شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة شهد المهندس تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها بأزياء مثيرة للجدل ومتابعون: (لمن كنتي بتقدمي منتصف الليل ما كنتي بتلبسي كدة)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إستخراج النفط فى السودان وآثاره الهيكلية على المستويين الاقتصادي والسياسي .. بقلم: هانئ رسلان
نشر في سودانيل يوم 17 - 09 - 2009

نُشرت هذه الورقة فى تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام ، 2006.
--------------------------------------------
مقدمة :
بدأ الاهتمام بالثورة النفطية فى السودان بصدور أول قانون يشرع لها فى عام 1959 تم تعديله بعد ذلك فى عام 1972 ثم تلاه تعديل أخير فى عام 1974، حيث عالج هذا التعديل الأخير العلاقة بين المستثمر والدولة فى فترتى البحث والإنتاج فى حين ان القوانين السابقة كانت تقتصر على معالجة العلاقة بين الدولة والمستثمر فى فترة البحث فقط، وقد خول تعديل عام 1974 الوزير المختص حق الدخول فى اتفاقية الإنتاج والتى تعالج أمر استرداد التكلفة وتقسيم الأرباح بين الدولة والمستثمر، وقد تركز العمل فى الفترة من 1960 إلى 1976 فى منطقة البحر الأحمر بواسطة شركة أجيب الإيطالية حيث قامت بحفر ست آبار على طول ساحل البحر الأحمر من قرورة إلى إلى رأس أبو شجرة، وتلا ذلك مجهودات شركة شفرون بالتركيز على منطقة جنوب سواكن على شاطئ البحر وفى داخل المياه الإقليمية. وفى خلال الفترة من عام 1960 الى1976 ثبت بما لا يدع مجالاً للشك إن منطقة البحر الأحمر جنوب سواكن تحتوى على كميات من المواد البترولية من الغاز والمكثفات البترولية على أعماق ليست كبيرة ولكنها مصحوبة بارتفاع كبير فى الضغوط ودرجات الحرارة، الأمر الذى أوضح أن المنطقة يلزمها المزيد من عمليات المسح الزلزالى وتحديد تراكيب جيولوجية يتم حفر عدد من الآبار بها لإضافة كميات كبيرة أخرى من المخزون حتى يمكن استغلال المواد البترولية على أسس تجارية، وقد كان ذلك سبباً أساسياً أدى إلى انتقال عمليات البحث من شواطئ البحر الأحمر إلى داخل الأراضى السودانية، لاسيما بعد أن تم تعديل قانون الثروة البترولية بما يسمح للمستثمر بمعرفة حقوقه فى مرحلة الإنتاج، ومع وصول العمل فى منطقة البحر الأحمر إلى طريق شبه مسدود من حيث حجم الاستثمارات مع قلة العائد المتوقع، رتبت الشركات العاملة نفسها للانتقال إلى أوساط وشمال وجنوب السودان وما يسمى الآن بحوض المجلد ومنطقة النيل الأزرق حيث بلغت المساحة التى تم ترخيصها 516 ألف كيلو متر مربع، وتم التعامل مع هذه المنطقة تحت اتفاقية قسمة الإنتاج التى تقتضى باسترداد تكلفة التنقيب وتنمية الحقول على مدى خمس سنوات بواقع 20% فى العام- لمقابلة استرداد هذه النسبة من التكاليف يتم تخصيص 30% من جملة الإنتاج فى العام- وبدأ تحصل الشركة على 20% من جملة التكاليف أو على مقدار 30% من الزيت المنتج أيهما أقل- أما ال40% فيتم تقسيمها بنسبة 40% للدولة، 30% للمستثمر ويطلق عليها زيت الربحية.
اما المرحلة من 1977 إلى 1984فيمكن القول انها تمثل البداية الحقيقة لاكتشافات البترول بكميات تمكن من الاستخدام الداخلى والتصدير إلى الخارج، وقد تركزت أساساً فى حوض المجلد (جنوب كردفان) و بذلت فيها مجهودات كبيرة، وتم صرف ما يزيد عن مليار دولار فىخلال عشر سنوات شملت عمليات المسح الجيولوجى والجيوفزيائى بجميع أنواعه مع حفر 86 بئراً.
وبالنظر الى النجاح الذى تحقق فى هذه الفترة والتأكد من وجود مخزون نفطى يمكن إنتاجه يتراوح بين 250 إلى 300 مليون برميل تم الاتفاق بين الحكومة وشركة شيفرون على البدء فى إنشاء خط أنابيب يربط بين منطقة الوحدة والبحر الأحمر مروراً بكوستى/ ربك/ سنار ثم شمالاً إلى ميناء عثمان دقته جنوب بورتسودان، ونسبة لطبيعة الزيت المنتج من حيث اللزوجة ولسهولة الضخ رؤى أن يصاحب هذا الخط الناقل للخام، خط أنابيب أخر يسير فى اتجاه عكسى من بورتسودان إلى منطقة الوحدة حاملاً منتج النافتا حيث يتم الخلط فى مناطق الإنتاج، ومن ثم يصبح سريان الخام من السهولة بمكان من غير حاجة إلى وساط أخرى كالتسخين مثلاً، وكانت ميزة هذا المسار المقترح أن الخط يعبر مناطق الإنتاج الزراعية الجزيرة والقضارف وكسلا حيث يمكن تزويدها بالمنتجات من خلال الخط الموازى الذى يحمل مادة النافتا كما يمكن أن يحمل الجازولين، حيث أن خط الأنابيب يمر بمنطقة ربك وجرى تصميم مصفاة بسعة عشرة آلاف برميل يمكن أن ترتفع لسعة أخرى فيما بعد لتصفية الخام المحلى ويتم نقل المنتجات البيضاء إلى غرب السودان بالسكك الحديدية وإلى الجنوب عن طريق النهر بالسفن.
غير أن عملية الاعتداء المسلح على مدينة بانتيو فى الجنوب وقتل ثلاثة أفراد من طاقم الشركة من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان التى كانت قد بدأت لتوها فى حرب العصابات ضد نظام الرئيس نميرى، أدى إلى تجميد عمليات الشركة بمنطقة حقل الوحدة وما جاورها وبالتالى وقف النشاط بإنشاء الخط الناقل.
ورغم الاتصالات المكثفة التى تمت بين الحكومات المتعاقبة فى السودان،سواء حكومة الفترة الانتقالية اوحكومات فترة الديمقراطية الثالثة، و بين شركة شيفرون لمحاولة دعوتها للعودة مرة أخرى للعمل بالسودان إلا أن ذلك باء بالفشل ولم تتقدم أى من الشركات العاملة فى مجال البترول لا شرقية ولا غربية للعمل مرة أخرى بالسودان، علماً بأنه طوال تلك الفترة احتفظت شركة شيفرون بحقوقها القانونية فى منطقة التراخيص.
1 - نظام الانقاذ ومحاولات استخراج البترول:
بعد أن جاءت سلطة الإنقاذ الحالية للحكم جرت عدة محاولات منها العلنى ومنها السرى لأغراء شركة شيفرون بالدخول مرة أخرى أو إسقاط البحث فى الأراضى المعنية. وقد إستطاعت حكومة نظام الانقاذ فى عام 1992م، أن تستعيد الإمتياز من شركة شيفرون فى كل الحقول التى ظلت محتفظة بها وفق تدابير مرضية للطرفين عبر شركة كونكورب. وبذلك استطاع السودان أن يسترجع حق ولايته على تلك الأراضى مما أتاح له الفرصة لإعادة ترخيصها لشركة أخرى قامت بإجراء مزيد من المسوحات وحفر بعض الآبار مما ساعد فى زيادة المخزون النفطى المحقق، الشئ الذى قلل من مخاطر الاستثمار وشجع مزيداً من الشركات الأخرى للدخول فى مجال التنقيب واستغلال الثروة النفطية المكتشفة.
وقد شرعت الحكومة السودانية خلال الأعوام 1993 - 1999م فى مشروع استخراج واستغلال البترول السودانى بصورة أقرب للجهد الذاتى فى منطقتى (أبوجابرة وشارف) مستفيدة من الآبار التى حفرتها شيفرون سابقاً ومستفيدة من شركة رومينول الرومانية لحفر بئرين جديدتين لم تكللا بالنجاح.
وقد أثمر الجهد الذاتى الذى بذل فى ثلاث من آبار شيفرون فى ضخ إنتاج محدود لم يتعد ألفى برميل فى اليوم، وقد تبع ذلك جلب شركة كونكورب لمصفاة صغيرة شيدت فى منطقة أبو جابرة لتكرير ذلك الإنتاج المحدود، وقد آلت تلك المصفاة للدولة فيما بعد بوقت وجيز بالشراء. وبالرغم من التواضع الواضح لذلك الجهد الذاتى، ومحدودية فوائده الإقتصادية، فإنه كان يصب فى مجرى تواصل الجهد لتحقيق هدف إستراتيجى وإبقاء المشروع حياً دون توقف.
وفى خضم تلك المحاولات الذاتية كانت هنالك محاولات مع بعض الدول النفطية لتساعد أو تساهم فى دعم ذلك الجهد، الا ان ذلك لم يحرز نجاحا يذكر، بسبب العزلة النسبية على المستويين الاقليمى والدولى التى بدأ يواجهها نظام الانقاذ بسبب مواقفة من الغزو العراقى للكويت، والتى اخذت تتزايد بمرور الوقت مع تزايد الاتهامات الموجهه للسودان بإيواء العديد من الجماعات المتهمة بالارهاب.
لقد فرض هذا الواقع على السودان أن يتعامل مع شركة كندية صغيرة، حديثة المنشأ، ضعيفة التمويل والتجربة هى شركة ستيت State Petroleum وذلك بمنحها حقوق الإمتياز الإستكشافى والتطويرى للحقول الواعدة فى هجليج والوحدة وكايكانق فى أغسطس 1993م.وقد بدأت شركة (ستيت) نشاطها بعد أكثر من عام من تاريخ منحها الإمتياز بصورة بطيئة ومتعثرة لضعف التمويل الذى كان يقوم أساساً على طرح أسهمها فى سوق الأوراق المالية بكندا لمشروع السودان، ولقد أضطرت هذه الشركة أن تندمج مع شركة كندية أخرى صغيرة مثلها وتسمى (أراكيس) وأصبحت شركة (ستيت) فرعاً لها لمشروع السودان ولم يضف ذلك لإمكاناتها أى إضافة محسوسة.
وبعد مضى عامين استطاعت شركة (ستيت) تحقيق هدف محدود هو إنتاج عشرة آلاف برميل فى اليوم فى يونيو 1996م، وقد رئي إستغلال ذلك الإنتاج المحدود فى مصفاة حكومية شيدت فى الأبيض لأغراض مرحلية وتوفيقية بين خطط مستقبلية وأهداف آنية، أو لكسر الحاجز الذى أعاق جذب المستثمرين وذلك بوضع الإنتاج ماثلاً ومشهوداً أمامهم وبالفعل تم تشغيل مصفاة الأبيض فى يوليو 1996م، وكان لها أثر فعال فى الداخل والخارج كفاتحة لعمل كبير.
2- تطورات نوعية فى عملية الاستخراج :
خلال الفترة من 1993 وحتى 1996م، حدثت تطورات فى مناطق الإمتيازات الأخرى حيث منحت شركة (IPC) الكندية إمتيازاً فى منطقة البحر الأحمر مربع (13) و(15) وبدأت فيه بعض المسوحات، وحفرت فيه بئراً واحدا ثم تخلت عنه بسبب التكلفة العالية المتعلقة بالحفر فى البحر بالمقارنة مع إمكاناتها التمويلية. كما منحت شركة(CNPC) الصينية إمتيازاً فى منطقة أبو جابرة شارف و مربع (6) وبدأت العمل فيه وحفرت أربع آبار ثلاث منها بشواهد نفطية ولا تزال تلك الشواهد فى مرحلة التقييم والإختبار. كما منحت شركة الخليج - قطر مع شركات سودانية إمتيازاً لتطوير حقول عدارييل مربع (3) وبدأت إنتاجاً تجارياً محدوداً لم يتعد الثلاثة آلاف برميل يومياً.
هذا وقد تطورت قدرة تلك الشركات على الإنجاز بدخول شركة (غناوة) فى الإمتياز كما منحت كونسورتيوم من الشركات العالمية (IPC) الكندية OMV النمساوية وبتروناس الماليزية إمتيازاً فى نهاية عام 1996م، فى مربع (SA) وهو جنوب شرق مربع (هجليج الوحدة) وسار العمل بمؤشرات نجاح عالية. وكذلك أبدت شركة توتال التى كانت تحتفظ بامتياز القطاع الممتد من جونقلى إلى البيبور، رغبتها فى العودة لمواصلة العمل فيه ، بعد ان كان نشاطها الإستكشافى فيه متوقفا قبل ذلك.
ونتيجة لذلك بدأت مرحلة الاستخراج مرحلة جديدة فى منتصف عام 1996م، بوضع أهداف اكثر تطورا تسعى بلالاساس الى جذب شركات عالمية نفطية مع شركة (ستيت) تحمل أعباء التمويل لمشروع بترولى كبير وتشييد خط أنابيب للتصدير كإلتزام مع الشركات المساهمة فى الكونسورنيوم، وذلك لتحقيق اقصىفائدة من إنتاج النفط من خلال نقله لمناطق الإستهلاك المحلى والتصدير الخارجى من ناحية، ولجذب مستثمرين جدد لمناطق إستكشافية أخرى تحت اغراء وجود خط ناقل للأسواق من الناحية الاخرى. وكان من ضمن الأهداف الأساسية تشييد مصفاة بالقرب من الخرطوم كمنطقة وسيطة للتسويق المحلى وتحقيق الإكتفاء الذاتى من المشتقات البترولية على أن يكون مسار خط الأنابيب عبر الأبيض - الخرطوم لتغذية المصفاتين بالخام.
ولما كانت المبالغ التى يتوجب انفاقها تفوق القدرة المالية لأية شركة منفردة، فقد نشأت فكرة تكوين مجموعة تشاركية تتوافر لها المقدرات المالية اللازمة بحيث تدخل مع الحكومة السودانية فى شراكة لاستغلال الموارد النفطية بصورة اقتصادية تضمن للشركات نصيباً مجزيا من الأرباح كما توفر للدولة المنتجة جزءاً من عائدات البترول بمايمكنها من أحداث التنمية المطلوبة فى هذا القطاع.
وقد قبلت شركة (ستيت) الكندية بمشاركة شركات أخرى، وتم الإتصال بشركات عالمية للترويج وأخيراً وخلال الربع الأخير من عام 1996م، تم تكوين كونسورتيوم قوى يضطلع بمشروعات وفق شروط مميزة للدولة على النحو التالى:
- الشركة الصينية الوطنية للبترول (40%).
- الشركة الماليزية للبترول - بتروناس (30%).
- الشركة الكندية صاحبة الإمتياز (25%).
- شركة سودابيت السودانية التابعة للدولة (5%).
كما تم اجتذاب بعض الشركات الاخري في عدد من الحقول الاخري الاقل اهميه من كل من السويد وقطر وايران والنمسا‏. هذا وقد خلفت شركة تاليسمان الكندية فى أكتوبر 1998م، شركة (ستيت) بشراء كل أسهمها مضيفة للكونسورتيوم قوة مالية وفنية أكبر بكثير من شركة (ستيت) السابقة.
وقد أثمرت لقاءات الترويج لمشروع البترول السودانى فى ذلك الوقت أيضاً عن إتفاق الشركة الصينية الوطنية للبترول مع وزارة الطاقة والتعدين السودانية على تشييد مشروع مصفاة الخرطوم بنظام المشاركة والتمويل. وذلك كجزء من العرض الصينى للفوز بالاستثمار النفطى فى السودان. حيث عرض الصينيون مقترحا لإنشاء مصفاة فى الخرطوم لتكرير البترول بتمويل صينى خالص يصل إلى 1.6 مليار دولار عام 1997م. وقد اكتمل إنشاء وتشغيل المصفاة فى يونيو 2000م. هذا وتقدر السعة التكريرية لهذه المصفاة بخوالى 62 ألف برميل يومياً، من المقرر ان ترتفع لتصل إلى 100 ألف برميل من النفط فى اليوم خلال عام 2005. وتضخ هذه المصفاة بوتجاز، بنزين، جازولين، ووفود طائرات (جت). بجانب مصفاة الخرطوم هناك مصفاة الأبيض والتى تم افتتاحها فى عام 1996م بطاقة تصديرية تصل إلى 10 ألف برميل فى اليوم، وصلت عام 2005 إلى ما يقرب من15 ألف برميل فى اليوم.
وقد بدأت مرحلة الإنطلاق بعد ذلك بمشروع الكونسورتيوم فى تكوين شركة تشغيل مشتركة للإستكشاف والإنتاج ولخط أنابيب الصادر سميت (شركة النيل الكبرى للعمليات النفطية) GNPOC))ثم طرحت تلك الشركة مشروع تشييد خط أنابيب فى عطاءات عالمية ولتشييد خط أنابيب بطول (1610) كليو مترات وقطر (28) بوصة وطاقة قصوى قدرها (400) ألف برميل يومياً ممتداً من عمق السودان الجنوبى فى بانتيو عبر حقول الوحدة وهجليج وعبر الأبيض وشمال الخرطوم إلى البحر الأحمر وقد روعى فى التصميم أن تكون للخط طاقة إضافية تساوى (40%) من طاقته القصوى لإستيعاب أى إنتاج من حقول أخرى.
وقد بدأ الكونستورنيوم الجديد التنفيذ الفعلى على أرض الواقع بالنسبة للإستكشاف ولتطوير الحقول بصورة مكثفة منذ الربع الأول من عام 1997م، وبالنسبة لخط الأنابيب بدأ العمل منذ نهاية عام 1997م. وكذلك تم الشروع فى تنفيذ مصفاة الخرطوم فى الربع الأول من عام 1998م.
ونتيجة لهذه الجهود المتواصلة اصبح من المتاح للسودان إنتاج مائة وخمسين ألف برميل يومياً جاهزة للضخ فى نهاية أبريل 1999م، كما تم إكمال خط الأنابيب وضخ الخام السودانى ليصل لميناء بشائر للتصدير فى يونيو 1999م. وكذلك تم إكمال مشروع مصفاة الخرطوم فى عام 2000م. لتتبع ذلك المرحلة الثانية ليصل الإنتاج (210) آلاف برميل. ثم الثالثة والتى وصل الإنتاج بنهايتها (300) ألف برميل فى اليوم لكى تلحق بها المرحلة الرابعة بعد ذلك .
وقد تواصل العمل فى اتجاهات متعدده بشكل متواز من تحسين القرات السودانية فى مجالى النقل والتكرير، حيث جرى تدشين خط انابيب جديد يربط مصفاة الجيلي بميناء بورتسودان دولار بوصة بطول 741 كم وقطر12 بوصة، حيث ينقل في المرحلة الاولي 825 الف طن من المنتجات البترولية بمحطة ضخ واحدة ، فيما سيتم في المرحلة الثانية رفع طاقته عام 2011م الي (5ر2) مليون طن من المنتجات بادخال محطات اضافية للخدمة. وقد اقامت هذا الخط وزارة الطاقة السودانية بالتعاون مع لشركة النفط الهندية بتكلفة اجمالية بلغت 194 مليون دولار. و فى الاحتفال الذى جرى بهذه المناسبة فى ديسمبر 2005 صرح وزيرالطاقة السودانى عوض الجاز بان هذا الانجاز تم بشراكات نظيفة من غير تدخل في شئون السودان الداخلية وأضاف ان الانبوب كان من المفترض ان يتم في 16 شهراً قد تم انجازه فى 14 شهراً،وذكر انه باكتمال العمل في هذا الخط يرتفع عدد خطوط انابيب النفط الي ثلاثة فيما يجري العمل في خطين آخرين ليرتفع فى وقت قريب الي خمسة خطوط منها ثلاثة لنقل الخام واثنين للمشتقات النفطية .
وتجدر الاشارة هنا الى انه طبقا للاحصائيات الرسمية الصادره عن الادارة الامريكية لمعلومات الطاقة، فإن السودان اصبح يمتلك احتياطيات نفطية مؤكده تصل الى 563 مليون برميل،أى أكثر من ضعف الاحتياطيات التى كان قد جرى تقديرها فى عام 2001 بحوالى 262 مليون برميل، كما ان تقرير المبعوث الرئاسى الامريكى الى السودان جون دانفورث كان قد أشار فى مطلع عام 2002 الى ان جملة الاحتياطيات السودانية تقدر بحوالى 3 مليار برميلويمكن القول ان هذه الزيادة المضطردة فى الارقام تعود الى ان أغلب عمليات الاستكشاف فى البداية كانت كانت قاصرة على الاقليمين الاوسط والجنوبى.
غير أن المصادر الرسمية لوزارة الطاقة السودانية وتصريحات عوض الجاز وزير الطاقة تقدر الاحتياطيات المؤكده بحوالى 700 مليون برميل وإجمالى الاحتياطيات بحوالى خمسة مليارات برميل، بما فى ذلك الاحتياطيات المحتملة فى شمال غرب السودان وحوض النيل الازرق ومنطقة البحر الاحمر. ويطمح المسؤلون السودانيون الى ان التسارع فى معدلات الانتاج والتى من المتوقع ان ترتفع بكميات التصدير إلي نصف مليون برميل فى اليوم بدخول مربعي (3و7) فى الربع الأخير من عام 2005 ، سوف يؤهل السودان الى احتلال المستوى الرابع أو الخامس أفريقياً بعد نيجيريا والجزائر ومصر وأنجولا بالرغم من أن السودان مازال حتى الان ينتج من مناطق محدودةً.
3- موقع النفط فى الاقتصاد السودانى:
بدأ النفط يشكل وجوداً متزايداً فى النشاط الاقتصادى السودانى منذ عام 1999م وهو عام بداية الإنتاج والتصدير مما غير هيكل الاقتصاد السودانى بشكل كامل على مستوى الإنتاج الداخلى، وايضاعلى مستوىالتجارة الخارجية، كما يتضح من الجدول التالى:
إنتاج البترول ونصيب الحكومة من الخام (ملايين البراميل)
(1999-2004م)
المصدر: وزارة الطاقة والتعدين السودانية، نقلا عن د.عبدالله الشيخ، مستقبل اقتصاديات النفط السودانى.
هكذا تحول السودان إلى دولة منتجة للنفط ابتداءً من عام 1999م بعد أن كان مستوردا لاحتياجاته من الخارج، حيث وصل الإنتاج إلى 20.7 مليون برميل فى السنة، ، و تشير دراسة هامة للدكتور عبدالله الشيخ حول اقتصاديات النفط السودانى وتقاسم الثروة(*) إلى ان السودان كان ينفق ما يتراوح بين 350-400 مليون دولار سنويا لاستيراد المواد النفطية غير انه استطاع ان يغطى ابتداءً من عام 1999م احتياجاته الخاصة بالاستهلاك الداخلى ثم بدأ عملية التصدير للخارج .
ومن الجدول أعلاه يتضح أن الإنتاج تنامى من 20.7 مليون برميل فى العام 1999 إلى 90.6 مليون برميل عام 2002م ثم قفز إلى 96.5 مليون برميل عام 2003م أما فى عام 2004م فقد وصل إنتاج السودان من النفط إلى 105.1 مليون برميل فى السنة. هذه الإحصائيات تغطى نصيب الحكومة ونصيب المستثمرين مجتمعين. لقد تنامى نصيب الحكومة من الإنتاج النفطى بصورة مستمرة ففى عام 2002م وصل نصيب الحكومة إلى 51.2 مليون برميل وهو ما يعادل نسبة 60% من إنتاج البلاد الكلى أما فى عام 2003م فقد قفز نصيب الحكومة إلى 67.7 مليون برميل وهو ما يعادل نسبة 65% من الإنتاج الكلى. ووصل نصيب الحكومة أعلى مستوياته فى عام 2004م حينما سجل 74.9 مليون برميل أى نسبة 70% من الإنتاج الكلى للبلاد.
وتشير كل الارقام المتوافرة الى ان دخول النفط فى الاقتصاد السودانى ادى الى احداث تغيير هيكلى فى بنيتة، فعلى مستوى الموازنة الداخلية صار عائد النفط يساهم بنسبة 48 – 50% من الإيرادات العامة وباقى الإيرادات هى إيرادات ضرائبية تقليدية وهذه تعد طفرة كبرى فى حركة الاقتصاد، اذ انتقل الاقتصاد السودانى من اقتصاد زراعى تقليدى إلى اقتصاد نفطى خاصة بعد تصاعد كميات الإنتاج و ازدياد المؤشرات العملية الدالة على استمرار هذه الزيادة فى خط تصاعدى. دخل السودان أيضاً فى صناعة تكرير البترول بقوة بعد بدء الإنتاج فاكتفى ذاتياً من مشتقاته مثل الغاز، البنزين، والكيروسين كما انخفض استيراده للجازولين من 560 ألف طن سنة 1993م إلى حوالى 300 ألف طن عام 2004م، ومع إنشاء الخطً الناقل إلى ميناء التصدير (بشائر) تكاملت المنشآت النفطية لأول مرة فى تاريخ السودان.
وهكذا بدأ النفط يشكل وجوداً مقدراً فى الإيرادات الحكومية بجانب الإيرادات الضريبية وغير الضريبية. فقد ارتفعت مساهمته فى موارد الميزانية بشكل ملحوظ منذ عام 2000م أى بعد سنة واحدة فقط من بدء الإنتاج والتصدير فى عام 1999م. وذلك يعنى أن النفط صار مساهماً أساسياً فى برامج التنمية الاقتصادية فى السودان. حيث ارتفعت نسبة مساهمة البترول فى الإيرادات العامة من 41% عام 2001م إلى نسبة 42.2% عام 2002م. وفى ميزانية 2004م وصلت نسبة مساهمة النفط فى الإيرادات العامة إلى حوالى 48.1%.
ومن ناحية أخرى ادى انتاج النفط وتصديره الى تعديل الميزان التجارى السودانى ففى الوقت الذى ظلت فيه عائدات الصادرات طيلة نصف القرن الماضى تحت سقف 700 مليون دولار، قفزت بعد بدء تصدير النفط لتصل إلى ما يزيد عن 3 مليارات من الدولارات. ففى عام 2000 م سجلت عائدات الصادرات 1.8 مليار دولار ثم قفزت فى عام 2004م الى 3.8 مليار دولار، و كان تصدير البترول هو السبب الأساسى فى هذه النقلة الكبرى فى عائدات الصادرات.
1990 – 2004م (ملايين الدولارات)
المصدر: وزارة المالية السودانية،2005 .
وتجدر الاشارة هنا الى ان النفط لم يقفز بحصيلة الصادرات فحسب، بل أنه غير الاوزان النسبية بين حصيلة الصادرات النفطية والصادرات غير النفطية ففى عام 2004م شكلت عائدات الصادرات النفطية أكثر من 82% من عائدات الصادرات الكلية، وقد بدأ هذا الاتجاه يأخذ وجهته منذ عام 2000 م حيث شكلت عائدات الصادرات النفطية 75% من عائدات الصادرات الكلية أما فى عام 2001م فقد تنامت حصيلة الصادرات النفطية لتشكل 80% من جملة عائدات حركة التصدير السودانية وكذلك كانت النسبة فى عام 2003م.
دور صادرات البترول فى حركة التصدير (الميزان التجارى بملايين الدولارات الأمريكية)
المصدر: التقارير السنوية – بنك السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.