هالنى ما قرأته فى رسالة إلكترونية زودنى بها أحد الأصدقاء من الصحفيين البارزين فى الساحة الإعلامية . فحوى تلك الرسالة هو أيداع أستاذة التاريخ الدكتوره / احلام حسب الرسول مصحة للأمراض العقلية بسبب مناداتها بتكوين حزب (جبهة ) تنادى بوضع السودان تحت الإنتداب !ماخلصت إلية الدكتوره / احلام كان يجب ان يسبقها إليه الكثيرون من أبناء بلدى ، خاصة أولئك المثقفون الذين يتشدقون ليل نهار بما قام به فلان او أدلى به علان ، فى الوقت الذى هم فيه غارقون فى وهم إستعادة السلطة !إذا توجهنا إلى اولئك النفر بسؤال حول ماهو الهدف من إستعادة السلطة ؟! ولصالح من ؟! وماذا أنتم فاعلون بها عند إستعادتها ؟! ماذا ستكون عليه إجاباتهم ؟!أنا لن أعود بك أيها القارئ الكريم إلى الوراء منقباً عن وقائع أحداث فى ماضينا البعيد ، بل سأركز معك على مابعد الأستقلال فى عام 1956 . حيث أن الفترة التى سبقت الإستقلال لم تشهد إنتشارا لوسائط الثقافة الجماهيرية وبالتالى أعداد كبيرة من الجماهير كانت شبه مغيبة . إلا أولئك الذين أتاحت لهم الظروف التعامل مع المستعمر الذى بدوره فتح لها الأبواب لإكتناز الأموال وإستغلال " محمد أحمد " ذاك الرجل البسيط الفقير المعدم الذى وصل حد إستغلاله إلى الوعود بضمان موقعا له فى الجنة إذا مابذل الجهد والعرق فى خدمة " سيده " وقد كان ! فهل ياترى ضمن السيد ذاته تلك الجنة التى وعد من قام بإستغلال جهدهم وعرقهم بدخولها ؟! هذا بالطبع متروك لرب يرى ولايرى ، رب يدبر الأمرويفصل الآيات ، رب يمهل ولايهمل .المتطلع لمجريات أحداث الفترة ماقبل الإستقلال سيرى بوضوح أن مقولة " التركى ولا المتورك " لم تأت جزافا ،فما كان يقوم به إبن البلد من أعمال مؤذية حيال أخيه لم يقم به تركى ولا أجنبى !سيقول قائل أن إبن البلد كان يتلقى الأوامر من الأجنبى وماكان عليه إلا الطاعة ! ونتساءل بدورنا : أين كانت كلمة " لا " ولماذا كانت الطاعة عمياء ؟!إذا تلفتنا من حولنا باحثين عن تاريخ للسودان كتب بأيدى سودانية ، ماذا سنجد غير كتابات " مكى شبيكه " و " يوسف فضل " ؟! وعلى جهدهم المتواضع الذى نحمده لهما ، ولكن هل ماتوصلا إليه كاف لنقول بأن تاريخ بلدنا قد كتب بأيدى سودانية ؟! أين هم المنقبون والراصدون والمحللون فى محتوى تاريخنا ؟! أين هى الحقائق ؟! ولماذا نرضى بنصف الحقيقة ؟!لماذا نتغنى بالسيف الذى به تحدينا المدفع ؟! ونتغنى بالفروسية وأن هذا " ضكران " وذاك " أخو أخوان " وثالثهم " رجل الحارة " ؟! لماذا نجيد الوصف والكلام الذى لايغنى من جوع ؟! ولماذا نتبع خطى شعراء المديح " النفاق " من أمثال الشاعر إبن هانى الذى قام فى مدح الخليفة المعز لدين الله الفاطمى حين أنشد قائلاً :ماشئت لاماشاءت الأقدار .... فأحكم فأنت الواحد القهار !إذا كانت الدكتوره احلام حسب الرسول قد إتهمت بالجنون لمجرد أن نادت بالحقيقة بعد أن فاض بها الكيل وأصابها اليأس ، فمرحى بالجنون إذا ما كانت الحقيقة هى الجنون ! بعد الإستقلال ببضعة شهور ، سلم عبد الله خليل " بك " السلطة إلى العسكر ، لماذا ؟! يامثقفو السودان أجيبوا ! مهما تأزم الموقف وتوسعت دائرة الخلاف بين الأحزاب ، هل الحكم العسكرى كخيار كان هو الأفضل ؟! أم أن الأطماع الحزبية والمكايدات والدسائس ، كانت وراء تسليم السلطة للعسكر " عبود " فى 17 نوفمبر 1958 ؟!لقد قال أهل الأنقاذ من قبل عندما كانت مفاوضات السلام فى بداياتها أن " قطار السلام ماشى والداير يركب فى المحطة الأولى مرحبا به وإلا يمكنه اللحاق بالقطار فى محطات لاحقة " وبالطبع من وصل أولا من قيادات الأحزاب وجد مقعدا " ليس درجه أولى بالطبع " ولكن على الأقل خير من الذى أتى مؤخرا وعليه ان يتشعبط فى " السبنسه " ، " ماهو الدنيا حظوظ " كما قال الكاتب المصرى الساخر " محمود السعدنى " وبما أن الأمثال الشعبية هى التعبير الحقيقى عن واقع الشعوب ، تبقى مقول " البجى ورا حدق الضرا " ، وأخذا بهذا المثل نجد ساستنا يجتهدون فى التنافس حول المركز الأخير ! أى من سيأتى منهم بعد الآخر . يخرج أحدهم " تهتدون " ويعود " تهربون" ويبقى الآخر فى الخارج متمنعاً إلى أن ضربت الإنقاذ " طناش " فعاد والعود كما يقولون "أحمد " !! ببقائه فى الخارج أو بعودته ماذا سيفعل ؟! حتما سيطالب بعودة أملاكه ثم يقبع فى داره ليتناوب على زيارته و "التبرك " بطلعته البهية كل متزلف من مرتزقة الثقافة المتطلعين إلى المناصب متوهمين أنه وغيره عائدون إلى السلطة !يتندر البعض بأن أحدهم كان قد ذهب إلى " السيد على " ليقضى حاجة له ، وماكان إلا أن " كشحه " بفاتحة ! غضب الرجل " حرن " وذهب مباشرة إلى " السيد عبد الرحمن " فنفحه بعض " الفيها القسمة " . خرج الرجل يتندر بما حدث . تصدى له أحدهم مفسرا ما حدث قائلا " مهى فاتحة السيد عى بتنصرف عند " السيد عبد الرحمن " ! نكته " بايخة " تدلل على الوهم وإستغلال البسطاء من العباد ! وبعد السيدين أتى الأبناء والأحفاد ! ومن الغريب أنهما يجهزان للأبناء لتولى الخلافة حتى وإن كانوا يشغلون المناصب " الأمنية " فى النظام الحالى !!!! يا أهل السودان إتحدوا ولو لمرة واحدة ضد الجهل و " الضحك على الذقون " تفاكروا حول صيغة تخرج هذا الشعب الأبى من محنة الماضى " أسياف العشر " إلى أسياف حقيقية تتمثل فى علم ينفع وبصيرة تدفع إلى الأمام . ماذا يضير إن إجتمع المثقفون وكونوا حزبا يدخلون به إلى معمعة السياسة بغرض النهضة والإنعتاق ! ألا تخجلون من أن عبدة الذات من الذين قد أكل عليهم الدهر وشرب يتربعون على قيادة أحزاب بالية " ماقتلت ذبابة " ؟!! أتخافون قيادة السفينة حتى بعد أن إتضح لكم أن سفينتكم لها أكثر من نصف قرن تدور حول نفسها ولم تصل بعد إلى مرفأ !! وكأنها سفينة نوح وربانها لازال يقنعكم بأن البقاء فى السفينة خير من إلقاء أنفسكم فى اليم حيث " لاعاصم اليوم " !!!إقذقوا بأنفسكم فى البحر فالعوم أفضل من الإبحار فى سفينة لم تتحرك شبرا واحدا طوال مايزيد عن النصف قرن !! إلى متى أنتم باقون مستنزفون وخائفون من ترك " الجبة " والقفطان " ؟!!!يا من تحملون القلم ، قد طال أمد سكوتكم وجفت أقلامكم وأنتم رعية فى حضرة السلطان !! ألا تخجلون ؟! ألا تحسون بآلام شعبكم الذى ظل يعانى الأمرين ولازال صابرا ينتظر ساعة الفرج ولاتأتى !!! تمردوا قبل أن تجردوا من ورقة التوت وتتكشف عورات الجميع !!!أنا مجنون ، صحيح مجنون ، ولكن " خذوا الحكمة من أفواه المجانين "