عرف عن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وقوفه خلف إنقلاب مايو 1969م في السودان وإنقلاب العقيد معمر القذافي علي النظام الملكي في ليبيا ((في ماعرف بثورة الفاتح من سبتمبر 1969م )) ودعم عبد الناصر إنقلاب البعثيين بقيادة صدام حسين كما عمل علي تغيير النظام الملكي في اليمن والسعودية وقد إنتهت عمليات التغيير العسكري المسنودة من الناصريين إلي إفشال مشروع الوحدة العربية التي كان عبد الناصر يعمل لها وقد سخر إمكانات الدولة المصرية الإقتصادية والأمنية لهذا الغرض و تستند فلسفة عبد الناصر ومصر الرسمية من وراء الإنقلابات العسكرية (( التي قامت بدعمها وتنفيذها ))إلي كون الحكم العسكري يتيح للقيادة المصرية التعامل مع رأس واحد في الدولة بدلا من الرؤوس المتعددة التي تفرضها طبيعة النظام الديمقراطي حيث لا يتخذ القرار إلا بعد أن يتم تقليبه وتمحيصه في دوائر الأحزاب والإعلام ومؤسسات الحكم وعلي رأسها البرلمان . واليوم يسير المشير عبد الفتاح السيسي( المرشح الرئاسي في مصر )علي ذات الطريق الذي سار عليه سلفه من عسكر يوليو 1952م وهو يقوم بتصدير الإنقلابات العسكرية إلي واحدة من دول الجوار وهي ليبيا ((التي حدثت فيها ثورة شعبية )) ضد نظام العقيد معمر القذافي في 17 فبراير 2011م ومبرر السيسي في تنفيذ إنقلاب عسكري في ليبيا بقيادة اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفة حفتر هو مكافحة الإرهاب وقد صرح السيسي بأن ليبيا تحولت خلال العامين الماضيين إلي بؤرة لتجميع المليشيات المسلحة المتطرفة ومصر لن تسمح بإنطلاق أي عمل إرهابي من ليبيا إلي الداخل المصري . والمشير السيسي الذي يصدر الإنقلاب العسكري تحت ذريعة مكافحة الإرهاب إلي ليبيا ربما صدره تحت ذات الحجة إلي السودان أو اليمن أو السعودية أو تونس أو أي دولة من دول الربيع العربي أو حتي دول الخليج التي تسانده الآن خاصة وأن الإرهاب هو مسألة هلامية وليس له تعريف محدد .... واللواء حفتر في ليبيا يسير علي طريقة السيسي سير الحافر علي الحافر ولا يعطي مجرد فرصة أو مجال لمتشكك أن يتشكك أو غافل أن يغفل عن كونه صنيعة سيسية بإمتياز فهو كما السيسي يصف تحركه العسكري في ليبيا بأنه جاء إستجابة (( لمطالب الشعب )) في التصدي للإرهاب وكما السيسي ينقض اللواء حفتر علي الشرعية في ليبيا والمتمثلة في المؤتمر الوطني أو البرلمان الليبي ويهاجم مقر المؤتمر في طرابلس ويقوم بإختطاف أحد أعضاء المؤتمر وكما السيسي يقول إن فرض إرادة الشعب الليبي أهم واشرف عنده من حكم ليبيا ومن يدري ربما شكل حفتر حكومة إنتقالية في ليبيا ونصب نفسه وزير دفاع ثم أعلن عن ترشحه لرئاسة ليبيا كما فعل المشير السيسي في مصر . السيسي في معرض دعمه لتحركات اللواء حفتر يقول: إن فرض إرادة الشعب الليبي في بناء دولة تستوعب الجميع لن يحدث في ظل وجود السلاح وإنما من خلال خريطة طريق تعبر عن إرادة الليبيين لا بالمليشيات وهذا يعيد للأذهان خريطة الطريق التي أعلن عنها السيسي في مصر ووما لاشك فيه أن الثوار في ليبيا قد إرتكبوا أخطاء جسيمة بعد إنتصار الثورة ومن ذلك سؤ الأوضاع الأمنية في البلاد وخاصة مدينة بنغازي التي شهدت إغتيالات وأعمال عنف راح ضحيتها العديد من ضباط الجيش الليبي الموالين لثورة 17 فبراير كما شهدت إغتيال سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد تفجير مبني القنصلية الليبية في بنغازي وظلت معضلة السلاح في يد المواطنين من أكبر المشكلات التي تعيق العملية الأمنية بذات القدر الذي تعرقل به العملية السياسية في ليبيا وكان لعزوف الثوار عن الإنخراط في الجيش والشرطة الليبيتين أكبر المعضلات مما أحدث الفراغ السياسي والأمني الذي ملآه أزلام نظام القذافي المباد وظهور جماعات التطرف علي حساب الوسطية الإسلامية التي تميز الشعب الليبي عموما . وقد لعبت المخابرات الأجنبية دورا أساسيا في الفلتان الأمني وعدم إستقرار الأوضاع في ليبيا وبنغازي علي وجه التحديد . إن الخطر الذي يمثله تحرك اللواء حفتر في ليبيا هذه الأيام يتمثل في إمكانية تقسيم التراب الليبي في ظل الدعوة المتكررة للفدرالية من جانب منطقة شرق ليبيا كما نقلت وسائل الإعلام المصرية عن العقيد محمد حجازي المتحدث بإسم قوات حفتر أن قواته علي إستعداد لإنشاء منطقة عازلة مع مصر بشكل مؤقت بهدف محاصرة الجماعات الإرهابية . وهناك خطر آخر يمثله إنقلاب حفتر وهو تعميق حالة الإنقسام في المجتمع الليبي ما بين مؤيد للمسار الديمقراطي في ليبيا وهؤلاء يساندون المؤتمر الوطني الليبي ويستعدون لإجراء الإنتخابات البرلمانية بعد أسابيع قليلة من الآن وهناك من يرون في اللواء حفتر منقذا لهم من العصابات الإرهابية والجريمة التي تعاني منها ليبيا . ومن المؤكد تماما أن الأطراف الليبية في سباق مع الوقت ما بين المضي قدما في المسار الديمقراطي الذي رسمته ثورة 17 فبراير 2011م وهذا المسار لا يحتاج لخارطة طريق جديدة فهناك خارطة طريق ومسار واضح لإنتخابات المؤسسات الليبية منذ قيام الثورة الليبية وهذه الخارطة تمضي قدما عبر المراحل الإنتقالية بدءا بالمجلس الوطني الإنتقالي ثم المؤتمر الوطني والجمعية التأسية لكتابة الدستور الدائم لليبيا وما يقوم به اللواء المتقاعد في الجيش الليبي هو إنقلاب علي هذا المسار الديمقراطي في ليبيا وعودة بالشعب الليبي إلي المربع الأول مربع الصراع مع نظام القذافي [email protected] ////////