علي الرغم من أنَّ مرض الصرع قد تم کشفه منذ قرون عدة في اليونان، إلا أنَّه للأسف لا تزال هناک نظرات ضيقة و غير صحيحة تجاه الأفراد المصابين بالصرع. و لازال إلي يومنا هذا بعض الناس ممن يعتقد أنَّ الصرع مرض مبهم، أو نوع من الجنون. تلک النظرات الخاطئة تجاه المصابين بالصرع، أدت إلي نتائج عکسية، بحيث أصبحت أسر الفرد المصاب بالصرع بدلا من أن تتکيف مع هذا الوضع، تجدها تحاول إخفاء هذا المرض عن الغير، و هذا الأمر يؤدي بدوره إلي تدهور الحالة الصحية و النفسية للمريض، مما يجعله في مهب رياح عاتية من المشاکل النفسية و الإجتماعية و التي لا يقوي علي مجابهتها. لتغيير النظرات الخاطئة تجاه المصابين بالصرع، لابد أن تکون الإنطلاقة من الأسرة. إنَّ الوالدين يدرکان جيدا أنَّ فلذة کبدهم لا يختلف عن غيره من زملائه و رفاق سنه سوي أنّه مصاب بالصرع. لذا ينبغي علي الآباء و الأمهات و غيرهم من أفراد الأسرة أن يتقبلوا و يعوا هذه الحقيقة في المقام الأول، و من ثَمَّ عليهم أن يسعوا لإکتساب معلومات علمية صحيحة حول الصرع. لقد أظهرت الدراسات العلمية أنَّ الأفراد المصابين بالصرع عادة ما يواجهون مشاکلا نفسية اجتماعية. و علي الرغم أنَّه لم يتم الآن تحديدا ما هي المشاکل النفسية و الإجتماعية التي تواجه المصاب بالصرع إلا أنَّه عموما هناک ثمانية مجالات عامة تتعلق بالأفراد المصابين بالصرع و هي: الخلفية العائلية، و التکيف العاطفي، و التکيف الشخصي، و التکيف المهني، و الوضع المالي، و التکيف مع حملات التشنج و تلقي العلاج، و بشکل عام الأداء النفسي و الإجتماعي. و من بين المشکلات الأخري التي تواجه أسر الأفراد المصابين بالصرع، هو أنَّهم من فرط حبهم لإبنهم يرفضون قبول هذه الحقيقة و هي أنَّ ابنهم مصاب بالصرع متجاهلين أنَّ عدم قبولهم هذه الحقيقة يؤدي إلي تأخر عملية علاج إبنهم المصاب بالصرع، و هذا الأمر يؤدي بدوره إلي زيادة نوبات التشنج عند طفلهم المصاب بالصرع. فلکما أقدموا مبکرا علي التسليم بهذه الحقيقة و هي أنَّ إبنهم مصاب بالصرع، کلما ساعد ذلک علي تحسن الوضع الصحي و النفسي لإبنهم. و من بين العواطف الأخري التي تختلج في صدور آباء و أمهات المصابين بالصرع هو إحساسهم بالذنب، ذنب أنهم تسببوا في إصابة إبنهم بالصرع، و قد يرون أحيانا أن اصابة إبنهم بالصرع هو نوع من العقوبة الإلهية لما ارتکبوه من ذنوب. و قد يتطور هذا الإحساس إلي أزمة نفسية تتطلب منهم مراجعة الطبيب أو الإخصائي النفسي للخلاص من المشکلات النفسية التي يعانون منها. تلعب الأسرة دورا مهما في تشخيص الصرع و علاجه و التحکم فيه، و بالأخص الأم. و يعتمد الأطباء في تشخيصهم للصرع علي أمرين: التقارير السريرية التي يدلي بها أفراد الأسرة، و الأمر الثاني هو سجل الموجات الکهرومغناطيسية للمخ. و تتحمل الأسرة المسئولية أيضاً في تناول إبنهم للأدوية المضادة للصرع بصورة منظمة و ذلک لأنَّه حتي لو فرضنا أنَّه تمت السيطرة تماما علي نوبات التشنج إلا أنَّه من المحتمل أن تعود نوبات التشنج مرة أخري، إذا ما تمَّ ايقاف عملية تناول الدواء، و في هذا الصدد، من الأفضل أن يشرف الوالدين علي سير عملية تناول إبنهما للأدوية المضادة للصرع، و لکن عندما يکبر الطفل، لابد أن توکل إليه جزءا من المسئولية، حتي يحس بأهميته. و مما لاشک فيه أنَّ الأطفال المصابين بالصرع لا يختلفون عن غيرهم، خصوصا فيما يتعلق بمسألة الرشد. و التعليم المدرسي، و ممارسة الألعاب الحاسوبية، و اللعب مع الأصدقاء، و مستقبلهم الدراسي و العملي، و تعلم قيادة السيارات، و إمکانية زواجهم أيضاً. إصابة الأطفال بالصرع لا يعني أنَّهم قد حرموا کليا من ممارسة أنشطتهم الحياتية. لذا من الأفضل للوالدين قبول هذا الأمر بکل عقلانية و منطق، و کذلک الترکيز علي کيفية مساعدة طفلهم، من أجل أن يعايش و يواکب حياة طبيعية کغيره من الأطفال العاديين. هيثم الطيب عبدالرحيم الإخصائي النفسي للأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.