أكدنا في عُجالة يوم الجمعة الماضية أنه من الضروري التعرف على الأحاديث النبوية المتعلقة بشهر رمضان المبارك، معرفةً دقيقةً، للوقوف على مدى صحتها أو ضعفها أو وضعها عند الاستشهاد بها في الحث على الخيرات في هذا الشهر الفضيل. وأحسبُ من الأحاديث التي تُردد كثيراً، باعتبارها من الأحاديث الصحيحة، حديث مروي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أنه قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر يوم من شعبان، فقال: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء. قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم، فقال يعطي الله هذا الثواب من فطّر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار". وكثير من المسلمين يستدلون بهذا الحديث المشهور عن فضل رمضان دون دراية وعلم بمدى صحته من ضعفه أو وضعه. وللعلماء قول في هذا الحديث ينبغي أن نتعرف عليه ونحن ندخل الثلث الأخير من رمضان، ونردد أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، دون دراية أو علم، بأن درجة الحديث مُنكر للشيخ محمد ناصر الدين الألباني – يرحمه الله تعالى – فقد بيّن الشيخ ناصر الدين الألباني أن الحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار"، حديث مُنكر لا يصح عن النبي، وقال الألباني: حديث مُنكر. أخلصُ إلى أن الحديث المُنكر يعتبر من أقسام الحديث الضعيف، والحديث الوارد في تقسيم رمضان إلى ثلاثة أقسام، أن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، حديث ضعيف، كما بينه الشيخ الألباني – يرحمه الله -. ويتبين ضعف إسناد هذا الحديث، ومتابعته كلها ضعيفة، وحكم المحدثين عليه بنكارة، إضافة إلى اشتماله على عبارات في ثبوتها نظر مثل تقسيم الشهر قسمة ثلاثية: العشر الأولى عشر الرحمة، ثم العشر الثانية عشر المغفرة، ثم العشر الثالثة عشر العتق من النار، وهذه لا دليل عليها، بل فضل الله واسع، ورمضان كله رحمة ومغفرة، ولله عتقاء في كل ليلة، وعند الفطر كما ثبتت بذلك الأحاديث. ونكمل تصحيح مفهوم رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، في عُجالة مقبلة إن شاء الله تعالى.