أقبل علينا شهر رمضان المعظم، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول شهر رمضان رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار". فرمضان شهر عمل وعبادة، إذ أن هنالك فهماً مغلوطاً، ديناً وتديناً، لدى بعض السودانيين، من أن شهر رمضان شهر عبادة، بمعنى أن يتفرغ الصائم للعبادة، ويعطل دولاب العمل، بحُجية أنه صائم. فإن رمضان ركن ركين من أركان الإسلام، كتبه الله تعالى علينا، كما كتبه على الذين من قبلنا، تصديقاً لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". وفي رأيي الخاص، لا بد أن تعي منابر المساجد والوسائط الصحافية والإعلامية دور الإرشاد في هذا الشهر الفضيل، والتأكيد على عظمته، وضرورة بسط القول في أهمية المزاوجة بين العبادة والعمل فيه. ومن الملاحيظ التي تستوقف المرء في كثير من دواوين الحكومة والمؤسسات والشركات، أن المساجد والمُصليات فيها يكثر ترداد المصلين عليها، فلا غبار في ذلك، ولكن الذي يجب أن نشير إليه بأن المكوث لساعات طوال فيها، بحُجة التعبد من خلال الدروس أو التلاوة أثناء ساعات العمل، فيه شهبة سالبة، وهذا الأمر بدعوى العبادة في هذا الشهر الفضيل، لا يجوز على قول جمهور الفقهاء. وذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلى ضرورة التخفيف في الصلوات الجماعية في أماكن العمل وأثناء أدائه، حتى لا يحسب أحدهم أن تعطيل طالبي الخدمة، بسبب صيام العاملين لشهر رمضان الكريم. فينبغي أن نحرص على العطاء في رمضان أكثر من غيره، لأنه شهر عطاء وبذل وتضحية، ونوفي فيه بالعهد المرتبط بالعمل، تنزيلاً لقول الله تعالى: ".. وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا". أخلص إلى أن من مطلوبات هذا الشهر الإكثار من الدعاء، لأن الدعاء مخ العبادة، والإكثار من الصلوات، وتلاوة القرآن الكريم في ساعات الفراغ عن العمل، والتدبر في معانيه، والعمل بمفاهيمه. وختاماً نسأل الله تعالى أن يعين الجميع على صيام هذا الشهر الفضيل وقيامه، وأن يجعله شهر خيرٍ ويُمنٍ وبركةٍ على البلاد والعباد.