أثار قرار المفوضية القومية للانتخابات اعتماد "حلايب" كدائرة جغرافية انتخابية للتمثيل فى المجلس الوطنى والمجلس الولائى ، - وذلك استجابة لاعتراضات تقدمت بها جبهة الشرق وبعض التشريعيين بالمنطقة ، لعدم اشتمال التعداد للمنطقة - ، لغطا مصريا واسعا وغضبا رسميا كامنا ، واهتمت الصحف المصرية بالامر ، واعتبر عدد منها اثارت هذا الموضوع " اصطياد في الماء العكر " وافردت صحيفة " المصري اليوم " المستقلة مساحات واسعة لمتابعة الامر وزارت المنطقة وتحدثت مع زعماء العشائر والقبائل الذين اكدوا حسب الصحيفة تبعية المنطقة للدولة المصرية ، ومنهم صلاح كرار أمين الحزب الوطنى بالشلاتين ، وأحد أبناء قبيلة البشارية الذي ذكر - للصحيفة المصرية - بإن جميع مواطنى الشلاتين ، ابتداء من خط عرض 22، - مصريون – معتبرا بان هذه القضية قد تم حسمها ، قبل ان يزيد ايضاحا وتوضيحا ( بأن من بين أهالى الشلاتين أعضاء فى المجالس المحليه بالمدينة ومحافظة البحر الأحمر ويقصد بهذه المحافظة المصرية بطبيعة الحال وليست الولاية السودانية ) . بينما ذكر محمد طاهر سدو شيخ مشايخ أبورماد، عضو مجلس محلى المحافظة من قبيله البشارية ايضا ، أنهم وأبناءهم يحملون الجنسية المصرية ويتمتعون بجميع الحقوق التى أقرها الدستور المصرى لجميع المصريين دون تفرقة ، وقال "إن ميناء عيذاب القديم على البحر الأحمر جنوب أبورماد يؤكد أن هذه المنطقة مصرية 100%". بينما تري الحكومة المصرية التي لم تصدر اعلانا رسميا حول الامر بان هذا الاعلان محاولة للفت الانتباه عن القضايا الحساسة التي يمر بها السودان ، وان الحديث في هذا التوقيت يحمل الكثير من " الالغام" السياسية والتاريخية وقال الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب ، إن قرار مفوضية الانتخابات السودانية حول حلايب يفتح موضوعاً لا مبرر له ، خاصة أن جميع الأدلة والأسانيد التاريخية تؤكد مصرية هذه الأرض ، وهم يعلمون ذلك - في أشارة الي الحكومة السودانية - . وأضاف ل"الاحداث" أنه يربأ بالعلاقات ( المصرية - السودانية ) عميقة الجذور أن تنزلق إلى خلق مشكلة حول هذا الموضوع وإثارته ، خاصة فى ظل الظروف الحالية التى يمر بها السودان . مضيفاً بان السودان فى حاجة إلى من يدعمه وليس إلى من يختلف معه ، ويعتبر هذا الموقف الذي اعلنه الفقي الموقف "شبه الرسمي" الاول للدولة المصرية التي اعادت فتح هذا الملف من جديد مع الخرطوم بعد موقف مفوضية الانتخابات ، واكد مصدر مصري مطلع ل " الاحداث"بان هذا الامر سيناقش خلال الزيارة المرتقبة لنائب الرئيس سيلفاكير ميارديت للقاهرة نهاية هذا الشهر ، واضاف المصدر بان فتح ملف حلايب بالصورة التي تمت سيؤثر علي العلاقة التاريخية والتي بداءت تتعافي بعد مراحل من الخلاف والاختلاف . الحكومة السودانية من جانبها لم تعلق رسميا علي القرار الا أن وليد سيد مساعد رئيس مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة اعتبر القرار "فنيا" وتم بناءا علي طعن من جبهة الشرق ، وان العلاقات التي استعادت رونقها ومتاناتها في الاوانة الاخيرة لايمكن ان تتعثر بفتح اوطئ ملف حلايب ، وان سير تنفيذ اتفاقية الحريات الاربعة تجعل هذا الحديث غير قابل للتطور والخلاف ، وتابع وليد السيد افادته ل " الاحداث " بالقول : هناك تعاون وتنسيق وقدرة علي معالجات جميع الخلافات عبر اللجان المشتركة ، الا ان كل ذلك لاينفي سودانية مثلث حلايب وتبعيته للدولة السودانية ، وان محاولة "تمصيرها" امر مزعج ولايمكن القبول به ، وان العمل علي جعلها منطقة تكامل يبقي دليل تعافي العلاقة واستقرارها ، وهذا هو الخيار الافضل الذي يجب انتهاجه خلال هذه المرحلة ، ولم يقطع السيد امكانية قيام الانتخابات في حلايب مشيرا الي ان اعتمادها كدائرة جاء بناءا علي طعون ويبقي امر قيام الانتخابات فيها معتمدا علي الكثير من الاجراءات التي ستتم لاحقا ، مضيفا بان هناك دوائر في دارفور قد لايتم قيام الانتخابات فيها لظروف معروفة . الصحافة المصرية التي رات في اعلان المفوضية استفزازا واضحا ، مضت ابعد من ذلك وهي تحاول القيام بعملية استقراء للاراء داخل حلايب وشلاتين ، قبل ان تقطع بان "المثلث" مصري كامل الدسم ، وبداءت الصحافة المصرية الاهتمام بالامر ومتابعة الاوضاع هناك بشكل غير مسبوق ، وتحدث عدد من الخبراء في مصر بان السودان يجب ان يعالج خلافاته الاخري ومشاكله الحدودية التي لاحصرها لها قبل ان يأتي ويواجه مصر ، باعتبار أن السودان يحتاج - الي من يدعمه وليس من يختلف معه - كما اشار سابقاً الدكتور مصطفي الفقي ، بينما أكتفي هانى رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الاشارة الي أن قرار مفوضية الانتخابات فى السودان حول حلايب وشلاتين "جاء فى غير وقته"، خاصة أن السودان مقبل على مرحلة حاسمة فى تاريخه. واضاف رسلان بان موضوع حلايب وشلاتين يثار فى السودان لأغراض سياسية محلية ، كما أنه يستخدم فى الصراعات الداخلية ومن يثيرونه يرغبون فى الإساءة للعلاقات ( المصرية السودانية ) ، وقطع رسلان إلى أن وجهة النظر المصرية حول حلايب تؤكد أن "المنطقة مصرية" حيث إن خط عرض 22، هو الخط الفاصل للحدود ( المصرية السودانية )، ومنطقة حلايب وشلاتين تقع شمال هذا الخط وبالتالى فهى مصرية بالكامل . بينما أوضح السفير أحمد حجاج أمين عام الجمعية الأفريقية وجهة نظر مختلفة ، تلمح الي أنه فى خضم المعارك الانتخابية فى السودان تظهر بين الحين والآخر أصوات تحاول افتعال مشاكل خارجية لتبرير مواقفها. وشدد حجاج على أن العلاقات ( المصرية السودانية ) "أقوى ما تكون" ولن تؤثر فيها مثل هذه الأقوال . بقي حديث اخر ورواية اخيرة تختفي كلما اشتعل الصراع علي المنطقة ، تشير الي انه قد تم الاتفاق في وقت سابق بين الحكومتين يقضي بالصمت المطبق حيال هذه القضية ، علي أن يتم معالجتها عبر الاطر الثنائية واللجان المشتركة ، الا ان التطور الاخير يعطي أشارة الي خلاف كامن قد يكون اعاد مثلث حلايب وشلاتين من جديد الي بؤرة الاضواء ، ليشهد من جديد بان هذا " المثلث " في حد ذاته ليس محل خلاف او اختلاف كما كان يقول دائما - السفير الراحل احمد عبدالحليم احد أشهر واهم سفراء السودان في مصر - بقدر ماهو " دالة " علي وجود ازمة كامنة كلما استعرت نيرانها ، أُشعل فتيل الحلايب والشلاتين عمدا كان او دون ذلك . ammar fathi [[email protected]]