mahgoub gali [[email protected]] القارىء الكريم . . . حكى لى احد شيوخ قريتنا فى زمان مضى , ان رجلا جاءوا به الى خليفة المهدى الشهيد عبدالله بن محمد تورشين رحمه الله وقد تمزقت ثيابه وسالت دماؤه جراء مافعلت به ثلة من رجال الخليفة . . وقبل ان يسال الخليفة الرجل عن جرمه الذى عرضه لهذه ( البهدلة ) بادره بالسؤال : ما اسمك ؟ , فاجاب الرجل على الفور : اسمى فاطمة ! فانتهره الخليفة قائلا : كيف تقول ذلك وانت رجل ؟ لم يتردد الرجل ورد على الخليفة بقوله : نعم , اسمى فاطمه , ولو لم اكن فاطمه لما تجرا رجالك وفعلوا مافعلوا بى ! القارىء الكريم . . ان كاتب هذه الاسطر يبرا الى الله من ان يصف الشعب السودانى الكريم بانه شعب من الفواطم (جمع فاطمة) ولكنه _ اى الشعب _ يتصف فى ظنى بصفة ما _ لا ادرى ماهى وماهى مسبباتها _ تجعله كثير الغفلات وعديم الاكتراث لاخطر المسائل . ان حكاية الرجل مع خليفة المهدى المذكوره انفا ان اردنا استخلاص الحكمة منها , فهى تلخص ببساطة المقولة المعروفة ( كيف تكونوا يولَ عليكم) . . ان الشعب الذى يسكت و(يصهين ) عن اخطر الجرائم التى ترتكب فى حقه , ولايناقش القرارات التى تؤثر فى حياته ويقبلها على علاتها ولسان حاله يقول مع عادل امام ( هو انا افهم من الحكومة !؟ ) ليس من حقه ان يشكو ويتزمر حين تشتد به المعاناة . اسوق فيما يلى امثلة على الغفلة والصمت المحير الذى يسود الشعب وسلطته الرابعة المفترضة واول هذه الامثلة ظاهرة غريبة لن تجد لها مثيلا فى اى من البلاد . . . لقد حرمت الشريعة الاسلامية الجمع بين الاختين فى النكاح , كما حرم واقع الشعوب التى تماثلنا ان يولى امر مؤسستين كبيرتين لرجل واحد. قرات فى صحيفة الراى العام ليوم الخميس 22 اكتوبر 2009 خبرا مفاده ان السيد الشريف احمد عمر بدر رئيس مجلس ادارة مشروع الجزيره سيلقى خطابا هاما الاسبوع القادم حول مستقبل المشروع ومايحيط به حاليا من مشاكل , ولما كان الرجل المذكور حسب معلوماتى هو رئيس مجلس ادارة الخطوط الجوية السودانية لم اصدق ان الرجل يقف على راس مؤسستين من اكبر مؤسسات الشعب السودانى. . افترضت ان الامر هو مجرد تشابه اسماء ولم يساورنى شك فى صحة هذا الافتراض لانى مقتنع ان الله لم يجعل لرجل فى بلاد السودان ولا فى بلاد البيضان من قلبين فى جوفه ! ولكن لان الحياة علمتنا عن اصحاب السبع صنائع والبخت الضائع وعلمتنا عن الذين من شاكلة ( وانى وان كنت الاخير زمانه لات بما لم تستطعه الاوائل ) وعن الرجل الخارق , لكل ذلك فزعت الى من يزودنى بالمعلومات الصحيحة , ويالهول ماسمعت . . ان الرجل ذاته والرجل نفسه والرجل عينه هو الذى جمع بين المؤسستين ! ! كيف ومتى ولماذا حدث ذلك فلنسال (صحافتنا ) . . كيف ولماذا ومتى حدث ذلك امام ناظرى شعبنا الذى ليس هو من الفواطم فلنلتمس الاجابه عند الساسة وقادة الفكر والراى . . مبلغ علمى ان الرجل قد يكون مزارعا من اثرياء المزارعين ولكنه ليس زراعيا مهنيا وليس من قدامى موظفى وخبراء مشروع الجزيره فكيف تسنم قمة ادارته ؟ كما انه ليس طيارا سابقا وليس خبيرا او موظفا سابقا بسودانير افنى زهرة عمره فيها فكيف تسنم قمة ادارتها ؟ جمع الرجل بين المؤسستين فهل جمع بين مخصصات المنصبين ؟ اللهم لاحسد ! لم يحيرنى ماحدث بقدر حيرتى من الصمت تجاهه. ان اى من المؤسستين المذكورتين لها شان واى شان فى واقع اقتصاد السودان وحياة اهله , ولها من المشاكل والازمات مايجعل الرجل الذى على راسها مشغولا ومهموما انا ء الليل واطراف النهار , وبالكاد يجد وقتا لاسرته وشئونه الخاصة فكيف يكون الحال وقد اسند ت اليه المؤسسة الاخرى ؟ هل اجدبت بلادنا عن اى كفاءة فى مجالها ؟ كيف تتخذ القرارات فى بلادنا ؟ ولماذا لاتقتل المسائل بحثا قبل الشروع فى تنفيذها ؟ ام ان كل صاحب سلطة فى هذه البلاد حر التصرف فيما يقرر وينفذ . . و دونكم مشروع سندس الزراعى الذى اكمل حتى الان خمسة عشر عاما ومازالت ادارته تناشد المساهمين فيه لا للحضور لاستلام ارباحهم بل لدفع مزيد من الاقساط لكى يتجاوز المشروع عثراته ! ! ودونكم قرار توسعة شارع النيل بمبالغ باهظة بينما تغرق الخرطوم فى كل خريف . . ايهما له الاولوية , توسعة شارع النيل ام انشاء شبكة لتصريف مياه الخريف . . توسعة , اى كبرى مواز بطول الكورنيش وكانه لاحق لابناء الشعب فى التنزه على شاطىء النيل او الجلوس فى مقاهى او حدائق تطل عليه , كل هذا الحرمان من اجل ان تنساب العربات الفارهة . وللعلم فان حل مشكلة المرور لن تحلها توسعة شارع قصير كهذا يمكن بل ولا ضير فى ان يكون لاتجاه واحد بدلا من توسعته وحرمان الناس من الشاطىء . من حق ابناء الشعب التمتع بشواطىء النيل الجميلة . . ان عاصمتنا المثلثة لاتملك من اوجه الجمال غير شواطئها ومقرن النيلين ولهذا لايجوز انشاء اى منشات تغير من ملامحها الا الى الاجمل والا بعد قتل الموضوع بحثا وتمحيصا وسماع شتى وجهات النظر وبخاصة من اهل الاختصاص والدرايه والتداول حول الامر على نطاق واسع عبر اجهزة الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية .. ان بعض الامور التى تتعلق بالمصلحة الحقيقية للبلاد والعباد لاينبغى ان تترك لبعض المسؤولين يطبقون رؤاهم وفق مالديهم من سلطات ( نعلم كيف هبطت عليهم ) خاصة اذا كانت تلك الاعمال والانشاءات ستبقى الى الابد ولايمكن تغييرها بسهولة irreversible قلت ان شعبنا ليس شعب فواطم فهل تؤيد زعمى هذا (صحافتنا) وامامها الكثير من القضايا , ومااوردناه ليس الا بعض نماذج ؟ دكتور / محجوب حسن جلى