إثر هزيمة مصر من الجزائر في استاد المريخ بأمدرمان ولحاقها بجارها السوداني الذي تلقى سلسلة من الهزائم المخيبة للأمال الرياضية السودانية في التصفيات التمهيدية لمونديال جنوب أفريقيا لعام 2010، وإثر قيامنا بنشر مقال بعنوان (عندما أنهزم الفراعنة في السودان) تلقيت رداً إلكترونياً غاضباً من قاريء مصري يُدعي محمد رمضان وقد جاء الرد الحزين المفعم بالعتب على النحو الآتي: لا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك فسوف تجد من ينزع السهم ويعيد لك الحياة والإبتسامة! لا تضع كل أحلامك في شخص واحد ولا تجعل رحلة عمرك وجه شخص تحبه مهما كانت صفاته ولا تعتقد أن نهاية الأشياء هي نهاية العالم فليس الكون هو ما ترى عيناك! لا تنتطر حبيباً باعك وانتظر ضوءاً جديداً يمكن أن يتسلل إلى قلبك الحزين فيعيد لأيامك البهجة ويعيد لقلبك نبضه الجميل! لا تحاول البحث عن حلم خذلك وحاول أن تجعل من حالة الإنكسار بداية حلم جديد! لا تقف كثيراً على الأطلال خاصة إذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها وابحث عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد! شكرا لكم، احنا فعلا كنا معتقدين زي ما قلتا ان السودان بلدنا التاني، لكن الحمدلله ان هذه المبارة اوضحت لنا كرهكم لنا ، ونحن المصريون لا نريد كاس العالم ولا نتشرف به ان كان الوصول اليه سيكون بالكره والدماء والحقد ! يااخي ده الدين بيقول وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ، وانتم لم تجيرونا مع ان احنا اللي طلبنا ان نلعب في ارضكم!ّ الحمدلله اننا خسرنا المباراة وكسبنا انفسنا وعلمنا من يحبنا ومن يكرهنا، مصر اكبر من مباراة في كرة القدم، وهذا شعارنا دائما، ارفع راسك انت مصري. (انتهت الرسالة) أقول للأخ المصري الغضبان محمد رمضان ، أولاً أشكرك على المراسلة وثانياً أقول لك إن حكومة السودان وشعب السودان لم يقصرا مطلقاً في حق الأخوة المصريين سواء أكانوا لاعبين أم مشجعين ، وهناك كثير من المشجعين السودانيين رفعوا علم السودان إلى جانب العلم المصري وراحوا يشجعون المنتخب المصري وكأنه منتخب السودان! وهناك أيضاً سودانيون شجعوا الجزائر وتمنوا أن تفوز على مصر 4/صفر وهذا حقهم ولا أحد يلومهم على ذلك فهم أحرار في التعبير عن ميولهم الرياضية فالميل القلبي الكروي أمر لا يُمكن التحكم فيه مطلقاً والجزائر على أي حال دولة عربية إسلامية وليست إسرائيل حتى يُطالب كل السودانيين بكراهيتها! يا أخي أنا شخصياً أمقت تسيس الرياضة وأبغض انعدام الروح الرياضية لأن الروح الرياضية التي تعني الاحتفال بالفوز بشكل لائق وتقبل الهزيمة بصدر رحب هي الجوهر الذي ترتكز عليه فكرة الرياضة نفسها، ولا يُمكن لك أو لغيرك من الإخوة المصريين أن يزعم أن كل السودانيين يكرهون المصريين ، فهذا تعميم مخل ومحاولة يائسة للبحث عن كبش فداء وكان الأجدى الاعتراف بالهزيمة بصدر رحب لأن المباراة التي جرت في السودان مهما كانت درجة أهميتها هي مجرد مباراة جرت بين أخوة أشقاء في بلد شقيق ولا بد فيها من فائز وخاسر! وبعيداً عن الرياضة المسيسة ، فسوف تبقى العلاقة بين السودان ومصر علاقة حضارة نوبية عريقة امتد عمرها آلاف السنين وتبقى العلاقات بين الشعب المصري والسوداني والجزائري علاقة أخوة ونسب ومصاهرة ودين لا يضعفها أي تشنج غاضب أو عتب ساخط من هذا الطرف أو ذاك، ولعل ذلك المصري المتزوج من جزائرية والذي استضافته قناة الجزيرة القطرية قبيل المباراة الأولى التي أقيمت في مصر يعكس الروح الرياضية التي يجب أن يتحلى بها الجميع فهو تمنى الفوز لمصر وهي تمنت الفوز للجزائر وهما يضحكان من قلبين صافيين وكلاهما كان على حق رغم الانقسام العائلي فالخلاف في التشجيع لا يفسد للود الرياضي قضية ، وغداُ عندما تلاقي الجزائر أي دولة أوربية في مونديال جنوب أفريقيا فسوف يقف كل الشعب المصري مع الفريق الجزائري الشقيق بلا تردد لأن المشاعر القومية الضاربة الجذور أقوى من أي عواطف رياضية عابرة مهما كانت درجة قوتها أو حدتها! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر