فجعت جنوب أفريقيا كما فجع العالم أجمع يوم أمسبرحيل الزعيم نيلسون مانديلا الرمز والأسطورة واتشحت القلوب بالسواد حدادا على رحيل أحد أبرز المناضلين في تاريخ الشعوب ..حيث ترجل أخيرا الفارس الذى لا يشق له غبار بعد صراع مع المرض دام طويلا ..وبدأت جنوب أفريقيا رحلة الحداد على قائدها الملهم ولد نيلسون روليهلالا مانديلا) فى (18 يوليو1918) في قرية صغيرة تدعى ميزو في منطقة ترانسكاي. وهو الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب إفريقيا وأحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كانت متبعة في جنوب إفريقيا. لقبه أفراد قبيلته ب'ماديبا وتعني 'العظيم المبجل', وهو لقب يطلقه افراد عشيرة مانديلا على الشخص الارفع قدرا بينهم وأصبح مرادفا لاسم نيلسون مانديلا. دائما ما اعتبر مانديلا أن المهاتما غاندي المصدر الأكبر لإلهامه في حياته وفلسفته حول نبذ العنف والمقاومة السلمية ومواجهة المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء. بدأ مانديلا في المعارضة السياسية لنظام الحكم في جنوب إفريقيا الذي كان بيد الأقلية البيضاء، ذلك أن الحكم كان ينكر الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا. في 1942انضم مانديلا إلى المجلس الإفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوبالسنغال. وفي عام 1948، انتصر الحزب القومي في الانتخابات العامة، وكان لهذا الحزب ،الذي يحكم من قبل البيض في جنوب إفريقيا، خطط وسياسات عنصرية، منها سياسات الفصل العنصري، وإدخال تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة. وفي تلك الفترة أصبح مانديلا قائدا لحملات المعارضة والمقاومة. كان مانديلا في البداية يدعو للمقاومة الغير مسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عزل في عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة. في عام 1961 أصبح مانديلا رئيسا للجناح العسكري للمجلس الإفريقي القومي. في فبراير1962 اُعتقل مانديلا وحُكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر الغير قانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. وسجن في زنزانة انفرادية في جزيرة روبن ايلاند والتي قضى بها فترة سنوات سجنه الثمانية والعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري. وفي 10 يونيو1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "اتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري". في عام 1985 عُرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض العرض. وبقي في السجن حتى 11 فبراير1990 عندما أثمرت مثابرة المجلس الإفريقي القومي، والضغوطات الدولة عن إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية فريدريك ويليام دى كليرك الذي أعلن ايقاف الحظر الذي كان مفروضا على المجلس الإفريقي. حصل نيلسون مانديلا مع الرئيس فريدريك دكلارك في عام 1993 على جائزة نوبل للسلام.وأصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا (من مايو 1994 الى يونيو 1999). لقد فاجأ مانديلا العالم اذ بالرغم من سنوات سجنه الثمانية والعشرين وصنوف العذاب والاضطهاداتالتي واجهها مع شعبه الأعزل الا أنه خرج من السجن مغسولا من جراحات الماضي حاملا بيده غصن زيتون وحمامة سلام داعيا الجميع الى نبذ العنف ونسيان الماضي الأليم الذى عاشه الشعب في ظل العبودية وقسوة ذكريات سنوات الفصل العنصري فأعطى بذلك العالم نموذجا مبهرا لرجل الدولة الحكيم وانطلقت جنوب أفريقيا من خلال هذا الحس الراقي والأمين الى مقدمة الدول وأصبحت نموذجا للتعايش السلمى والعبور فوق المحن مهما كانت قسوتها. من أقواله : الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات ..فالمرء اما أن يكون حرا أو لا يكون حرا. الى روح مانديلا العظيم ألف سلام