أرسل لي أحد القراء ، وهو بالمناسبة من جمهورية حيرانستان ، إيميلاً ساخراً جاء فيه : ياخي حيرتنا مع محتار بعدين ياخي شنو حكايتك مع القرود؟! ياخي جننتنا كلما نفتح النت نلقاك كاتب مقال أو قصة قصيرة عن القرود ونظريات القرود البريطانية والأمريكية! ثم استطرد القاريء قائلاً بأسلوب شديد السخرية: لا شك أن القرود الطبيعية هي من أعجب المخلوقات على الإطلاق فهي لا تكف عن الركض والتشقلب والقفز المصحوب بالمرح الشديد لكنها لا تكف في ذات الوقت عن مطاردة بعضها البعض ومحاولة سرقة الطعام من بعضها البعض بخبث ومكر متناهيين لكن أنا عندي شك في أن بعض السياسيين في بلادنا قد تطوروا فعلاً من القرود فهم لا يفكرون إلا في التشقلب على حبال السلطة وسرقة موز السلطة من بعضهم البعض ولا يكفون عن المشاجرات والمناورات والمكايدات والتحركات السريعة المريبة التي تزغلل العيون مستخدمين طاقاتهم الصوتية التي لا تنفد في تحقيق أكبر قدر من الصيحات والهمهمات التي تتلف الأعصاب!!!!! من أن فرغت من قراءة الإيميل الساخر حتى انفجرت في ضحكة مدوية الأمر الذي أثار انتباه زوجتي وجعلها تهرع نحوي وتسألني في قلق: يا راجل قول بسم الله ، بتضحك براك مالك؟! قلت في سري ، لعلي قد بالغت كثيراً في التركيز على الكتابات القردية في وقت تموج فيه جمهورية حيرانستان بالكثير من التحركات السياسية الخطيرة الحبلى بالمناورات والمكايدات السياسية المريبة التي لا تخفى على أحد ، لكنني سرعان ما التمست لنفسي عذراً سياسياً مفاده أن هكذا نظريات قردية تدخل في صميم السياسة ، فحينما يتم فرض اعتقاد نظري مفاده أن الإنسان أصله قرد أو أن القرد أصله إنسان ، يصبح من المعقول سياسياً تقبل السلوكيات والأخلاقيات القردية البدائية التي تضفي بعض المرح والضحك في مظهرها العام ولكنها تنم عن اللصوصية والمكر والانتهازية في جزئياتها التفصيلية ، فجأة تذكرت ذلك اليوم الذي دخلت فيه إلى حديقة الحيوان في جمهورية حيرانستان وأنا أحمل في جيبي قطعة صغيرة من مرآة مكسورة، وكيف أنني قمت بقذف قطعة المرآة دخل قفص القرود الأمر الذي أدى إلى حدوث أكبر فوضى في تاريخ حديقة الحيوان فقد شُطب رأس أحد القرود إيجازياً حينما رأى وجه قرد يطل عليه من تلك القطعة السحرية ومن ثم اندفعت كل القرود في مطاردات صاخبة داخل القفص بغرض خطف واحتكار تلك القطعة السحرية المريبة التي تُظهر وجه حاملها فقط لا غير! فجأة قفز إلى ذهني سؤال سياسي قردي طريف وهو : أليس هناك مشبه ومشبه به ووجه شبه بين صراع القردة على قطعة المرآة السحرية داخل قفص القرود وبين صراع السياسيين الحيرانستيين على كعكة السلطة والثروة التي لا تُظهر إلا وجه المستحوذ عليها ؟! ألا تتسبب كل هذه المناورات والمكايدات السياسية القردية السريعة، المريبة والمزعجة في حرق أعصاب شعب حيرانستان وتحويله من شعب الله المختار إلى شعب الله المحتار ؟!!!!!! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر