مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. بقلم: د.حافظ قاسم
نشر في سودانيل يوم 24 - 01 - 2014

لا تثريب علي الجبهة الاسلامية كحزب سياسي مثلها مثل احزاب النخب الاخري في السودان او في المنطقة ان اصابتها العدوي وراودتها النفس عن تسنم الحكم عن طريق الانقلاب العسكري واعتماد التمويه والخداع في تحقيق ذلك, سواء بالاعتماد علي مفهوم ان الغاية تبرر الوسيلة وفقه الضرورة اوان السياسة هي فن الممكن ,خاصة وان ديمقراطية الاغلبية التي تعتمد الولاء الاعمي والبيعة وتقوم علي الكم لا النوع والتوزيع الجغرافي للدوائر الانتخابية التي لا تميز بين المدينة والريف ولا بين مناطق الجهل والوعي لم ولا ولن تتح لاي من احزاب القوي الحديثة منفردة كانت ام مجتمعة اي امكانية للفوز علي القوي التقليدية والاحزاب الطائفية اعتمادا علي الصندوق الانتخابي وصوت لكل ناخب ,ان لم يتم الاصلاح في وجهة تحقيق الديقراطية المبرأة من كل عيب .لكن ما يمكن ان يؤخذ علي الاسلام السياسي عموما والجبهة الاسلامية علي وجه الخصوص هي المغامرة وتسلم مسئولية الحكم وهي خالية الوفاض من اي برامج عملي يقوم علي المنهج العلمي في تشخيص الواقع السوداني لحل قضايا الوطن وما اعقدها وتلبية متطلبات الشعب وما اكثرها ومعالجة اشكاليات المجتمع السوداني وما اثخنها. لذلك كان الحصاد وبعد ربع قرن من مصادرة الحريات وتكميم الافواه وتزوير الانتخابات وتركيز السلطة و الثروة وكله باسم الدين,ان تفاقمت الحروب والفتن وانفصل الجنوب وتشظي الوطن وانهار الاقتصاد وتدنت احوال المواطنين واستشري الفقر وانتشرت الجريمة وتدهورت الاخلاق. هذا وفشل الانقاذ لم يتبد فقط في عدم الالتزام بالشعارات الوطنية ولكن ايضا في تلك المتسربلة برداء الاسلام وسيلتها المحببه لالهاب العواطف وتجييش العامة ,والي درجة ان شعارات مثل ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وحنفوق العالم اجمع امست بلاغات مفتوحة ضدها, وشعارات هي لله هي لله وما لدنيا قد عملنا وسيرة السلف الصالح صارت سهاما ارتدت اليهم .هذا وبعد ربع قرن من التجريب ومحاولة شراء الزمن,انهار المشروع الحضاري وضاقت الحياة بالانقاذ والتف الحبل حول رقبة النظام وتجلي كل ذلك في الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والثقافية متعددة الجوانب والابعاد والاعماق وفي الحكم غير الرشيد الذي انتهي باستئثار قلة بالسلطة والثروة وفي تهتك نسيج الوحدة الوطنية وتوتر العلاقات الدولية ومع الجيران وبرئيس مطارد ومحاصر .
شمولية الازمة وتداعياتها الكثيرة والخطيرة لا تحتاج الي عدسة مقعرة اومنظار مكبر وباحث او منجم لرؤيتها واقرارها . فغير اطروحات القوي المعارضة بمختلف اتجاهاتها هناك التململ والتمرد ومذكرات الاصلاح حتي في داخل البيت الانقاذي وحركته الاسلامية مما يعني تصاعد الوعي بالازمة بعد ان قصمت قشة الازمة الاقتصادية والانهيار المالي واثار السياسات الركودية ,التضخمية, التراكمية وتداعياتها الحالية والقادمة ظهر بعير النظام فاضحي الوضع كما الرمال المتحركة وغدت المعالجات كماالجري وراء السراب .واذا ما اخذنا في الاعتبار مطرقة صندوق النقد وسندان انعدام اي مصادر خارجية او داخلية للاستدانة فانه لم يتبق للانقاذ وظهرها علي الحائط ومكشوفا غير اختطاف اللقمة من فم المواطن الغلبان والسطو علي ما في جيبه من دريهمات لمقابلة مصروفاتها المتزايدة علي الجيش والامن والدفع الشعبي والمليشيات والمنظمات ناهيك عن الانفاق السيادي والسياسي والاعلامي المنفلت ودفع الرشاوي والعمولات ودعك من سداد القروض ومقابلة الالتزامات المالية الخارجية والداخلية .
ازمة الانقاذ ودنو اجلها اضحت حقيقة لا تتناطح حولها عنزان خاصة وان تاريخ السودان قد دون ان عمر نظام عبود لم يتجاوز الستة سنوات بسبب الاستهانة بموضوع التنوع والتعدد, وكبت الحريات والاستبداد السياسي و مصادرة المنابر الديمقراطية ,وان مسك ختام نظام النميري كان الازمة الاقتصادية وتدهور احوال ومعيشة المواطنين بعد ان تفرعن المشير وفعل ما فعل في السياسة والاقتصاد والدين والوطن علي مدي اثني عشر عاما .اما نظام البشير فقد جمع بين مثالب النظامين واسوأ ما فيهما فاستحكمت حلقات الازمة السياسية والاقتصادية وبات زوال النظام مسالة وقت ليس الا وليس ذلك الا بسبب تخلف القيادات السياسية عن الحراك الجماهيري و ضعف وتشتت المعارضة وتردد الاحزاب في قيادة التغيير.وما قول حسن مكي : "(إذا كانت في معارضة في السودان, ما كان نظام البشير مستمر حتى الآن ، ولكن هذا النظام سيسقط نتيجة لأخطائه الداخلية كما تسقط الفاكهة المهترئة ) الا تعبيرا عن توافق شن وطبقة الشئ الذي يؤكده قلق التنظيم العالمي للاسلاميين وعبر عنه القرضاوي وتحاول دولة قطر ملافاته .
وحتي نتيقن من ان الانقاذ تلفظ انفاسها الاخيرة , فمن الضروري استعراض كيف اتت وكيف استمرت وكيف ان جراب الحاوي قد خلا من اي ارانب او ثعابين وان السحر سينقلب علي الساحر اخيرا. فالانقاذ بداية قامت علي كذبة استهداف الوطن وان اكثر من مجموعة عسكرية تخطط للاستيلاء علي الحكم وان مذكرة القوات المسلحة كانت انقلابا كامل الدسم , الشئ الذي دحضته تصريحات البشير بانهم قد بداوا في بناء خلايا للاسلاميين منذ السبعينات ويتعارض مع ما يردده الشيخ بان الغرب ما كان ليقبل بالاسلاميين حكاما عن طريق الانتخابات,ومع ما هو معلوم لدي الكافة انهم وما ان تذوقوا حلاوة الحكم بعد المصالحة ونجحوا في التغلغل في نظام نميري واجهزته والتوسع في بناء منظماتهم وتاهيل كوادرهم فان نفسهم الامارة بالسؤ بدات تراودهم عن التهام الكيكة.وانها قامت علي حنث قادتها بقسمهم العسكري بحماية الدستور والحفاظ علي الوطن ,وعلي الكذب بان ادعي قائد الانقلاب المرض حتي حصل علي اجازة مرضية, ولانه اتي الي الخرطوم متخفيا قال لمن قابله في العاصمة انه اتي في مامورية قصيرة لمتابعة امرسفره الي القاهرة في مهمة رسمية.وانها قامت علي الخديعة بان ذهب صاحب الجبهة الي السجن وهويحلف قبل كل صلاة وبعدها بان لاعلاقة له بالانقلاب. و بقي لابس الكاب في القصر رئيسا وهو ينفي في اكثر من مقابلة اعلامية صلة انقلابه بالجبهة , ورضي هو ومجلس ثورته ووزراء حكومته بالتتييس لمدة عشرة اعوام حسوما كان فيها الشيخ هو الحاكم بامره ,الي ان تفرق القوم مابين قصر ومنشية في صراع هو للديكة اقرب, لا انطلاقا من المبادئ والقيم وكيفية تحقيق السلام والتنمية,الديمقراطية والحرية,العدالة والمساواة. ولكن بسبب صولج السلطان والطمع في الحكم بدليل ان التنظيميين ما زالا يقتاتان والي يوم الناس هذا علي فكر الاخوان المسلمين المصريين وكتابات الترابي . ولانها اتت من حيث اتت واصابت الطيب صالح بتاء السكت فقد استنجدت بسلاح الافغان العرب وسارعت باختطاف الدولة وتمكين اصحابها من مفاصلها واخونة الاجهزة القومية والخدمة المدنية . وحتي تحكم قبضتها صادرت الحريات وكممت الافواه وحلت الاحزاب والغت المنابر الديمقراطية والصحفية واعتمدت في حكمها علي الامن والقمع والتشريد والتمكين والاقصاء والتدجين والتجسس والتلبيس والتزوير والخج وشراء الذمم والتأييد وضم الانتهازيين والمنافقين واقامة تنظيم سياسي يعج بالنفعيين والوصوليين ويقتات علي اموال الدولة وامكانياتها ويمارس الفساد .وحاولت اكتساب الشرعية بتصعيد الحرب وتجييش الشعب وباعلان الجهاد والاستنفار ومعسكرات الخدمة الالزامية. ومن خلال تعليقات يونس وساحات فداء اسحق والدفاع الشعبي والزي المدرسي اشاعت جو العسكرة الشئ الذي جعل الشعب يتندر بقوله ,ان الانقاذ بنيت علي خمس مثل حالة الطوارئ واالدبابات في الكباري والسكر التجاري والتجنيد الاجباري والمشي الكداري.
من المعلوم ان الاسلاميين وكجزء من التخطيط للانقلاب قد قاموا باعداد قاعده بيانات عن المعارضين النشطين والمحتملين وعن اسرهم وعلاقاتهم وتدريب بعض عناصرهم من الكيان الخاص وتزويدهم بالسلاح للمشاركة في الانقلاب والقيام بالاعتقالات واستحدثوا بيوت الاشباح لتعذيب المناوئين. وبعد النجاح قسموا الوزارات والدوائر الحكومية وايضا المدن والمناطق والاحياء الي امارات وتعيين امراء عليها من عناصرهم. واقيم بسط الامن الشامل كنظام انذار مبكر لاي تحرك شعبي كما سارعوا في استيعاب كل عناصر امن النميري المحلول في اجهزة امنهم . هذا مع اشاعة الذعر والخوف بالاوامر الجمهورية الخاصة بالحظر والحل والمنع والالغاء ووعيد الرائد يونس والبيع الجبري للسلع والتسريح والفصل والتشريد وتعيين الاعوان وتجنيد المتعاونين واستخدام العنف اللفظي والجسدي واصدار قانون النظام العام واحكام الاعدام والتوسع في الجلد لارهاب المعارضة وقهر النساء.
والي ان دانت لهم الامور كانوا يعتمدون علي بيع السكر والوقود والاسمنت وموارد الدولة واموال الصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية وتصدير الحديد الخردة في توفير المال اللازم ,ومن بعد اعتمدوا علي الاستدانة من البنك المركزي والبنوك الاخري وعلي عائد بيع مؤسسات القطاع العام وايضا استنزاف المغتربين في تمويل امورهم .كما سمحوا للوزارات والمؤسسات والولايات والمحليات بالجبايات و بالتجنيب والدعومات خاصة لصندوق الشريعة وفرض الدمغات و الرسوم المختلفة . وبالسيطرة علي جهاز الاستثمار منحوا التصديقات خاصة الزراعية ليس بغرض الاستثمار ولكن للاستفادة من الاعفاءات الجمركية والمتاجرة في رخص استيراد السيارات والاليات وبيع تصديقات الوقود والمضاربة في الاراضي الاستثمارية .ومن بعد اعلنوا الحكم الولائي لا بقصد تقصير الظل الاداري ولكن بهدف تعزيز القبضة الامنية وشغل الناس بامورهم المحلية وخلق فرص جديدة للاستوزار والتوظيف وللثراء والفساد .ومن خلال انظمة الضرائب والزكاة والتمويل البنكي وعملية تغيير العملة واستتخدام معلومات النظام المصرفي عن العملاء والاستثمار والتجارة قاموا بتصفية المناوئين وازاحتهم من السوق واحلال عناصرهم محلهم .وفي هذا الاتجاه سمح لجهاز الامن ولعناصرهم باقامة الشركات واقامة الاسواق المحلية والمتاجره في السلع وتم دعمهم بالاعفاءات الجمركية والضرائبية والتسهيلات المختلفة . واكتمل المخطط الجهنمي بتصفية كل من الاشغال والنقل الميكانيكي والمخازن والمهمات وتهميش قسم الشراء والتعاقد بوزارة المالية .ولالهاء الناس بامور دنياهم قاموا باعلان الخطط الاسكانية في كل مدن السودان وتقنين السكن العشوائي .فغرق الناس في شبرماء الحصول علي الاراضي والقطع المميزة للتجارة والمضاربة , كما ان السياسات الاقتصادية الجديدة والغاء مجانية العلاج والتعليم ,وتحرير اسعار السلع واستشراء التضخم قد شغل الناس بامور المعاش وضرب الطبقة الوسطي رائدة التجديد في مقتل.
وبسبب نفوذ الاسلاميين وسط القوي الطلابية تقرر التوسع في التعليم الجامعي بهدف توسيع قاعدتهم الجماهيرية وسط الطلاب لما لهم من قوة حركة وتاثير ولرفد المتحركات العسكرية بالمقاتلين وحركتهم الاسلامية بالعضوية و عن طريق منح الدرجات والشهادات والوعد بالوظائف والتعيين في اجهزة الدولة والابتعاث الي الخارج كانوا يشترون الولاء والتاييد . وكجزء من عملية تصفية البنية التحتيه لاي معارضة استحدثت الانقاذ نظام نقابة المنشأة لتدجين الحركة النقابية كما قامت بالسيطرة علي منظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية وربطها بالاجهزة الامنية و تزوير الانتخابات لتنصيب اعوانها.
الاستراتيجية السياسية للنظام اعتمدت علي ثلاث ركائز . اولهما اعلان الجهاد وتصعيد العمليات العسكرية في جنوب الوطن وبانهم دولة مستهدفة من قبل دول الاستكبار والحلف الصهيوني الصليبي والثانية تطبيق شرع الله واعادة صياغة الفرد والمجتمع وتجديد الدين والثالثة انشاء تنظيم سياسي جامع بتوابعه التنظيمية الاخري للحشد والتاييد وحماية النظام. وكما فعلت النازية والفاشية فكان لا بد من خلق اعداء وخصوم يتم تفصيلهم حسب الرغبة والمقاس حتي وان كانوا وهميين لاغراض ممارسة القهر والتوسع في الامن والتجسس باسم الاسلام وللهيمنة والسيطرة علي الاعلام واستغلال المساجد والدعاة ومؤسسات التعليم لصياغة الراي العام. ولتجييش وتحريك الجماهير ونشر الافكار والمبادئ فلا بد من ربط فكرة الحكم بكتاب الله والادعاء بتطبيق شرعه وذلك لشحن الافراد بطاقات عاطفية وانفعالية حتي تسهل قيادتهم الي المحرقة باسم الجهاد ويسهل استقطاب الجماعات الاسلامية الاخري واستيعاب الصوفية .وباسم التنظيم الجامع حدثت وراثة التنظيمات والاتحادات والنقابات واستقطاب للقبائل والعشائر وجري اختراق الاحزاب وشق المعارضة . وكان شراء الولاء بالترهيب والترغيب والثمن التغاضي عن السرقة والفساد . وبدعوة ان لاصوت يعلو علي صوت المعركة تم استنفار الافراد والجماعات وغض الطرف واطلاق اليد في التصرف في الاموال العامة و تعبئة وتوجيه استخدام الموارد الشئ الذي استنزف الطاقات وشل الاقتصاد وقعد بالانتاج وطبع الفساد فانهارت المشاريع الزراعية والصناعية والنقل النهري والبحري والجوي والسكة حديد.
عدة عوامل ساعدت في بقاء واستمرار الانقاذ واستمرارها لربع قرن من الزمان ,واولها كان العجز عن تفعيل ميثاق الدفاع عن الديمقراطية بسبب يأس وغضب الجماهير من حكومة الاحزاب وتقاعس اصحاب الشرعية في الدفاع عن شرعيتهم باختفاء احدهم وتودده لاصحاب البندقية واستقرار الاخر في الاسكندرية وكأن شيئا لم يكن ,الشئ الذي نتجت عنه استكانة شعبية ,اضافة لعدم تنديد الدول الغربية بالانقلاب وتاييد مبارك والقذافي وبيعه للدول العربية نيابة عن اهله. والثاني الهجرة الداخلية من الريف وترييف المدينة والخارجية بهدف العمل او اللجؤ السياسي فاضحت الساحة فارغة من قوي الوعي والعناصر النشطة سياسيا. ثالثا فان ابعاد الترابي وحل المؤتمر الشعبي القومي الاسلامي لقي الارتياح لدي الدول العربية والغربية وحقق بعض المكاسب وخفف من العزلة .اما استخراج وتصدير البترول فاثاره تمثلت في النتائج الاقتصادية والمالية مما اسال اللعاب واغري بالرشوة وشراء التاييد لشرذمة وتشتيت المعارضة . واثره الاخر تمثل في الضغوطات الخارجية التي تعرضت لها الحركة الشعبية حتي تصل الي تسوية سياسية مع النظام الشئ الذي ادي الي استقرار سياسي واقتصادي وامني نسبي سرعان ما انتهي بانفصال الجنوب وانحسار العائدات الاجنبية والمحلية للبترول .واخيرا فان التعاون وكسب ود المخابرات الامريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر نتجت عنه شهور عسل للنظام الا انها ولشئ في نفس يعقوب الامريكي لم تكن كافية لاتمام زيجة شرعية وظلت في حدود الزواج العرفي .
لقد سعت الانقاذ لخلق شرعية لحكمها ونظامها عبر الدين الا ان كل من الاغتيال و التعذيب والاغتصاب في بيوت الاشباح وقتل الناس دون وجه حق في العملة وانقلاب رمضان والقتل بالجملة وتصفية الاسري في الجنوب والاغتصاب والابادة في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق واخيرا تعذيب واغتصاب وقتل المعارضين والمتظاهرين ناهيك عن الكذب والخداع والظلم والفساد والربا واكل الاموال بالباطل وعدم العدالة والمساواة قد استنفذ الرصيد البنكي فغدي بالسالب. اما محاولة اكتساب شرعية وطنية عبر الزود عن تراب الوطن فقد انتفت ليس بالفشل في استرداد كل من حلايب والفشقة ولكن في انفصال الجنوب وتاكل الوطن من اطرافه.وعند الحديث عن شرعية التنمية والتعمير ورفاهية المواطن فان الكيد سرعان ما يرتد الي النحر باعتمادهم وصفات صندوق النقد بدءا بالبرنامج الثلاثي وانتهاءا بالاجراءات الاخيرة ,واي كلام عن الشوارع والكباري والسدود لن يصمد امام ظواهر العطالة وهجرة العقول ومنطق انها ليست باولوية تنموية وانها شيدت بالقروض وتمت في الوقت الذي انهارت فيه الصناعة وتدهور مشروع الجزيرة والسكة حديد والنقل الجوي و النهري والبحري وانحط التعليم والصحة.صحيح ان اتفاقية السلام قداتاحت فرصة تاريخية لاكتساب شرعية عبر تحقيق السلام الا ان براقش جنت علي نفسها فحدث الانفصال ولم تتوقف الحرب واندلعت اخريات في الجنوب الجديد.وحتي في مجال السياسة فالانقاذ عادت الي المربع الاول حيث ان البلاد تفتقر حاليا الي دستور دائم عليه اجماع وانظمة للحكم متفق عليها ونظام انتخابي لتداول السلطة مرضي عنه. و اخيرا فان الامن و انزال المليشيات وحشد القوات والتضييق الاعلامي والسياسي والنقابي لا يثبت اي شرعية للانظمة خاصة وان الاعتماد علي القمع والعنف وان كان مفهوما في بدايات النظام الا ان استخدامه بعد ربع قرن يعني الافلاس و الاحتضار.
وصول ازمة الحكم مرحلة اللا عودة يعني ان استمرار الانقاذ طويلا لن يتم الا بتحقق معجزة وحتي ان نجحت هذه المرة فما هي ضمانات النجاح في الخروج من حالة الانسداد والاحتقان خاصة وانه تنعدم لديه اي مبادرة للاصلاح وامكانية للتغيير كما اكدت تجربة دعاة الاصلاح من منسوبيه من فصل ومن ما زال ينتظر.ومن ناحية ثانية فان التدهور الاقتصادي والاجتماعي والامني سببه الاساسي سؤ الاداء السياسي والفشل في ادارة الدولة وان الاجراءات الاخيرة والقادمة ماهي الا بمثابة مسكن وقتي.و من ناحية ثالثة فان كل الكتل القادرة علي الحركة والفعل السياسي باتت علي قناعة تامة باستحالة استمرار الاوضاع علي هذا المنوال وان اي يوم يمر سيكون خصما علي استقرار البلاد وعلي وجود السودان كدولة موحدة وكشعب واحد. ومن الناحية الاخري فان كل من علم الاجتماع البشري والتاريخ الانساني يقولان بحتمية الثورة مثلها مثل اي ظاهرة علمية تتحقق متي توفرت قوانينها ونضجت شروطها الموضوعية والذاتية.ولان المسالة لا تخضع لاي رغبات شخصية خاصة وان التغيير هو سنة كونية والثورات الشعبية هي ظاهرات اجتماعية ,فان قطاراتها وفلكها ما ان تبدا في التحرك في الابحار لن تستطيع اي قوة في الارض ان توقفها ركب فيها من ركب او استعصم باليابسة من استعصم .ولان النظام طفيلي ولا يعتد كثيرا باحوال مواطنية جاعوا او ماتوا فكان دائما لايتورع من استخدام اي وسيلة او اتباع اي طريقة لاستمرار حكمه .ففي السابق كانت اي ازمة تلم بالنظام تمنحه بعض الخبرة وتعطيه شيئا من المناعة تساعده في الخروج من الازمة اللاحقة الا ان الازمات هذه المرة احكمت عليه من كل حدب وصوب بسسبب تكامل كل عناصر الازمة, وفي هذا الصدد فان قيمة اي حراك جماهيري اوتحرك شعبي لا تقاس بعدد واتساع نطاق الاحتجاجات وشمول حركة الرفض انما بتوفر مقومات الثورة وارادة التغيير الشئ الذي لا يمكن قياسه بالكم او العدد ولكن بنوع العمل الثوري وبالاصرار والصمود والتضحية. و ما يفاقم المسالة ان الاحتجاجات هذه المرة هي احتجاجات نوعية يقوم بها جيل المشروع الحضاري ومناهج تعليمه ومحبي الحوت من الشباب,وانها ذات عمق شعبي وشمول جغرافي ومتمركزة اكثرفي المثلث والعرواسلامي المعروف بمثلث حمدي,وان النظام يحارب هذه المرة في اكثر من جبهة وظهره مكشوف بسبب عدم ثقته في قواته النظامية بسبب الانشقاقات والاستقطابات الداخلية الشئ الذي يفترض ان يبلل رأسه بعد ان تمت زيانة اخوانه في مصر وان هناك اكثر من جهة في المنطقة ودول الجوار مستعدة لتحضير العدة او لدفع ثمن الحلاقة.
("من الأفضل للشعب ان يمر بتجربة حكم جماعة الأخوان المسلمين، إذ لا شك أنها سوف تكون مفيدة للغاية فهي تكشف لأبناءهذا البلد مدى زيف شعارات هذه الجماعة التي سوف تسيطرعلى السودان سياسياً واقتصادياً, ولو بالوسائل العسكرية، وسوف يذيقون الشعب الأمرين، وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل، وسوف تنتهي هذه الفتنة فيما بينهم وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعا).هكذا كتب وتنبأ الشهيد الاستاذ محمود محمد طه للاسلام السياسي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.