ان دعوة الاستاذ على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية مؤخراً لشباب السودان لقيادة مشروع شبابى عالمي بلا حدود لمقاومة الظلم والقهر واستعادة ميزان العدالة للانسانية، تحمل ثلاث سمات ايجابية تجد الكثير من الترحيب اذا اتبعتها سياسات ملموسة تضعها موضع التنفيذ. اول هذه السمات الايجابية ان الدعوة جاءت عامة غير محصورة على شباب الحزب الحاكم ، بل شملت كل شباب السودان بما فيهم المنضوين تحت الوية الاحزاب السياسية الاخرى . ثانياً نادت الدعوة الى مستوى من الفعل والتنظيم لا تحده الفوارق السياسية ولا المذاهب الدينية بل تضع عينها على ما يوحد الناس ويجمع بينهم . ثالثاً أمنت الدعوة على ارتباطنا ببقية العالم ودعت الى برامج تربط شبابنا بشباب العالم في افريقيا وامريكا اللاتنية واسيا واوروبا دون ان يحد توجهنا نظرة وطنية ضيقة تقعد بنا عن مواجهة التحديات التى تعوق بزوغ نظام عالمي اكثرعدلاً وتوازناً . انى اتفق وبوجه قاطع مع هذه الموجهات الثلاث واعتقد ان وضعها موضع التنفيذ قد يشكل عاملاً فاعلاً ليس فقط نحو حركة شبابية فاعلة بل نحو بيئة سياسية معافاة وممارسة سياسية من شأنها ان تبعث روحاً جديدة في حياتنا السياسية . واتفق ثانياً ان العالم الثالث يواجه مظالم جائرة في ظل النظام العالمي الراهن ، وان العديد من القضايا يستلزم العمل مع شعوب اخرى وعلى وجه الاخص شعوب الدول النامية ، وان كان ذلك لا يستبعد العمل مع شباب دول الغرب الصناعية في اوروبا وامريكا . فعلى سبيل المثال لا الحصر تلحق السياسات الزراعية وسياسات التجارة الخارجية المتعلقة بالمنتجات الزراعية لكل من الاتحاد الاوروبى والولاياتالمتحدةالامريكية ابلغ الضرر بفقراء المزارعين في افريقيا والاقسام الاكثر فقراً في العالم . فقد مكن الدعم المالى والتسهيلات التى يقدمها الاتحاد الاوروبى مثلاً لصناعة منتجات الالبان المنتجين الاوروبين من البيع في السوق العالمي باقل كثيراً من سعر التكلفة الحقيقية للانتاج مما ترتب عليه عدم قدرة الرعاة في غرب افريقيا على المنافسة مع الالبان المستوردة –على الرغم من انخفاض تكلفة انتاجهم مقارنة بالاوربيين . وبالطبع ترتب على ذلك ، علاوة على افقار المنتجين ، القضاء المبرم على اي فرصة لتطور صناعة وطنية في هذا المجال . ولنأخذ مثال اخر لمنتوج زراعى يهمنا امره الا وهو القطن . ادت سياسة الولاياتالمتحدةالامريكية في دعم مزارعيها عام 2001 الى خفض السعر العالمى للقطن بحوالى نسبة 25 بالمئة مما ادى لافقار 11 مليون مزارع في غرب افريقيا وترجم ذلك في جمهورية بنين بارتفاع نسبة الفقر بحوالى اربعة في المئة . وادت نفس السياسات في دعم منتجى السكر فى امريكا الى خفض سعره العالمي بنسبة 17 في المئة ، بينما تفقد موزمبيق جراء السياسات الجائرة التى يطبقها الاتحاد الاوروبى حول استيراد السكر ما يعادل 70 مليون جنيه استرلينى كل عام هذا يمثل ملمحاً محدوداً لما يمكن ان يجمع شبابنا بشباب العالم . اجندة محددة ، لا توحد شبابنا مع شباب الدول النامية فقط بل تجمعهم مع شباب الدول المتقدمة صناعياً التى تصدر فيها تلك القرارات . وبالفعل هنالك حركة نامية في اوروبا وامريكا اوساط الشباب وغيرهم من الفئات الاجتماعية تدعو الى نظام عالمي اكثر توازناً واكثر عدلاً ، ونحن اكثر من غيرنا حوجة لدعم هذا الاتجاه. من اجل قيام مثل هذه الحركة التى يدعو اليها الاستاذ على عثمان لابد من توفر الحريات في وطننا بشكل كامل غير منقوص ، ليس على مستوى القانون والدستور فحسب بل على مستوى الممارسة والتربية اليومية لشباب الاحزاب الذين توجه الاستاذ على عثمان بالخطاب اليهم بما فيهم شباب الحزب الحاكم . فاذا اخذ فرع من فروع الشباب بحزب المؤتمر الوطنى دعوة السيد نائب الرئيس مأخذ الجد وتوجه الى بعض شباب الاحزاب الاخرى من اجل عمل مشترك ما لواجهت تلك الدعوة صعوبات جمة في ظرفنا السياسي الحالى . سيتحدث المدعوون عن محدودية قدرتهم على الحركة ، على التعبير عن اراءهم ، وعن جدوى وامكانية الفعل المشترك من حيث هو . وبالطبع لا تتوقع هذه الدعوة وبالطريقة التى طرحت بها من الاخرين حشد المؤيد وانما ابداع القادر وعطاءه. اما على المستوى الاقليمى والعالمي ستأخذ شبيبة الشعوب المختلفة مبادراتنا نحو هذه الحركة مأخذ الجد عندما تصدر من شباب ينتمون الى نظام يتمتع اهله بكامل حرياتهم واستقر فيه عقد الحقوق والواجبات . في مثل هذه الحالة تقوى عارضة شبابنا في الحديث عن شعبهم ومصالحه في المحافل الدولية ، ويقدمهم الاخرون ليتحدثوا باسمهم ، وسوف يسمع لهم . ان شباب السودان وبمختلف انتماءاته الفكرية والحزبية لقادر وبلا حدود على ان يساهم في المشروع الشبابى العالمي الذى ينادى به الاستاذ على عثمان محمد طه ، ولكن على حزب المؤتمر الوطني ان يخطو نحو الشباب خطوات واثقة تتجاوز الوعد والتمنى .