درج كثيرٌ من الناس في شهر رمضان المعظم، على ترديد بعض الأحاديث النبوية دون الإلمام بمدى صحتها. ومن المقولات التي تُردد كثيراً في رمضان، باعتبارها حديثاً نبوياً شريفاً، أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. فرمضان بلا شك شهر خيرٍ ونفحاتٍ وبركاتٍ، يأتي ومعه كل الخير للأنام، مَنْ أدركه وفاز به، فقد فاز بمغفرة من الرحمن وعتقٍ من النيران، وجناتٍ أعدها الله سبحانه وتعالى، إذ إنه يحمل معه الرحمة والمغفرة وعتقاً من النيران. وأحسبُ أن بعض الذين يرددون أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من باب الترغيب في فعل الخيرات والقيام بالصيام في رمضان من هذا المنطلق، ترغيباً للنفس، إذ إنها إذا صامت رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر لها ما تقدم من ذنبها، والاتكاءة على أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، لذلك لا تجد الذين يعلمون بضعف هذا الحديث يصدون الآخرين من التعامل والتفاعل به، بحُجية أنه يدخل في أحاديث الترغيب حتى وإن كانت ضعيفة المتن والسند. ودائماً ما نردد في شهر رمضان أنه شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وكثير من المسلمين يستدلون بهذا الحديث المشهور عن فضل رمضان دون دراية وعلم بمدى صحته من ضعفه أو وضعه، وعدم الاكتراث بقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" متفق عليه. وفي صحيح السنة الكفاية ينبغي الحذر من الأحاديث الضعيفة والتثبت من درجتها قبل التحدث بها، والحرص على انتقاء الأحاديث الصحيحة في فضل رمضان، وفي ما صح عنه عليه الصلاة والسلام كفاية وعُنية. وللعلماء قولهم في هذا الحديث، فينبغي أن نتعرف عليه ونحن في أيام مباركات من شهر رمضان المعظم الذي نردد فيه أن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، دون أن ندري درجة الحديث، من حيث صحته وضعفه ووضعه. وفي الحلقة المقبلة سنتحدث بشيءٍ من التفصيل عن هذا الحديث، في إطار تصحيح مفاهيم رمضانية خاطئة، وتبيان مدى صحة أو ضعف أو وضع هذا الحديث، كما ورد في كُتب الأحاديث، وبينه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – يرحمه الله تعالى -.