قال الزول الساي ، الما بقعد ساي ، وما بسكت ساي : زمان ، كان كل المهرجلين من أولاد الابتدائي والثانوي يجلدون بالسياط ، حتى بنات الابتدائي والثانوي المهرجلات كن يضربن بالمسطرة والخرطوش! عندما كنا تلاميذ في مدرسة السكة حديد الابتدائية ومدرسة التجاني الشعبية المتوسطة بمدينة كوستي، كانت الهرجلة ، أي الكلام واللعب داخل الفصل أثناء الحصص ، تعتبر مخالفة خطيرة تستوجب الجلد بسوط العنج (العنج هو البقر الذي يرعى بلا قيود في الغرب والجنوب) وكان الألفه، الذي يعينه أبو الفصل ، يُعتبر ضابط سجن! بالنسبة للمهرجلين وتحمل الجلد كان التلاميذ ثلاثة أنواع : النوع الأول: الجرسة، الذي لا يتحمل الجلد ويصرخ ويفرفر ، وكان الاستاذ الجالد يصيح : أربعة منو ، يطيرو جنو! وما أن يقول ذلك حتى يندفع أربعة من الطلبة العتاولة ويقومون بمسك الطالب الجرسة من يديه ورجليه ورفعه في الهواء ليتم جلده وسط صرخاته وضحكات بعض الطلبة والمعلمين! النوع الثاني : المحتال ، وهو الذي يدبل الأردية أو يضع الكركاسات ، ويثبت للجلد وفي الواقع فإن الذي يتحمل الجلد هو الرداء المدبل أو الكركاسة المخفية وليس المجلود المحتال، النوع الثالث : حمير السوط، وكنت أنا واحد منهم، هؤلاء كانوا يتحملون الجلد وكأنهم نوع من الحمير البشرية! ذات يوم ، وفي مدرسة التجاني الشعبية، تم تعيين صديقي عبد الله ، وهو من أولاد النوبة، الفه بصورة مؤقتة بسبب مرض وتغيب الالفه الاصلي، فاعتقدت أنها فرصة سانحة للهرجلة لكن صديقي عبدالله سجلني مهرجل ولما زودتها حبة سجلني عاصي ولما زودتها حبتين سجلني عاصي جداً جداً! تم جلدي عشرة جلدات بسبب تلك الهرجلة التاريخية ، فعدت للفصل غاضباً وركلت الباب بقوة ، جرى عبدالله وأخبر الاستاذ بفعلتي ، فاستدعاني الاستاذ وجلدني عشرة جلدات أخرى ، ذهبت للفصل وركلت الباب مرة ثانية بقوة أكبر، فجرى عبدالله وأخبر الاستاذ فجلدني عشرة جلدات أخرى ، في المرة الثالثة عدت للفصل وركلت الباب ركلة عنيفة حتى كاد الباب ينخلع وعندما أراد عبدالله أن يجري ليبلغ الاستاذ منعه بعض الطلبة ولو لم يتم منع الالفه عبدالله من التبليغ لكنت أركل الباب وأجلد كل مرة عشرة جلدات حتى تاريخ اليوم! عندما سألت أولادي سامي وسارة ، وهما طالبان بالصف السابع بالمدرسة الانجليزية الحديثة بالدوحة ، عن الهرجلة وعقابها ، قالا لي إن المعلم يُخرج المهرجل من الفصل لمدة عشرة دقائق ، وإذا كرر الهرجلة يُطلب منه إحضار ولي أمره وإذا زودها حبتين يُفصل من المدرسة وعندما سألتهما هل سبق أن عوقبتم بسبب الهرجلة ، قالا لي : لم نهرجل ولم نعاقب مطلقاً! شعرت بدهشة مركبة ولم أفهم كيف لا يهرجل الطالب لمدة سبعة سنوات لكنني صدقتهما في النهاية فتقاريرهما تكاد تقول إنهما الطالبان الأكثر هدوءاً وتهذيباً في المدرسة! عندما حكيت لهما حكايتي مع الالفه عبد الله وباب الفصل ضحكا بشدة، وعلّق سامي قائلاً : ثلاثون جلدة! يا إلهي! حقاً لقد كنت أكبر أحمق في ذلك الوقت! فيصل الدابي/المحامي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.