حينما ثارت ثائرتنا عقب تطاول الرويبضة من إعلاميي مصر على السودان, كان ذلك بدافع حبنا لوطننا الذي تعود الآخرون على التطاول عليه بجهل دون أن يرد عليهم أحد إما لضعف إعلامنا في مقابل الآلة الإعلامية الضخمة التي يملكونها, أو لإحساسنا بأنه قول فج لا يستحق عناء الرد و هذا خطأ. هذه المره تثور ثائرتي نصرةً للشخصية المصرية التي رسم لها إعلام الرويبضين صورة لا نرضاها بحكم معرفتنا و حبنا لمصر و إخوتنا المصريين الذين زاملناهم في غربتنا و عاشرناهم في بلادنا حتى أنهم تسودنوا و صاروا جزءاً منا. كلنا يذكر قصة ندى التي اتصلت على إبراهيم حجازي تدعي و هي تغالب دموعها أن الجزائرين طاردوها حتى أنها احتمت بأسرة سودانية في شارع الخرطوم (علماً بأنه ليس في السودان كله شارع يسمى شارع الخرطوم). كان واضحاً من تفاصيل المكالمة سيئة الحبكة أنها ليست في السودان ناهيك عن الخرطوم. سألها حجازي: - مين كان معاكي؟ - عمر - و فينوا عمر؟ - جري - لا ده عمر ده ما طلعش راجل معاكي إزاي يجري و يبسيبك!!! ينقطع الخط!! ثم تتلوها تلفيقات محمد فؤاد و أحمد بدير التي طالت الشخصية المصرية بلا وعي في خضم محاولاتهم الفجه لإقناع الآخرين بما كان خلاف الواقع فوصموا الشخصية المصرية بالجبن حين عددوا أسماء من أصيب من النساء اللآئي كن برفقتهن دون أن يدافعوا عنهن. هل السنج و المطاوي المزعومة هي التي منعتهم من صون عروض النساء؟ أم أن الأمر برمته لا يعدو أن يكون تلفيقاً لرسم صورة غابية لسودانٍ يتجول فيه الجزائريون بهمجية لا تجد من يردعها. لقد رسموا بذلك بورتريه قبيح الشكل للشخصية المصرية التي قاتلت بشجاعة و قاتل معها آبائي ببسالة حتى كادوا يدخلوا تل أبيب. و الوجه الآخر الذي رسمه إعلام إبراهيم حجازي و عمرو أديب كان أقبح. ففي اتصال لإحدى القنوات مع إعلامية قبل المباراة قالت إنها في إجازة في أمريكا و لكنها سرعان ما تتصل بعد المباراة متحدثةً و كأنها في قلب الحدث وهي الشاهد اللي ما شافش حاجة! ثم جلجلت فضيحة محمد فؤاد فضاءات الإعلام الفسيحة و هو يجلس على كرسي وثير (أظنه في مكتب طارق نور للدعاية و الإعلام في حي المنشية بالخرطوم) و يصرخ مطالباً عمرو أديب, الذي تطاول بالسب على لاعبي المنتخب المصري في جنوب إفريقيا واصفاً إياهم و بمنتهى قلة الأدب بأشنع الألفاظ, مطالباً إياه بسرعة تدخل السلطات المصرية لحماية (تمن تالاف واحد) يطارهم الجزائريون في الشوارع وهو واحد منهم و قد أصابه الجزائريون حتى وصل الأمر لسلطات الأمن السودانية التى لم تفتح بلاغ بإزعاج السلطات و الإدلاء بمعلومات كاذبة في مواجهة المدعو محمد فؤاد بعد أن تبين عدم صحة دعواه و بشهادة دبلوماسي رفيع بالسفارة المصرية في الخرطوم, في حين بلغ العدد الكلي لمن حضر من مصر 3625 مشجعاً! أما أحمد بدير فقد أقسم بالأيمان المغلظ بأن مئات الجزائرين يفترشون الأرض أمام المطار و اكملت هالة صدقي الرواية الخيالية مدعيةً بأن الجزائرين يحاصرون الطائرات التي تقل المشجعين المصرين داخل المطار الذي أصبح "سمك لبن تمرهندي"! على حد قولها وهي التي تجهل أن السلطات السودانية استجابت لنداء الإخوة في مصر بالتغاضي عن كل إجراءات المطار الروتينية من أجل تسريع سفرهم. حقاً هذه غابة و ليست دولة السودان! إذاً البورتريه الثاني يصور الشخصية المصرية بأنها لا تنطق إلا كذبا. فقد أصاب تفنيد القنصل المصري لرواية محمد فؤاد إعلام الجهلاء في مقتل. وهو الذي ادعى أيضاً أن أحمد بدير قد أصيب في رأسه بينما لم يذكر الواقعة أحمد بدير نفسه حين تحدث لخالد الغندور على قناة دريم. ترى لو أصيب أحمد بدير هل كان سيغفل ذكر اصابته؟! في حين تحدث الرجل عن 15 أو 18 ألف مشجع جزائري و وصل العدد عند أحمد السقا إلى 24 ألف. هل هو تهويل مقصود أم جهل بالعدد الحقيقي الذي تناقلته كل وسائل الإعلام و الذي لم يتجاوز 9625. و لا ننسى إدعاء أحمد بدير بأن الجزائرين دخلوا السودان بالخمور بتاعتهم و بعضهم دخل بدون جوازات سفر - كأنهم داخلين زريبة مش دولة. طبعاً السيد أحمد بدير لا يعلم أن الخمور ممنوعة في السودان و بلا استثناء و لا يمكن لأي جزائري أن يخرج من المطار و في يده زجاجة خمر واحدة. كما أنه يجهل أن مصر قبلت أن تدخل بعثتها للسودان بدون تفتيش بينما رفضت الجزائر ذلك مما أدى إلى تأخير دخول المشجعين الجزائرين الذين خضعوا لإجراءات الجوازات و الهجرة السودانية بحذافيرها. أما على الجانب المصري فقد أكد طبيب السفارة المصرية بالخرطوم أنه لا يوجد مصاب واحد بين المشجعين المصريين. و الملاحظ أن كل من روى روايةً عن أحد المصابين يقسم بأغلظ الأيمان أن فلان قال له أن علان شاف واحد مضروب أو مصاب. و حتى الآن لم يستطع أحد من كل الذين ملأوا الدنيا صراخاً أن يثبت واقعةً واحدة في الخرطوم بينما كان هناك 45 مصاب من المشجعين الجزائرين عقب المباراة الأولى في القاهرة منهم واحد أصيب بسكينة حسب إفادة وزارة الصحة المصرية أيضاً حطم المشجعين المصرين 240 سيارة حسب سجلات الشرطة المصرية عقب المباراة الأولى في مقابل تحطيم زجاج أتوبيسين فقط في الخرطوم. أعقبه إصابة 11 ضابط أمن مصري بعد هجوم مشجعين مصرين على السفارة الجزائريةبالقاهرة. التحية للإعلامين الصادقين أمثال الإعلامي الشهير الأستاذ حافظ الميرازي و الأستاذ هاني أرسلان و آخرون هم كثر لكن لا يمنحوا المساحة الكافية لعكس البورتريه الحقيقي للشخصية المصرية التي تتسم بالصدق و الشجاعة كما نعرفها نحن و عن قرب لا كما يصورها إعلام القلة على عكس ذلك. هذه البورتريهات المشوهه جاءت في سياق محاولة تجريح الآخرين فأصابت مُداهم من نحب من أصدقائنا و أخواننا المصريين. و كما ثارت حميتنا نصرةً لسمعة السودان تثور الآن ذات الحمية دفاعاً عن الشخصية المصرية التي حاول تشويهها أمثال إبراهيم حجازي و عمرو أديب و خالد الغندور, و هم القلة لكنهم كثرة في الساحة الإعلامية.