطرائقه التى ظللنا نكتب عنها ونفضحها بالادلة والشواهد فى وقتها الى أن تم نشرها بشهادة أهلها وما أرتكبوه من جريمة شنعاء بحق أنفسهم و اهليهم ووطنهم لن يغفرها التاريخ على شجاعتهم فى الافصاح عن ما أقدموا عليه بغرض المكايدة وابتزاز الحكومة لكنهم لم يتبينوا وقعه على البلاد الا ضحى الغد !.هذا السلوك من قبل هذه المجموعة هى خطوة نبيلة ومطلوبة بالحاح لكن يلزمها خطوات أخرى أكثر شجاعة تعرى نوايا التمرد وقادته ودوله ومصادر تمويله وارتباطاته وما يهدف اليه فى حريقه الذى تطاول أمده دون أن يحمل أربابه الى السلطة أو السيطرة على قرية أو مدينة دعك عن حكم السودان وشطحاتهم الواهمة !. هذه المواقف الجرئية لابد من أن تكشف حصاد التمرد بعد ان استنفد كافة فرصه فى بلوغ غاياته بكل الوسائل سلما وحربا ، لتوقفنا على عائداته المادية والمعنوية لأهل دارفور بعد هذه السنين من المعاناة وأى طريق مستقبلى يريده لهم !. ترى أين العمالة والخيانة فى أن تعود للوطن أم تظل رهين المحابس والتوجيه بأوامر لندن وباريس وتل أبيب يا قادة التمرد، ترى متى تصحون ؟ !!. ان لم تستحى فأصنع ما شئت ،،،....