تقع كسلا علي خاصرة جبل توتيل وتتكيء علي ضفاف نهر القاش الذي ينبع من الماضي ويصب في المستقبل، أعطاهم الجبل صلابة تراها ظاهرة وأعطاهم النهر "صدق العُشْرة بين الأرضِ والإنسان". بوتقة انصهرت فيها "تقابة الشيخ علي بيتاي" في الشمال مع الوجد الصوفي الذي أتى مع "الحسن أب جلابية" والسادة المراغنة، وحديثا ظهر تيار سلفي عنيف من غير عنف، كل هذا يعيش في سلام اجتماعي نادر. انسان كسلا سكوت تحتاج الي معجزة كي تخترق حاجز عزلته، وبعد ذلك تجده غاية في الكرم، السماحة، متواضع كالعشب، متقشف في عيشه ليس من فقر " ليس كشجرة سنديان منت عليها الطبيعة بالمطر ولكن كشجيرات السيّال في صحاري السودان سميكة اللحي حادة الأشواك تقهر الموت لأنَّها لا تسرف في الحياة". كسلا لوحة تضم "الحلة, الشفع, بنات الفزعة, اللالوبة, المهيوبة, المعدولة, المقلوبة, المليانة, المشروبة, المكروهة, المحبوبة, الطاحونة, القطية, السلوكة, الطورية, الدلوكة, الصبحية, الكنداكة, الصقرية, الطمباري, الجراري, الحدادي, المدادي, المنكورة, المشكورة, الطباشيرة والسبورة". عندما يعرض الراقص بالسيف وشعره كثيف يرجع بك الزمان الي معركة كرري ومقاتلي الفزي وزي والأسطورة عثمان دقنة الذين قال عنهم ونستون تشرشل في كتابه حرب النهر كانو أشجع من مشي علي سطح الارض لم نهزمهم ولكن قتلناهم بقوه السلاح والنار. كنا في رحلة علمية مع طلاب السنة النهائية بكلية النفط-جامعة النيلين، لدراسة المنطقة من حيث مصادر المياه. كانت الاقامة في مدرستي أساس العمدة شيبة والفيحاء، لادارة المدرستين كامل الامتنان. والشكر موصول للأخ حسين صالح أري لموفور الضيافة الذي غمرنا به. وليس غريبا على مكتب "هيئة المياه الريفية والوديان" تحت امرة الأخ محمد عبد الحي وبقية الكوكبة خالد السر وعبدالقادر محمد أحمد وعبد الله علي وهاشم، أن يقدموا لنا يد العون من معلومات. كما نشكر الدكتور عماد سليمان الذي قدم لنا الكثير. ولا ننسي ما قام به الأخ المدني محمد الأمين من جهد ووقت ودعم. اختتمت الرحلة بليلة ترفيهية من مجموعة من شعراء كسلا الشباب فقد قدموا شعرا جميلا مروا من خلاله علي البكاء علي أطلال الحبيبة وعرجوا علي شعر الحماس والدوبيت ودلفوا الي شعر الرثاء، فلا عجب في ذلك فقد أنجبت المنطقة كجراي، أبو آمنة حامد واسحق الحلنقي وروضة الحاج وغيرهم.