تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    وزارة الصحة تستقبل طائرة مساعدات إنسانية وطبية تركية تبلغ 37 طناً لمكافحة الكوليرا    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    الجيش الشعبي يحرر (الدشول) الاستراتيجية بجنوب كردفان    "الدعم السريع" تبسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الشفرليت العسكرية    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصِر .. فرحٌ و دماء! .. بقلم : راشيل شابي – القارديان .. ترجمة: علاء خيراوى
نشر في سودانيل يوم 04 - 09 - 2013

الإخوان المسلمون أضاعوا فرصتهم ، والمصريون لن يتنازلوا عن ديمقراطيتهم
بقلم : راشيل شابي - القارديان
ترجمة: علاء خيراوى
إذا ما تحركت الاغلبية الساحقة فى مكان ما لدعم الاستيلاء بالقوة العسكرية المفرطة على السلطة فإنه ربما لا يعنى الشي الكثير محاولة الصاق بها تهمة التخلف و التعطش للدماء أو العجز عن تطبيق الديمقراطية. و لكن الصقت كل هذه الاوصاف على الجماهير في مصر حينما انتهت اول تجربة ديمقراطية قامت بعد ثورة يناير 2011 بعزل و سجن الرئيس المنتخب و ابداله بحكومة معينة من قبل الجيش .
و شهدت تطورات الاحداث فيما بعد مقتل اكثر من الف من انصار "جماعة الإخوان المسلمين" من قبل قوات الأمن في أسبوع واحد؛ وقد تم اعتقال أرقام مماثلة، بما في ذلك عدد من كبار قادة الإخوان المسلمين وقد تم إيقاف وسائل الإعلام المتحدثة و المتعاطفة مع الجماعة و الحكومة المنتخبة و فرضت قوانين الطوارئ على كل الدولة.
ولكن ما الذي يجعل هذه الجموع الكبيرة فى مصر تؤيد و تشجع تحركات الجيش إلى هذه الدرجة؟ فالتحليلات من البعض التى تشير الى أن الغالبية من الشعب كانت دائماً تنتظر الفرصة للسماح بعودة النظام القديم اعتقد انها تحليلات فطيرة. فإذا كان هذا هو الحال، لماذا لم يصوتوا لرجل النظام السابق أحمد شفيق في عام 2012؟ فلقد أخُبرنا من الناخبين غير المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت انهم صوتوا لمرسى لأنه فقط يمثل لهم الخيار الافضل. و قد كانت لهم شكوكهم و لكنهم قرروا ان يعطوا الإخوان الفرصة .
و كانت النتيجة ان اضاع التنظيم فرصتيه فى الحكم التوافقى و توحيد البلاد. فالإستحواذ الإقصائى على السلطة ، و الدستور الذى فرض فرضا على المصريين (أقرته اعداد منخفضة من جموع الشعب) كلها اعمال اثارت الإحتجاجات، فكان رد حكومة جماعة الإخوان المسلمين هو ارسال قوات الامن لسحقها فكانت هى التدابير التي اعُتبرت بمثابة خيانة كبيرة لثورة يناير 2011. و لقد وثَّقت هذه الاحداث "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" حيث اشارت ان إستخدام الشرطة للتعذيب و ان العنف قد استمر في ظل مرسى كما كان الحال ا تحت نظام مبارك المكروه.
و من ناحية اخرى لقد تضاعفت إضربات عمال القطاع العام و المصانع على حد السواء تحت حكم الرئيس مرسى الذين رأوا ان حكم الإخوان ليس أفضل من مبارك عندما يتعلق الأمر بحقوق العمال، و قام نظام مرسى باستعمال القوة فى تفريق هذه الإحتجاجات العمالية التى كانت ضد استهداف النقابيين، وسوء الإدارة والفساد، فضلا عن عدم وجود حد أدنى للأجور وسط تصاعد أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
فتجمعت كل هذه الاحداث لتشكل صورة الحقيقة لفترة ما بعد الثورة و هى ان الجماعة بدأت فى تمزيق اواصر رباط المجتمع المصري – وعند كل منعطف، كان المحللون يحذرون من العواقب الوخيمة من افعالهم الانقسامية المتهورة.
و مع هذا التراكم المتأجج نارا، انهارت الأشياء بسرعة هوجاء نحو العدم. و بدأ تصنيف الخصوم كإرهابيين في بيئة تعمل ضد سيطرة الدولة. ولكن السؤال هل مصر حقاً مختلفة عن البلدان الأخرى في صراع مثل الذى يحدث الأن؟؛ هل هى أكثر قومية؟ وأكثر قابلية للإقتناع ان حكام الامس هم اعداء اليوم الارهابيون؟ وماذا عن جارتها إسرائيل؟ وكم من الوقت إستغرقته الولايات المتحدة و بريطانيا لشراء الإدعاءات التى جردت العراق من إنسانيته و من ثم غزوه؟
وقد أشار محللون إلى أن العديد من المصريين يرى فى الانقلاب وحملات القمع كرد فعل طبيعى ضد التهديد الحقيقي للإرهاب. و يعتقدون ايضا انها معركة تتجاوز السياسة لانها معركة من أجل بقاء مصر كما اشارت الى ذلك الصحافية المصرية البريطانية سارة كار "الملاحظ أن أي شخص لا يتفق مع هذا الرأى فهو معرض للإتهام بالعمالة"
و قد قامت السلطات الجديدة بإغلاق بعض القنوات والمحطات الأجنبية بعد ان وُصِفت بالمعادية، و لم تُترك الا وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة، والقطاع الخاص التى التفت حول راية القومية التى يحميها الجيش . و يبدو الامر كما و لو ان وسائل الإعلام الخاصة ارادت الإنتقام من جماعة الإخوان المسلمين التي بادرتها العداء عندما كانت في السلطة. او لربما يتصرفون فقط ببساطة كما تفعل كل وسائل الإعلام في أي مكان فى العالم في أوقات الحرب أو الأزمات و هو التضحية بالإحترافية من اجل القومية. او لربما يكون السبب هو الجنرال عبد الفتاح السيسي الشخصية التى تمتلك الجاذبية الإعلامية بنظارته الانيقة وحديثه الشبه ناصري والمسافة التى سارها بعيدا عن عهد مبارك المكروه.
وعلى أية حال، يقول المعلقون أن المشهد الإعلامي المصرى يشهد الآن وابل دون توقف من الأغاني القومية مصحوبة بصور السيسي كبطل قومى مع الهتاف و التمجيد من قبل الحشود المصرية، مع ملصقات شعارات تعلن ان الدولة المصرية في حالة حرب مع جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابيين"، كنوع منحط من بالبشر تستوجب التعامل معه و القضاء عليه. و لكن بالطبع لا شيء يمكن ان يبرر الهجمات الشرسة على الاعتصامات المؤيدة لمرسى و التى وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها "أخطر حادث قتل جماعي غير قانوني في التاريخ المصري الحديث". و كذلك لا شيء يبرر قلة الغضب داخل مصر نفسها لهذه الدماء التى اريقت و لاعمال العنف التى كانت ممكن ان تتجنب.
لكن كل هذا سوف يكون مهما يوما ما للمصريين عندما يضطرون لأن يثوروا مرة أخرى، ضد الجيش ( اظن انهم حتما سيفعلون) اذا ما تراجع الجيش عن وعوده لأنه لا يمكن ابدا تصور انه و بعد كل هذه التضحيات الجسام يتخلى الشعب المصرى عن مطالبه الثورية من "خبز وحرية وعدالة".
فعلى التنظيمات السياسية جميعها دون إقصاء إيجاد وسيلة للتعاون إذا كان لمصر أن تخلص نفسها من الحكم العسكري الى الابد و تقيم نظاما ديمقراطيا حقيقيا و كذلك تُصلح من أجهزتها الأمنية. و عندما تأتى تلك اللحظة فقط يستطيع كل الذين ثاروا ضد حكم الاخوان ان ينظروا بثقة فى عين الجماعة ويشرحوا لهم كيف سمحوا للجيش ان يقضى على حكم مرسى.
الرابط لاصل المقال
http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/aug/25/egypt-coup-muslim-brotherhood
مع تحياتى
علاء خيراوى
[email protected]
////////////////////
قراءة ثانية للإسلام السياسى و للثورة الاكبر خلال عقود
كيف قضت مصر على الإسلام السياسى
""الثورة المستمرة هى الطريق الوحيد لتفادى الحرب الاهلية
بقلم: شموس كوك
[email protected]
ترجمة: علاء خيراوى
بشّرت الولادة الجديدة للثورة المصرية فى الثلاثين من يونيو 2013 بوفاة اول حكومة للاخوان المسلمين. و لكن الذى يزعجنى هو قصر نظر بعض المحللين الذين يصفون الامر على انه إنقلاب عسكرى.
انا لا اختلف مع الذين يقولون ان الجيش يظل يبحث دائما عن موطئ قدم له فى الساحة المصرية فى استجابة لرغبة قوية من بعض قطاعات الشعب المصرى، و لكنه فى رائى فى ذات الوقت يدرك جنرالته اكثر من اى طرف آخر القيود المُكبّلة لهم داخل اللعبة السياسية المصرية بعد ثورة 25 يناير، و لكن الحقيقة هى ان ما حدث فى الثلاثين من يونيو لم يكن باى حال من الاحوال خلط لاوراق اللعب على مستوى النخبة الحاكمة فى مصر و انما طوفان عارم من جموع الشعب.
فى واقع الامر ان الشعب المصري فى ذلك اليوم كان قد دمر بالفعل نظام مرسى (على سبيل المثال المباني الحكومية كانت اما قد احُتّلت أو اُغلقت من قبل الشعب)، و كان ذلك سببا كافيا لتدخل الجيش و هو نفس السبب الذى حدث لنظام مبارك، فإستحضر الجنرالات مبدأ معروف لهم وهو انه يجب فى مثل هذه الحالات الخارجة عن السيطرة ان تقود الجماهير بدلا من ان تقودك هى. فلقد ظلت الجماهير المصرية منذ ان قامت بثورتها ضد حكم مبارك هى التى تجلس فى مقعد القيادة مهما حاول الاخرون القفز فوق مطالبها من محاولات عديدة لتكوين حكومات إنقاذ وطنى الواحدة تلو الاخرى، و عندها علم الجنرالات انهم عليهم ان يتحدوا و يعملوا و يتحركوا من اجل الحفاظ على شرعية قيادة الشعب المواصل لثورته.
فالشرعية السياسية-لا سيما في أوقات الثورة — يجب أن تُكسب كسبا لا ان تفترض إفتراضا. الشرعية الثورية تُكسب من اتخاذ إجراءات جريئة لتلبية المطالب السياسية للشعب: فرص العمل، و حق السكن، والخدمات العامة، إلخ. اما "الديموقراطية" التي تمثل الطبقة العليا فقط في مصر كما كان الحال فى عهد حكومة"جماعة الإخوان المسلمين" ، لا يمكن لها ان تخرج من ثورة كثورة الشعب المصرى فى 25 يناير و يكتب لها الاستمرار طويلا؛ و لذلك سرعان ما دمُرت بواسطة شكل اعلى من أشكال الديمقراطية الثورية.
و لا شك ان العمر القصير و الغير مُلهم لأول حكومة للاخوان المسلمين سيغير مجرى التاريخ في الشرق الأوسط، فجماعة الإخوان المسلمين المصرية لا شك انها قدمت خدمة كبيرة دون ان تدرى بفضح أيديولوجيتها السياسية والاقتصادية التى تستند فى جوهرها على السياسات الاقتصادية للرأسمالية الغربية التي تخدم فقط المؤسسات المالية التى تأتمر بأمر صندوق النقد الدولي، في حين منع أي إجراءات حقيقية لمعالجة أزمة البطالة و عدم المساواة الهائل الناتج من سياسات الخصخصة الليبرالية الحديثة التى سادت فى المجتمع المصرى.
فحين ننظر الى ما فعلته جماعة الإخوان المسلمين مع التركة الفاسدة التي ورثتها من عهد مبارك نجد انهم حاولوا التكيف معها تماما حيث انهم كانوا فى محاولات دائمة للتقرب من الجيش المصري و مغازلة اجهزة الأمن، و قاموا ايضا بإغراء رجال الدكتاتورية السابقين و كذلك الولايات المتحدة مع تقديم الحماية للمجرمين من عهد مبارك فى مواجهة العدالة.
السياسة الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين كانت هى نفسها سياسة مبارك، ساندت إسرائيل على حساب الفلسطينيين، وحابت المتمردين السوريين المدعومة من الولايات المتحدة ضد الحكومة السورية، مع الابقاء على سياسة مناهضة إيران بتأييدات مالية و مادية و معنوية من راعى "جماعة الإخوان المسلمين" فى العالم ، النظام الملكى للدولة الغنية بالنفط قطر الذي ساعد في توجيه السياسة الخارجية للحكومة المصرية.
فلقد تبعت جماعة الإخوان المسلمين نفس السياسات الدكتاتورية لأنها تخدم مصالح النخبة نفسها و الطبقة الاجتماعية ذاتها. ونتيجة لذلك، لم يعد الإسلام السياسي هدفا للملايين فى مصر و الشرق الأوسط الذين ظنوا ان الاإخوان سوف يتبنون سياسات جديدة تخدم الاحتياجات الحقيقية لسكان المنطقة.
و على ضو ذلك فقد الإسلام السياسي خارج مصر مصداقيته سريعاً و فى خلال فترة بسيطة فى كل انحاء الشرق الأوسط.، ففي تركيا مثلا كانت الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت، في جزء منه،كرد فعل على السياسات الاقتصادية المحافظة و سياسية والسوق المتبعة من قبل حكومة اردوغان ذات التوجهات الاسلامية.
و كذلك إختار الشعب الإيراني مؤخرا اكثر المرشحين اعتدالا دينياً لتمثيلهم بما يتوافق مع نظامهم السياسى. و هو مرشح أثارت حملته الانتخابية موجة جماهيرية حركية ناشئة لا تخطئها العين.
فى حين ان جماعة الإخوان المسلمين السورية صارت رهينة للسياسة الخارجية الأمريكية ضد الحكومة السورية حينما شاركت الولايات المتحدة- فى تشكيل "حكومة انتقالية" لتتولى السلطة على الاقل نظرياً بعد القضاء على نظام بشار الاسد. الا ان الانتصارات الميدانية للحكومة السورية والثورة المصرية الجديدة و اقصاء مرسى سيكون له تاثيره السلبى على الاخوان المسلمين فى سوريا.
على مدار التاريخ لم ينجو الإسلام السياسي من تلطيخ مسئ من قبل العديد من الملكيات الحاكمة فى منطقة الشرق الأوسط. و على وجه الخصوص استغلال الاسلام من قبل المملكة العربية السعودية التى تعد الحاضن الاول له ، حيث تخصص نسخة أصولية من الشريعة لتطبق على الجماهير السعودية، بينما يتمتع النظام الملكي السعودي فى اعلى قمته و عائلته المالكة بحماية كاملة لممارسة اى سلوك غير قانوني ترتكبه
و للمملكة العربية السعودية مصدر وحيد للشرعية السياسية هو تمثيلهم لدور"حامي حمى الإسلام" كصفة شبه مقدسة بالنسبة للمسلمين و ذلك لوجود الاماكن المقدسة داخل الاراضى السعودية، و كذلك الإمبراطورية العثمانية التي تم تدميرها في الحرب العالمية الأولى و التى كانت هى أيضا تكسب شرعيتها من كونها "المدافع عن الإسلام" – و من ثم قامت باستغلال الإسلام للحصول على السلطة السياسية والمالية.
الإسلام ليس الدين الوحيد الذي تم استغلاله من قبل النخب. فالطبقة الحاكمة فى إسرائيل اليهودية دنست الدين اليهودى من خلال استخدامه لإضفاء الشرعية على الدولة العنصرية والسياسات التوسعية. و هى دولة قومية تستند إلى الدين و تعامل الأقليات الدينية الاخرى كمواطنين من الدرجة الثانية، بينما يعني ذلك ضمناً أن "الجماعات الدينية اليهودية المحافظة"، تتمتع بنفوذ أكبر و تمنح امتيازات اكثر من قبل الدولة.
الامر ايضا موجود فى الولايات المتحدة بالنسبة للحزب الجمهوري (وبصورة اصبحت متزايدة فى الحزب الديمقراطى) الذى يعتمد فى شرعيته بصورة كبيرة على الأصولية المسيحية، والنتيجة الحتمية لذلك هى التمييز ضد غير المسيحيين، و خاصة المسلمين. فالجمهوريون يستعملون هذه القاعدة المسيحية الأصولية ضد المهاجرين والمسلمين والمثليين جنسياً، مما يتيح لهم الغطاء لاتباع سياسة خارجية تعتمد اعتمادا كبيرا على الشركات الكبرى و المؤسسة العسكرية.
وُلد الاسلام السياسي في الشرق الأوسط فى التاريخ الحديث على ايدى القوى الغربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، من خلال تنصيب ودعم الملكيات عبر منطقة الشرق الأوسط و ذلك رغبة فرضها كواقع إستعمارى للحفاظ على النفط الرخيص مع ضمان التبعية العمياء للدول الصناعية الامبريالية من هذه الحكومات الهشة، فلم تتردد هذه الحكومات باستخدام نسخة أصولية من الإسلام كمصدر أساسي للشرعية لضمان تبعية الجماهير البسيطة لهم.
و بمرور الوقت وسعت هذه السياسة الإسلامية الاستغلالية المدعومة من الغرب لمحاربة صعود الحكومات الاشتراكية العربية القوية التي كانت تفضل النمط السوفياتي للحكم و الذى كان ينادى بالملكية العامة المطلقة لموارد الدولة. و كان اول من بادر الى ذلك الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذى ما زال يمثل رمزا سياسيا و نضاليا لكثيرين فى الوطن العربى (قد استعرض عميل المخابرات المركزية المتقاعد روبرت باير هذه الديناميكية الإسلاموية و مكافحة السوفيت في كتابه الممتاز النوم مع الشيطان، "كيف باعت واشنطن ارواحنا مقابل البترول السعودى)."
وعندما قامت عدة من البلدان العربية — مثل سوريا و العراق وليبيا وتونس -بإتباع النموذج الناصرى المصرى في الستينيات من القرن الماضى و من ثم قامت باتخاذ اجراءات ضد مصالح الشركات الغربية الغنية بتأميمها ،حينها قررت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية الاعتماد اكثر و بشدة أكبر من أي وقت مضى على "جماعة الإخوان المسلمين" وغيرهم من المتطرفين الإسلاميين فى زعزعة استقرار هذه الدول و العمل على توجيه سياساتهم اكثر فى اتجاه اليمين.
وعندما حاولت "جماعة الإخوان المسلمين" إغتيال جمال عبد الناصر في مصر، قام النظام الاشتراكى فى مصر حينها باستخدام القمع المنظم للدولة لتدمير الجماعة، فما كان من أعضائها الا الهرب إلى سوريا والمملكة العربية السعودية. ثم حاولت الجماعة ايضا إغتيال الرئيس السوري حافظ الأسد والد بشار الأسد — فما كان من النظام فى سوريا الا ان قام باتباع سياسة مشابهة لما قام به جمال عبد الناصر فى مصر و قام فعليا بتدمير شبه كامل لجماعة الاخوان المسلمين فرع سوريا. و كذلك فعل القذافي في ليبيا والحبيب بورقيبة فى تونس – و اللذان كانا يتمتعان بشعبية كبيرة لسنوات فى بلديهما – عندما قاما باتخاذ إجراءات عقابية شرسة ضد التكتيكات العدوانية الرجعية لجماعة الاخوان المسلمين فى بلديهما و التي ظلت محمية و تحت الرعاية و الدعم من الولايات المتحدة بالتعاون مع المملكة العربية السعودية.
توسعت هذه السياسة التى تهدف الى إستخدام الإسلاميين المتطرفين ضد الدول المتحالفة مع الاتحاد السوفيتى حينهامن قبل الولايات المتحدة والمملكة و العربية السعودية الى التمويل و التسليح و التدريب للمجموعات (التى باتت تعرف لاحقا بتنظيم القاعدة وحركة طالبان) ضد الحكومة الأفغانية التى كانت متحالفة حينها مع الاتحادالسوفياتي. و بعد ما حققت الهدف من اخراج الاتحاد السوفيتى من افغانستان و من ثم اضعاف المعسكر الشرقى حينها تم تطبيق نفس السياسة فى يوغوسلافيا، حيث استمرت الحكومة الامريكية و المملكة العربية السعودية بتمويل الإسلاميين المتطرفين، من خلال دعم المجموعة المعروفة باسم "جيش تحرير كوسوفو" و قامت فى وقت لاحق باستهداف حكومة يوغسلافيا التى كانت تتبع النوذج الاشتراكى للاتحاد السوفيتى. و الآن يجري توظيف ذات الإسلاميين المتطرفين الذين تدعمهم السعودية ضد الحكومة السورية.
و مع سقوط الاتحاد السوفياتي، لم تجد الدول العربية الشبه اشتراكية و التى وجدت نفسها معزولة اقتصاديا و سياسيا عن النظام العالمى الجديد، و قد كانت فى السابق تعتمد بشكل كبير على الامبراطورية السوفيتية فى التجارة و الدعم، لم تجد مخرج الا ان تتحول مجبرة نحو تبنى سياسات رأسمالية غربية فى المحاولة لانقاذ الوضع بحقن اقتصادياتها بروؤس الاموال من خلال الاستثمارات الاجنبية و ايجاد سبل جديدة للتجارة.
تطّلب هذا التحول ارساء سياسات ليبرالية جديدة لا سيما خِططْ للخصخصة على نطاق واسع ، فادّى ذلك الى اجترار شروخ بنيوية فى هياكل اقتصادات هذه الدول و نتج عن ذلك ظهور عدم المساواة بصورة كبيرة و كذلك البطالة بارقام مخيفة، و في نهاية المطاف تحول الهم الاقتصادى الى مُحفّز مؤثر لظهور الحركات الثورية التي تعرف الآن باسم الربيع العربي. ومن المفارقات التاريخية و لمكافحة شعبيتهم المتضائلة خففت هذه الأنظمة القيود المفروضة على الأحزاب الإسلامية كوسيلة لتوجيه الطاقة بعيداً عن المطالب الاقتصادية و ايضا لاستعمالها مرة اخرى كعامل موازنة لليسار السياسي المعارض اصلا لهذه الانظمة.
للمرء ان يلخّص ان الربيع العربي نجح فى الإطاحة بهذه الديكتاتوريات، و لكنه ايضا فشل فى تقديم البديل السياسي الجاهز و المنظم. اما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين فلقد كانت جزء من هذه القوى التى امتصها هذا الفراغ، و لكن سرعان ما خرجت منه بحكم جاهزيتها التنظيمية النسبية كبديل سياسي لتحقيق مطالب الحركة الثورية فى مصر و فى منطقة الشرق الأوسط ككل.
و على الرغم من أن الجيش المصري مرة أخرى استولى على زمام السلطة المؤسسية في مصر، و لكنه فى رائى يتفهم تماما عدم الثقة الشعبية في المؤسسة العسكرية ما بعد نظام مبارك الذى امتد فى الحكم لمدة طويلة جدا، و كذلك تتفهم المؤسسة العسكرية فى مصر محدودية قدرتها على التصرف بعد ثورة 25 يناير، و خصوصا ان اى قمع جماعي لن يزيد الوضع فى مصر الا تعقيدا و إشتعالا قد يؤدى الى الثورة مجددا وربما يؤدى الى انقسام داخل الؤسسة العسكرية نفسها بنفس الطريقة عندما ارتفع سابقا الرئيس جمال عبد الناصر الضابط الصغير إلى السلطة في انقلاب يساري (نوع مماثل من انقلاب"هوغو شافيز" الذى فشل قبل ان يصبح رئيسا منتخبا لفنزويلا) .
في نهاية المطاف فأن "جماعة الإخوان المسلمين" وغيرها من المنظمات المعروفة بجماعات الاسلام السياسى المشابهة لا تعتبرتمثيلا طبيعيا عن المواقف الدينية للناس في الشرق الأوسط، ولكنها فى طبيعتها مخلوقات سياسية غير طبيعية تخدم اهداف جغرافيا-سياسية بجدول أعمال محدد، تضعه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
الشعب المصري الآن لديه مخزون تجربة عملية لحكم الإسلام السياسي، وقد قام فى الثلاثين من يونيو بلفظها و تخطيها بنفس الطريقة التى تتخطى بها دبابة مطّبا. مما يستوجب البحث عن سياسات جديدة تقوم على أيديولوجية سياسية اقتصادية مختلفة تناسب الاحتياجات الفعلية للشعب المصرى.
و حتى موعد اكتشاف الجماهير المصرية لصيغة انظمة حكم تخدم احتياجات الشعب، لا شك انه سوف تتعاقب الحكومات الواحدة تلو الأخرى في محاولة لضبط النخب في مصر ومؤيديهم فى الخارج. و سوف تُسقط هذه الحكومات حتى تخرج واحدة فى نهاية الامر تُرضى تطلعات الشعب.
هناك خوف مبرر من أن "جماعة الإخوان المسلمين" قد تختار العمل المسلح فى مصر بنفس الطريقة التي ادخل فيها الاسلاميون الجزائر فى الحرب الأهلية عندما ألغى الجيش الانتخابات التى فازوا فيها فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى فيقول اعضاء الجماعة فى مصر "لقد حاولنا الديمقراطية وحرمونا الفوز فيها".
ولكن يكون الرد على ذلك ان الثورة فى حد ذاتها هى أعظم تعبير عن الديمقراطية، وفقط بتوسيع نطاق الثورة يمكن حينها تفادي الحرب الأهلية المحتملة بين جماعة الإخوان المسلمين والجيش. و يمكن جدا للشعب المصرى ان يُضعف كلا الفريقين بحركة ثورية مستمرة يكون هدفها الاول تحسين الأحوال المعيشية لجميع المصريين وفق مطالب محددة للغالبية الثائرة. فالرتب الدنيا من الجيش و من "جماعة الإخوان المسلمين" سوف تساند هذه الثورة الشئ الذى يمهد الطريق لإيجاد طريق جديد للبلد بعيدا عن الحرب الاهلية.
فقد تّعلم الكثير من الثوريين في مصر الاف الدروس السياسية في سنوات قليلة و لذلك لا اعتقد انهم سوف يسمحون للجيش بالاستيلاء على السلطة مرة اخرى. فالثورة المصرية هى الاقوى خلال عقود و قد قامت بالفعل باعادة رسم ملامح الشرق الأوسط و سوف تلعب دورها القيادى هذا حتى يتم الوفاء باحتياجات الشعب المصرى و شعوب المنطقة .
نٌشر المقال يوم
08/10/2013
على الرابط التالى
http://www.counterpunch.org/2013/07/08/how-egypt-killed-political-islam/
علاء الدين خيراوى Khirawi [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.