اجتماع للتربية فى كسلا يناقش بدء الدراسة بالولاية    شاهد بالفيديو .. قائد منطقة الشجرة العسكرية اللواء د. ركن نصر الدين عبد الفتاح يتفقد قوات حماية وتأمين الأعيان المدنية المتقدمة    مواطنو جنوب امدرمان يعانون من توقف خدمات الاتصال    "مطارات دبي" تدعو المسافرين التحقق من حالة رحلاتهم "الحالة الجوية السيئة"    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    من الزيرو إلى الهيرو    تفاصيل إصابة زيزو وفتوح في ليلة فوز الزمالك على الأهلي    شركة تتهم 3 موظفين سابقين بسرقة عملائها    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    ضبط الخشب المسروق من شركة الخطيب    البنى التحتية بسنار توفر اطارات بتكلفة 22مليون لمجابهة طوارئ الخريف!    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    ضياء الدين بلال: الرصاصة الأولى ونظريّة (الطرف الثالث)..!    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    حفظ ماء وجه غير مكتمل    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقد قضي الامر الذي فيه تستفتيان .. بقلم: د.حافظ قاسم
نشر في سودانيل يوم 06 - 11 - 2013

لا تثريب علي الجبهة الاسلامية كحزب سياسي مثلها مثل احزاب النخب الاخري في السودان او في المنطقة ان اصابتها العدوي وراودتها النفس عن تسنم الحكم عن طريق الانقلاب العسكري واعتماد التمويه والخداع في تحقيق ذلك, سواء بالاعتماد علي مفهوم ان الغاية تبرر الوسيلة وفقه الضرورة اوان السياسة هي فن الممكن ,خاصة وان ديمقراطية الاغلبية التي تعتمد الولاء الاعمي والبيعة وتقوم علي الكم لا النوع والتوزيع الجغرافي للدوائر الانتخابية التي لا تميز بين المدينة والريف ولا بين مناطق الجهل والوعي لم ولا ولن تتح لاي من احزاب القوي الحديثة منفردة كانت ام مجتمعة اي امكانية للفوز علي القوي التقليدية والاحزاب الطائفية اعتمادا علي الصندوق الانتخابي وصوت لكل ناخب ,ان لم يتم الاصلاح في وجهة تحقيق الديقراطية المبرأة من كل عيب .لكن ما يمكن ان يؤخذ علي الاسلام السياسي عموما والجبهة الاسلامية علي وجه الخصوص هي المغامرة وتسلم مسئولية الحكم وهي خالية الوفاض من اي برامج عملي يقوم علي المنهج العلمي في تشخيص الواقع السوداني لحل قضايا الوطن وما اعقدها وتلبية متطلبات الشعب وما اكثرها ومعالجة اشكاليات المجتمع السوداني وما اثخنها. لذلك كان الحصاد وبعد ربع قرن من مصادرة الحريات وتكميم الافواه وتزوير الانتخابات وتركيز السلطة و الثروة وكله باسم الدين,ان تفاقمت الحروب والفتن وانفصل الجنوب وتشظي الوطن وانهار الافتصاد وتدنت احوال المواطنين واستشري الفقر وانتشرت الجريمة وتدهورت الاخلاق. هذا وفشل الانقاذ لم يتبد فقط في عدم الالتزام بالشعارات الوطنية ولكن ايضا في تلك المتسربلة برداء الاسلام وسيلتها المحببه لإلهاب العواطف وتجييش العامة ,والي درجة ان شعارات مثل ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وحنفوق العالم اجمع امست بلاغات مفتوحة ضدها, وشعارات هي لله هي لله وما لدنيا قد عملنا وسيرة السلف الصالح صارت سهاما ارتدت اليهم .هذا وبعد ربع قرن من التجريب ومحاولة شراء الزمن,انهار المشروع الحضاري وضاقت الحياة بالانقاذ والتف الحبل حول رقبة النظام وتجلي كل ذلك في الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والثقافية متعددة الجوانب والابعاد والاعماق وفي الحكم غير الرشيد الذي انتهي باستئثار قلة بالسلطة والثروة وفي تهتك نسيج الوحدة الوطنية وتوتر العلاقات الدولية ومع الجيران وبرئيس مطارد ومحاصر .
شمولية الازمة وتداعياتها الكثيرة والخطيرة لا تحتاج الي عدسة مقعرة اومنظار مكبر وباحث او منجم لرؤيتها واقرارها . فغير اطروحات القوي المعارضة بمختلف اتجاهاتها هناك التململ والتمرد ومذكرات الاصلاح حتي في داخل البيت الانقاذي وحركته الاسلامية مما يعني تصاعد الوعي بالازمة بعد ان قصمت قشة الازمة الاقتصادية والانهيار المالي واثار السياسات الركودية ,التضخمية, التراكمية وتداعياتها الحالية والقادمة ظهر بعير النظام فاضحي الوضع كما الرمال المتحركة وغدت المعالجات كما الجري وراء السراب .واذا ما اخذنا في الاعتبار مطرقة صندوق النقد وسندان انعدام اي مصادر خارجية او داخلية للاستدانة فانه لم يتبق للانقاذ وظهرها علي الحائط ومكشوفا غير اختطاف اللقمة من فم المواطن الغلبان والسطو علي ما في جيبه من دريهمات لمقابلة مصروفاتها المتزايدة علي الجيش والامن والدفع الشعبي والمليشيات والمنظمات ناهيك عن الانفاق السيادي والسياسي والاعلامي المنفلت ودفع الرشاوي والعمولات ودعك من سداد القروض ومقابلة الالتزامات المالية الخارجية والداخلية .
ازمة الانقاذ ودنو اجلها اضحت حقيقة لا تتناطح حولها عنزان خاصة وان تاريخ السودان قد دون ان عمر نظام عبود لم يتجاوز الستة سنوات بسبب الاستهانة بموضوع التنوع والتعدد, وكبت الحريات والاستبداد السياسي و مصادرة المنابر الديمقراطية ,وان مسك ختام نظام النميري كان الازمة الاقتصادية وتدهور احوال ومعيشة المواطنين بعد ان تفرعن لمشير وفعل ما فعل في السياسة والاقتصاد والدين والوطن علي مدي اثني عشر عاما .اما نظام البشير فقد جمع بين مثالب النظامين واسوأ ما فيهما فاستحكمت حلقات الازمة السياسية والاقتصادية وبات زوال النظام مسالة وقت ليس الا وليس ذلك الا بسبب تخلف القيادات السياسية عن الحراك الجماهيري و ضعف وتشتت المعارضة وتردد الاحزاب في قيادة التغيير.وما قول حسن مكي : " إذا كانت في معارضة في السودان, ما كان نظام البشير مستمر حتى الآن ، ولكن هذا النظام سيسقط نتيجة لأخطائه الداخلية كما تسقط الفاكهة المهترئة .الا تعبيرا عن توافق شن وطبقة الشئ الذي يؤكده قلق التنظيم العالمي للاسلاميين وعبر عنه القرضاوي وتحاول قطر ملافاته .
وحتى نتيقن من ان الانقاذ تلفظ انفاسها الاخيرة , فمن الضروري استعراض كيف اتت وكيف استمرت وكيف ان جراب الحاوي قد خلا من اي ارانب او ثعابين وان السحر سينقلب علي الساحر اخيرا. فالانقاذ بداية قامت علي كذبة استهداف الوطن وتخطيط اكثر من مجموعة عسكرية للاستيلاء علي الحكم وان مذكرة القوات المسلحة كانت انقلابا كامل الدسم , الشئ الذي دحضته تصريحات البشير بانهم قد بداوا في بناء خلايا للاسلاميين منذ السبعينات ويتعارض مع ما يردده الشيخ بان الغرب ما كان ليقبل بالاسلاميين حكاما عن طريق الانتخابات,ومع ما هو معلوم لدي الكافة انهم وما ان تذوقوا حلاوة الحكم بعد المصالحة ونجحوا في التغلغل في نظام نميري واجهزته والتوسع في بناء منظماتهم وتأهيل كوادرهم فان نفسهم الامارة بالسوء بدات تراودهم عن التهام الكيكة. وانها قامت علي حنث قادتها بقسمهم العسكري بحماية الدستور والحفاظ علي الوطن ,وعلي الكذب بان ادعي قائد الانقلاب المرض حتي حصل علي اجازة مرضية, ولانه اتي الي الخرطوم متخفيا قال لمن قابله في العاصمة انه اتي في مأمورية قصيرة لمتابعة امر سفره الي القاهرة في مهمة رسمية. وانها قامت علي الخديعة بان ذهب صاحب الجبهة الي السجن وهو يحلف قبل كل صلاة وبعدها ان لا علاقة له بالانقلاب. و بقي لابس الكاب في القصر رئيسا وهو ينفي في اكثر من مقابلة اعلامية صلة انقلابه بالجبهة , ورضي هو ومجلس ثورته ووزراء حكومته بالتتييس لمدة عشرة اعوام حسوما كان فيها الشيخ هو الحاكم بامره ,الي ان تفرق القوم مابين قصر ومنشية في صراع هو للديكة اقرب, لا انطلاقا من المبادئ والقيم وكيفية تحقيق السلام والتنمية,الديمقراطية والحرية,العدالة والمساواة. ولكن بسبب السلطان والطمع في الحكم بدليل ان التنظيميين ما زالا يقتاتان والي يوم الناس هذا علي فكر الاخوان المسلمين وكتابات الترابي .ولأنها اتت من حيث اتت واصابت الطيب صالح بتاء السكت فقد استنجدت بسلاح الافغان العرب وسارعت باختطاف الدولة وتمكين اصحابها من مفاصلها واخونة الاجهزة القومية والخدمة المدنية. وحتى تحكم قبضتها صادرت الحريات وكممت الافواه وحلت الاحزاب وألغت المنابر الديمقراطية والصحفية واعتمدت في حكمها علي الامن والقمع والتشريد والتمكين والاقصاء والتدجين والتجسس والتلبيس والتزوير والخج وشراء الذمم والتأييد وضم الانتهازيين والمنافقين واقامة تنظيم سياسي يعج بالنفعيين والوصوليين ويقتات علي اموال الدولة وإمكانياتها ويمارس الفساد .وحاولت اكتساب الشرعية بتصعيد الحرب وتجييش الشعب وباعلان الجهاد والاستنفارومعسكرات الخدمة الالزامية.ومن خلال تعليقات يونس وساحات فدا اسحق والدفاع الشعبي والزي المدرسي اشاعت جو العسكرة الشئ الذي جعل الشعب يتندر بقوله ,ان الانقاذ بنيت علي خمس مثل حالة الطوارئ والدبابات في الكباري والسكر التجاري والتجنيد الاجباري
من المعلوم ان الاسلاميين وكجزء من مخطط الانقلاب قاموا باعداد قاعده بيانات عن المعارضين النشطين والمحتملين وعن اسرهم وعلاقاتهم وتدريب بعض عناصرهم وتزويدهم بالسلاح للمشاركة في الانقلاب والقيام بالاعتقالات واستحدثوا بيوت الاشباح لتعذيب المناوئين. وبعد النجاح قسموا الوزارات والدوائر الحكومية وايضا المدن والمناطق والاحياء الي امارات وتعيين امراء عليها .واقيم بسط الامن الشامل كنظام انذار مبكرلاي تحرك كما سارعوا في استيعاب كل عناصر امن النميري في اجهزة امنهم . هذا مع اشاعة الذعر والخوف بالاوامر الجمهورية الخاصة بالحظر والحل والمنع والالغاء ووعيد الرائد يونس والبيع الجبري للسلع والتسريح والفصل والتشريد وتعيين الاعوان وتجنيد المتعاونين واستخدام العنف اللفظي والجسدي واصدار قانون النظام العام واحكام الاعدام والتوسع في الجلد لارهاب المعارضة وقهر النساء.
والي ان دانت لهم الامور كانوا يعتمدون علي السكر والوقود والاسمنت وموارد الدولة واموال الصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية وتصدير الحديد الخردة في توفير المال اللازم ,ومن بعد اعتمدوا علي الاستدانة من البنك المركزي والبنوك الاخري وعلي عائد بيع مؤسسات القطاع العام وايضا استنزاف المغتربين في تمويل امورهم .كما سمحوا للوزارات والمؤسسات والولايات والمحليات بالجبايات و بالتجنيب والدعومات خاصة لصندوق الشريعة وفرض الدمغات و الرسوم المختلفة . وبالسيطرة علي جهاز الاستثمار منحوا التصديقات خاصة الزراعية ليس بغرض الاستثمار ولكن للاستفادة من الإعفاءات الجمركية والمتاجرة في رخص استيراد السيارات والآليات وبيع تصديقات الوقود والمضاربة في الاراضي الاستثمارية .ومن بعد اعلنوا الحكم الولائي لا بقصد تقصير الظل الاداري ولكن بهدف تعزيز القبضة الامنية وشغل الناس بامورهم المحلية وخلق فرص جديدة للاستوزار والتوظيف وللثراء والفساد .ومن خلال انظمة الضرائب والزكاة والتمويل البنكي وعملية تغيير العملة واستتخدام معلومات النظام المصرفي عن العملاء والاستثمار والتجارة قاموا بتصفية المناوئين وازاحتهم من السوق واحلال عناصرهم محلهم .وفي هذا الاتجاه سمح لجهاز الامن ولعناصرهم باقامة الشركات واقامة الاسواق والمتاجره في السلع ودعموا بالاعفاءات الجمركية والضرائبية والتسهيلات المختلفة . واكتمل المخطط الجهنمي بتصفية كل من الاشغال والنقل الميكانيكي والمخازن والمهمات وتهميش قسم الشراء والتعاقد بوزارة المالية . والهاء الناس بامور دنياهم قاموا باعلان الخطط الاسكانية في كل مدن السودان وتقنين السكن العشوائي . فغرق الناس في شبر الحصول علي الاراضي والقطع المميزة للتجارة والمضاربة , كما ان السياسات الاقتصادية الجديدة والغاء مجانية العلاج والتعليم ,وتحرير اسعار السلع واستشراء التضخم قد شغل الناس بأمور المعاش وضرب الطبقة الوسطي رائدة التجديد في مقتل.
وبسبب نفوذ الاسلاميين وسط القوي الطلابية تقرر التوسع في التعليم الجامعي بهدف توسيع قاعدتهم الجماهيرية وسط الطلاب لما لهم من قوة حركة وتاثير ولرفد المتحركات العسكرية بالمقاتلين وحركتهم الاسلامية بالعضوية و عن طريق منح الدرجات والشهادات والوعد بالوظائف والتعيين في اجهزة الدولة كانوا يشترون الولاء والتأييد . وكجزء من عملية تصفية البنية التحتيه لاي معارضة استحدثت الانقاذ نظام نقابة المنشأة لتدجين الحركة النقابية كما قامت بالسيطرة علي منظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية وربطها بالاجهزة الامنية و تزوير الانتخابات لتنصيب اعوانها.
الاستراتيجية السياسية للنظام اعتمدت علي ثلاث ركائز . اولهما اعلان الجهاد وتصعيد العمليات العسكرية في جنوب الوطن وبانهم دولة مستهدفة من قبل دول الاستكبار والحلف الصهيوني الصليبي والثانية تطبيق شرع الله واعادة صياغة الفرد والمجتمع وتجديد الدين والثالثة انشاء تنظيم سياسي جامع بتوابعه للحشد والتاييد وحماية النظام. وكما فعلت النازية والفاشية فكان لا بد من خلق اعداء وخصوم يتم تفصيلهم حسب الرغبة والمقاس حتي وان كانوا وهميين لاغراض التوسع في الامن والتجسس باسم الاسلام وللهيمنة والسيطرة علي الاعلام واستغلال المساجد والدعاة والتعليم لصياغة الراي العام. ولتجييش وتحريك الجماهير ونشر الافكار والمبادئ فلا بد من ربط فكرة الحكم بكتاب الله والادعاء بتطبيق شرعه وذلك لشحن الافراد بطاقات عاطفية وانفعالية حتي تسهل قيادتهم الي المحرقة باسم الجهاد ويسهل استقطاب الجماعات الاسلامية واستيعاب الصوفية .وباسم التنظيم الجامع حدثت وراثة التنظيمات القديمة واستقطاب للقبائل والعشائر وجري اختراق الاحزاب وشق المعارضة . وكان شراء الولاء بالترهيب والترغيب والثمن التغاضي عن السرقة والفساد . وبدعوة ان لاصوت يعلو علي صوت المعركة تم استنفار الافراد والجماعات واطلاق اليد في التصرف في الاموال و تعبئة وتوجيه استخدام الموارد الشئ الذي استنزف الطاقات وشل الاقتصاد وقعد بالانتاج وطبع الفساد فانهارت المشاريع الزراعية والصناعية والنقل النهري والبحري والجوي والسكة حديد.
عدة عوامل ساعدت في بقاء واستمرار الانقاذ واستمرارها لربع قرن من الزمان ,واولها كان العجز عن تفعيل ميثاق الدفاع عن الديمقراطية بسبب يأس وغضب الجماهير من حكومة الاحزاب وتقاعس اصحاب الشرعية في الدفاع عن شرعيتهم باختفاء احدهم وتودده لاصحاب البندقية واستقرار الاخر في الاسكندرية وكأن شيئا لم يكن ,الشئ الذي نتجت عنه استكانة شعبية ,اضافة لعدم تنديد الدول الغربية بالانقلاب وتأييد مبارك والقذافي وبيعه للدول العربية نيابة عن اهله. والثاني الهجرة الداخلية من الريف وترييف المدينة والخارجية بهدف العمل او اللجؤ السياسي فاضحت الساحة فارغة من قوي الوعي والعناصر النشطة سياسيا. ثالثا فان ابعاد الترابي وحل المؤتمر الشعبي القومي الاسلامي لقي الارتياح لدي الدول العربية والغربية وحقق بعض المكاسب وخفف من العزلة .اما استخراج وتصدير البترول فاثاره تمثلت في النتائج الاقتصادية والمالية مما اسال اللعاب واغري بالرشوة وشراء التأييد لشرزمة المعارضة . واثره الاخر تمثل في الضغوطات الخارجية التي تعرضت لها الحركة الشعبية حتي تصل الي تسوية سياسية مع النظام الشئ الذي ادي الي استقرار سياسي واقتصادي وامني نسبي سرعان ما انتهي بانفصال الجنوب وانحسار العائدات الاجنبية والمحلية للبترول .واخيرا فان التعاون وكسب ود المخابرات الامريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر نتجت عنه شهور عسل للنظام الا انها ولشئ في نفس يعقوب الامريكي لم تكن كافية لاتمام زيجة شرعية وظلت في حدود العرفي .
لقد سعت الانقاذ لخلق شرعية لحكمها ونظامها عبر الدين الا ان كل من الاغتيال و التعذيب والاغتصاب في بيوت الاشباح وقتل الناس دون وجه حق في العملة وانقلاب رمضان والقتل بالجملة وتصفية الاسري في الجنوب والاغتصاب والابادة في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق واخيرا تعذيب واغتصاب وقتل المعارضين والمتظاهرين ناهيك عن الكذب والخداع والظلم والفساد والربا واكل الاموال بالباطل وعدم العدالة والمساواة قد استنفذ الرصيد فغدي بالسالب. اما محاولة اكتساب شرعية وطنية عبر الزود عن تراب الوطن فقد انتفت ليس بالفشل في استرداد كل من حلايب والفشقة ولكن في انفصال الجنوب وتاكل الوطن من اطرافه.وعند الحديث عن شرعية التنمية والتعمير ورفاهية المواطن فان الكيد سرعان ما يرتد الي النحر باعتماد وصفات صندوق النقد بدءا بالبرنامج الثلاثي وانتهاءا بالاجراءات الاخيرة ,واي كلام عن الشوارع والكباري والسدود لن يصمد امام ظواهر العطالة وهجرة العقول ومنطق انها ليست بأولوية تنموية وانها شيدت بالقروض وتمت في الوقت الذي انهارت فيه الصناعة وتدهور مشروع الجزيرة والسكة حديد والنقل الجوي و النهري والبحري وانحط التعليم والصحة.صحيح ان اتفاقية السلام قداتاحت فرصة تاريخية لاكتساب شرعية عبرتحقيق السلام الا ان براقش جنت علي نفسها فحدث الانفصال ولم تتوقف الحرب واندلعت اخريات .وحتي في مجال السياسة فالانقاذ عادت الي المربع الاول حيث ان البلاد تفتقر حاليا الي دستور دائم عليه اجماع وانظمة للحكم متفق عليها ونظام انتخابي لتداول السلطة مرضي عنه. و اخيرا فان الامن و انزال المليشيات وحشد القوات والتضييق الاعلامي والسياسي والنقابي لا يثبت اي شرعية للانظمة خاصة وان الاعتماد علي القمع والعنف وان كان مفهوما في بدايات النظام الا ان استخدامه بعد ربع قرن يعني الافلاس و الاحتضار.
وصول ازمة الحكم مرحلة اللا عودة يعني ان استمرار الانقاذ طويلا لن يتم الا بتحقق معجزة وحتي ان نجحت هذه المرة فما هي ضمانات النجاح في الخروج من حالة الانسداد والاحتقان خاصة وانه تنعدم لديه اي مبادرة للاصلاح وامكانية للتغيير كما اكدت تجربة دعاة الاصلاح من منسوبيه.ومن ناحية ثانية فان التدهور الاقتصادي والاجتماعي والامني سببه الاساسي سوء الاداء السياسي والفشل في ادارة الدولة وان الاجراءات الاخيرة والقادمة ماهي الا بمثابة مسكن وقتي.و من ناحية ثالثة فان كل الكتل القادرة علي الحركة والفعل السياسي باتت علي قناعة تامة باستحالة استمرار الاوضاع علي هذا المنوال وان اي يوم يمر سيكون خصما علي استقرار البلاد وعلي وجود السودان كدولة موحدة وكشعب واحد. ومن الناحية الاخري فان كل من علم الاجتماع البشري والتاريخ الانساني يقولان بحتمية الثورة مثلها مثل اي ظاهرة علمية تتحقق متي توفرت قوانينها ونضجت شروطها الموضوعية والذاتية.ولان المسالة لا تخضع لاي رغبات شخصية خاصة وان التغيير هو سنة كونية والثورات الشعبية هي ظاهرات اجتماعية ,فان قطاراتها ما ان تبدا في التحرك لن تستطيع اي قوة في الارض ان توقفها ركب فيها من ركب اواستعصم باليابسة من استعصم .ولان النظام طفيلي ولا يعتد كثيرا باحوال مواطنية جاعوا او ماتوا فكان دائما لايتورع من استخدام اي وسيلة او اتباع اي طريقة لاستمرار حكمه .ففي السابق كانت اي ازمة تلم بالنظام تمنحه بعض الخبرة وتعطيه شيئا من المناعة تساعده في الخروج من الازمة اللاحقة الا ان الازمات هذه المرة احكمت عليه من كل حدب وصوب بسبب تكامل كل عناصر الازمة, وفي هذا الصدد فان قيمة اي حراك جماهيري اوتحرك شعبي لا تقاس بعدد واتساع نطاق الاحتجاجات وشمول حركة الرفض انما بتوفر مقومات الثورة وإرادة التغيير الشئ الذي لا يمكن قياسه بالكم او العدد ولكن بنوع العمل الثوري وبالاصرار والصمود والتضحية. لكن ما يفاقم المسالة ان الاحتجاجات هذه المرة هي احتجاجات نوعية يقوم بها جيل المشروع الحضاري ومحبي الحوت, وانها ذات عمق شعبي وشمول جغرافي ومتمركزة اكثرفي المثلث والعرواسلامي,وان النظام يحارب هذه المرة وظهره مكشوف بسبب عدم ثقته في قواته النظامية بسبب الانشقاقات والاستقطابات الداخلية الشئ الذي يفترض ان يبلل رأسه بعد ان تمت زيانة اخوانه في مصر وان هناك اكثر من جهة في المنطقة مستعدة لتحضير العدة او لدفع ثمن الحلاقة.
("من الأفضل للشعب ان يمر بتجربة حكم جماعة الأخوان المسلمين، إذ لا شك أنها سوف تكون مفيدة للغاية فهي تكشف لأبناء هذا البلد مدى زيف شعارات هذه الجماعة التي سوف تسيطر على السودان سياسياً واقتصادياً, ولو بالوسائل العسكرية، وسوف يذيقون الشعب الأمرين، وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل، وسوف تنتهي هذه الفتنة فيما بينهم وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعا). هكذا كتب وتنبأ الشهيد الاستاذ محمود محمد طه للاسلام السياسي.
hafiz gasim [[email protected]]
///////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.