المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصِر .. فرحٌ و دماء! .. بقلم : راشيل شابي – القارديان .. ترجمة: علاء خيراوى
نشر في سودانيل يوم 04 - 09 - 2013

الإخوان المسلمون أضاعوا فرصتهم ، والمصريون لن يتنازلوا عن ديمقراطيتهم
بقلم : راشيل شابي - القارديان
ترجمة: علاء خيراوى
إذا ما تحركت الاغلبية الساحقة فى مكان ما لدعم الاستيلاء بالقوة العسكرية المفرطة على السلطة فإنه ربما لا يعنى الشي الكثير محاولة الصاق بها تهمة التخلف و التعطش للدماء أو العجز عن تطبيق الديمقراطية. و لكن الصقت كل هذه الاوصاف على الجماهير في مصر حينما انتهت اول تجربة ديمقراطية قامت بعد ثورة يناير 2011 بعزل و سجن الرئيس المنتخب و ابداله بحكومة معينة من قبل الجيش .
و شهدت تطورات الاحداث فيما بعد مقتل اكثر من الف من انصار "جماعة الإخوان المسلمين" من قبل قوات الأمن في أسبوع واحد؛ وقد تم اعتقال أرقام مماثلة، بما في ذلك عدد من كبار قادة الإخوان المسلمين وقد تم إيقاف وسائل الإعلام المتحدثة و المتعاطفة مع الجماعة و الحكومة المنتخبة و فرضت قوانين الطوارئ على كل الدولة.
ولكن ما الذي يجعل هذه الجموع الكبيرة فى مصر تؤيد و تشجع تحركات الجيش إلى هذه الدرجة؟ فالتحليلات من البعض التى تشير الى أن الغالبية من الشعب كانت دائماً تنتظر الفرصة للسماح بعودة النظام القديم اعتقد انها تحليلات فطيرة. فإذا كان هذا هو الحال، لماذا لم يصوتوا لرجل النظام السابق أحمد شفيق في عام 2012؟ فلقد أخُبرنا من الناخبين غير المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت انهم صوتوا لمرسى لأنه فقط يمثل لهم الخيار الافضل. و قد كانت لهم شكوكهم و لكنهم قرروا ان يعطوا الإخوان الفرصة .
و كانت النتيجة ان اضاع التنظيم فرصتيه فى الحكم التوافقى و توحيد البلاد. فالإستحواذ الإقصائى على السلطة ، و الدستور الذى فرض فرضا على المصريين (أقرته اعداد منخفضة من جموع الشعب) كلها اعمال اثارت الإحتجاجات، فكان رد حكومة جماعة الإخوان المسلمين هو ارسال قوات الامن لسحقها فكانت هى التدابير التي اعُتبرت بمثابة خيانة كبيرة لثورة يناير 2011. و لقد وثَّقت هذه الاحداث "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" حيث اشارت ان إستخدام الشرطة للتعذيب و ان العنف قد استمر في ظل مرسى كما كان الحال ا تحت نظام مبارك المكروه.
و من ناحية اخرى لقد تضاعفت إضربات عمال القطاع العام و المصانع على حد السواء تحت حكم الرئيس مرسى الذين رأوا ان حكم الإخوان ليس أفضل من مبارك عندما يتعلق الأمر بحقوق العمال، و قام نظام مرسى باستعمال القوة فى تفريق هذه الإحتجاجات العمالية التى كانت ضد استهداف النقابيين، وسوء الإدارة والفساد، فضلا عن عدم وجود حد أدنى للأجور وسط تصاعد أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
فتجمعت كل هذه الاحداث لتشكل صورة الحقيقة لفترة ما بعد الثورة و هى ان الجماعة بدأت فى تمزيق اواصر رباط المجتمع المصري – وعند كل منعطف، كان المحللون يحذرون من العواقب الوخيمة من افعالهم الانقسامية المتهورة.
و مع هذا التراكم المتأجج نارا، انهارت الأشياء بسرعة هوجاء نحو العدم. و بدأ تصنيف الخصوم كإرهابيين في بيئة تعمل ضد سيطرة الدولة. ولكن السؤال هل مصر حقاً مختلفة عن البلدان الأخرى في صراع مثل الذى يحدث الأن؟؛ هل هى أكثر قومية؟ وأكثر قابلية للإقتناع ان حكام الامس هم اعداء اليوم الارهابيون؟ وماذا عن جارتها إسرائيل؟ وكم من الوقت إستغرقته الولايات المتحدة و بريطانيا لشراء الإدعاءات التى جردت العراق من إنسانيته و من ثم غزوه؟
وقد أشار محللون إلى أن العديد من المصريين يرى فى الانقلاب وحملات القمع كرد فعل طبيعى ضد التهديد الحقيقي للإرهاب. و يعتقدون ايضا انها معركة تتجاوز السياسة لانها معركة من أجل بقاء مصر كما اشارت الى ذلك الصحافية المصرية البريطانية سارة كار "الملاحظ أن أي شخص لا يتفق مع هذا الرأى فهو معرض للإتهام بالعمالة"
و قد قامت السلطات الجديدة بإغلاق بعض القنوات والمحطات الأجنبية بعد ان وُصِفت بالمعادية، و لم تُترك الا وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة، والقطاع الخاص التى التفت حول راية القومية التى يحميها الجيش . و يبدو الامر كما و لو ان وسائل الإعلام الخاصة ارادت الإنتقام من جماعة الإخوان المسلمين التي بادرتها العداء عندما كانت في السلطة. او لربما يتصرفون فقط ببساطة كما تفعل كل وسائل الإعلام في أي مكان فى العالم في أوقات الحرب أو الأزمات و هو التضحية بالإحترافية من اجل القومية. او لربما يكون السبب هو الجنرال عبد الفتاح السيسي الشخصية التى تمتلك الجاذبية الإعلامية بنظارته الانيقة وحديثه الشبه ناصري والمسافة التى سارها بعيدا عن عهد مبارك المكروه.
وعلى أية حال، يقول المعلقون أن المشهد الإعلامي المصرى يشهد الآن وابل دون توقف من الأغاني القومية مصحوبة بصور السيسي كبطل قومى مع الهتاف و التمجيد من قبل الحشود المصرية، مع ملصقات شعارات تعلن ان الدولة المصرية في حالة حرب مع جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابيين"، كنوع منحط من بالبشر تستوجب التعامل معه و القضاء عليه. و لكن بالطبع لا شيء يمكن ان يبرر الهجمات الشرسة على الاعتصامات المؤيدة لمرسى و التى وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها "أخطر حادث قتل جماعي غير قانوني في التاريخ المصري الحديث". و كذلك لا شيء يبرر قلة الغضب داخل مصر نفسها لهذه الدماء التى اريقت و لاعمال العنف التى كانت ممكن ان تتجنب.
لكن كل هذا سوف يكون مهما يوما ما للمصريين عندما يضطرون لأن يثوروا مرة أخرى، ضد الجيش ( اظن انهم حتما سيفعلون) اذا ما تراجع الجيش عن وعوده لأنه لا يمكن ابدا تصور انه و بعد كل هذه التضحيات الجسام يتخلى الشعب المصرى عن مطالبه الثورية من "خبز وحرية وعدالة".
فعلى التنظيمات السياسية جميعها دون إقصاء إيجاد وسيلة للتعاون إذا كان لمصر أن تخلص نفسها من الحكم العسكري الى الابد و تقيم نظاما ديمقراطيا حقيقيا و كذلك تُصلح من أجهزتها الأمنية. و عندما تأتى تلك اللحظة فقط يستطيع كل الذين ثاروا ضد حكم الاخوان ان ينظروا بثقة فى عين الجماعة ويشرحوا لهم كيف سمحوا للجيش ان يقضى على حكم مرسى.
الرابط لاصل المقال
http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/aug/25/egypt-coup-muslim-brotherhood
مع تحياتى
علاء خيراوى
[email protected]
////////////////////
قراءة ثانية للإسلام السياسى و للثورة الاكبر خلال عقود
كيف قضت مصر على الإسلام السياسى
""الثورة المستمرة هى الطريق الوحيد لتفادى الحرب الاهلية
بقلم: شموس كوك
[email protected]
ترجمة: علاء خيراوى
بشّرت الولادة الجديدة للثورة المصرية فى الثلاثين من يونيو 2013 بوفاة اول حكومة للاخوان المسلمين. و لكن الذى يزعجنى هو قصر نظر بعض المحللين الذين يصفون الامر على انه إنقلاب عسكرى.
انا لا اختلف مع الذين يقولون ان الجيش يظل يبحث دائما عن موطئ قدم له فى الساحة المصرية فى استجابة لرغبة قوية من بعض قطاعات الشعب المصرى، و لكنه فى رائى فى ذات الوقت يدرك جنرالته اكثر من اى طرف آخر القيود المُكبّلة لهم داخل اللعبة السياسية المصرية بعد ثورة 25 يناير، و لكن الحقيقة هى ان ما حدث فى الثلاثين من يونيو لم يكن باى حال من الاحوال خلط لاوراق اللعب على مستوى النخبة الحاكمة فى مصر و انما طوفان عارم من جموع الشعب.
فى واقع الامر ان الشعب المصري فى ذلك اليوم كان قد دمر بالفعل نظام مرسى (على سبيل المثال المباني الحكومية كانت اما قد احُتّلت أو اُغلقت من قبل الشعب)، و كان ذلك سببا كافيا لتدخل الجيش و هو نفس السبب الذى حدث لنظام مبارك، فإستحضر الجنرالات مبدأ معروف لهم وهو انه يجب فى مثل هذه الحالات الخارجة عن السيطرة ان تقود الجماهير بدلا من ان تقودك هى. فلقد ظلت الجماهير المصرية منذ ان قامت بثورتها ضد حكم مبارك هى التى تجلس فى مقعد القيادة مهما حاول الاخرون القفز فوق مطالبها من محاولات عديدة لتكوين حكومات إنقاذ وطنى الواحدة تلو الاخرى، و عندها علم الجنرالات انهم عليهم ان يتحدوا و يعملوا و يتحركوا من اجل الحفاظ على شرعية قيادة الشعب المواصل لثورته.
فالشرعية السياسية-لا سيما في أوقات الثورة — يجب أن تُكسب كسبا لا ان تفترض إفتراضا. الشرعية الثورية تُكسب من اتخاذ إجراءات جريئة لتلبية المطالب السياسية للشعب: فرص العمل، و حق السكن، والخدمات العامة، إلخ. اما "الديموقراطية" التي تمثل الطبقة العليا فقط في مصر كما كان الحال فى عهد حكومة"جماعة الإخوان المسلمين" ، لا يمكن لها ان تخرج من ثورة كثورة الشعب المصرى فى 25 يناير و يكتب لها الاستمرار طويلا؛ و لذلك سرعان ما دمُرت بواسطة شكل اعلى من أشكال الديمقراطية الثورية.
و لا شك ان العمر القصير و الغير مُلهم لأول حكومة للاخوان المسلمين سيغير مجرى التاريخ في الشرق الأوسط، فجماعة الإخوان المسلمين المصرية لا شك انها قدمت خدمة كبيرة دون ان تدرى بفضح أيديولوجيتها السياسية والاقتصادية التى تستند فى جوهرها على السياسات الاقتصادية للرأسمالية الغربية التي تخدم فقط المؤسسات المالية التى تأتمر بأمر صندوق النقد الدولي، في حين منع أي إجراءات حقيقية لمعالجة أزمة البطالة و عدم المساواة الهائل الناتج من سياسات الخصخصة الليبرالية الحديثة التى سادت فى المجتمع المصرى.
فحين ننظر الى ما فعلته جماعة الإخوان المسلمين مع التركة الفاسدة التي ورثتها من عهد مبارك نجد انهم حاولوا التكيف معها تماما حيث انهم كانوا فى محاولات دائمة للتقرب من الجيش المصري و مغازلة اجهزة الأمن، و قاموا ايضا بإغراء رجال الدكتاتورية السابقين و كذلك الولايات المتحدة مع تقديم الحماية للمجرمين من عهد مبارك فى مواجهة العدالة.
السياسة الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين كانت هى نفسها سياسة مبارك، ساندت إسرائيل على حساب الفلسطينيين، وحابت المتمردين السوريين المدعومة من الولايات المتحدة ضد الحكومة السورية، مع الابقاء على سياسة مناهضة إيران بتأييدات مالية و مادية و معنوية من راعى "جماعة الإخوان المسلمين" فى العالم ، النظام الملكى للدولة الغنية بالنفط قطر الذي ساعد في توجيه السياسة الخارجية للحكومة المصرية.
فلقد تبعت جماعة الإخوان المسلمين نفس السياسات الدكتاتورية لأنها تخدم مصالح النخبة نفسها و الطبقة الاجتماعية ذاتها. ونتيجة لذلك، لم يعد الإسلام السياسي هدفا للملايين فى مصر و الشرق الأوسط الذين ظنوا ان الاإخوان سوف يتبنون سياسات جديدة تخدم الاحتياجات الحقيقية لسكان المنطقة.
و على ضو ذلك فقد الإسلام السياسي خارج مصر مصداقيته سريعاً و فى خلال فترة بسيطة فى كل انحاء الشرق الأوسط.، ففي تركيا مثلا كانت الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت، في جزء منه،كرد فعل على السياسات الاقتصادية المحافظة و سياسية والسوق المتبعة من قبل حكومة اردوغان ذات التوجهات الاسلامية.
و كذلك إختار الشعب الإيراني مؤخرا اكثر المرشحين اعتدالا دينياً لتمثيلهم بما يتوافق مع نظامهم السياسى. و هو مرشح أثارت حملته الانتخابية موجة جماهيرية حركية ناشئة لا تخطئها العين.
فى حين ان جماعة الإخوان المسلمين السورية صارت رهينة للسياسة الخارجية الأمريكية ضد الحكومة السورية حينما شاركت الولايات المتحدة- فى تشكيل "حكومة انتقالية" لتتولى السلطة على الاقل نظرياً بعد القضاء على نظام بشار الاسد. الا ان الانتصارات الميدانية للحكومة السورية والثورة المصرية الجديدة و اقصاء مرسى سيكون له تاثيره السلبى على الاخوان المسلمين فى سوريا.
على مدار التاريخ لم ينجو الإسلام السياسي من تلطيخ مسئ من قبل العديد من الملكيات الحاكمة فى منطقة الشرق الأوسط. و على وجه الخصوص استغلال الاسلام من قبل المملكة العربية السعودية التى تعد الحاضن الاول له ، حيث تخصص نسخة أصولية من الشريعة لتطبق على الجماهير السعودية، بينما يتمتع النظام الملكي السعودي فى اعلى قمته و عائلته المالكة بحماية كاملة لممارسة اى سلوك غير قانوني ترتكبه
و للمملكة العربية السعودية مصدر وحيد للشرعية السياسية هو تمثيلهم لدور"حامي حمى الإسلام" كصفة شبه مقدسة بالنسبة للمسلمين و ذلك لوجود الاماكن المقدسة داخل الاراضى السعودية، و كذلك الإمبراطورية العثمانية التي تم تدميرها في الحرب العالمية الأولى و التى كانت هى أيضا تكسب شرعيتها من كونها "المدافع عن الإسلام" – و من ثم قامت باستغلال الإسلام للحصول على السلطة السياسية والمالية.
الإسلام ليس الدين الوحيد الذي تم استغلاله من قبل النخب. فالطبقة الحاكمة فى إسرائيل اليهودية دنست الدين اليهودى من خلال استخدامه لإضفاء الشرعية على الدولة العنصرية والسياسات التوسعية. و هى دولة قومية تستند إلى الدين و تعامل الأقليات الدينية الاخرى كمواطنين من الدرجة الثانية، بينما يعني ذلك ضمناً أن "الجماعات الدينية اليهودية المحافظة"، تتمتع بنفوذ أكبر و تمنح امتيازات اكثر من قبل الدولة.
الامر ايضا موجود فى الولايات المتحدة بالنسبة للحزب الجمهوري (وبصورة اصبحت متزايدة فى الحزب الديمقراطى) الذى يعتمد فى شرعيته بصورة كبيرة على الأصولية المسيحية، والنتيجة الحتمية لذلك هى التمييز ضد غير المسيحيين، و خاصة المسلمين. فالجمهوريون يستعملون هذه القاعدة المسيحية الأصولية ضد المهاجرين والمسلمين والمثليين جنسياً، مما يتيح لهم الغطاء لاتباع سياسة خارجية تعتمد اعتمادا كبيرا على الشركات الكبرى و المؤسسة العسكرية.
وُلد الاسلام السياسي في الشرق الأوسط فى التاريخ الحديث على ايدى القوى الغربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، من خلال تنصيب ودعم الملكيات عبر منطقة الشرق الأوسط و ذلك رغبة فرضها كواقع إستعمارى للحفاظ على النفط الرخيص مع ضمان التبعية العمياء للدول الصناعية الامبريالية من هذه الحكومات الهشة، فلم تتردد هذه الحكومات باستخدام نسخة أصولية من الإسلام كمصدر أساسي للشرعية لضمان تبعية الجماهير البسيطة لهم.
و بمرور الوقت وسعت هذه السياسة الإسلامية الاستغلالية المدعومة من الغرب لمحاربة صعود الحكومات الاشتراكية العربية القوية التي كانت تفضل النمط السوفياتي للحكم و الذى كان ينادى بالملكية العامة المطلقة لموارد الدولة. و كان اول من بادر الى ذلك الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذى ما زال يمثل رمزا سياسيا و نضاليا لكثيرين فى الوطن العربى (قد استعرض عميل المخابرات المركزية المتقاعد روبرت باير هذه الديناميكية الإسلاموية و مكافحة السوفيت في كتابه الممتاز النوم مع الشيطان، "كيف باعت واشنطن ارواحنا مقابل البترول السعودى)."
وعندما قامت عدة من البلدان العربية — مثل سوريا و العراق وليبيا وتونس -بإتباع النموذج الناصرى المصرى في الستينيات من القرن الماضى و من ثم قامت باتخاذ اجراءات ضد مصالح الشركات الغربية الغنية بتأميمها ،حينها قررت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية الاعتماد اكثر و بشدة أكبر من أي وقت مضى على "جماعة الإخوان المسلمين" وغيرهم من المتطرفين الإسلاميين فى زعزعة استقرار هذه الدول و العمل على توجيه سياساتهم اكثر فى اتجاه اليمين.
وعندما حاولت "جماعة الإخوان المسلمين" إغتيال جمال عبد الناصر في مصر، قام النظام الاشتراكى فى مصر حينها باستخدام القمع المنظم للدولة لتدمير الجماعة، فما كان من أعضائها الا الهرب إلى سوريا والمملكة العربية السعودية. ثم حاولت الجماعة ايضا إغتيال الرئيس السوري حافظ الأسد والد بشار الأسد — فما كان من النظام فى سوريا الا ان قام باتباع سياسة مشابهة لما قام به جمال عبد الناصر فى مصر و قام فعليا بتدمير شبه كامل لجماعة الاخوان المسلمين فرع سوريا. و كذلك فعل القذافي في ليبيا والحبيب بورقيبة فى تونس – و اللذان كانا يتمتعان بشعبية كبيرة لسنوات فى بلديهما – عندما قاما باتخاذ إجراءات عقابية شرسة ضد التكتيكات العدوانية الرجعية لجماعة الاخوان المسلمين فى بلديهما و التي ظلت محمية و تحت الرعاية و الدعم من الولايات المتحدة بالتعاون مع المملكة العربية السعودية.
توسعت هذه السياسة التى تهدف الى إستخدام الإسلاميين المتطرفين ضد الدول المتحالفة مع الاتحاد السوفيتى حينهامن قبل الولايات المتحدة والمملكة و العربية السعودية الى التمويل و التسليح و التدريب للمجموعات (التى باتت تعرف لاحقا بتنظيم القاعدة وحركة طالبان) ضد الحكومة الأفغانية التى كانت متحالفة حينها مع الاتحادالسوفياتي. و بعد ما حققت الهدف من اخراج الاتحاد السوفيتى من افغانستان و من ثم اضعاف المعسكر الشرقى حينها تم تطبيق نفس السياسة فى يوغوسلافيا، حيث استمرت الحكومة الامريكية و المملكة العربية السعودية بتمويل الإسلاميين المتطرفين، من خلال دعم المجموعة المعروفة باسم "جيش تحرير كوسوفو" و قامت فى وقت لاحق باستهداف حكومة يوغسلافيا التى كانت تتبع النوذج الاشتراكى للاتحاد السوفيتى. و الآن يجري توظيف ذات الإسلاميين المتطرفين الذين تدعمهم السعودية ضد الحكومة السورية.
و مع سقوط الاتحاد السوفياتي، لم تجد الدول العربية الشبه اشتراكية و التى وجدت نفسها معزولة اقتصاديا و سياسيا عن النظام العالمى الجديد، و قد كانت فى السابق تعتمد بشكل كبير على الامبراطورية السوفيتية فى التجارة و الدعم، لم تجد مخرج الا ان تتحول مجبرة نحو تبنى سياسات رأسمالية غربية فى المحاولة لانقاذ الوضع بحقن اقتصادياتها بروؤس الاموال من خلال الاستثمارات الاجنبية و ايجاد سبل جديدة للتجارة.
تطّلب هذا التحول ارساء سياسات ليبرالية جديدة لا سيما خِططْ للخصخصة على نطاق واسع ، فادّى ذلك الى اجترار شروخ بنيوية فى هياكل اقتصادات هذه الدول و نتج عن ذلك ظهور عدم المساواة بصورة كبيرة و كذلك البطالة بارقام مخيفة، و في نهاية المطاف تحول الهم الاقتصادى الى مُحفّز مؤثر لظهور الحركات الثورية التي تعرف الآن باسم الربيع العربي. ومن المفارقات التاريخية و لمكافحة شعبيتهم المتضائلة خففت هذه الأنظمة القيود المفروضة على الأحزاب الإسلامية كوسيلة لتوجيه الطاقة بعيداً عن المطالب الاقتصادية و ايضا لاستعمالها مرة اخرى كعامل موازنة لليسار السياسي المعارض اصلا لهذه الانظمة.
للمرء ان يلخّص ان الربيع العربي نجح فى الإطاحة بهذه الديكتاتوريات، و لكنه ايضا فشل فى تقديم البديل السياسي الجاهز و المنظم. اما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين فلقد كانت جزء من هذه القوى التى امتصها هذا الفراغ، و لكن سرعان ما خرجت منه بحكم جاهزيتها التنظيمية النسبية كبديل سياسي لتحقيق مطالب الحركة الثورية فى مصر و فى منطقة الشرق الأوسط ككل.
و على الرغم من أن الجيش المصري مرة أخرى استولى على زمام السلطة المؤسسية في مصر، و لكنه فى رائى يتفهم تماما عدم الثقة الشعبية في المؤسسة العسكرية ما بعد نظام مبارك الذى امتد فى الحكم لمدة طويلة جدا، و كذلك تتفهم المؤسسة العسكرية فى مصر محدودية قدرتها على التصرف بعد ثورة 25 يناير، و خصوصا ان اى قمع جماعي لن يزيد الوضع فى مصر الا تعقيدا و إشتعالا قد يؤدى الى الثورة مجددا وربما يؤدى الى انقسام داخل الؤسسة العسكرية نفسها بنفس الطريقة عندما ارتفع سابقا الرئيس جمال عبد الناصر الضابط الصغير إلى السلطة في انقلاب يساري (نوع مماثل من انقلاب"هوغو شافيز" الذى فشل قبل ان يصبح رئيسا منتخبا لفنزويلا) .
في نهاية المطاف فأن "جماعة الإخوان المسلمين" وغيرها من المنظمات المعروفة بجماعات الاسلام السياسى المشابهة لا تعتبرتمثيلا طبيعيا عن المواقف الدينية للناس في الشرق الأوسط، ولكنها فى طبيعتها مخلوقات سياسية غير طبيعية تخدم اهداف جغرافيا-سياسية بجدول أعمال محدد، تضعه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
الشعب المصري الآن لديه مخزون تجربة عملية لحكم الإسلام السياسي، وقد قام فى الثلاثين من يونيو بلفظها و تخطيها بنفس الطريقة التى تتخطى بها دبابة مطّبا. مما يستوجب البحث عن سياسات جديدة تقوم على أيديولوجية سياسية اقتصادية مختلفة تناسب الاحتياجات الفعلية للشعب المصرى.
و حتى موعد اكتشاف الجماهير المصرية لصيغة انظمة حكم تخدم احتياجات الشعب، لا شك انه سوف تتعاقب الحكومات الواحدة تلو الأخرى في محاولة لضبط النخب في مصر ومؤيديهم فى الخارج. و سوف تُسقط هذه الحكومات حتى تخرج واحدة فى نهاية الامر تُرضى تطلعات الشعب.
هناك خوف مبرر من أن "جماعة الإخوان المسلمين" قد تختار العمل المسلح فى مصر بنفس الطريقة التي ادخل فيها الاسلاميون الجزائر فى الحرب الأهلية عندما ألغى الجيش الانتخابات التى فازوا فيها فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى فيقول اعضاء الجماعة فى مصر "لقد حاولنا الديمقراطية وحرمونا الفوز فيها".
ولكن يكون الرد على ذلك ان الثورة فى حد ذاتها هى أعظم تعبير عن الديمقراطية، وفقط بتوسيع نطاق الثورة يمكن حينها تفادي الحرب الأهلية المحتملة بين جماعة الإخوان المسلمين والجيش. و يمكن جدا للشعب المصرى ان يُضعف كلا الفريقين بحركة ثورية مستمرة يكون هدفها الاول تحسين الأحوال المعيشية لجميع المصريين وفق مطالب محددة للغالبية الثائرة. فالرتب الدنيا من الجيش و من "جماعة الإخوان المسلمين" سوف تساند هذه الثورة الشئ الذى يمهد الطريق لإيجاد طريق جديد للبلد بعيدا عن الحرب الاهلية.
فقد تّعلم الكثير من الثوريين في مصر الاف الدروس السياسية في سنوات قليلة و لذلك لا اعتقد انهم سوف يسمحون للجيش بالاستيلاء على السلطة مرة اخرى. فالثورة المصرية هى الاقوى خلال عقود و قد قامت بالفعل باعادة رسم ملامح الشرق الأوسط و سوف تلعب دورها القيادى هذا حتى يتم الوفاء باحتياجات الشعب المصرى و شعوب المنطقة .
نٌشر المقال يوم
08/10/2013
على الرابط التالى
http://www.counterpunch.org/2013/07/08/how-egypt-killed-political-islam/
علاء الدين خيراوى Khirawi [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.