لم يكن خافياً على أحد أن سقوف التوقعات المتضمنة في خطاب الرئيس عمر البشير، الذي وجهه إلى الأمة السودانية أمس (الاثنين) من قاعة الصداقة في الخرطوم, كانت مرتفعة للغاية, أذ حسب الكثيرون من السودانيين داخل السودان وخارجه, أن الخطاب سيتضمن في طياته موجهات للعمل الوطني, وقرارات تصب في مساعي الإصلاح والتغييرات, لتفضي إلى وفاق وطني، يمكن من خلاله معالجة قضايا الوطن كلها، سياسية واقتصادية واجتماعية، ولما لم يلحظ المتابعون للخطاب، داخل القاعة أو خارجها، قرارات بعينها متعلقة بالمساعي المرتقبة من حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم)، من أجل التمهيد لمقومات الوفاق الوطني، وفقاً لأجندات وطنية توافقية. ولكن لا يمكن تجاهل ما تضمنه من مؤشرات مهمة، كالتأكيد على ضرورة المضي في مسيرة السلام، مهما واجهتها عراقيل وصعوبات، وذلك في إطار وثيقة الإصلاح الشامل، التي بشر بها الخطاب. وفي الوقت نفسه، أكد الخطاب أهمية الدعوة إلى السلام والعمل من أجل تحقيقه، ليس ضعفاً, بل هو إيمانٌ راسخٌ. وإذا كانت هناك أيدلوجية سودانية واسعة، تلتزم بمقتضاها كل الأحزاب, فالسلام هو حجر الزاوية فيها. ومما جاء في خطاب الرئيس عمر البشير أمس، أن وقف الحرب الأهلية خطوة نحو سلام المجتمع، وأخرى ضرورية لا غنى عنها، ولا يمكن إسقاطها إذا كان قد قُدر للسودان أن ينهض حقاً. وأحسبُ أنه كان من المتوقع أن يتضمن خطاب الرئيس عمر البشير في مؤشراته، حديثاً فيه قدرٌ من التفصيل عن كفالة الدستور المرتقب لكل الحريات, ابتداءً من إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين كمؤشر حقيقي لانفراجات في الحريات العامة, إضافة إلى حرية التعبير، وحرية الصحافة, ضمن توسيع مواعين الحريات التي ينتظر الكثيرون التبشير بها. ومن الضروري، الإشارة إلى أن من المؤشرات المهمة التي تضمنها الخطاب أمس, دعوته إلى قبول مبدأ التعاون الذي لا يسلب أحداً حقه في انتداب نفسه لأي واجب وطني يجعله الدستور حقاً لكل سوداني وسودانية, مذكراً أن الزمن لا ينتظرنا،لاهياً يقصي بعضنا بعضاً، ويرهن بعضنا ولاءه لغير الوطن، ويؤذي بعضنا السودان كيداً لمنافسٍ. أخلصُ إلى أن من المؤشرات المهمة في خطاب الرئيس عمر البشير, دعوته الأمة السودانية إلى التمسك بالحوار سبيلاً وحيداً للوثوب بالبلاد إلى الوفاق الوطني, في إطار وثيقة الإصلاح الشامل. وفي رأيي الخاص، أنه من المتوقع أن تتحول هذه المؤشرات إلى قرارات جمهورية في القريب العاجل, تحدد خارطة الطريق للوصول إلى الأهداف المبتغاة، التي ألمح إليها الرئيس عمر البشير في خطابه أمس. ولنستذكر في هذا الصدد، قول الله تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ". [email protected] ///////