اصبحت تحركات الرئيس السوداني عمر البشير الذي امتنع عن الذهاب الاثنين الى اسطنبول كما كان مقررا، مقيدة منذ ان اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه في اذار/مارس الماضي بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. ومنذ صدور هذه المذكرة يحرص الرئيس السوداني على تحدي الغرب. فقد القى خطابات نارية امام الاف الاشخاص في دارفور وزار اريتريا وقام بزيارات لعدة عواصم عربية بدءا من القاهرة وانتهاء بطرابلس مرورا بالدوحة. كما قام باداء العمرة في مكة. وكان الرئيس السوداني يريد ان يظهر بمظهر القوي امام الغرب الذي يضعه في قفص الاتهام لدوره المفترض في العنف في اقليم دارفور الذي يشهد منذ 2003 حربا اهلية معقدة ادت الى مقتل 300 الف شخص وفق تقديرات الاممالمتحدة و10 الاف وفق الخرطوم، كما اسفر النزاع عن نزوح 2,7 مليون شخص من ديارهم. وساندت غالبية الدول العربية والصين البشير في اختبار القوة بينه وبين المحكمة الجنائية الدولية وكذلك فعل الاتحاد الافريقي. واقرت 110 دولة اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية ولكن العديد من الدول مثل السودان والقوى الكبرى مثل الولاياتالمتحدة والصين وروسيا والهند امتنعت عن الانضمام اليها. ولا ينطوي السفر الى الدول المجاورة على خطر للبشير لان ايا منها لم ينضم الى معاهدة روما ولم تكن تحركاته تقتضي السفر في الاجواء الدولية باستثناء رحلته القصيرة فوق البحر الاحمر للذهاب الى السعودية او الدوحة. ويقول المحلل في مجموعة الازمات الدولية فؤاد حكمت ان عمر البشير "يمكنه السفر في المجال الجوي للدول المجاورة ولكنه لن يغامر في +منطقة عازلة+ جوية وهذا تأثير مباشر لمذكرة التوقيف". ويضيف المحلل ان مسؤولين سودانيين لا يريدون المخاطرة بان يتم اعتراض طائرة البشير في الاجواء الدولية. وكان البشير قام بزيارة في حزيران/يونيو الى زيمبابوي، لكنه اعتذر عن تلبية دعوة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز للمشاركة في قمة افريقيا-اميركا اللاتينية في كراكاس في ايلول/سبتمبر الماضي وهي رحلة كانت تقتضي منه التحليق بطائرته لفترة طويلة في الاجواء الدولية. وبصفتها عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، كان يتعين على فنزويلا ان توقف البشير ولكن هذا الاحتمال يظل نظريا بالنظر للعلاقات الجديدة بين الخرطوم وكراكاس. واعتذر الرئيس السوداني كذلك في منتصف تشرين الاول/اكتوبر الماضي عن تلبية دعوة للمشاركة في لقاء للاتحاد الافريقي في نيجيريا ولم يذهب الاثنين الى اجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي في اسطنبول. وكانت مصادر في الخرطوم قالت ان البشير يعتزم الذهاب الى اسطنبول غير ان المسؤولين السودانيين لم يؤكدوا رسميا في اي وقت مشاركته في اجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي. وكان الاتحاد الاوروبي دعا تركيا الى "اعادة النظر" في استضافتها للبشير الذي قرر في نهاية الامر "تأجيل" زيارته لتركيا لارتباطات داخلية في السودان. وشارك البشير الاحد في قمة الصين-افريقيا التي عقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية التي يفترض ان يعقد فيها في شباط/فبراير المقبل قمة فرنسا-افريقيا. ويستطيع الرئيس السوداني الذهاب الى مصر من دون مشاكل ولكن وجوده المحتمل في قمة فرنسا-افريقيا يزعج باريس التي تدافع بشدة عن ولاية المحكمة الجنائية الدولية، وفق مصادر دبلوماسية.