نواصل اليوم سلسلة أحاديثنا عن صلاة التراويح، بالتركيز على أيهما أفضل للمرء أن يصليها في جماعة أم في بيته؟ وقد اختلف أهل العلم في ذلك، ومنهم من ذهب إلى أن قيام صلاة التراويح مع الناس أفضل، وهذا مذهب الجمهور، لفعل عمر ولحرص المسلمين على ذلك طول العصور. بينما ذهب آخرون من أهل العلم إلى أن قيامها في البيوت أفضل وهو رواية عن مالك وأبي يوسف وبعض الشافعية، لقوله صلى الله عليه وسلم: " أَفْضَلُ صَلاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلا الْمَكْتُوبَةَ". ويرى جمهور آخر رأياً ثالثاً في المسألة، إذ أن المسألة عندهم تختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان حافظاً للقرآن ذا همةٍ عن القيم منفرداً ولا تختل الصلاة في مسجد بتخلفه، فصلاته في الجماعة والبيت سواء، أما إذا اختل شرط من هذه الشروط، فصلاته مع الجماعة أفضل. كما تحدث أهل العلم عن أجر من صلى مع الإمام حتى ينصرف في رمضان. فليس هناك حد لعدد ركعات القيام في رمضان، فللمرء أن يقيمه بما شاء، سواء كانت صلاته في جماعة أو في بيته، ولكن يُستحب لمن يصلي مع جماعة المسلمين أن ينصرف مع الإمام ويوتر معه، لحديث أبي ذر يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا صَلَّوْا مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، كُتِبَ لَهُمْ قِيَامُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ". وقال أبو داؤود - يرحمه الله - "سمعت أحمد يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال: وكان أحمد يقوم مع الناس ويوتر معهم". ومن الملاحيظ التي ينبغي أن تلحظ، ويجب أن يبسط القول فيها، هو حكم من فاتته صلاة العشاء وأدرك صلاة التراويح، نقول في ذلك إنه إذا دخل المسلم المسجد، ووجد الناس قد فرغوا من صلاة العشاء وشرعوا في القيام، أي في أداء صلاة التراويح، هناك جملة أقوال لأهل العلم في هذا الخصوص، فمنهم من ذهب إلى أنه من الضروري أن يصلي العشاء أولاً منفرداً أو مع جماعة. وذهب آخرون إلى أنه له أن يدخل مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته، وهذا اختلاف لا يؤثر لصنيع معاذ، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان يصلي العشاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويأتي ويصلي مع أهل قباء العشاء، حيث تكون له هذه الصلاة نافلة، وليس له أن يشرع في صلاة التراويح، وهو لم يصلِّ العشاء. فالفرض أولى أن يُؤتى قبل السنة. وأحسب أن أهل السودان في أغلبهم مع رأي أن من فاته العشاء له أن يدخل مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته، وذلك لأنهم يركنون إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاتان في مسجد"، ولكن هذا لا يعني أن بعضهم يذهب إلى الرأي الأول في صلاة العشاء منفرداً أو مع جماعة قبل الدخول في صلاة القيام. ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا في هذه الأيام المباركات صيامنا وقيامنا إنه سميع مجيب.