كاتب المقال :- المهندس سامى العطا بواسطة :- اسماعيل احمد محمد (فركش) مفهوم الحداثة والتجديد للدولة، يجب ان يُطرح بصورة اكثر وضوحاً وتفنيداً للواقع الذي يعيشه الشعب الان من انتهاكات / استبداد / تناقضات الخ. ويجب ان نوضح ان السودان مر بمرحلتين في تاريخه السياسي، شكلت الواقع المرير الذي يمثل امامنا، بداية من الحكم الثنائي التركي – المصري بقيادة محمد علي باشا بعد غزوته في 1820م، ومن ثم الاستعمار الانجليزي الذي قدم له الامام عبدالرحمن المهدي سيف الولاء والاخلاص والطاعة كخطوة منافية لخط الامام محمد احمد المهدي المناهض للدولة الاستعمارية. في تلك الفترة كان السودان يحتاج الي تحديث علي مستوي البنية التركيبيه للنظام السياسي، وهي ضرورة الاستقلال من الاستعمار الانجليزي لتكوين السودان الحديث، أي الحكم الوطني الخالي من الكولينالية Non- colinical، وبناء مشروع وطني ينهض بالدولة وفق التراتبيات الاجتماعية، والتكوينات الاثنية والقبلية ومواءمته معها. والبعد عن اساليب الاستبداد القمعية القديمة المصاحبة للايدلوجيات الدينية واستغلال انصارها، والوعود الكاذبة، والحد من عملية تيسير الوضع الاقتصادي للاسر الدينية، (استعانة/ استغلال السيد عبدالرحمن المهدي الانصار لتنظيف اراضي مشروع الجزيرة الحالية بادعاء (من ينظف متراً من الارض يجده في الجنه) وكان ان استلم هذا العمل مقاولاً، مقابلاً للولاء والطاعة الذي قدمها للانجليز). تصاعدت وتاير الصراع حول الدولة وبدا التمسك واضحاً بحداثة الدولة واستلامها من الاستعمار، وظهر تيارين بعد تجربة اللواء الابيض التي كانت واضحة في طرحها حيال الاستعمار وما بعده، وقضايا الهوية.. تيار يدعو الي الوحدة مع مصر وهو تيار المركز الاسلاموعروبي في والمتمثل في الحزب الوطني الاتحادي في ذلك الزمان، الذي قال عنه الشريف حسين الهندي في سلسلة ندواته التي كان يعقدها باستمرار مكرراً مقولته التي يعدد فيها ايجابيات حزبه (ان حزبكم رمزاً للثقافة الاسلاموعربية) وفي اخري يقول رمزاً للثقافة العربية، وهذه كانت تكمن موجهات الحزب حول الوحدة العربية.. والتيار الاخر هو تيار حزب الامة الذي طرح السودانوية، الطرح الذي ينال قدر من الطمأنينه لقطاع كبير من الشعب السوداني وآماله حول ايلولة الدوله لهم والبت في امرها، لكن يبدو ان مناداة حزب الامة للسودانوية لم يدخل في اطار فهم السودان بكل ما يحمله من شعوب بمختلف ثقافاته، ولكنه في اطار التعامل السابق مع الاستعمار وصكوك الولاء والطاعة، وقضايا الرق والتواطوء.. إعتقدَ المهدويين عند مناداتهم للسودانويه سيكسبون تعاطف الشعب خاصة بعد الثقة التي كانت متوفرة للسيد الامام المهدي عندما كان يناهض ضد الاستعمار ثم كسبوا الاعتقاد. وهذا يظهر جلياً في أن حزب الامة لم يقدم مشروع دولة سودانية اساسها التعدد تقبل كل اطياف الشعب السوداني، ثم بدا الصراع واضحاً حول السلطة بينها كطائفة دينيه لها تجربتها، وبين طائفة الختمية من جهة، وما بينهما الحزب الشيوعي السوداني، الذي ظل يعمل في ذات الصراع (صراع السلطة ومستويات الحكم)، بالرغم من انه ظل يناضل من داخل منظومة هذا الصراع لبناء مشروع دولة - ان كان بنظرة غير شاملة، لكنه غرق في وله السلطة وان كانت؛ تشريعية تارة، والتورط في شرك الديكتاتوريات تارة اخري، وتبني خيار الانقلاب العسكري أو تاييده في اخري. ظلت تلك الفترة مرتعاً للصراع الفوقي وهو صراع السلطة علي الكرسي وسيادة الارستقراطية التاريخية (البيوتات الطائفية، الزعامات الدينية، والزعامات القبلية) علي مفاصل حكم الدولة، من اجل الارتقاء بها علي سلم التراتبية الاجتماعية والقوي المتواطئه معها، في حين ان مجتمع السودان ياخذ طابع التراتبية المزدوجة وهي المجتمعات التي صنعها الاستعمار والبست ثوب الدولة الحديثة فصارت لا هي تدار بالشكل الذي يتناسب وبنيتها وإمكانيات تطورها الداخلية، ولا هي استطاعت تغيير بنيتها لتتناسب مع شكل الدولة الحديثة، فأصبحت حقلا من التناقضات الرأسية الطبقية، والأفقية الإثنية الثقافية، وهو ما يسمي تناقضات المركز والهامش. أي أن التراتبية الاجتماعية ذات طابع مزدوج، فصعود الفرد يحدده البعد الرأسي المتعلق بعلاقات الإنتاج وفي نفس الوقت يحكمه وضعه الإثني الثقافي. فلنفترض ان السودان، اخذ طابع الدولة الحديثة في فتراته السابقة ما بعد الكوليناليه وحتي الان، وهذا الافتراض من ناحية ان اصبح خارج سدنة الاستعمار، ولكي نخطو الي الامام اكثر لابد ان يتم الاعتراف بكل الاخطاء التاريخية التي وقعت فيها القوي الارستقراطية والنخب السودانية التي نأمل ان تخرج من حلقة الفشل التي ظلت تدور في فلكها عقود. حينها سيكون هناك خطوة عملية لتجديد هذا السودان وازالة كل تعقيدات الدولة الحديثة ما بعد الاستعمار، وتحويل جهد هذه الصراعات الي كيفية الوحدة داخل التنوع، واعادة بناء الدولة السودانية علي اسس مغايرة تضمن اتساعها للجميع بكل مكوناته، ويبقي حوجتنا للسودان الجديد هو الهدف المنشود لكل قوي التغيير في السودان. [email protected] ///////