أكد الرئيس عمر البشير لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للملتقى الاقتصادي الثاني أول من أمس (السبت)، على ضرورة أن تحرص الدولة على تواصل جهودها في الحوار مع الراغبين من حاملي السلاح للتوصل إلى حلول نهائية، والقضاء على جذور الخلاف والتمهيد لفتح صفحة جديدة والسير قدماً لتحقيق التقدم وبناء الوطن. أحسب أنه من الضروري أن تعي وفود التفاوض عند عقد المفاوضات مع الفصائل المسلحة أهمية الحرص على بذل المزيد من الجهود في جلسات الحوار، بغية الوصول إلى توافقات تقرب شقة الخلاف بين أطراف التفاوض. ومن البديهي أن تظهر وفود التفاوض مع الفصائل المسلحة، قدراً من المرونة وإبداء حسن النية، وإظهار الإرادة السياسية في التصريحات التي تتناقلها الوسائط الإعلامية. إذ لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً أن يذهب وفد التفاوض إلى طاولة المفاوضات، معترضاً على أحقية الجهة التي يفاوضها في التفاوض معها. عليه أنه من غير المقبول أن تبدي الدولة حرصها على التفاوض مع الراغبين من حاملي السلاح للتوصل إلى حلول نهائية، تفضي إلى سلام واستقرار دائمين، نجد بعض قياديي المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) يجاهرون بالعداوة، ويبدون الخصومة بالنسبة للذين المطلوب التفاوض معهم سواء أكانوا الجبهة الثورية مجتمعة أم حاملي السلاح فرادى من الحركات المسلحة في دارفور ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ومن الضروري أيضاً أن يتنحى من يجد أنه يصعب عليه التفاوض مع هذه الحركات المسلحة لأسباب نفسية أو غيرها، لأن أمن واستقرار البلاد يتطلب جهداً مقدراً في الوصول مع هذه الحركات إلى سلام. وهذا ما ذهب إليه كثير من الاقتصاديين سواء الذين شاركوا في فعاليات الملتقى الاقتصادي الثاني أو عزفوا عنه لأسباب مختلفة من شخص لآخر. وقد لخص هؤلاء أن أُس معالجة الأوضاع الاقتصادية هو البحث عن معالجات سياسية لقضايا الوطن الراهنة. أخلص إلى أن البحث عن معالجة المشكل الاقتصادي عن طريق علاج المشكل السياسي، كان واضحاً وجلياً في مقال السيد إبراهيم منعم منصور وزير المالية والاقتصاد الوطني الأسبق، الذي لخص مشكلات السودان الاقتصادية في حاجة ماسة إلى معالجات سياسية، لأنها المفتاح السحري لحل قضايا السودان كافة. فمن هنا ينبغي لوفود التفاوض أن تعي هذه المسألة وتعالجها بحصافة، وتأخذ في اعتبارها تأكيد السيد رئيس الجمهورية من أن الدولة حريصة على الحوار مع الراغبين من حاملي السلاح للتوصل إلى حلول نهائية تفضي إلى إرساء دعائم السلام، ومن ثم تنشر الاستقرار في الوطن كافة لتنداح في ربوعه التنمية المستدامة. ويجب أن نلحظ أن بعض هذه الحركات المسلحة بدأت تتحدث عن قبولها لمبدأ الحوار والجلوس للتفاوض مع الحكومة، إذا استشعرت بجديتها في البحث عن مساعي سلام جاد. ومن المؤكد أن الحكومة والمعارضة تبحثان عن مخارج توصلهما إلى بر السلام بأقل الخسائر، والحفاظ على دماء أبناء الوطن الواحد.