استعرضتُ أمس (الاثنين) جوانب مهمةً في ماهية هذه الصلاة وفضلها، ولما كانت صلاة التراويح شعاراً مهماً من شعارات المسلمين في رمضان لم ينكرها إلا مبتدع، وقال القحطاني يرحمه الله في نونيته: وصيامنا رمضان فرض واجب وقيام المسنون في رمضان إن التراويح راحة في ليلة ونشاط كل عويجز كسلان والله ما جعل التراويح منكراً إلا المجوس وشيعة الشيطان وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - يرحمه الله -: "ولكن الرافضة تكره صلاة التراويح". وذهب بعض أهل العلم إلى أن قيام رمضان في جماعة مشروع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يداوم عليه خشية أن يُفرض. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف ليل فصلى في مسجد وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس تتحدث، فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس تتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد فإنه لم يخف على مكانكم، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك". ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمم فرضها، أحيا هذه السنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد خرَّج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلةً في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي رجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلى لصلاته الرهطُ، فقال عمر "إني أرى لجمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عظم فجمعه على أُبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلةً أخرى، والناس يصلون صلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون – يريد آخر الليل – وكان الناس يقومون أوله". وأحسب أنه من الضروري شرح مُراد عمر بالبدعة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ".. بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ"، فلا يمكن أن يريد عمر بالبدعة هذا المعنى، بل هنا البدعة اللغوية، وإلا فهي سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحياها عمر الذي أمرنا التمسك بسنته: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عُضّوا عليها بالنواجذ". وعن عروة بن الزبير أن عمر رضي الله عنه جمع الناس في شهر رمضان الرجال على أُبي بن كعب، والنساء على سليمان بن حُثمة. وروي أن الذي كان يصلي بالنساء تميم الداري رضي الله عنه.