[email protected] (1) في الموقع الالكتروني (منتديات الختمية)، وهو منبر شباب طائفة الختمية على الشبكة العنكبوتية لفتت انتباهي مناقشات موسعة، استحالت الى جدل محتدم، حول الغواصات. الغريب أنني قرأت تحذيراً اطلقه أحد مديري الموقع. وقد حذر رصفائه بأن فتح مثل هذا الموضوع ومناقشته في العلن ليس من مصلحة الحزب والطائفة، لأن المنبر مفتوح ويمكن ان يطلع (الأغراب) على ما يدور فيه. بيد أنني أود هنا ان اطمئن هذا الشاب الكريم بأنني لست غريباً، إذ أنني أنحدر من اصول اتحادية، كما أنني أوالي مولانا الحسيب النسيب السيد محمد عثمان الميرغني في المنشط والمكره. ثم أن قرائي، ولله الحمد والمنة، من الأكارم وأهل الثقة، ممن يغضون الطرف، ويحفظون الأسرار. بارك الله فيهم جميعا. (2) تابعت مناقشات الاحباب من شباب الحزب والطائفة حول ملف بعنوان (منح الحزب الاتحادي الاصل منصب نائب الوالي بكسلا). وجوهر الملف هو قرار بتعيين السيد / مجذوب ابو موسى مجذوب نائباً للوالي ووزيراً للزراعة والري، ممثلاً للحزب الاتحادي الاصل. وقد قرأت مداخلات عديدة تشيد بهذه الشخصية ودورها وتاريخها المشرف، وترحب باختيار الرجل للمناصب التي هو أهلٌ لها. وقد اسعدني واثلج صدري هذا الالتفاف حول ممثل الحزب. ولكنني فوجئت بعد ذلك بمرافعة مطولة من تسعمائة كلمة، سطرها الاستاذ عباس عمر المحامي، وهو من الكادرات النشطة بالحزب والطائفة، وقد ابتدر مرافعته بهذه الكليمات: (للذين لا يعرفون من هو مجذوب أبو موسى أقول: مجذوب ابو موسى هو أحد غواصات المؤتمر الوطني المزروعة داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل منذ اتفاقية القاهرة، وتاريخ الرجل يشهد على ذلك). وأشار الى ان المذكور سبق له ان انضم رسمياً لحزب المؤتمر الوطني، ولديه بطاقة عضوية، وانه عمل مديراً لمكتب الوالي (المؤتمروطنجي) السيد/ ابراهيم محمود عام 1999. وبحسب الاستاذ عباس عمر المحامي، الذي يبدو لي انه مطلع على كثير من خفايا الحزب واسراره، فإن زعيم الحزب والطائفة، مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، سبق له ان أرسل رسالة خطية عبر مندوبه الخليفة الصادق محمد دين الى رئيس الحزب بولاية كسلا السيد / حسن مزمل يبلغه فيها قراره بأن (يتم اختيار شخص لمنصب وزير الزراعة بولاية كسلا، على ان يكون من قبائل الهدندوة، وأن تجتمع حوله القبائل الاخرى دون خلاف). وقد شكك الاستاذ المحامي في الطريقة التي تم بها اختيار وتوزير هذا الغواصة، مشيرا الى ان الاختيار تم بالمخالفة لتوجيهات مولانا. ولكن السواد الاعظم من المشاركين عارضوا المحامي، ورفضوا تشكيكه، وساندوا مجذوب ابو موسى، وعبروا عن تعضيدهم له، بصرف النظر عن كونه غواصة. ومن جانبي فإنني أرى انه لو اجتمعت كلمة الغالبية حول الرجل فلا بد من توزيره، مهما يكن من أمر غوصنته. ذلك هو مقتضى الديمقراطية وحُكمها وقانونها. وقديما قال الشاعر: (إذا الشعب يوماً أراد الغواصة / فلا بد ان يستجيب القدر). (3) وأنا اتجه صوب نهاية هذه الحلقات أجد لزاماً علىّ ان انبّه القارئ الكريم الى تصحيح كان المغفور له الاستاذ شوقي ملاسي قد بعث به الىّ قبل وفاته، واحلته للنشر وقتذاك بصحيفة (الاحداث). وكنت قد كتبت ضمن عرضي لمذكرات المرحوم الاستاذ شوقي الفقرات التالية: (بيد أن أول من اعترف علانيةً باضطلاعه بدور الغواصة بين قيادييى الاحزاب السياسية السودانية هو الاستاذ شوقى ملاسى. فقد التحق الاستاذ ملاسى بحزب الشعب الديمقراطى فى العام 1965 تحت زعامة الشيخ على عبد الرحمن، واصبح قيادياً فى صفوفه وخطيبا مفوهاً يخطب فى ندواته السياسية، بينما هو فى ذات الوقت عضو مؤسس أصيل وكادر قيادى نشط فى حزب البعث العربى الاشتراكى. وكان البعثيون قد قرروا كذلك ان يلتحق القياديان المؤسسان بدر الدين مدثر وسعيد حمور بصفوف الحزب الوطنى الاتحادى، فالتقيا فى هذا السبيل بالزعيم اسماعيل الازهرى، الا ان خطة الالتحاق بالحزب الاتحادى تعثرت ولم تؤت أكلها. وكانت الاستراتيجية البعثية تقضى بأن يعمل الغواصون البعثيون، بعد اندغامهم فى الاحزاب الكبرى، على التأثير فى سياساتها وتوجيهها وجهةً عروبية تتسق واهداف البعث. أما الهدف الثانى فهو تمكين الكوادر البعثية من الدُربة السياسية واكتساب المهارات، والتعرف على مسارح العمل الحزبى وتضاريسه وخصائصه). وكان تعقيب الراحل العزيز، الاستاذ شوقي ملاسي، انه لم يكن في واقع الأمر (غواصة) داخل حزب الشعب الديمقراطي، كما تبدو الصورة من الخارج. بل أنه صارح رئيس الحزب الشيخ على عبد الرحمن مقدماً بمنطلقاته الفكرية، وتوجهاته السياسية. وأن الشيخ قدّر ان هذه المنطلقات والتوجهات لا تتناقض مع مبادئ الحزب. وها أنا ذا أعود، وبعد سنوات خمس من نشر ذلك المقال، وبناء على هذا التوضيح، لأخلع عن هذا الطوربيد البعثي قبعة الغوصنة. رحم الله شوقي ملاسي، وأثابه بقدر بذله من اجل بلده، وصموده في سبيل مبدئه. نقلاً عن صحيفة (السوداني)