لقد تواضع المجتمع الدولي على أهلية واستقلالية وديمقراطية الحركة الرياضية. وسبق التقرير ان كرة القدم رياضة جماهيرية يتساوى الناس خواصهم وعوامهم فى تشجيع فرقهم دونما قيود ويبذل العديد من الناس كل جهدهم وأموالهم للرقى بها واستقرار اوضاعها. وقد يقول قائل ان بعض الاثرياء قد انضووا تحت لواء الاندية للوجاهة الاجتماعية والولوج الى عالم الاقتصاد والسياسة وهذا صحيح تماما. فقد أدرك اهل السياسة ان انتشار كرة القدم وشعبيتها يمكن استغلالها للترويج لمعتقداتهم باسم الوطنية وللترويج لمعتقدات سياسية ولا غرو فالأندية الرياضية تشكل كليات انتخابية معتبرة كما تكفل دعاية لا يمكن الاستهانة يمردودها. و لعل اهتمام ايطاليا الفاشية بتنظيم الدور الثاني لكأس العالم فى عام 1934 وفوزها به قد ساهم بقدر كبير فى ازدباد بريق الفاشية. وقد كانت النتيجة أن اضحت كرة القدم مثل الماء والهواء للإيطاليين. لقد لمست شخصيا ابان خدمتي بإيطاليا فى منتصف سبعينات القرن الماضي شغف الشعب الإيطالي وتعصبه لأنديته الوطنية. وقد تبارى سراة القوم فى ايطاليا على السيطرة على اسهم اندية كرة القدم. لقد سيطرت اسرة انجلى مالكة شركة فيات العملاقة على نادى يوفنتوس بتورينو وسيطر عملاق الميديا بيرلسكونى على نادى ميلانو. يتبين ثراء الاندية الايطالية وثقة الجمهور فى أن كرة القدم قد اضحت استثمارا ناجحا ويتمثل ذلك فى حقيقة ان اسهم تلك الاندية يتم تداولها فى البورصة الايطالية. ولا يقتصر صيت وثراء الاندية فى اوروبا على ايطاليا فوفقا لتقارير مجلة فوربس الامريكية لعام 2014 ان اندية ريال مدريدوبرشلونة ومانشستر يونايتد وبايرون ميونخ و الارسنال وجلسي ومانشستر سيتي و ا س ميلان و يوفنتوس وليفربول تعد أغنى عشرة اندية فى العالم. وقد بلغت مداخيل كل من ريال مدريد و برشلونة على سبيل المثال وفقا لإحصاءات 2014 اكثر من ثلاثة بليون دولار. وحيث ان الاستثمار فى كرة القدم قد اضحى جاذبا لأصحاب الثروات الضخمة رأينا ان اثرياء الخليج والمليونيرات الروس يتبارون لشراء الاندية الانجليزية. وبقى بايرون ميونيخ وفقا للقوانين الالمانية عصيا على الاستحواذ من قبل الاثرياء الجدد. وفى معرض الحديث عن الكرة الالمانية، قد يكون من المناسب الاشارة الى ان المانيا لم تشارك فى منافسات دولية بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية الا فى عام 1954 ولإحياء الشعور القومي التف الشعب الألماني حول فريقه القومي واعتبر الانتصار استعادة لكرامة ألمانيا. خلاصة القول ان الاندية الكبرى فى اوروبا لم تعد اندية رياضية فقط بل باتت مؤسسات مالية رياضية ضخمة تساهم مساهمة ملموسة تحت راية اتحاداتها الوطنية والاقليمية والفيفا فى تطوير كرة القدم الرياضة الشعبية الاولى فى العالم. ولئن كانت بعض البطولات الاقليمية كالكاف لا تدر مدخولا ضخما فقد بلغ دخل الفيفا فى منافسات كأس العالم الاخيرة فى البرازيل اكثر من 4 بليون دولار بزيادة اكثر من 66% من منافسات عام 2010. وقد ساهمت حقوق البث التلفزيوني والإذاعي والتسويق للشركات العالمية كأديداس وكوكا كولا وفيزا وغيرهم فضلا عن بيع السلع الرياضية فى هذه الدخل الضخم. [email protected] نشرته صحيفة الايام الغراء فى 29 يناير 2015